لعنة العادات |للكاتبة بسمة مجدي

_ الفصل الخامس _
_ صدمة _

دلفت والدته الي الغرفة قائلة ببرود :

– ماذا بك أأنت اول شخص تختن ابنته أخبرتك انها نائمه !

لم يستمع لما قالته والدته ليصيح بانفعال مصحوب بالرهبة :

– مريم .! أجيبيني مريم ..!

لينزع غطاءها فتتسع حدقتيه في صدمة ورعب بتلك الدماء التي تغمر الفراش كأنها نائمه ببركة دماء شهقت والدته بصدمة فهي من فرحتها بما حدث لم تلتفت لتري ماذا حل بها ، لم ينتظر أكثر ليحملها ويهرع للخارج لأقرب مشفي ووالدته لم تتحرك وهي تبتهل الله الا يصيبها شيء نعم هي تكرهها ولكن لم ترغب بقتلها..!

********************
أخذ يتحرك ذهاباً وإياباً وهو يلعن نفسه علي ما اقترفته يداه و حتي الان مازال يشعر بملمس بشرتها البادرة.! دقاته تصرخ بألم دموعه تجاهد للانفلات أنفاسه متسارعة لا يصدق انه رأي صغيرته غارقة في دمائها وبقرار منه..! ليخرج الطبيب فيهرع اليه بلهفه وهو يشعر بقدميه كالهلام وتوشك علي السقوط في اي لحظه ليقاطعه الطبيب بحده :

– أتدعي الخوف والقلق الأن عليك فقط القلق والخوف من الله حينما يسألك علي تلك الطفلة … !

ليصيح بانفلات أعصاب وقد أوشك علي الانهيار :

– فقط أخبرني هل ابنتي بخير ارجوك انا لم اعد أحتمل ؟!!

ليجيبه الطبيب بجمود وهو لم ينسي منظر تلك الطفلة التي جاءته وقد فارقت الحياة :

– وهي أيضاً لم تعد تحتمل ابنتك توفيت جراء أزمة قلبية من شدة الخوف واذا كنا انقذنها من الازمه القلبية فلم تكن لتنجو فهي غارقه في دماءها النازفة التي لا تتوقف….!

نزل حديث الطبيب عليه كالصاعقة وحطمت قلبه أشلاء لا يدري كم من الوقت ظل واقفاً وكأن عقله لا يستوعب ما قاله الطبيب ليخطو ببطء نحو الغرفة ليجدها مظلمة باردة وفراش المشفى الواسع الذي يحتضن صغيرته ليجلس بجوارها هامساً بحب :

– مريم.! استيقظي صغيرتي الا تريدي النوم بأحضان البابا خاصتك..؟!.

لا إجابة فقط صمت بارد يؤلم الأعصاب ، ليهمس بترجي :

– هيا صغيرتي ! أنتِ غاضبة مني أليس كذلك ؟!.

رفعها من كتفها وهو يردف بتوسل مرير

– أعتذر صغيرتي ! أعدك اني لن أسمح لأحد بأن يؤذيكي ثانية ! فقط افتحي عيناكِ واريني اشجار الزيتون خاصتي !

لم يتحمل صمتها ليسحبها بقوة لأحضانه وهو يصيح بانهيار :

– أفيقي مريم..! أرجوكِ أفيقي لا تتركيني صغيرتي لا تتركيني

أخذ يصيح بانهيار غافلاً عن دموعه التي شقت طريقها علي وجنتيه كالأنهار ، ظل يصرخ وهو يشعر ببرودة جسدها كالثلج..! ليست دافئة ليس بها حنانها المعتاد وشقاوتها كل شيء انتهي رفع وجهها يطالعها بلهفه كأنه يبحث عنها يبحث عن ضحكة صغيرته يبحث عن ابتسامتها كل هذا اندثر خلف وجه شاحب أبيض اللون يحاكي بشرة الأموات…! ليضمها بقوة وهو يصرخ صرخة مرت من نص قلبة قبل ان تشق الجدران..! ليسند رأسه علي كتفها وهو يبكي بشدة هامساً بأذنها بألم :

– سامحيني مريم..! سامحي أباكِ القاتل….! لا تعاقبيني بتركي صغيرتي فقط لا تفعلي…!

**********************
بعد مرور ثلاثة أيام

مستلقي علي الارض الباردة وهو ينظر الي الا شيء بشرود وهو يحتضن ملابس صغيرته ودموعه لا تتوقف عن الانهمار لم يفارق الغرفة منذ وفاتها كأن روحه فارقت جسده قلبه الملتاع الذي يطالبه بالخلاص وإيقاف الألم قطع شروده دق الباب لينهض بصعوبة ليفتح الباب فيجدها زوجته التي أصابها انهيار عصبي حين علمت بالأمر لتقول بجمود :

– يجب ان نتحدث خالد هناك الكثير لتوضيحه

ازدرد ريقه بألم ليومأ بخفوت ويخرج كلاهما ليجلسا لتقول بعد صمت دام لعدة دقائق :

– أتذكر خالد حين سألت بأحد المرات لماذا ارتعش حين تقترب مني علي الرغم من مضي 10 أعوام علي زواجنا ؟!.

ليومأ بعدم فهم وهو يحثها بنظراته علي الاكمال لتكمل بنبره مهزوزة وهي تسيطر علي عبراتها :

– في طفولتي كنت فتاة منطلقة اركض وامرح بلا قيود فعائلتي ظنت اني سأكون سيئة الأخلاق فقط لأنني كنت طفلة شقية…! احضروا ذات ليله مجموعة من النساء الاشداء اتعلم ماذا حدث حينها ؟!.

صمت وأغمض عينيه بألم بعد انا فهم مقصدها وما حدث لها ليرفع كفه في إشارة لها ان تتوقف فقلبه لم يعد يحتمل المزيد لتردف وكأنه لم تنتبه له :

– وقتها قيدوني كذبيحة العيد وانتهكوا جسدي بكل قسوة أتدرى ماذا فعل والدي ؟!.أخذوا يهلهلوا بفرح وكأن ابنتهم لم تذبح منذ لحظات…….! لم يلتفت أحد للخلف ليري ماذا حل بي لم أستمع سوي لكلمة واحدة :

– لقد أصبحتِ عروساً !

نزلت دموعها بالفعل لتكمل وهي تشهق ببكاء :

– اتعلم يا خالد لقد مر 28 عام علي تلك الحادثة ولم أنساها لوهله..! اذكرها بكل تفاصيلها اذكر كل نظرة اذكر القسوة بعيني تلك المرأة لازلت أذكر عائلتي التي ذبحتني بدم بارد……!

كان دوره تلك المرة لتهبط دموعه الساخنة علي وجنتيه وحديث زوجته يشكل بعقله مشهد انتهاك صغيرته وقد زاد ألم قلبه أضعاف..! لترمقه بحقد دفين وهي تردف :

– وقتها تمنيت الا يرزقني الله بنتاً حتي لا تنال ما حدث لي وحين جاءت مريم أخذت عهداً علي نفسي الا أفعلها لها ولا اجعلها تعاني لحياتها بأكملها كما اعاني أنا نعم أعاني يا خالد كنت ومازالت اعاني لكن عطفك وحنانك جعلوني اصمت واتحمل حبك جعلني أتناسى !

لتمسح دموعها بقسوة وهي تردف بجمود :
– انا جئت اليوم لأنهي هذه المعاناة ، طلقني خالد طلقني انا لن أحتمل الحياة مع قاتل أبنتي…!

ود لو يغرز سكيناً بقلبه لعله يتوقف عن الخفقان ويرتاح من الألم ، همس بخفوت حزين :

– أنا لم أقصد قتلها انا فقط اتبعت العادات التي يقوم بها أباءنا واجدادنا منذ سنوات عديدة….

لتقوس ثغرها بسخريه مؤلمة :

– أتذكر خالد قصة رسولنا الكريم محمد حين جاء علي أهل قبيلته وأخبرهم بنبوءته وبدين الله الإسلام أتذكر ما كان ردهم ؟!.

لم يجيبها لتكمل :

– قالوا هذا ما وجدنا عليه أباءنا وأجدادنا…! تماماً كما قلت الأن عزيزي

– انتِ طالق ….!

هتف بها بعد ان فرغت طاقته ولم يعد له قوة للجدل وهو يعلم تمام العلم بكونها محقة في كل كلمة لكنه لم يحتمل لوم او عتاب أكثر من ذلك ، رحلت بهدوء كما جاءت لينظر لغرفته التي اغتيلت فيها طفلته لتتسع حدقتيه حين يستمع لصياحها :

– أبي أرجوك لا أريد الذهاب معهم … !

ليهرع الي الغرفة فلا يجد أحد فارغه مظلمة كما تركها ليعود الصيح أقوي من قبل :

– لقد وعدتني ألا تتركني أبي…!

أغمض عيناه بقوة وهو يضع كفيه علي أذنيه لعله يمنع الصياح الذي يخترق أذنه بلا رحمه :

– لا تتركني أبي لا تدعهم يؤذوني

لتتداخل الصرخات من اشخاص عدة :

– انا لن اتحمل الحياة مع قاتل ابنتي !

– ستندم يا صديقي ستندم..!

– ابي انت ستكون معي اليس كذلك؟!.

وتتوالي الصرخات ليسقط علي ركبتيه وهو يصيح بألم وهو يبكي بانهيار :

– توقفوا رجوكم .! توقفوا…!

************************
بعد مرور شهرين

قررت زيارة ابنها بعد مضي فترة شهرين لم تستطيع المجيء فهي حزنت بالفعل علي وفاة الصغيرة ومازالت تحمل ذنب موتها دقت الباب بحذر ليفتح بعد قليل ليطل وجه ابنها خالد الشاحب ذو الذقن النامية وملابسه الغير مهندمة رغماً عنها انهمرت دموعها وهي تقول بانهيار :

– سامحني يا بني سامحني ارجوك انا لم اكن اعلم انها ستموت صدقني لم ارغب بقتلها !

ليسحبها من يدها لداخل الشقة ويغلق الباب ، وضع يده علي ثغرها وهو يهمس بجدية :

– أمي أخفضي صوتك لقد جعلتها تنام بصعوبة … !

لتقطب جبينها في عدم فهم وهي تقول بحيره :

– عمن من تتحدث بني ؟!

ليزفر بضيق ويجيبها بابتسامة غريبة وهو يتطلع علي باب غرفتها بحب :

– انا أتحدث عن مريم يا أمي من سواها… !!!

#يتبع…
#لعنة_العادات
#بسمة_مجدي

error: