لعنة العادات |للكاتبة بسمة مجدي

_الفصل الرابع _
_ تنفيد _

في صباح اليوم التالي :

جلس يطعم صغيرته وهو يهز أحد ساقيه بتوتر وينظر للساعه من حين لأخر تعرق جبينه بشدة لتهتف “مريم” بلطف وهي تضع يدها علي وجهه :

– هل أنت بخير يا أبي تبدو مريضاً؟!.

بكلمات معدودة كأنها طعنته في قلبه أأنت قلقة علي حالي.. ؟!وانا أنتظر الذي سيذبحون طفولتك وبراءتك يا صغيرتي ؟! شعر بقلبه يتمزق لأشلاء جاهد ليجيبها بابتسامة :

– لا يا صغيرتي أنا بخير ولكني أود أن أخبرك شيء

لتومأ بسرعه ليكمل بحذر :

– هنالك امرأة ستأتي فقط لفحصك لنطمئن عليكي

لتهتف بعبوس :

– لكني أخاف الفحص لا اريد

ليمسح علي خصلاتها بحنان جارف قائلاً بابتسامة متوترة :

– لا تقلقي يا صغيرتي انها لن تتطلب الكثير من الوقت واعدك ان احضر لكي الكثير من الألعاب بعد الفحص

– لن أتألم صحيح ؟!.

باغتته بسؤال وكأنه سهم شق قلبه الي نصفين.! تنفس بصعوبة ليقول بابتسامة كاذبة :

– لا يا طفلتي لن تتألمي !

لتدفن رأسها بكتفه وهي تهتف بعبوس وحزن :

– حسناً كما تريد أبي لكنك ستكون معي أليس كذلك ؟!

وها هي طعنة اخري غادرة ، أغمض عينه بألم ليزدرد ريقه بصعوبة قائلاً :

– أجل يا قلب أبيكي سأظل بجانبك مادام في صدري نفس يتردد

دق جرس الباب ودق معه قلبه الذي أخذ ينبض بقوة ويتوسله التراجع ، صدع صوت العقل الذي يؤكد أهميه الأمر وانه مصلحه لابنته خبي صوت قلبه مع صوت عقله ، ذهب ليفتح الباب لتطل سيدتين متشحين بالأسود ذوي طلة مخيفة.! دلفت والدته لتهتف بفرحه بائنة علي وجهها :

– مرحباً بكن تفضلوا الي الداخل وسأحضر الفتاة

شعر بذراعين تلتف حول قدميه ليجدها تنظر لأولئك الغرباء بخوف ورعب وكأنه تشعر بمصيرها..! ود لو يأخذها ويخفيها بأحضانه ولا يعرضها لأي ألم لكن لم يستطع فقيد العادات يكبله ، اقترب من تلك السيدة ضخمة الجثة ويقول بقلق وتوسل :

– فقط حاولي الا تؤلميها فهي كل ما أملك

لتجيبه بخشونة :

– لا تقلق انا معتادة علي هذا ستتألم قليلاً وبعدها تنسي الأمر برمته

لتقترب والدته من الصغيرة وهي تهتف بحده :

– هيا يا فتاة تعالي معي !

لتنفي بخوف وهي مازالت تتشبث بأرجل والدها لتسحبها جدتها بخشونة ، لتصيح الصغيرة بخوف :
– لا اتركيني جدتي لا اود الذهاب معكِ

كادت يداه تخونه وتسحبها ليضمها لكنها توقفت ليهتف بجمود يخفي خلفه ألم لا يحصي :

– استمعي لجدتك مريم

لتصرخ ببكاء وجدتها تسحبها لداخل الغرفة :

– ولكنك وعدتني الا تتركني أبي أرجوك لا أريد الذهاب معهم

سيطر علي دموعه بقوة ليهتف بنبره مهتزة :

– أنا سأغادر أمي أعلميني ان انتهيتم حتي أعود

كاد يغادر ، لكنه توقف حين سمع صرختها وهي تناديه قبل ان تغلق جدتها الباب :

– أبي أرجوك سأكون فتاة مطيعه ولن أزعجك في نومك مره أخري لكن لا تتركني لا تجعلهم يؤذوني

فتح الباب وغادر مسرعاً حتي لا يتأثر بكلماتها أخذ يسرع في خطواته ليقف في أحد الشوارع الجانبية الضيقة وهو يتنفس بسرعه كأنه خرج من مارثون للجري للتو..! ليهتف في نفسه :

– ستكون بخير بالتأكيد ستكون بخير أنا فقط أقلق بلا داعي لن يصيبها شيء سأعوضها…سأعوضها

أخذ يردد ذلك بلا توقف وقلبه ينبض بقوة وكأنه سيخرج من محجره من شدة النبض لا يدري عدد المرات التي ردد بها انها ستكون بخير….وكأنه ترديد الكلام يمنع الأفعال…!

*********
في داخل الغرفة

حاولت التملص من قيدهم بصعوبة بالغة ولم تستطع لقدرتهم البدنية التي تفوقها أضعافاً…صرخت حتي نبحت أحبالها الصوتية ولكنهم صموا اذانهم عن صراخها ، طرحتها جدتها علي فراشها بقوة وهي تطالعها بحقد وشماتة لتمتد يدها وتمزق ثيابها بلا رحمة..! فهي أرادت ان تذيقها كل انواع العذاب النفسي او الجسدي.! صرخت هذه المرة بقوة فهي لم تتحمل ان تنزع ثيابها بهذه القسوة :

– أبي ! ارجوك لا تتركني ! اجعلهم يبتعدوا عني ارجوووك !

صفعتها جدتها بقسوة والتفتت لتلك الواقفة امامها تهتف بحده :

– هيا اسرعي ! انا لن اقضي يومي امسك تلك الملعونة !

اومأت تلك السيدة وهي تبتسم بقسوة وتقترب ببطئ…وكأن طاقتها علي المقاومة انتهت مع صفعة جدتها كادت ان تستسلم لمصيرها المحتوم لكن انتفض قلبها وتسارعت دقاته واتسعت حدقتيها الخضراء برعب حينما لمحت تلك الأداة الحادة بيد تلك المرأة المخيفة وكأن قوي خفية دبت بها لتدافع عن حياتها صرخت بقوة وكأن صرختها خرجت من أعماق قلبها :

– أبي!!!!!!!

وكأن أحبالها الصوتية لم تعد قادرة علي المزيد ليختفي صوتها وتخبو قوتها وماهي الا لحظات حتي التفتت السيدة الضخمة قائلة بخشونة :

– لقد انتهينا مبارك لكم ابنتكم أصبحت عروس !

لتحتضن الجدة المرأة الضخمة وهي تهتف بسعادة :

– بارك الله لكِ وها هي أموالك

أعطتها مبلغ من المال في ظل فرحتهم وتهليلهم في تهنئه متبادلة بمناسبة ذبح الذبيحة..!

************************

انقبض قلبه بقوة لا يدري لما ليصدع رنين هاتفه ليجدها زوجته التي لا تعلم شيء عما يحدث بابنتها الصغيرة ليفتح هاتفه ، فهتفت بقلق :

– خالد هل مريم بخير ؟!.

أغلق عينيه بألم فهي البعيدة التي لا تدري شيء تشعر بصغيرتها أجلي حنجرته وهتف بصوت جاهد لخروجه طبيعياً :

– نعم هي بخير لما تسألين يا أميرة ؟!

لتجيبه بقلق :

– لا أدري يا خالد فقلبي يؤلمني بشدة وأشعر بأن ابنتي أصابها مكروه

ليقول بمرح زائف :

– أنت تتوهمين عزيزتي فابنتكِ بخير ولا تكف عن اللعب والأن سأغلق حتي لا تحترق وجبة الغذاء

أغلق بسرعه حتي لا تفضحه نبره صوته ليصدع هاتفه مرة أخري فيجيب بلهفه وقلق يكاد ينهش قلبه :

– أجل أمي ، هل مريم بخير ؟!

لتجيبه بسخرية :

– لا يكن قلبك ضعيف يا بني ابنتك بخير ولم يصيبها شيء عد الي المنزل

ليغلق هاتفه ولا يدري كيف وصل الي المنزل بتلك السرعة ليدلف بلهفه ليجد والدته تنتظره ليهتف بقلق :

– أمي هل تألمت كثيراً ؟!. هل هي بخير ؟!.أين هي ؟!.

رمقته بحنق من اهتمامه المبالغ لتقول بحنق :

– أخبرتك انها بخير ونائمة أيضاً انتظر حتي تستيقظ وغير لها ثيابها انا راحلة !

اومأ بتوتر قائلاً :

– حسناً سأدخل لأراها فانتي لا تعلمين مدي قلقي عليها

ليدلف بلهفه ليفتح الأنوار ليجدها نائمه في سريره الكبير ليقترب بهدوء وهو يعتذر بنظراته ليجلس بجوارها ، وضع يده علي بشرتها ليجدها باردة كالثلج تحاكي بشرة الأموات..! ليناديها بقلق :

– مريم حبيبتي استيقظي هيا افيقي اباكِ هنا…

لم تجبه ليصيح بوالدته قبل ان تخرج من المنزل صيحه جمدتها ! :

– أمي ! مريم لا تتنفس !

#يتبع……….
#لعنة_العادات
#بسمة_مجدي

error: