لعنة العادات |للكاتبة بسمة مجدي

اهداء…
لكل من هم يتبعون العادات الخاطئة…لكل أب وأم يمشون خلف اراء مجحفة…لكل من قيدته العادات واصابته لعنتها…..

#بسمة_مجدي

الفصل الأول :
_ لعنة _
**************
مساءً في عام 1990

وقف يبتهل الله ان يحفظها له والا يريه فيها سيئاً فهي بداخل غرفة العمليات منذ ساعة ولم يخرج أحد ليطمئنه بكلمة واحدة فهذه ليست ولادة عادية فزوجته كانت تعاني صعوبة في الانجاب في أول زواجهم ليقطع شروده خروج الطبيب الذي نزع كمامته ليهرع اليه هاتفاً بلهفة :

– أرجوك اخبرني كيف هي زوجتي الان ؟!

تنهد الطبيب ليجيبه بهدوء :

-لا تقلق يا سيد خالد فزوجتك بخير… وقد انجبت لك طفلة آية في الجمال…ولكني مضطر أسفاً ان ابلغك باننا اضطررنا لإزالة رحم زوجتك حفاظاً علي حياتها !

غادر الطبيب وهو واقف مشدوهاً بحديثة ألن تنجب مرة أخري ؟!. بل وانجبت فتاة..! يا لهذا الهم الذي سيحمله ، كيف سيخبرها بذلك لكن لا يهم الأهم الأن انها علي قيد الحياة ليندفع لداخل الغرفة ليجد زوجته غافية بتعب تسأل بضيق لما لم تنجب صبي كما تمني تجاهل ذلك الفراش الصغير ليجلس بجوار زوجته ليستمع لصوت بكاء ضعيف أشبه بمواء القطط حديثة الولادة لا يدري لما خفق قلبه لينهض ليجد تلك الصغيرة تبكي ليهتف بعبوس :

-حسناً اهدئي يا فتاة امك نائمة ولا نود إيقاظها…

ظلت تبكي ليضطر حملها حتي لا تُيقظ زوجته ليحملها بتوتر فتحت عيناها ليصدم بلونهما الأخضر لون عيناه..! ضمها ببطء لصدره وللعجب هدأت .! ولكن دقاته لم تهدأ كم هو رائع أن تحتضن جزء منك ليهدهدها بخفوت بنبره جافه :

-لا تبكي يا فتاة ها قد حملتك كما رغبتي…

ليبعدها قليلاً وهو شارداً في جمال أعينها بعد ان ابعدها عن أحضانه تقوس فمها لأسفل ودمعت اغصان الزيتون خاصتها وتبدأ في بكاء ضعيف أشبه بمواء القطط رغماً عنه رق قلبه لبكائها فضمها اليه مرة أخري وهو يربت علي خصلاتها السوداء الجميلة التي تليق بطفلة حديثة الولادة وهو يهمس بصوت حاني خرج رغماً عنه :

-حسناً…اهدئي يا صغيرة اهدئي انا هنا ولن أتركك…

ظل يهدهدها حتي غفت ذهب ليضعها في فراشها ، ليجدها تتمسك بكفها الصغير إصبعه كأنها لا ترغب بتركه يا الهي كم أحب تلك الحركة العفوية دمعت عيناه تأثراً بعاطفتها تلك إنها تتشبث به وهو لا يرغب بوجدها…! طالعها بحنان ثم دثرها جيداً علي فراشها الصغير يالله كم هي جميلة رقيقة مفعمة بالعاطفة طوال عمره تمني ان ينجب صبي وكره انجاب الاناث فهم “هم ثقيل ” كما تقول امه ولكن كيف يكون هذا الملاك هماً شعر بالتملك والحب والحماية فقط حين رأي عيناها شعر انها صغيرته مدللته ملاكه الصغير الذي يحتاج للأمان وللعجب أحبه!

طالعها بحنان جارف وقبل جبينها ثم وجنتيها الحمراء المكتظة قليلاً ليقترب اكثر ويهمس بحنان بجانب اذنها :

-أعدك يا صغيرتي ان أدللكِ ولا أجعل دموعك تسقط من عيناكِ الساحرتين ما بقي لي من العمر … !

*******
منذ ذلك الحين لم يتركها الا لأمها لإرضاعها فقط حتي زوجته استغربت ذلك فهي تدري بكرهه للبنات وكم كان يرغب بصبي فما الذي تغير حتي انه يرفض ان يجعلها تحمل الرضيعة امتلأت غرفتها بأقاربها الذي جاءوا ليهنئوها وبعضهم كانوا شامتين في إنجابها لفتاة وكأنها ليست بشر..! لتدلف حماتها التي صاحت بغضب :

– ألم أخبرك انها أرض بور لن تنجب الا الفتيات !

لتفزع طفلته علي صياحها ليضمها وهو يربت علي شعرها الأسود ذو الملمس الناعم ليقول مهدئاً لثورة أمه :

-أمي أرجوكِ اهدئى حتي لا تفزع الصغيرة

لتصيح بغضب أكبر :

-فلتذهب الي الجحيم تلك اللعنة والان اسمعني جيداً يجب عليك الزواج بأخري حتي تنجب لكي الصبي الذي تريده

ليجيبها بهدوء :

-لا أمي طفلتي ليست لعنة بل نعمة من الله رزقني بها…ولا لن أتزوج بأخري ولا أرغب بصبي انا راضٍ بطفلتي ولا ارغب بأطفالٍ أخرى…

لتشهق والدته بصدمه مردِفة بحنق :

-أأنت مسحور يا ولدي ؟ حتي تقول هذا الكلام منذ متي رغبت في فتاة وكل عمرك تتمني الصبي الذي سيحمل اسمك ؟

قبل وجنتي صغيرته بحنان وهو يقول دون ان ينظر لأمه :

-والفتاة أيضاً ستحمل اسمي يا أمي والان من فضلك توقفي عن الصياح فكما ترين صغيرتي نائمة وزوجتي متعبة ولا تحتمل الأصوات العالية !

رمقته بغضب وهي تغادر حانقة ليضع صغيرته في فراشها ويتجه ليجلس بجوار زوجته التي تبكي بحزن لتقول له بأسف :

-سامحني يا خالد لقد وددت ان انجب لك الصبي ولكنها إرادة الله

ليضع كفه علي وجنتيها ويهتف بابتسامة :
-ألم تستمعي لما قلته لأمي ؟! ، عزيزتي أنا لست حزيناً بل علي العكس تماماً انا سعيد بتلك الصغيرة وأحمد الله علي رزقه لنا بتلك الملاك ألم تري عيناها بعد ؟ لقد أخذت لون عيناي انها رائعة الجمال…

كأن حديثه كان كالصفعة التي ايقظتها ، انها في خضم حزنها نسيت أن تري كيف تبدو صغيرتها فهذا ما تربت عليه ان الصبي افضل من الفتاة وحتي هي عانت الكثير من أسرتها لكونها فتاة …! لتقول برجاء :

-خالد لقد عانيت كثيراً مثلها منذ ولادتي كوني فتاة عدني انك لن تقسو عليها ولن تعاقبها علي كونها ولدت فتاة … !

ابتسم بحنان وهو ينظر لطفلته وهو يهتف بحب :

-أتدرين يا عزيزتي انا كنت أمقت وجودها ولكني ما ان رأيتها وحملتها شعرت اني أحمل ملاكاً صغيرة جعلتني أعشقها بلحظات وربما أكثر منك يا حبيبتي !

لتبتسم بفرح وهي تَعد نفسها أيضاً ان تعاملها جيداً لتسأله بمرح رغم تعبها :

-ماذا تنوي تسميتها تلك السارقة التي سرقت زوجي ؟!

ليضحك بخفوت ويجيبها :

-سأسميها مريم فهي نقية وبريئة ويليق بها أن تكون مريم خالد العامري….!

يتبع…
#لعنة_العادات
#بسمة_مجدي

error: