صقر الصعيد للكاتبة نور زيزو

رواية /صقر الصعيد الفصل الخامس••

الفصــــل الخــــامـس ( 5 ) بعنــــــــوان ” هــــديــة ” ••

صرخت به غاضبة :-– عديني يا ص….بتر حديثها من فمها حين أخرج من خلف ظهره باقة ورد التوليب ذات اللون الموف وكبيرة إلى حد ما ،، فصمتت بدهشة وهي تنظر للورد ثم له وترمش بعيناها بذهول من عودته كما قالت وأحضر الورود لها كما طلبت ..هتفت بنبرة جادة وهو يمد لها الزهور قائلاً :-– أتفضليقوست شفتيها بتذمر من طريقته في تقديم الهدية لها وكيف يكون رجل بشخصية قوية هكذا ورجل أعمال يدير شركة ولا يعرف كيف يقدم هدية لها ،، ثم هتفت بأستياء قائلة :-– ايه ده ؟؟ورد كيف ما طلبتيقالها ومازال يمد يديه لها ،، فوضعت ذراعها الأيسر علي خصرها بأستنكار وقالت ببرود ورفض :-هدية مش مقبولةنظر لها بعدم فهم مُنتظر مبرر لرفضها هدية طلبتها بذاتها ،، فقالت مُبررة رفضها :-– في حد يقدم هدية كدة علي الأقل أبتسم ايه مبتعرفش تضحك ،، اخد هدية بالتكشيرة دي أعمل بيها إيهحاول رسم بسمة خفيفة علي شفتيه وهو يقول بهدوء :-– أتفضليمدت الأوراق واللاب توب له وقالت بجدية :–أمسك كدةفأخذهم منها مُجبوراً بعد أن وضعتهم علي ذراعه بقوة ثم أخذت الورد تطوق باقته بيدها وهي تضمه لها تستنشق عبيره بسعادة وقالت مُبتسمة :-– ميرسي ياصقر هابي فلانتينالعفوقالها وهو يستدير يعطيها ظهره فضربته علي ظهره بغيظ من رده البارد عليها وجاف خالي من المشاعر فأستدار لها بذهول من فعلتها فصاحت به بأستياء قائلة :-أسمها هابي فلانتين لما أقولك هابي فلانتين تقولي هابي فلانتين مش العفوتركته ودلفت للداخل غاضبة منه ومن رده ماسكة بالورود في يدها ،، دلف خلفها ينظر علي تذمرها الطفولي علي ردها بعد أن فعلت ما لا يستطيع أحد فعله حين ضربته بقبضتها علي ظهره كطفلة متذمرة ،، أتجه نحو الدرج من أجل الصعود ليغير ملابسه فأوقفها صوت ” مجدي ” قائلاً :-– صجرأستدار لجانبه ووجد جده يجلس علي أحد الكراسي مُتكي علي نبوته وعلي ملامحه الجدية والأستياء فعلم سبب هذا الأستياء بالتأكيد وجودها وما يقوله أهل النجع عنه وعن زوجته التي لم يراها أحد حتي الآن …..فذهب نحوه بصمت وهدوء ثم جلس بجواره مُنتظر آن يبدأ جده بالحديث ،، فقال بهدوء شديد :-– ينفع تعمل اكدة من غير رأي ياعاجل انتعملت إيه ياحاج بسقالها بتهكم وضيق ،، فقصي ” مجدي” حديثها عن ما حدث وبالنهاية خطبتهم حسب رغبتها ،، وأكمل قائلاً :-ينفع حرمة تمشيك علي كيفها أكدة ،، تجولك نتجوز وخطوبة تجول امين من ميتي ياصجر مانا بجالي سنين بجول أتجوز وهاتلي عيال مسمعتش مني لياتتنهد بزفر من حديث جده وتقليله من شخصيته ورجولته ثم قال :-– لا ياحاج أنا عملت أكدة مشان حسام أتحداني ووجف جصدي ،، مشان أربيه كيف يعمل اللي عمله ويايامال ” مجدي ” نحوه بقربه وسأله بصوت خافت :-– يعني البنية معجبتش وطمعت فيها لحالكأرتبك من سؤال جده ثم أزدرد لعوبه بتوتر وقال بخفوت :-– ايه اللي بتجول ده ياحاج ،، شكل بالك رايج أنا طالع أغير خلجاتي وأتسبحفر هارباً من أمامه قبل أن يسأل سؤال أخر ويحرجه أكثر بحديثه ويفضح لسانه ما بدأ قلبه بالشعور به …….في المستشفي العام بقنا كان مُستلقي علي سريره بعد أن أحضره أحد المزرعين وطهرت الممرضة جروحه وذراعه مُجبس بعد أن كسر ،، كان يفكر بأن ينتقم من ” صقر ” علي ما فعله معه وسرقته لحبيبته ،، وأن ينتقم منها هي الأخر علي رفضها له ورفض العودة له وأختيارها لـ ” صقر ” بدلاً منه وحديثها بقسوة معه وشجاعة تتحداه ،، ظل يفكر جيداً كيف يبدأ الأنتقام ؟؟ وبمن يبدأ أولاً ؟؟ وجد نفسه لن يستطيع الأقتراب منها مادام “صقر” معاها وهي ببيته ،، توصل لشيء واحد قد يكسر صقر الصعيد أمام الصعيد بأكمله مُتمثل بأخته الصغري ” فريدة ” وبنفس الوقت هي من ستوصله لحبيبته….جهزت الغداء مع ” فريدة ” وجلست علي السفرة تأكل مع ” ملك ” و” مكة ” دون أن تنتظره آن يهبط من الأعلى مع أخته للغداء ،، دلفت ” قمر ” من الجنينة فصاحت بهم بتذمر قائلة :-– يخربيتكم هتفضحونا في بيت الناس ،، استنوا لما اهل البيت يجواأنا أهل البيت وكفاية كمان ،، كلي ياملوكة امال زي روكا كدةقالتها “جالان ” وهي تطعم الأطفال بهدوء وبرود غاضبة منه ،، فقالت ” قمر ” بأحراج :-انتي بتعاندي مين ياجالان أنتي عقلك بقي أصغر من العيال دولهملها دي بتعاند صجرأتاها صوت ” فريدة ” من الخلف وهي تقف بجواره وتريد آن تشاكسها قليلاً كما هي تشاكس الجميع وتشاجرهم بدلالها دون أن يعترض أحد ،، نظرت نحوهم ووجدته يقف هناك ويستمع لحديثهم فهتفت بشراسة تخفي خلفها خجلها من حديثها هكذا أمامه وهي تقف :-اعانده ليه أنا هعمل عقلي بعقله ،، الحمد لله نفسي أتسددتنظر لها بغيظ من حديثها وهي تخبره آن عقلها أكبر من عقله وأن كان بينهم طفل فبالتأكيد هو هذا الطفل ،، ضحكوا الأطفال عليها وعلي لهجتها وهي تناقره ثم هتفت “مكة ” ببراءة :-– هههههههه خالته بتناقركفضربتها ” جالان ” علي كتفها بغيظ من جملتها فركضت ” مكة ” نحوه وهي تقول بغضب طفولي منها بعد أن ضربتها :-– الله أنتي بتناقري كل الناس حتي العيال الصغيرة هتعملي عقلك بعقليتركتهم بغيظ وخرجت للجنينة ،، نظر لهم وأشار لهم بأن يبدو غداهم وخرج خلفها ،، بحث عنها بنظره ولم يجدها سأل ” عوض ” عنها فأخبرها بأنها ذهبت لمشتل الزهور ،، فذهب هناك وسمع صوت بكاءها وشهقات فأنقبض قلبه وبحث عنها ووجدها جالسة بالأرض وتضم قدميها لصدرها مُستندة عليها ،، أقترب خطوة منها فسمعت صوت قدمه ورفعت رأسها له ،، رأي دموعها تنهمر بغزارة بسبب حديث طفلة تمني بتلك اللحظة لو كانت حلاله لكان له الحق فمسح دموعها بأنامله وضمها له ليرضيها ،، أنخفضت رأسها للأرض مرة أخري جلس بجوارها علي الأرض ثم هتف بهدوء مُتحاشي النظر لها :-– أنتي بتعملي اللي أنتي عاوزه ولو حد اتحدد وياكي تبكي كيف الصغارمالكش دعوة كله بسببكقالتها باكية ،، فهتف بجدية :-بسببي انا ،، عملتلك ايه وعموما متزعليش اكدة وتبكي جومي مشان تتغديمش جعانةقالتها وهي تمسح دموعها أناملها بخفوت ،، فأجابها وهو يقف بهدوء :-جومي امال ،، خيتك هتتستحي تجعد تأكل ويايا من غيركتسمر مكانه حين مسكت بطرف كمه وهي تقف معه ،، نظر لها بحب ثم قال :-– تعالى وبعد الغدا هستناكي في المكتب عاوزك في حاجةكان قلبه يحدثها في صمت بين ضلوعه ويسأله عن ما فعلته به ،، لا أدري ماذا فعلت بي وبقلبي منذ الوهلة الأولى التي رأيتها بها ،، كانت كرصاصة إخترقت صدري متجهه إلى قلبي وعلقت به فلم يستطيع أحد لمسها أو زعزعتها من مكانها وإذا حدث سيموت المريض وهو آنا ،، فهي أصبحت سبب حياتي بدونها سأرقد في قبري وحيداً جثمان فارق الحياةذهبت معه بفضول عن سبب طلبه لرؤيتها وظلت شاردة تفكر بطلبه ،، رودها فكرة بأنه سيرفض الزواج منها بعد مجيء جده وحديثهم معاً ،، أنهت غداءها سريعاً بعد أن وقف ودلفت خلفه وجدته يجلس على مكتبه يباشر أعماله ويدون بعض الأرقام والأيميلات ناظراً الي شاشة اللاب توب يتابع ما أرسله مديره من ملفات جديد وصفقات للشركة ،، هتفت بهدوء :-– واضح آنك مشغول آنا ممكن أجيلك لما تخلصرغم فضولها القاتل حين رأته مشغول بعمله كان يجب أن تتركه يكمل عمله ،، فأجابه وهو يدون شئ أخر :-– لا تعالي اجعدوأشار لها علي الكرسي المقابل لمكتبه وحين جلست أمامه ،، أردف مجدداً :-– آن شايف آن هديتي معجبكيش واصل ،، مهحبتاش تحبي أجبلك حاجة تاني علي ذوجك لو ذوجي مهيعجبكيشأستغربت عن أي هدية يتحدث فهو لم يجلب لها سوي باقة ورد فعقدت حاجبيها بدهشة ثم سألته :-– هدية أيه ،، الورد حلو شكراً عليه تعبت نفسك واللهقالت جملتها بغيظ مكتوم بداخلها علي بروده معاها ،، فقال بدفء نابع من عمق قلبه وهو يقف ويلتف حول مكتبه :-– أنا جصدي اللي جوا الورد ،، كان فيه هدية أصغيرة جواه معجول مشوفتهاش ،، أنا فكرتها معجبتكيش كنت هطلبك واحدة غيرها مشان تفلتني كيف البنات ويبجي عندك خطيبأتسعت عيناها بذهول من حديثه فقالت مُسرعة وهي تركض للخارج :-– هشوف الهدية وبعدين أرد عليككانت تركض بسعادة كطفلة صغيرة تريد الحصول علي هديتها ،، دلفت إلى غرفتها وهي تتنفس بصعوبة من ركضت ،، مسكت بوكية الورد بيدها وهي تتفحصه وقلبها ينبض بقوة تفكر بهديته ماذا ستكون ،، سقطت سلسلة من الورد علي الأرض وضعت الباقة علي السرير وأنحنت تأخذ السلسلة فرسمت بسمة علي شفتييها فور رؤيتها علي هيئة قلب صغير ……ظل ينتظر ردها علي هديته وما رأيها بها لكنها لم تعود له وتخبره شئ ،، أنهى عمله في المكتب وخرج ووجد ” عوض ” يدلف من بوابة السراية فسأله بتهكم :-– على فين ياعوض أنا مش جولتلك متفوتش علي السرايا من غير أذنوااا مهطلعش أنيم جنابك وشوفك محتاج حاجة ولا لاقالها ” عوض ” بأستغراب فصاح به “صقر ” بغضب وغيرة عليها :-لا مهطلعش في حتة ،، عيل أصغير أنا هتنيمه ولا إيه ،، وبعدين إياك ياعوض تطلع الدور التاني نهائي فاهمغمز له ” عوض ” بعيناه وهو يقول :-– لا معيلش أصغير بس يمكن العيال الصغيرة اللي فوج هم اللي بيخافوا مني ولا حاجةلازم يخاف بخلقتك اللي تفزع ديقالها وهو يستدير ويعطيه ظهره ثم صعد الدرج ،، منعه من الصعود معتقد بأنها ستأتي لغرفته كأول مرة ،، ظل ينتظرها آن تأتي حتي صلاة الفجر ولم تأتي فغير ملابسه وذهب إلى المسجد ليصلي…..خرج ” حسام ” من المستشفي وذهب للسرايا ينتظر خروج ” فريدة ” سلاح حربه ضدهم ومن ستقود معاركته حتي يهزمهم ،، كان يقف خلف أحدي الشجرات يتجنب أنظار رجاله حتي لا يروا……..نزلت علي الدرج بدلال تدندن بسعادة رأته يجلس في الصالون يرتشف قهوته واضعاً قدمه فوق الأخري ،، سمع صوتها وهي تدندن فرفع رأسه للأعلي بسعادة تغمره من صوتها وراحة بالها ،، تأملها وهي تنزل أمامه مُبتسمة حتي وصلت أمامه وجلست بجواره وهي تقول :-– أنت فطرت بدري كدةلسهقالها وهو يحتس قهوته فعقدت حاجبيها بغضب من أهمال صحته وأحتساء القهوة بدون فطار وقالت :-يعني مفطرتش وبتشرب قهوة ،، أنا هحضر الفطار أستنيوكادت آن تقف فأوقفه بصوته القوي وهو يقول بتوتر :-– مجولتليش رأيك في الهديةعاد لمقعدها ونظرت له بسعادة فأحمرت وجنتيها من الخجل وقالت :-– عجبتني جدا ميرسي ذوقك حلوفسألها بأستغراب :-– أصل مشايفكيش لبسهاأشارت علي عنقها من فوق حجابها بأبتسامة طفولية وقالت :-– لبستها بس أنت مش هتشوفها عشان الطرحة بس هي جميلة ،، هجبلك الفطاركان يتأمل وجنتها وحجابها بشغف لرؤية سلسلته تزين عنقها ،، علم لما الحلال أفضل فأنتظارها لتبقي حلاله يزيد من حبها بداخل قلبه وشغفه لها أكثر ،، جاءوا الأطفال لها وهم يقول :-– خالته عايزين كيك زي ما قولتيضحكت بسعادة معاها ووقفت وهي تقول :-– عن أذنك هحضر الفطار وأعمل كيك للولادوأخذتهما ودلفت إلى المطبخ ،، فهمس بخفوت شديد مُحدثها دون أن تسمعه :-– عجبال ما تعملي لولادنا..كانت تقف معاها في المطبخ ودلفت ” قمر ” لها تساعدها في إعداد كيك لأطفالها الصغار ….دلف ” عوض ” إلى السرايا يركض بهلع وهو يقول :-– يا جناب البيه ياجناب البيه ،، ياحناب البيه ……وقف ” صقر ” من كرسيه ماسكاً بيده فنجان قهوته وأتسعت عيناه حين رأوه يقف خلف ” عوض ” …….يتـــــبــــع…………

error: