نوفيلا عشقت حاكم للكاتبة ايمان عبد الحفيظ
الفصل الخامس
كان يقف خارج المنزل … يقف فى اول صف العزاء .. يستلم عزاء ذلك
الرجل العجوز الطيب .. الذى لم يفعل شيء طوال حياته سوى االعتناء
بابنته .. لقد فعل لها الكثير … لكن ها قد انتهت حياته … نظر الى
االشخاص الذين يجلسون فى العزاء .. جميعهم تبدو عليهم الحزن .. لقد كان
محبوبا من الجميع … كان يرتدى حله سوداء اللون .. أسفلها قميص باللون
االسود .. يصافح كل من يمر من امامه .. الجميع يعرف صله القرابه التى
بينه و بين تلك العائلة التى تتكون من فردين .. اال هى … تعتقد انه يقف
االول فى الصف النه حاكم البلده … ال تعرف انه زوجها ايضا …
عثمان بحزن و نبره جاده
” فارس بيه حضرتك واقف على رجلك من الصبح .. و العزا خلص
خالص .. هتروح ترتاح .. ”
فارس و هو يحك رقبته من الخلف بتعب و ارهاق
” مش هروح غير و هى فى ايدى يا عثمان .. مش هينفع اسيبها لوحدها ..
”
أتى من خلفهم بالل الذى هتف بتعب
” يال نروح يا فارس .. ”
أنصرف عثمان بمجرد مجيء بالل .. ليترك لسيده حرية الحديث مع
صديقه ..
فارس بحزن و قلق
” مش هروح و اسيبها يا بالل .. انت ناسى انها مراتى .. ”
بالل بنبره هادئة
” بس على فكره هى متعرفش انها مراتك .. ”
فارس بنبره غيظ
” عارف .. بس ده ال يمنع انى الزم اقولها … ثم ان كل اهل البلد يعرفوا
انها مراتى .. بما فيهم امى و عنان .. ماعدا عمى و عيلته و خالد و هى ..”
بالل بنبره هادئه
” ده ال يمنع برضوه انها مش هترضى تيجى معاك برضوه .. ”
فارس بنبره هادئة
” بس برضوه هقولها .. عن اذنك .. ”
تركه ثم توجه الى المنزل ذو الباب المفتوح .. كانت هى تجلس على احد
االرائك .. تجلس بجوارها زوجه عثمان تواسيها على بكاءها .. أشار لها
بأن تتركهم وحيدين …
كانت هى تجلس ترتدى مالبس سوداء … تضع يدها على وجنتها .. و
دموعها تتساقط بحزن شديد .. ترغب بالصراخ .. تتمنى أن كانت هى
مكانه حتى ال تشعر بما تشعر به االن …
فارس بنبره هادئه
” ايات .. ”
ايات بعصبيه
” انسه ايات .. اوعى تكون مفكرنى سهله علشان اللى حصل من كام يوم
… اياك .. ”
فارس بغضب و غيظ
” سهله مين يا متخلفه .. و انسه مين برضوه .. انتى مراتى .. ”
ايات بصراخ و عصبيه
” ال .. لتكون مفكرنى اتجننت .. انت هترمى بالك عليا انت و عيلتك ..
واحد يجى يهددنى انه هيتجوزنى واال هيموت ابويا .. التانى جاي يقولى
انتى مراتى .. انتوا مجانين و ال عاوزين تجنونى .. ”
قالت جملتها االخيره و هى تحرك يدها فى الهواء .. و تضرب بها على
فخذها … منظرها كان كالمصابه بالهستيريا .. ربما اوشكت على االصابه
بالجنون
فارس بنبره هادئه
” اهدى يا ايات ..بس انا مش فاهم منك حاجه .. من اللى جيه هددك بقتل
ابوكى .. خالد قصدك .. ”
ايات بغيظ
” ال امى .. طلعت من قبرها و جت تهددنى و رجعت .. ايووه خالد الحيوان
.. ده لوال ان ابويا مات موته ربنا لكنت قولت ان هو اللى موته .. يا رب
يموت .. ”
فارس بصوت همس غاضب
” يا ابن ….. ماشى يا خالد .. و دينى و ما اعبد لوريك .. ”
ايات بعصبيه
” بتقول ايييه انت كمان .. يال من هنا .. مع السالمه .. متشكرين على
الواجب اللى عملته .. ”
فارس بنبره هادئه
” فى حد قالك قبل كده انك متخلفه او ممكن عندك مرض فى دماغك .. ”
ايات بعصبيه و غيظ
” اهو انت .. بطل تغلط تعرفنى منين انت علشان تشتمنى .. ”
فارس بنبره ضاحكه
” بيقولوا انك مراتى .. و لعلمك كل الناس اللى كانت هنا دى شاهده انك
مراتى .. لو مش مصدقانى خدى..”
اخرج من جيبه ورقه القسيمه الخاصه جوازهم … التى تفاجأت بتوقيعها
عليها … و توقيع والدها ايضا .. ما هذا ؟.. اتسعت حدقتى عيونه و هى
ترى تلك القسيمه بيدها ..
ايات بصدمه و صراخ
” اييييه ده .. ازاااى .. انا مضيت ازاى ؟.. ”
فارس بابتسامه هادئه
” زى السكر فى الشاى .. ابوكى مضاكى من غير ما تأخدى بالك .. ”
ايات بصراخ و عصبيه
” ازاااى .. ابويا باعنى ليك .. ازااااى .. ”
فارس و هو يتوجه ليجلس على االريكه بابتسامه بارده
” بتشوفى افالم كتير يا ايات … اتفضلى خدى اللى يثبتلك .. ”
أخرج ظرف صغير من جيبه … و مد يده به .. لتأخذه من يدها .. و تفتحه
على عجله .. لتجد بداخله فالشه صغيره .. و روقه مطويه .. فتحت الورقه
باصابع مرتعشه .. لتجد بداخلها خط تعرفه حق المعرفه .. خط والدها
” ايات … بنتى العزيزه على قلبى … انا بحبك جدا يا بنتى .. عملت كل
اللى اقدر عليه علشان اخليك مبسوطه و سعيده .. يمكن مش االب اللى
نفسك فيه لكن انا عملت كل اللى نفسى فيه يا حبيبتى .. اتمنى تكونى قويه و
متزعليش عليا .. ده نصيبى يا ايات .. و انا فى حته احلى من هنا يا حبيبتى
… ربنا كريم يا بنتى .. على فكره فارس صادق .. انا فعال جوزتك ليه ..
هو ابن حالل و بيحبك .. اسمعى كالمه و اوعى تزعليه يا ايات .. انا
وصيته عليكى … ايات حصلت ظروف هى اللى خلتنى اجوزك ليه من
غير ما تعرفى … هو هيقولك عليها .. صدقيه يا ايات و خلى ثقتك فيه هو
بس .. هو اللى هيقدر يحميكى بس .. افتكرى انى كنت بحبك يا بنتى ..
ابوكى سعد .. ”
تحركت الدموع فى عيونها مره اخرى .. كيف يقل انه ليس االب الذى تمنته
… انه أحن اب بالعالم كله … لم يغضبها او يرفض لها طلب يوما ما .. هى
مدللته .. دائما ما كان حبها االول و الرفيق و كل شيء … لقد كانت تخبر
نفسها بين حين و اخر انها لن تتزوج ابدا لتبقى معه … انه الهديه من ربها
…
همست بصوت متعب
” و ازاى اعرف انك مش مزور الخط .. ”
فارس بنبره هادئه
” بذمتك انا هشوف خط ابوكى فين علشان ازوره .. و قبل ما تقولى يمكن
اكون اجبرته .. شوفى الفالشه ..”
توجهت الى غرفتها لتحضر حاسوبها النقال لتضعه على طاوله الطعام فى
الصاله .. لتجلس على مقعدها … وضعت الفالشه و هى تنظر بترقب شديد
… فتحتها لتجد فيديو خاص بوالدها .. كانت ابتسامته رائعه ..
” انا عارف انك ممكن تقولى ايييه فايده الفيديو .. لكن فارس هو اللى اصر
على الفيديو ده علشان متقوليش مثال ان هو اجبرنى .. انا جوزتك ليه بالفعل
يا بنتى .. هو مش كذاب .. انا طول عمرى بفكر فى مصلحتك يا ايات ..
علشان كده جوزتك ليه .. هو بيحبك يا بنتى … يمكن تستغربى و انا عرفت
منين .. هقولك عيونه .. عيون الشخص بتحكى كل اللى بيحسه بس الشاطر
اللى يعرف يقرأ عيون الناس .. ازاى بتسألى انا جوزتك ليييه .. هقولك …
خالد هددنى بيكى يا حبيبتى .. هددنى ان هيأذيكى .. مكنش عندى حل غير
فارس .. صدقينى لو كان عندى شك فى حبه ليكى .. عمرى ما كنت هوافق
… افتكرى انى بحبك و شايفك فى كل وقت .. ”
حمدت ربها انها كانت تعطيه ظهرها و تضع السماعات فى اذنها حتى ال
يرى احمرار وجنتيها … و ال يستمع حديث والدها … رفعت اصابعها
لتمسح الدموع العالقه بعيونها الفيروزيه ..
