لعنة العادات |للكاتبة بسمة مجدي

_الفصل السادس _
_ لن أخذلها مجدداً _

ليزفر بضيق ويجيبها بابتسامة غريبة وهو يتطلع علي باب غرفتها بحب :

– انا أتحدث عن مريم يا أمي من سواها……………!

شهقت بصدمة وهي تضع يدها علي فمها لتهمس وهي تنفي برأسها جنون ولدها الوحيد :

– لا بني لا تقل هذا انت تعلم ان مريم توفيت منذ شهرين

لتتنفخ اوردته غضباً ليصيح بغضب وعيناه تحمران بشدة :

– ابنتي لم تمت انتي مخطئة صغيرتي نائمة بالداخل لقد كنت اغني لها منذ دقائق حتي تنعس انتِ مخطئه…!

لتبكي والدته بشدة وهي تصيح ببكاء لعلها توقفه عن هذيانه :

– لقد وضعتها بقبرها بيدك يا بني افق ابنتك ماتت…!

غضب بشده واخذ يشد خصلاته بقوة وهو يعود لهدوئه ويقول بخفوت :

– ارجوكِ أمي اخفضي صوتك انا لا ارغب ان تستيقظ الان فهي لم تنم جيداً

ليسحبها من يدها لداخل الغرفة لتجد الفراش فارغ وتنظر لابنها لتجده يحدق بالفراش الفارغ بابتسامة غريبة وهو يهمس بحب :
– كم أعشق تأملها وهي نائمة بخصلاتها السوداء الناعمة

لترك يدها وهي تضع يدها علي فمها تمنع شهقات البكاء لتجده يجلس علي طرف الفراش ويربت بيده علي الوسادة ويقبلها من حين لأخر….! ويهمس بحنو بالغ :

– نامي يا صغيرة البابا نامي يا قرة عيني انا لن أدع أحد يزعجك ولن اسمح لأحد بأن يؤذيكِ مجدداً يا صغيرتي……….!

***************
تجلس امام الطبيب منذ عدة دقائق وهي لا تكاد تصدق ما حدث ليجيبها الطبيب بأسف :

– سيدتي ابنك قد فقد عقله بسبب وفاة ابنته والذي علمت مؤخراً انه كان له يد فيه

لتجيبه ببكاء وحزن :

– اليس هناك أمل لشفائه ؟!
ليجيبها بعملية :

– سأكون صريحاً معكِ ابنك لم يحب حفيدتك بل عشقها فقدانها ألمه كثيراً وما زاد الامر كونه احد الاسباب في وفاتها

لتهتف من بين شهقاتها :

– بل انه ذنبي انا لأني من اقنعته بفعل ذلك ظناً مني ان في ذلك مصلحة لها لم اتوقع ابداً ان تموت

– لقد تحدثت مع الطبيب الذي حاول اسعافها واخبرني انها ماتت ذعراً وخوفاً أتعلمين عدد الفتيات التي تموت يومياً بسبب تلك النوعية من العمليات.. ؟!.

لم تجيبه ليردف بضيق :

– الله لم يخلقنا كالحيوان بلا عقل بل جعل لنا العقل لنتفكر فيما حولنا ونفرق بين الصواب والخطأ الختان ليس له منفعة واحدة وله أضرار عديده انتي ايضاً مررتي بتلك التجربة القاسية فكيف تذيقيها لغيرك ؟!

الي هنا ولم تستطع الرد لتنهض وتخرج مسرعة وهي تحاول السيطرة علي شهقاتها فهو محق هي تكره تلك التجربة ومازالت تحمل ضغينة ضد اهلها لذلك رغبت ان يتألم مثلها الجميع ويشعروا بألآمها هي تدري انها امر خاطئ ولكن لم ترغب ان يتوقف الناس عن فعلها يجب علي الجميع ان يعانوا مثلها فصدق من قال ان عدو المرأة هي المرأة مثلها………….

جلس الطبيب أمامه ليهتف بهدوء محاولاً عبور سبل أغواره :

– خالد..! انت تقول ان ابنتك علي قيد الحياة اذن لم لا اراها ولا اسمع صوتها ؟!.

رفع وجهه ليطالعه بنظراته التي تحمل انهاراً من حزن وألم وملامحه التي كبرت وكأنه أصبح عجوزاً في ليالي معدودات..! وذقنه التي ازدادت طولاً وكثافه وشعره المبعثر علي جبينه ليجيبه بضعف :

– هي علي قيد الحياة لكنها لا ترغب بالتحدث معي هي مازالت لم تسامحني علي خذلاني لها….!

ليجاريه الطبيب وهو يسأل :

– اذن اين هي يا خالد

ليشرد ببصره بأحد الأركان وهو يتطلع بحزن ممزوج بالحب مغموراً بالحنان هامساً :

– صغيرتي تجلس هناك تضم ركبتيها الي صدرها كما تفعل دائماً حينما تنزعج مني او تغضب حين ارفض احد طلباتها

ليتنهد الطبيب بحزن ويردف :

– صف لي شكلها يا خالد

ليجيبه بابتسامة مهتزة ولم يزيح بصره عن تلك الرقعة الفارغة..! :
– خصلاتها الطويلة السوداء كسواد الليل تغطي ظهرها وتتبعثر حول جبينها صوت شهقاتها يخترق أذني فيمزق قلبي أشلاءً ترفع وجهها من حين لأخر لأري أغصان الزيتون الدامعة وهي ترمش بأهدابها الطويلة لتزيل غشاوة الدموع وهي تطالعني بغضب وحزن ثم تعود وتدفن رأسها في ركبتيها…

لم يصدق الطبيب ما يقوله لدرجة انه نظر لتلك البقعة عدة مرات ليتأكد من وجودها..! فوصفه لها جعله يظن للحظات انها علي قيد الحياة بالفعل…!ليصدم به ينهض ليجلس علي ركبتيه في ذلك الركن وهو يربت علي الفراغ…! هامساً بحب :
– سامحيني يا مريم سامحيني يا طفلتي علي جهلي وغبائي فالعادات كاللعنة التي تقيدنا فلا خلاص منها سوي بالعلم او الموت… سامحيني فقط اريد ان اسمع صوتك اتوق لضمك بين أحضاني اريد ان أسمعك تناديني أبي مرة أخرى فقط يا صغيرتي !

لم يحتمل الطبيب أكثر غادر الغرفة وهو يمسح دموعه الذي لا يدري كيف تحررت من أسرها…! وكأنها لم تتحمل ألم قلبه وقررت الهبوط علي وجنتيه مرت عليه العديد من الحالات الصعبة ولكنه لم يحزن ولم يبكي لحاله أبداً…! وصل الي مكتبه ليتذكر حديثه الهامس :

– العادات كاللعنة تقيدنا ولا خلاص منها الا بالعلم او الموت….!

أخرج صورة قديمة من جيبة التي كانت لأخته الكبرى التي اجبرها والده علي الزواج بعمر 14 عشر ولم يستطع التدخل لكونه لم يبلغ 10 من عمره وقتئذ لتموت أخته الحنونة بليلة زفافها لا يزال يذكر منظرها وهي غارقة في دماءها بثوب زفافها..! اغتيلت بلا رحمة بحجة الستر..! وان الزواج مصير كل الفتيات ماتت تحت تأثير لعنة تسمي العادات ……..

************************
تيقظت حواسه حين استمع لصياحها الطفولي المحبب اليه :

– أبي انا اريد اللعب !

ليبتسم بشدة فأخيراً قررت صغيرته التخلي عن معاقبته والتحدث ليجيبها بلهفة :

– كما تودين يا صغيرتي بابا سيفعل اي شيء لإرضائك !

لتبتسم بحب وهي تضع كفها الصغير علي وجهه وتسحبه من يده الي تلك النافذة المفتوحة لتتوقف قرب النافذة وتصعد علي الكرسي الموضوع وتهتف بابتسامة :

– انا اود القفز من هنا هيا ابي فلتلحق بي..!

لتقفز بخفه وصوت ضحكاتها يرن بأذنة ليبتسم بحب وهو يصعد علي الكرسي ويضع قدمه علي النافذة وهو يطالعها بنظرة حنونة……….

****************
ركض الطبيب بسرعة واخذ يتخبط في الاطباء والممرضين وهو يلعن بداخله ذلك العامل الذي ترك النافذة مفتوحة ، ليدلف الي غرفته فيجد الاطباء يقفون جانباً يحاولون تحذيره وخالد يضع كلتا قدميه علي النافذة الضخمة ليصيح الطبيب بخوف :

– خالد ماذا تفعل ابتعد عن النافذة..!

ليجيبه بابتسامة غريبة وعيناه يغمرها العاطفة ويكسوها الألم ونبره متألمة شارده فارغه :

– سألحق بصغيرتي هي تنتظرني فلن أخذلها مجدداً……..!

#يتبع…
#لعنة_العادات
#بقلمي_بسمة_مجدي(بيبو)

error: