صقر الصعيد للكاتبة نور زيزو

العـــاشــر ( 10 ) بعنــــــوان ” أشـتيـــــــاق ” ••

 

 

وقفت تعد الفطار شاردة فيما حدث وقبلاته الناعمة لها ودفئه معاها وهو يتمتم بعشقه لها حد الجنون ،، فشعرت بشئ علي وجنتها وحين لمست وجنتها وجدت دموعها تنهمر رغماً عنها فجففتهم سريعاً ،، دلفت لها “فريدة ” ووجدتها كجسد بلا روح هادئة على غير عادتها وصامتة فأغلب أوقاتها تقف تدندن وتشاكس الجميع ،، تأملتها بحزن وأقتربت منه وهي تمتم بخفوت :-– صجر معملهاش ياجالان ،، صجر ميلمسش حرمة في الحرام ،، وعلى يدك اهو كنتي وياه في نفس البيت وعمره ما لمسك ولا مسك يدك غير لما بجيتي مراته ،، ثجي في جوزك ومدمريش حياتكم وأنتوا لسه عرساننظرت نحوها بعجز عن الحديث ،، فما يؤلمها أكثر لمسه لها بدون رغبته ،، خرجت من المطبخ ورأته يقف هناك مع “عوض” أنزلت رأسها أرضاً باكية ،، وأتجهت نحو الدرج وصعدت درجتين فصرخ “عوض” بهلع قائلاً :-– حسبي ياست هانمكادت آن تسقط بعد أن صعدت على الصابون الموجود على الدرج لكنها سقطت ببن ذراعيه وعلى صدره الصلب ،، تشبثت به بدون أرادتها بخوف من السقوط وتقابلت عيناهم معاً ،، عيناه تخبرها بلهفته وخوفه عليها كانت تغلق قبضتها بقوة على عبايته تريد أن تبقى هكذا ببن ذراعيه وعلى صدره مُستمعة لضربات

 

العاشق ،، أقترب “عوض” منها وصعد للأعلي يتشاجر مع زوجته آلتي وضعت الصابون أثناء تنظيفها للسراية ،، شعرت بيده تضغط عليها برفق وهو يطوقها بشغف لكونها بين ذراعيه فأبقت ساكنة بداخل صدره ناظرة لعيناه ….هتفت بحزن أستحوذ على روحها وتتأمل عيناه وعيناها تخبره بأن يبقيها هكذا بين ذراعيه :-– صقركان ينظر لعيناها الحزينة وهو يلعن نفسه فهو سبب حزنها هذا وتواعد لهذه الحية بأشد أنتقام …أفلتت نفسها من بين ذراعيه بأستياء من قلبها الذي يخضع له دائماً لا يرفض قربه بل يرحب به بصدر مفتوح بأستقباله ثم صعدت لغرفتها باكية ……


كانت أمام غرفة الفحص بقلق ومعاها ” نبيل ” بأنتظاره خروج الطبيب من الغرفة ،، خرج من الداخل فأسرع ” نبيل ” له وهو يقول :-– حصل أيه يادكتور طمنيالسكر واطي وعنده هبوط في الدورة الدموية ياريت بلاش جهد كبير ويرتاح شوية عشان الارهاق غلط عليه ،، لولا ستر ربنا كان زمانه دخل في غيبوبة سكر ،، عن إذنكمقالها وهو ينظر لهم بحزن ثم أستئذان منه ،، دلفت معه للغرفة بحزن وقلق عليه ووجده علي سريره مستلقي في يده كانولا متصلة بالمحلول الطبي ،، فهتف “نبيل ” بمرح قائلاً :-ينفع حركاتك دي ،، ها ،، في حد يخض القمر ده كدةقالها وهو يغازل “قمر” بمرح ويشير بيده عليها ،، وأكمل حديثه بجدية :-– خضت الست يامفتري شايف وشها أصفر أزاي ،، وبعدين خد بالك من صحتك عشان أبنك حتيأتسعت عيناها بذهول ألديه طفله ؟؟ بلا هل متزوج ؟؟ ،، كانت تنظر عليه بحزن لا تعرف سببه أهو ذكر طفله آما علي مرضه فعلي ماذا حزن قلبها ظلت تسأل نفسها عن السبب ولا تعلمه ….هتفت “أيمن ” بقلق وهو يجلس علي سريره قائلاً :-– يوسف ،، معلش يا نبيل هتعبك معايا تروح تجيبه من المدرسةصاح “نبيل ” به وهو يقف من مقعده قائلاً :-– أجيب مين ،، أبنك أبو لسانين ده مبيطقنيش كأني مرات ابوه ،، بيشوفني كأنه شاف ابليس ويتعفرت لا ياعم آنا معنديش خلق لابنك ده رخم زي أبوهإجابه “أيمن ” بجدية وعنف وهو ينزع الكانولا من يده قائلاً :-– خلاص هروح أجيبه آنالا خليك أنا ممكن أروحقالتها “قمر ” بهلع وهي تقترب خطوة لتمنعه من نزع المحلول ،، رفع رأسه لها بذهول فقالت بخفوت :-أنا هروح هو في مدرسة أيهتنحنح بإحراج وأخبرها عن أسم مدرسة وكيف تذهب له فتبسمت له بتكلف وذهبت أوقفها قبل ان تخرج قائلاً :-– هتروحيه والمربية في البيت معلش هتعبكلا عادي ولا يهمكفذهبت بسعادة وتركته مع صديقه غاضب من رفضه لأجل الذهاب لطفله ……

كان نائمة علي مقعده خلف المكتب ومُتكي برأسه علي المكتب وأسفل رأسه ذراعيه ،، كان يراها بمنامه وهي بين ذراعيه وهو يقبل جبينتها ثم وجنتها الحمراء من الخجل ومتشبث بذراعيه كطفلة صغيرة ،، عاشقة تأبي أبعاد حبيبها عنها لوهلة واحدة وهو يحيط رأسها بذراعه والأخر يستكشف نعومة خصرها النحيف ويتمتم مُحدثها قائلاً :-– انا بحبك ياجالان ،، بعشجك وبتنفسك وماسك فيكي كيف العيل الأصغير اللي ماسك يد امه ،، نفسي أعيش حياتي كلتها وياكي انتي ،، أنتي أحلي حاجة حصلت في حياتي كلتهافتحت عيناها لتلتقي بعيناه العاشقة ثم رفعت يدها ببطئ ووضعتها علي وجنته تتحسس لحيته بهيام ثم قالت برقة ودفء يثير حبه وقلبه :-– وأنا بحبك ياصقر ،، بحبك أكتر من نفسي ،، ومن غيرك عمري كله وحياتي متساويش حاجة …فتح عيناه بهلع وفزع من هذا المنام الغريب وتلك الأحلام التي باتت تراوده في الاوان الأخير منذ أمس وتأتي له صور متقطعة لهم معا وبقرب بعضهم مُحدثها عن حبه وهي هكذا…. ،، كنت يتسأل أي أحلام هذه أهي من عقله الباطن بسبب حبه لها وشوق لها آما ماذا ؟؟


ذهبت للمدرسة وهي تبحث عن طفله الذي لا تعلم شكله ،، فسألت المُدرس عنه فقال بأستغراب :-– حضرتك مامتهلا.. اهقالتها بأرتباك منه خوفًا من أن يرفض أعطاها الطفل ،، تبسم لها وذهب يحضر لها “يوسف ” وبعد قليل عاد به ،، فنظر “يوسف” له بحيرة ثم قال :-أنتي مينجثوت علي ركبتها بهدوء مُبتسمة له وقالت :-– آنا زميلة بابا في الشغل ،، هو مشغول شوية فبعتني ليكأجابها بضجر طفولي قائلاً :-– بابي ،، هو عنده ستات حلوة في الشغل زيكضحكت علي غزله لها وأخذت حقيبته المدرسة من علي ظهره وقالت :-– اه شوفت في كتير ،، تأكل أيس كريمأشار إليها بنعم وهو يمسك في يدها بسعادة ،، تبسمت له وأخذته من المدرسة ….


في غرفة نومها كانت جالسة علي سريرها بوضع الجنين تضم قدميها لصدرها ورأسها مُتكية علي ركبيتها ،، ناظرة للسرير وأمام عيناها كل ما حدث بينهم غارقة في أفكارها به مُشتاقة لعناقه وضمه لها مجدداً وهمساته في أذنها التي تجعل القشعريرة مسيطرة على جسدها بأكمله ،، ودموعها تنهمر على وجنتها وتمسحهم بأناملها الصغيرة ثم أنزلت جسدها على السرير تستلقي عليه وتضم وسادته لصدرها بأشتياق ….


ذهب لمنزله بتعب وأرهاق فدلف لغرفة طفله ولم يجده ،، بحث عنه كالمجنون ولم يجده فئ جميع أرجاء الشقة ولم يجد أثر له ،، تذكر بأنها ذهبت للمدرسة فأخرجه هاتفه وطلب من السكرتيرة رقم هاتف “قمر” وبعد قليل حصل عليه وأتصل بها….كانت بغرفة نومها نائمة مع أطفالها و”يوسف” وتحكي لها حكاية قبل النوم فرن هاتفها فألتقطته بهدوء ووجدت رقم غريب ،، أعتدلت في جلستها وأجابت عليه :-– آلومدام قمر آنا أيمنقالها بنبرة قلق فأبتسمت تلقائياً وقالت :-آه ،، ازي صحتك دلوقتيأجابها بهدوء يحاول السيطرة على قلقه :-– الحمد لله أحسن ،، يوسف فيننظرت لـ “يوسف ” وهو يلعب مع طلفتيها وقالت بسعادة :-– عنديسألها وهو يخرج ركضاً من باب شقته قائلاً :-– طب ممكن العنوان معلش تعبتكأعطته العنوان ثم أغلقت الخط معه ووقفت تجهز نفسه وتغير ملابس بيتها ثم ترتدي حجابها….


مهتطلعش لمرتك ياصجر ،، دي زعلانة وبتبكي كل ما أروح اشجر عليها الاجيها بتبكي …قالتها “فريدة” بترجي ليصعد إلى محبوبته ويطمأنها ،، فأجابها بحدة قائلاً :-مرتي بتبكي بسببي ،، وأنا مهطلعلهاش غير لما أثبتلها أني برئ ومجربتش من واحدة في حياتي كلهاكان يتحدث بقسوة ولا يعلم بأنها تقف هناك تسمع حديثهما وهو يخبرها بأنه لم يذهب لها وسيتركها هكذا وحيدة فصعدت للإعلي باكية مجدداً ،، ليته يعلم بأن بكاءها من أجل شوقها له وليس لكل ما حدث معاهم …………


دق باب شقتها فركض الأطفال أمامها وحاول فتح الباب ولم يفلحوا فجميعهم صغار ففتحت له وهي تقف خلفهم ،، عانق “يوسف” قدميه بذراعيه وهو يقول بسعادة :-– بابيوقفت “ملك “و”مكة ” أمام أمها ينظروا عليه ،، فهتفت برحب وهي تقول :-– أتفضللا شكراً ،، كفاية تعبناكي معانا النهاردةقالها وهو يبعثر شعر طفله ،، فقالت باسمة بعفوية :-طب اتفضل علي ما أغير له الهدومدلف وجلس في الصالون مع أطفالها ،، سألته “مكة ” بفضول طفولي :-– هي مامت يوسف فين ،، مجبتهاش معاك ليهتبسم لهم ثم قال بهدوء :-– مامت يوسف عند ربناضربت “ملك” أختها علي رأسها بغيظ وقالت :-– زي بابي وأسكتي بقا ،، ثواني هنجيب لحضرتك حاجة تشربها ثوانيقالتها وكأنها امرأة ناضجة وليست طفلة ذات الخمس سنوات ،، وركضت مع أختها للمطبخ فخرج “يوسف ” بعد أن بدل ملابسه وهي خلفه تحمل حقيبة مدرسته ،، فجلست “قمر” علي المقعد ثم قالت وهي تبحث عن أطفال :-– هم الولاد سابوك لوحدكقبل أن يخبرها أين ذهبوا جاءها الرد تلقائياً وحده حين سمعت صوت زجاج ينكسر ،، فزعت من مقعدها وهو الأخر ثم ذهبت للمطبخ ورأت “ملك” تقف علي الكرسي وتضع الفراولة في الخلاط وهو يدور بدون غطاء فيخرج العصير منه علي وجهها ،، أما “مكة ” تحضر الكأسات من المطبخ وكسرت أثنين منها ،، زفرت بضيق منهم وهي تدلف للداخل بحذر من الزجاج وحملت “مكة ” علي ذراعيها بحذر حتي لا تنجرح من الزجاج وذهبت للأخري فحملتهما وأخرجتهم ،، ودلفت مجدداً تنظف فوضتهم وهو يقف على باب المطبخ مع طفله ،، فنظر ووجد “يوسف” يمسح العصير من وجه “ملك ” ثم يربت علي قدم “مكة” فضحك علي خوف طفله عليهما ،، جهزت العصير وخرجت معاهم ومن ثم رمقت أطفالها بنظرة شرسة ،، فأبتسمت كلتاهما ليخفوا أحراجهما من فعلتهما ودلفوا لغرفتهم …تتنهدت بقوة وزفر ثم قالت بهدوء :-– متأسفة ،، بس لما وديته البيت ملاقتش مربيته فخوفت أسيبه لوحده عشان كدة جبته معاياحصل خير ،، ده أنا اللي متأسف علي اللي حصل تعبتك معايا وأكيد يوسف جننكقالها وهو يقف بهدوء ماسكاً يد طفله ،، أبتسمت وهي تقف معاه ،، تأمل بسمته الرقيقة مما زادت من حمرت وجنتيها وهي تنظر له بهدوء دون ان تتفوه بكلمة واحدة ثم ذهب بعد أن ودعها هو وطفله……