لم ترى انه كان يحدق بها … و هى تنظر الى والدها فى شاشه الحاسوب
بكل اشتياق … يشعر بكل ما تشعر به هى االن … كل احاسيسها يشعر بها
حين يرى صوره لوالده الراحل …
ايات بنبره هادئه
” انا هاجى معاك يا فارس بيه .. ”
فارس بابتسامه هادئه
” معتقدش فى واحده بتقول لجوزها يا بيه … ”
ايات بنبره هادئه متجاهله جملته
” ليا شرط … ”
فارس بنبره متعجبه و ترقب
” اتفضلى .. ”
ايات بنبره هادئه
” مفيش حاجه بينا .. ”
كادت ابتسامه تخرج من بين شفتيه .. لكنه لم يخرجها .. فضا أن يحرجها
قليال .. و يتصنع عدم الفهم
هتف بتعجب زائف
” ال معلش مش فاهم .. بأى معنى .. ”
ايات بخجل
” يعنى مفيش اى حاجه ممكن تحصل بينا .. و انت فاهم كويس .. ”
فارس بضحك شديد
” ال ما انا فاهم بس بستهبل .. ”
توجهت الى غرفتها لتحاول الوصول الى احد حقائب السفر … لكنها
لألسف عاليه للغايه … ظلت تحاول الوقوف على اطراف اصابع قدمها …
لتصل اليها … لكنها فجأه شعرت بدفأ من خلف جسدها … التفت بفزع ..
لتجد مستوى رأسها امام صدره … تسللت الى انفها رائحه عطره …
رجولية انيقه مثله … تعبر بشده عنه .. قوته و هدوءه … الهاله الفخمه
المحيطه به … لم يفصلهما سوى بضع سنتيمترات .. ألتقط هو الحقيبة … و
هو يحدق فى عيونه بقوه … كانت هى تحدق به مباشره .. قريب منها
لدرجه مهلكه … كانت تشعر بأن الزمن توقف عن هذه اللحظه … لم يعرف
اى منهما كم من الوقت مضى و هما على هذا الوضع … كال منهم يحدق
بعيون االخر … كأن اعينهم كانت سفينه تبحر فى محيط و اخيرا وجدت
مرساتها … وصلت لبر االمان … كانت عيونها تتبادل احاديث سريه … ال
احد يعرفها سوى القلب لكن من يعترف بها … حمحمت هى بخجل ليبتعد
هو عنها بحرج … و هو يضع حقيبه المالبس على الفراش
هتف بابتسامه هادئه
” حضرى شنطتك … و انا هستناكى بره … ”
قالت هى بخجل واضح
” حاضر … ”
خرج هو من غرفتها … يكاد يضرب نفسه بالحذاء … لما لم ينطق بأى
شيء مما بداخله .. هو يحبها … صحيح لم يمر على لقاءها سوى شهر ربما
اقل … لكن نحن نحتاج ثانيه لنعجب بشخص … يوم كامل لنغرق بالعشق
دون شعور …. العمر كله لننسى … لما لم يفعل اى شيء يخبرها به انه
يحبها … لينتظر قليال … فهى ستذهب معه لبيته … اى سوف تصبح فى
ملعبه ليفعل بها ما يشاء … لكن ال شيء سوف يحدث من غير العشق …
ايات بنبره هادئه
” انا خلصت … ”
فارس منتفضا ليرها ارتدت فستان انيق باللون االسود … حجاب باللون
االسود … ربما غيره كان يوبخها على ذلك … لكنه يراها اجمل الجميالت
… بتلك العيون الفيروزيه الالمعه … بشرتها البيضاء ذات لون الحليب …
رغم مالمح االرهاق الباديه على وجهها … اال ان جمالها لم يختفى … بل
كل مره يظهر واضحا …
فارس بابتسامه هادئه
” بسم هللا ما شاء هللا … ايييه الجمال ده … ”
ايات بخجل و حرج
” ينفع نمشى … ”
فارس بنبره هادئه
” هنمشى بس فى حاجه االول … ”
ايات بنبره تعجب و ترقب
” حاجه اييييه ؟… ”
سار بخطوات هادئه واثقه ليقف قبالتها … يحدق بها و بجمالها الخالب
الطبيعى … الذى يسرق القلوب و يأثرها … مد يده ليرفع بها يدها الى امام
وجهه … ليضع خاتم الماسى فى يدها اليسرى … اتسعت حدقتى عيونها
بصدمه و هى تنظر لها ..
فارس بابتسامه هادئه
” مش هينفع تدخلى بيتنا من غير خاتم الجواز .. ”
همست بابتسامه خجله
” بس ده غالى اووى .. ”
فارس بابتسامه عاشقه
” مش اغلى منك .. ”
ايات بتعجب
” مش فاهمه ؟.. ”
فارس و هو يهز رأسه ليسحب حقيبه مالبسها و هو يهتف بغيظ هامس
” دى عبيطه يا عم .. انا ماشى .. ”
رغم انها سمعته اال انها ضحكت بخجل … يبدو ان ايامها مع فارس الزناتى
سوف تكون ممتعه و مسليه الى ابعد حد … لكن ما يثير قلقها االيام ال تسير
على وتيرة واحدة بل تتقلب… سارت خلفه و هى تحدق بمظهره الراقى….
كان وسيم جدا… منظره يعطى األوامر إلى رجاله… ذلك يظهره مسيطر
يتحكم فى كل شيء… فهو حاكم و هى على وشك الوقوع بشباك عشقه
كان الجميع يجلس في بهو القصر الضخم… يتبادلون النظرات بال آت يفتح
أحدهم اى حديث… نظرات خبيثه بين عنان و والدتها و بالل الذى هو فى
نظر الباقي متطفل على العائلة… لكن النظرات متعجبه و فى حاله ترقب
لمعرفه سبب التجمع…سمع الجميع صوت بوق سيارة فارس و رجاله…
نجاح على مضض و هى تمصمص شفتيها
” لما نشوف سبب التجمع ده… ربربنا يجعله خير..”
بالخارج وقفت السيارة التى هى بها معه أمام باب القصر الداخلي… كانت
هى تفرك يديها معا بسبب التوتر.. الحظ هو توترها و هى تحدق بالقصر
الضخم…
همس بنبرة هادئة
” مش داخله تاخدى حقنه..”
هتفت بتوتر و قلق
” ال بس قلقانه… ”
هتف بابتسامة هادئه
” اقولك حاجه نص اإلفراد اللى عايشين هنا الزم ترفعى رأسك عليهم… و
الباقى تعاملى عادي..”
هتفت بابتسامة ناعمه
“قصدك على عيله عمك… و اتعامل عادى مع ساميه هانم و عنان هانم..”
فارس بضحك شديد
” و انتى كده هتتعاملى عادى… ملحوظة بس ساميه هانم دى حماتك و عنان
دى اخت جوزك.. افتكرى كده كويس… ”
نظرت له بحرج و ابتسامة خجلة لكن اتسعت حدقتى عيونها و هى تنظر
إلى يده التى أمتدت اتمسك بيدها… كان يحرك أصبعه اإلبهام على كف يدها
بحنان شديد… نظر إلى مقلتيها الفيروزيتين… كأنه يخبرها بأنه هنا بجوارها
دائما… تنتنفست بعمق و هى تتحرك بجواره إلى داخل القصر… بمجرد
اقترابهم من الباب .. كان هو على وشك طرقه… لكن عنان قامت بفتحه…
أسرعت لمعانقة أيات بقوه و هى تبتسم بسعادة كبيرة
همست بأذنها بسعاده كبيره
” نورتى البيت يا مرات اخويا… اعذريني بس مش هقدر اقول انا الحقيقه
دى قدامهم و ال كان فارس قتلنى..”
أيات بابتسامة هادئة
” منور بيكى يا عنان.. و ال يهمك حبيبتى..”
ابتعدت عنها و هى تربت على ظهرها بحنان… تشعر بأنها وجدت النصف
اآلخر التى سوف تتبادل معها األحاديث و النميمة على الناس.. الشخص
الذى سوف تسب أمامه عن خالد و لن يمنعها…
ساميه بابتسامه سعيده
” نورتى البيت يا بنتى..”
انحنت أيات لتقبل كف يدها لتنال رضاها… يبدو أنها سيده طيبه.. حقيقه أن
عائله طاهر الزناتى هى الثمره الطيبه فى عائلة الزناتى كلها
نجاح بنبرة ضيق و عصبيه
” ممكن اعرف البت دى بتعمل اييييه هنا؟!..”
فارس بهدوء تام
” اتكلم بهدوء يا مرات عمى.. ”
فتحت نجاح فمها لتصرخ بغيظ… لكن أشار لها عصام زوجها بالصمت
عصام بنبرة غيظ
” ممكن نفهم بتعمل ايييه هنا.. جايبها هنا ليييه فى نص الليل..”
فارس و هو يجذبها من خصرها بتملك و ابتسامه خبيثه
” مراتى… حد بيسأل حد داخل بمراتك بيتك فى نص الليل ليييه.. ”
كأن أحدهم سكب على الجميع دلو ماء مثلج… باستثناء ساميه و عنان و
بالل… كانوا يبتسمون بسعاده عارمه… كأنهم نالوا مراد بعيد جدا…
نجاح بصدمه و تلعثم
” م.. ممم… مر.. مراتك ازاى..”
بالل بنبرة سخرية
” زى السكر في الشاى.. ”
عنان بضحك و هى تضرب كفها بكفه
” اهاااااا..”
عصام بغضب عارم
” اييييه اللى انتوا بتقولوا ده.. انت اتجننت يا فارس.. بتجاوز من غير
علمنا… من غير علم جدك..”
فارس بنبرة هادئة
” ال ما هو عارف علشان كده مش قاعد هنا.. المهم بالمناسبة برضو…
نجاح هانم كانت بتشتكى من وجود بالل الشبه دائم… علشان خايفه على
مرات ابنها.. احب اقولك بقى الجوازه دى عمرها ما هتنفع.. ”
نجاح بصدمه و زهول
” و ده لييييه.. ”
فارس بابتسامة هادئة
” اصل عنان متجوزه من أربع سنين.. هى حرم بالل الدمنهورى… ”
كأن الجميع أصابتهم صاعقة أخرى من نوع آخر… ما هذا الهراء الذى
يستمعون له.. بالبداية جعل تلك الفقيرة زوجه له… جعلها سيدة لهذا
المنزل… هى زوجة الحاكم.. و اآلن يقول ان اخته التى كانت األمل األخير
للحصول على جزء من الميراث… اى وراثه الحكم ضاعت هباءا… هل فقد
عقله!!…
نجاح بعصبيه و غضب عارم
” انا استحاله أوافق على كده… انت ازاى عمال كل ده من ورانا… انت الزم
تطلق البنت دى فورا..”
فارس بنبرة بارده جافة
” محدش هنا يقدر يقولى اعمل اييييه و معملش ايييه يا نجاح هانم… انا هنا
اللى بيقول اه أو ال… و آيات مراتى غصب عن عين الكل… و اللى يفكر
يضايقها و ال يقولها كلمه يبقى بيجنى على نفسه… مرات فارس الزناتى
خط أحمر… سامعنى يا خالد… ”
كرر جملته االخيره بنبرة تهديد.. كأنه يحذره من اى فعل أحمق يمكن أن
يفكر بفعله… اآلن هو مدرك انه أشعل فتيل غضبهم… يستحقون ذلك .. و
للحق يشعرب الفخر بعد ما فعله …
كانت هى تنظر له بانبهار طفولى رائع … ريته و هو يتحدث هكذا ..
يدافع عنها .. يجذبها من خصرها بتملك ليعلنها كزوجه لها امام الجميع …
تشعرها باالمان و الحمايه التى افتقدتها منذ رحيل والدها …
كانت ال تزال تحدق به حين جذبها من كف يدها… بتملك شديد جذبها خلفه
للصعود إلى الطابق العلوي من القصر… كانت تحرك بصرها بتشتت بين
مكونات المنزل و منحانياته… كانت تحاول أن تحفظ اى ركن به لكن بال
جدوى…. كل ما يستحوذ على تفكيرها هو ذلك الذي يسير بجوارها و يقبض
وقف أمام غرفه تعتبر شبه منعزله عن
على كف يدها الناعم… و أخيرا
المنزل… فتح باب الغرفه… أدخلها خلفه بمنتهى الهدوء… ثم ترك كف يدها
عند الباب ألنه الحظ توترا و احمرار وجنتيها خجال… وقفت هى بقرب
الباب تفرك يديها بتوتر… و قطرات العرق بدأت بالظهور على جبينها…
هتف بنبرة قلقه متوترة
“انتى كويسة؟”…!
هزت رأسها و هى ال تزال تقف مكانها… كانت األفكار تتضارب برأسها…
لم تتوقع أن تتزوج بين يوم و ليلة… تصبح زوجة لشخص ال تعرف عنه
شيء… فقط مجرد انه حاكم هذه البلده… رحيم.. يحترم كل الناس و االحترام
متبادل بينهم…
فارس مقاطعآ أفكارها بهدوء
“انا اسف على اللى حصل تحت… بس كان الزم علشان محدش يتعرضلك
أو يضايقك”…
أيات بنبرة متعجبه
“هى ليييه رافضه؟!… اقصد ليه نبره االستحقار للناس الغالبة”..
فارس بنبرة سخرية تامه
“شايفه ان الناس دى أقل من البشر.. مينفعش يختلطوا بالمكانات العليا”..
أيات بنبرة هادئة
“انت بتفكر كده” …
فارس بابتسامة هادئة
“اعتقد لو كنت زيها… مكنش زمانك هنا دلوقتى” ..
آيات بنبرة هادئة
“يمكن اكون حاله استثنائية… علشان حلوه مثال”..
فارس بضحك شديد
“خدى بالك و الغرور… و احب اقولك انتى فعال استثناء بالنسبالى… عن
اذنك”..
آيات بتعجب و دهشه
“انت رايح فين و سايبنى “…
فارس بابتسامة خبيثة
“ال انا داخل استحمى… اتفضلى “..
لم ترد عليه… ألنها خجلت كثيرا… و بدأت بوادر التوتر تظهر عليها …
عادت لتحرك بصرها بخجل و توتر فى جميع أنحاء الغرفة عدا هو …
فارس بضحك تام
“انا بهزر… عن اذنك” ..
تركها و دخل الحمام الملحق بالغرفة…بعد أن توجه إلى الخزانه الخاصة
بالمالبس.. ليأخذ مالبسه… قبل أن يفتح باب الحمام… التفت لها و هو ينظر
فى ساعته …
هتف بابتسامة هادئة
“ااااااه عدى لغاية 01 …و بعدين افتحى الباب “…
أيات بتعجب رافعه حاجبها
“ده لييييه “..
فارس بضحك
“هتعرفى لوحدك “..
تركها ليتوجه إلى الحمام… ظلت هى واقفه فى مكانها تحدق فى أثره… ثم
بدأت تعد فى سرها… و عندما وصلت للرقم عشرة… سمعت صوت طرقات
على الباب… حركت بصرها بتعجب و دهشه بين باب الحمام و باب
الغرفة… كيف عرف ان للباب سيطرق… يبدو أنه يحفظ جميع أفكار من
يعيشون فى هذا المنزل ظهرا عن قلب …
كانت أسرة عصام الزناتى… ال تزال تجل متسمرة فى بهو القصر .. كل
منهم تتضارب االفكار برأسه .. نجاح التى على وشك ان يأكلها الغيظ …
عصام الذى يشعر بالغضب العارم بسبب تجاهل فارس له … خالد الذى
يكاد يموت من العصبيه .. يجلس يجز على أسنانه .. كيف فعلها فارس ؟..
كيف يأخذ كل شيء أراده … لقد أخذ منه أيات كزوجه له .. أخذ منه عنان
و جعلها زوجه ألخر … لقد ضاع كل شيء بالفعل .. لكن لن يستمر
الوضع على هذا ؟… لن يخرج من هذه البلده بال شيء .. يجب أن يأخذ
مكانه كحاكم للبلده … و من يعارضه فسوف يفقد حياته … لكن أول من
سيموت .. هو فارس حاكم البلده ..
نجاح و هى تضرب على فخذها بحقد
” هنسيبهم كده بعد ما خدوا كل حاجه .. البت دى انا هموتها .. ”
عصام بنبره هادئة
” اهدى يا نجاح … لو حصلها حاجه مش كويس علشاننا .. خصوصا
دلوقتى .. ”
خالد بعصبيه و غيظ
” يعنى هنسكت .. ”
عصام بنبره هادئه
” مؤقتا … بالش االستعجال .. استنوا شوية .. ”
ساد الصمت مره اخرى … و الجميع يفكروا بما هو على وشك الحدوث ..
كيف يعيدون كل شيء أليديهم …
بعد أن صعدا درجات السلم … حرك هو بصره بالطرقه ليرى أن كان
احدهم يراقبهم … لكنه لم يرى أى شخص .. فحرك حاجبه بخبث و
تالعب .. و هو يراها تسير امامه متوجه الى غرفتها .. فحملها لتشهق
بفزع و خوف ..
عنان بفزع
” اااه … ”
بالل بفزع
” بس ..بسسسس .. ده انا .. ”
عنان بغيظ
” انت ناوى تقطع خلفى … اييييه يا بالل .. مش تقول دستور وال حاجه ..
”
بالل بضحك
” دستور بصوت منى زكى .. ”
عنان بسخريه
” هاااا .. شربات .. نزلنى .. ”
بالل بابتسامه خبيثه
” ده بعيد عن شنبك .. ده النهارده ليلة دخلتى يا حلوه .. ”
همهمت بغيظ و حنق من كلماته… لن تستطيع الخالص منه… تدرك ذلك..
لكن الفضول يأكلها لتذهب حتى تتعرف على زوجه أخيها التى تتحدث عنها
البلده بأكملها… البلده كلها تعرف أن تلك الصغيرة ذات العيون الملونه
أوقعت أخيها بالحب ليتزوجها بعد معرفتها بفترة قصيرة للغاية
عنان بغيظ
“سيبنى يا بالل… عايزة اروح عند اخويا”..
بالل بابتسامة هادئة
“اخوك مش فاضيلك دلوقتى.. زمانه قاعد مع العروسة.. هايص”
عنان بتعجب و دهشه
“و انت اييه اللى عرفتك انت أن شاء هللا”..
بالل بابتسامة فخر
“انا عارف.. ملكيش دعوه.. يال بينا على األوضه بقى”…
عنان بفزع و هى تحرك قدميها حتى ينزلوا
“ال ال ال ال… نزلنى.. مش دلوقتى يا بالل.. لسه لما نعمل الفرح” ..
انزلها بالل و هو يمسكها من ذراعها بغيظ
“ال بقى انت حد مسلطك عليا… يعنى عيله عمك مش عارفين بجوازنا
قولت ماشى.. و دلوقتي عيله عمك عارفين برضو ال… ال بقى ده انتى و
اخوك حالفين تطلعوا عين امى” ..
هتفت بابتسامة هادئة
“يا بالل إلى صبرك الكام سنه دول… مش هيخلوك تصبر كام اسبوع
تانى”…
بعد أن كانت بدأت تؤثر عليه بجملته األولى… كان يعتقد أنه ستعطيه ما يريد
اليوم ربما بعد عده ساعات لكنها تطلب منه االنتظار ألسابيع…
بالل بابتسامة غيظ
“اقولك حاجه.. و حياه امك الجوازة دى مش الزمكم.. و انا ماشى بقى” …
قالها و هو يتركها تقف وحيده فى الطرقه.. تلقائيا وجدت االبتسامة تتسلل
إلى شفتيها… هى تحبه و بشده بل تجاوزت مرحله الحب بكثير… لكنها تريد
أن تكون ليلتهم األولى يوم الزفاف المؤجل منذ سنوات… و هذا حقها
بالطبع …لتنتظر قليال و تهاتفه لتعاتبه على ما قال… و إالن لتتوجه إلى
غرفه أخيها لتتعرف إلى سيدة المنزل أيات فارس الزناتى…
كادت تتوجه لتفتح الباب.. لكنها اعتقدت انها ربما تكون والدته و أتت
لتقيمها… فتوجهت بخطوات مسرعه إلى المرآه.. لتلقى نظرة على نفسها..
تأوهت باستياء و هى ترى مجرد فتاة بائسة.. السواد يأتى تحت عيونها…
مالمحها مرهقه للغاية.. ال شيء جميل و يظهر بها سوى عيونها.. فتحت لها
و هى ترتدى مالبسها المكونة من عباءتها ذات اللون االسود.. و حجاب
باللون األسود.. ال تنكر أن إصابتها حاله من الدهشة و التجمد و هى تجد
أمامها عنان اخته… ما الذى تفعله هنا؟!… ام ان والدته أرسلتها بدال عنها..
عنان بابتسامة واسعه
“مسا مسا على الناس الكويسة”..
آيات بابتسامة باهته
“مساء النور”..
عنان بنبرة تعجب
“امال فين فارس؟!… اوعى يكون سابك و مشى زى بالل”..
آيات بتعجب و دهشه
“بالل ده اللى هو جوزك… سابك ليييه”..!
عنان بابتسامة فرحه واسعه
“اااااهللا.. اخيرا لقت حد يشاركني الفضول… اخيرا هالقى حد يشاركني
التفاهه بتاعتى… ال ده انتى تيجى معايا اوضتى و تسيبك من فارس ده
خالص ..نعمل طبقين تالته فشار كده.. و إمأل طبق لب بأنواعه.. و ندردش
للصبح.. ده انا حبيتك اوووى يا مرات اخويا”..
هل هذا فرع جديد لألذاعه و التليفزيون… هل هى مجنونه… أو ربما على
قدر كبير من المرح و االنطالق ..لم تستطع أن تجيبها ألنها جذبتها من كف
يدها لغرفتها… ما هذه العائلة …هل يمتلكون هوس الجنون..لكنها تبدو لطيفه
جدا…
عنان بابتسامة حنان
“بصى يا ستى.. نبدأ من االول زى تعارف البشر الطبيعين… انا عنان
طاهر الزناتى”…
آيات بابتسامة هادئة
“انا آيات سعد الجمال”..
عنان بابتسامة حنان
“بصى يا آيات … احب اقولك الزم تدخلى فيا شمال علشان احنا صحاب..
و الواد اخويا ده لو زعلك بس قوليلى و انا العلك عينه” …
آيات بدهشه و زهول
“انتى بتتكلمى عنه كده ازاى… ده حاكم البلد.. و بعدين مش خايفه اقوله …
”
عنان بابتسامة ضحك
“و ايييه المشكلة لما هو حاكم البلد يعنى… ده اخويا قبل ما يبقى حاكم
البلد… و جوزك برضو قبل ما يكون حاكم البلد… ثم إن ايييه المشكلة لما
تقوليله… انا مش بخاف منه… اوعى تكونى امينه” …
آيات بتعجب
“مش فاهمه… ايييه امينه؟” ..!!
عنان بنبرة هدوء
“جو امينه و سى السيد ده بالش.. فارس بيكرهه كره العمى… طول عمره
عايز واحده هو يقول يمين هى تقول شمال.. بمعنى أصح تناقشه فى كل
كبيرة و صغيره ..أصله كائن ديموقراطي… يحب الديموقراطيه و المساواة
على طول”..
ابتسمت هى بخفه على حديثها… يبدو أن فكرتها التى كانت بدأت تنبع
بداخلها عنه فكره خطأ تماما… يبدو أنه يتعامل مع أسرته بحنان كأى أخ… و
أيضا يؤمن بقضية المرآه.. لم تتوقع ابدا ان تتزوج من شخص كهذا.. و
خصوصا في بلده صغيرة كهذه…
عنان و هى تلوح بيدها أمام وجهها
“رحتى فين يا آيات؟”…!
آيات بابتسامة هادئة
“هنا معاكى بس سرحت شوية..معلش اسفه” ..
عنان بغيظ
“بقولك يا بت الحالل.. اسفه و معلش و حقك عليا و مكنش قصدى دول انا
بكرهم مع الناس اللى بحبها و ال أحب أقولهم و ال أحب اسمعهم… بصى
قولتلك من شويه ادخلى فيا شمال” ..
آيات بضحك على عصبيتها
“خالص خالص.. مكنش قصدى” ..
عنان بعصبيه
“يا بنت.. هضربك”..
آيات بابتسامة مرحه
“خالص يا ست عنان… خالص” ..
عنان بنبرة تشفى
“ايوه كده ناس تيجى بالعين البمبي… المهم أخبارك مع فارس” ..
آيات بابتسامه هادئة و هى تهز رأسها
“الحمد هلل”..
عنان و هى تقلدها بغيظ
“الحمد هلل… يا اختى الحمد هلل على كل حال.. انتى كدابه يا بت… انتوا
لحقتوا تعملوا حاجه” …
آيات بضحك
“ال مؤاخذه بس فى الكلمه.. انتى مالك” ..
عنان بضحك
“مالى في جيبى على رأى بالل”…
آيات بابتسامة هادئة
“ربنا يكرمكوا مع بعض.. و يرزقكم الذرية الصالحة” ..
عنان بابتسامة واسعه
“اللهم امين و إياكم يا رب” ..
آيات بفضول شديد
“مقولتش بقى سابك ليييه؟!.. أو زعالن منك ليه؟” ..!
عنان بضحك شديد
“ال سبب بسيط… مش عايزة اعمل حاجه ” ..
آيات بتعجب
“بمعنى اييييه مش فاهمه؟ ” ..!
عنان بغيظ
“فتحى مخك معايا.. قصدى مش عايزة ياخد حقه الشرعى منى… فهمتى ..
”
آيات بنبرة استفسار
“طب ليه… انا الحظت انه محدش يعرف امكم متجوزين.. بس لييه
رافضه؟ “..!
عنان باستياء تام
“عايزه فرح… نفسى البس الفستان األبيض.. و بعدين نشوف الموضوع
ده “..
آيات بتفهم و هى تهز رأسها
“فهماكى… بقولك هو اخوكى ممكن يزعل لما انا سبت األوضه من غير ما
اقوله ” ..
لم تكد تنهى جملتها اال و فتح باب الغرفة… يقتحمها فارس و الخوف يمأل
قلبه… لقد انتفض فزعا حين لم يجدها بالغرفه بعد خروجه من الحمام …
فارتدى مالبسه بأسرع وقت… و خرج ليبحث عنها بعد أن سأل عثمان هل
رأها تخرج من المنزل… و جاءه الرد بالنفى… فاطمئن قلبه قليال… لكن ال
يزال الخوف… فالخطر فى المنزل أكبر من خارجه… لكنها تنفس الصعداء
و هو يجدها تجلس مع اخته فى غرفتها… لقد توقع حضور عنان.. لكن ليس
ألخذها لكن للجلوس معها… ماذا يفعل بها على خوفه عليها اآلن..