في صباح اليوم التالي ،، أمام منزل “رقة ” كانت تقف وتمسك بيدها حقيبة السفر ثم طرقت الباب ،، فتح “رقة ” الباب وأتسعت عيناها بذهول وقالت بتلعثم :-– منالدفعتها بأستفزاز ثم دخلت للداخل وقالت :-– اه منالصجر شافك ولا لسهقالتها “رقة” بصدمة حين رأتها تقف أمامها ،، فهتفت بثقة وهي تنظر حولها تتفحص المكان قائلة :-لا مشافنيش ولو شافني مش فارقة معايا أصلا …ضحكت ” رقة ” بسخرية وهي تجلس علي كرسيها بتهكم وتضع قدم علي الأخري ،، وقالت ساخرة منها :-– بس تفرج مع صجر لما يشوف حبيبة الجلب وحب حياته ،، تفرج لما يشوف الحرمة اللي بسببها فضل لحد دلوج يحرم كل الحريم عليا غير طبعاً ست جالان اللي اتجوزها عند في حسام واد عمه ،، بس اعتقد لو شافك أحتمال يطلجها دلوج……..ضحكت “منال” بسخرية أكبر وقالت وهي تجلس علي الأريكة :-– غريبه دلوقتي بقي صقر حلو وعاوزه تطلق اللي أتجوزها عشاني ،، مش صقر ده اللي كان زمان وحش ووقفتي في طريق حبنا وقولتي لا أختي مش هتجوز اللي أبوه قتل أبويا ،، ولا أكتشفتي دلوقتي ان والد صقر مظلوموقفت “رقة ” بأنفعال وقالت بعصبية :-– مشانك أيه ،، ده مشاني آنا حبلة من صجروقفت “منال” بصدمة ألجمتها وقالت بتعلثم :-– صقر أتجوزكهيتجوزني غصب عنيه ده في عيل ياحبيبتي وده عرض حرمة وأنا لو جصدت اي حد من أعيان البلاد هيجوزهولي غصب عنيه ،، آنا بس صابرة عليه هبابه سبوع اكدة لو متجوزنيش من نفسه يبجي ميلومنيشقالتها ودخلت لغرفتها دون النظر لأختها ،، سقطت “منال” علي كرسيها بصدمة من هذا الحديث…..


نزلت “فريدة” تركض من الأعلي وهي تصرخ بأسمه تناديه :-– صجر ،، يا صجر ألحجني ياصجرخرج من غرفة مكتبه علي صوت صراخها فقال بهلع من صراخها :-– في ايهتوقفت أمامه وهي تمسك في ذراعيه وتتنفس بصعوبة وخوف ثم أنهمرت دموعها ،، أردفت بتلعثم :-– مرتك ياصجر ،، جالان مبتنطجش وجطعت النفسدفعها بهلع ثم ركض للأعلي بخوف على محبوبته وماذا أصابها ،، أنقبض قلبه بحديثها وكاد أن يسقط على الدرج من سرعته ولهفته عليها ،، وصل لغرفتها ووجدها علي الأرض بمنتصف الغرفة فاقدة الوعي ،، مُرتدية عباية ستان ناعمة ضيق من الصدر وواسعة من الأسفل بكم وتظهر قدميها العارية من العباية وشعرها مسدول بجانبها ،، جثو علي ركبته وهو يرفع رأسها على ذراعيه يناديها :-– جالان ،، جالان ردي علياحملها علي ذراعيه ثم وقف بها يتجه بها نحو سريره وأنزلها عليه كانت حرارة جسدها مرتفعة بشدة جلس بجوارها يتأملها وهو يمسح علي رأسها بحنان ثم وضع قبلة علي جبينها وذهب بنظره ليدها فأخذها بين أحضان كفيه ،، دقائق ودلفت “فريدة” ومعاها الطبيب ،، خرج وتركه مع أخته …كان يقف على باب الغرفة في حالة يرثى بها مُستند على الحائط بضعف يشعر بأنها تعاقبه الآن بقسوة على ما حدث بسبب تلك الحية فمرضها قد يقتله بدون الحاجة لرصاصة تخترق صدره أو سم يلتهم معدته. ،،،، وبجواره “عوض” ،، خرج الطبيب من الغرفة فنظر نحوه وقال :-– خير يا داكتور ………يتـــــــبـــع………••

error: