نوفيلا عشقت حاكم للكاتبة ايمان عبد الحفيظ

الفصل الثانى


خرج من امام حمام الملحق بغرفته ذات اللون البنى الغامق الذى يقترب
لألسود فى درجته .. صدره عارى يضع فقط منشفه تحاوط خصره …
يجفف شعره بمنشفه أخرى … لكن عقله ما زال يعمل بشده … ما العمل
؟… ماذا سيخبرهم … هو لم يفعل شيء سوى انه أوسع ابن عمه ضربا …
و ال زال لألسف بين يدى رجاله حتى هذه اللحظة … سيذهب ليحدث ما
سوف يحصل …
وقف امام خزانه مالبسه ينتقى منها ما سوف يرتديه … ارتدى بنطال
باللون االسود و قميص باللون االبيض و جعل أول زرين منه مفتوحين …
لم يكن كالهما شحيحا فى إظهار عضالت صدره .. ال حتى كم القميص
بإظهار عضالت ساعديه و عظمة
ً
كان كريما العضد الخاصه بذراعيه …
سرح شعره للخلف .. لكن كالعاده تساقطت بعض الخصالت لألمام على
جبهته … وضع القليل من عطره النفاذ الذى تصل رائحته على بعد أمتار
… هبط من غرفته بخطوات هادئة … يكاد يجعلها بطيئه حتى يرتب أفكاره
الذى هو على وشك أن يقولها … خرج من باب القصر ليجد جميع الحرس
فى انتظاره …. و أربع سيارات ذوات الدفع الرباعى …
هتف بزهول و دهشه
” اييييييه ده يا عثمان ؟.. ”
عثمان بهدوء و هو يشير امامه
” العربيات يا باشا … ”
فارس بابتسامه هادئة
” ما انا شايف يا عثمان هو انا اعمى يعنى … انا بسأل لييه كل ده ؟.. ”
عثمان و هو يحك ذقنه بهدوء
” بنأمنك يا باشا … افرض عم سعد كان ناوى يعمل فيك حاجه .. ”
فارس بابتسامه جانبيه
” يا شيخ … عم سعد الغلبان اللى عمره ما قتل نمله .. هيعمل فيا انا حاجه
… و النبى يا عثمان اصرف كل دول … و كفايه واحده بس .. و يا ريت
اللى تكون فيها االمانه .. ”
عثمان و هو يحك مؤخره رأسه بحرج
” ال مؤاخذه يا باشا … هو ضرورى االمانه يعنى .. ”
فارس و هو يرفع حاجبه بتعجب
” من امتى يا عثمان بتناقشنى فى حاجه ؟.. ”
عثمان بخوف تام
” و النبى يا بيه بالش رفعه الحاجب دى .. بتيجى وراها حاجات مش حلوه
… و ال تزعل نفسك … العربيه فى االمانه اللى ورا … ”
فارس بابتسامه هادئة
” يا شيخ .. العربية فى االمانه اللى ورا … اسمها االمانه فى العربيه اللى
ورا .. ”
عثمان بحرج و هو يحك رأسه
” ما انت يا فارس بيه الصراحه بتلغبط اى حد لما بترفع حاجبك بيبقى
شكلك يخوف … ”
فارس بهدوء تام
” طب يال يا عثمان .. و اصحى شويه … علشان انا هقفلك على الواحده
علشان اللى حصل الصبح ده … ”
عثمان بمزاح
” ما بالش على واحده خليها على االتنين … هههههههه ”
فارس ببرود تام
” يال يا عثمان … ده لوال انك قد ابويا هللا يرحمه … كان زمانى قولتلك مع
السالمه من هنا .. ”
عثمان بحزن مصتنع
” ماشى يا فارس بيه … يا ابن طاهر الزناتى .. ”
فارس بضحكه قصيرة مرحه
” علشان ابن طاهر الزناتى دى مش هعمل حاجه … يال يا راجل يا طيب ..

عثمان بابتسامه واسعه
” يال يا امير يا ابن االمراء .. ”
ليه ال تتوقف
ّ
جلس فارس بالسيارة وعقله يعمل بالداخل كماكينه ا … يا ترى
هل يكفى ما فعله بابن عمه ليشفى غليل تلك الفتاة الضعيفه … ال يعتقد ذلك
ابدا … لم يستغرق الوصول الى منزل العم سعد الذى يعمل بقال فى هذه
القرية الصغيرة … هبط من السيارة بهدوء … اخذ نفس عميق .. ألول مره
منذ خطت قدماه هذه القرية لم يدخل اى بيت من بيوتها … هو فقط يحكمها
من الخارج … هو يعلم جيدا بإن الحاله الماديه للبلده كلها ضعيفه لكنه لم
يجرب قط أن يتعمق فى هذه الظاهره … ربما هذه الفرصه قد سنحت له
لهذا السبب …
ّ خفيفا
طرق على الباب طرقا … سمع صوت سعد ينبأه بإنه قادم ليفتح الباب
… و أخيرا فتح ذلك الرجل العجوز ذو البشرة السمراء … و لحيه بيضاء ..
و الشيب يغطى رأسه …
فارس بهدوء تام و نبره احترام
” سالم عليكم يا عم سعد .. ”
سعد بنبره هادئة
” وعليكم السالم يا فارس بيه .. ”
فارس بهدوء
” بالش بيه دى … ده حتى الواحد فى بيتك يا عم سعد … ”
سعد بحرج و خجل
” العين عمرها ما ترفع عن الحاجب يا بيه .. ”
فارس بنبره باسمه
” ال عين وال حاجب يا راجل يا طيب … تسمحلى ادخل يا عم سعد انا و
امانتى .. ”
سعد رافعا حاجبه بدهشه
” امانه ايييه ؟.. ”
طرقع فارس بأصبعيه ليدخل عثمان و معه رجل أخر يحمال شوال ضخم
على ظهرهم…
سعد بنبره غاضبة
” انت مفكر ان اللى جايبه فى الشوال ده ممكن يعوضنى عن اللى عمله ابن
عمك فى بنتى .. ”
فارس بابتسامه هادئة
” مش تشوف االول ايييه اللى فى الشوال و بعدين احكم .. ”
سعد بنبره غاضبة
” مش هشوف حاجه ..انا مش هاخد منك مليم واحد … انا عاوز حق بنتى
” …
فارس بهدوء تام
” لحظة بس يا عم سعد … انا عمرى غلطت فى حد من اهل البلد … و ال
عمرى حكمت ظلم ضد حد … من اول لما جيت عملت غلط مع اى حد .. ”
سعد بهدوء تام
” الشهاده هلل ال يا ابنى … بس انت دلوقتى بتغلط .. ”
فارس بابتسامه جانبيه
” ال انا دلوقتى برجع لبنتك كرامتها … افتح يا عثمان الشوال .. ”
فتح عثمان الشوال ليقع بداخله ابن عمه خالد … ينزف دما من كل أنحاء
جسده .. فلقد أكمل عليه رجال فارس … كان فارس ينظر الى سعد الذى
فتح فمه بزهول … هذا المجنون ماذا فعل بابن عمه …
سعد بدهشه و زهول
” انت عملت ايييه فى الواد .. ”
فارس بنبره هادئة
” بص يا عم سعد اى حد يعمل كده و انا موجوده ده عقابه عندى … و مش
علشان هو ابن عمى هحميه وال ادراى على عملته … هو غلط و اللى بيغلط
بيستحمل غلطته .. ”
سعد بنبره باسمه
” يا ابنى كالمك على عينى و رأسى .. بس بنتى مش هترضى بكده … بنتى
مش بتحب شغل الهمج ده .. ”
فارس بضحك
” همج .. انا همجى هللا يسامحك يا عم سعد .. ”
سعد بحرج و خجل
” يا ابنى و هللا مش قصدى .. بس هى كانت عاوزه تروح تشتكى فى البندر
” قسم الشرطة ” … و أصرت على كده … ”
فارس بنبره هادئة
” بص يا عم سعد … البلد دى مفيش بوليس دخلها من يجيى 01 سنين و
يمكن اكتر و كل ما يدخلوا حتى لو الدنيا بتولع محدش بيقول حاجه صح
وال غلط كالمى … البوليس مكنش هيعملها حاجه يا عم سعد … انا جبتلها
حقها و بطريقتى … ”
سعد بابتسامه هادئة
” طب ادخل يا ابن طاهر الزناتى .. ”
فارس بابتسامه هادئة
” بحب االسم ده اووى … بيحسسنى انى شبه
ليس بشرية بل انثى تقف امامه … ليست انثى بل هى طفلة … فهى قصيرة
القامه .. قوامها ممشوق تقريبا النه ال يظهر من االسدال الواسع الذى
يبتلعها بداخله …
جحظت عيونه بدهشه و زهول
” انتى ايات بنت عم سعد ؟… ”
ايات بنبره هادئة
” ايووه .. انا ايات بنت عم سعد اللى ابن عمك حاول يقل ادبه معايا .. و بابا
بيقول ان حضرتك جبتلى حقى لما ضربته .. بس انا مش بحب الطريقه دى
” ..
فارس بنبره باسمه
” همجيه بعيد عنك … ”
ايات بحرج و خجل جعل وجنتيها يحمران بشده
” انا اسفه … بس انا مكنتش اقصد … انا فعال مش مقتنعه بأسلوب البلد دى
” ..
فارس بهدوء تام
” انتى من يوم ما اتولدتى غالبا و انتى عايشه على الوضع ده .. ايييه اللى
حصل بقى ؟… حقك يا بنت الحالل مكنش هيجى غير بالطريقه دى … و لو
كنتى مفكره ان الناس اللى هجموا عندى على القصر كانوا هيتكلموا لو
لقيوا البوليس تبقى غلطانة … محدش فيهم كان هيتكلم … و متنسيش انا
هبقى عضو مجلس شعب قرب عن دائره البلد دى … محدش كان هيقى
عايز يعمل عداوه معايا وال مع عيلة الزناتى … انا جبتلك حقك من خالد و
من غير بوليس … ”
ايات بنبره هادئة
” الفكره مش فى كده يا فارس بيه … الفكره ان احنا عايشين بطريقه غلط
… ان يبقى فى حاكم يقول يحكم ده انتهى من زمن … دلوقتى فى حكومه
هى اللى مطالبه بالحمايه و االمان مش حضرتك و عيلة الزناتى .. ”
فارس بابتسامه هادئة
” انتى متأكده انك مش حقوق … و تربية ؟… ”
ايات بتعجب رافعه حاجبها االيسر
” لييه يعنى .. ايوووه تربيه لغه عربيه .. ”
فارس بهدوء تام
” بتتكلمى زى المحامين .. المهم انا قولتلك اللى عندى يا بنت الحالل … و
ده الواقع .. و انا معنديش مانع اخلى الحكومه تدخل البلد … بس اهل البلد
دى نفسها مش هيوافقوا .. جرب تقنعيهم و لو اقتنعوا هخلى عيله الزناتى
ملهاش أثر فى البلد هنا … و دى كلمه راجل ليكى … ”
ايات بزهول تام
” انت بتتكلم بجد ؟… ”
فارس بنبرة هادئة باسمه
” طبعا بجد … ده لو عرفتى … ابقى بلغينى .. عن اذنك .. ”
ايات بقلق و خوف
” لو طلع فى وشى تانى … المفروض اعمل ايييه ؟.. ”
فارس بابتسامه هادئة
” لو طلعلك تانى رغم انى أشك … وقتها هو عارف انه ممكن ما يطلعش
تانى فى اى حته .. ”
ايات بتعجب و زهول
” مش فاهمه حاجه ؟.. ”
فارس بابتسامه هادئة
” هتفهمى بعدين … لو حد ضايقك يا ريت تبلغى عم سعد يبلغنى .. ده فى
حاله لو مقدرتش تقنعى الناس انهم يدخلوا البلد الحكومه و نمشى احنا منها
” ..
أيات بنبره باسمه
” شكرا يا فارس بيه .. ”
فارس بابتسامه هادئة
” ده واجبى يا انسه ايات … ”
ظلت مكانه تنظر له وهو يغادر من باب منزلهم … كم هو طويل تشعر بأنها
كانت تقف بصحبه عمود إناره .. لكنه وسيم .. مهذب الطباع .. يحترم
الكبار و يقدرهم … عادل جدا فى وجهه نظرها … لتوجه تفكيرها تجاه
اقناع الناس بمحاوله ادخال الشرطة الى هذه البلده … ستحقق وقتها إنجاز
كبير جدا …
سعد بابتسامه هادئة
” طبعا انتى من بكره هتحاولى تقنعى الناس … ”
ايات بابتسامه هادئة
” اكيد طبعا يا حج سعد .. ”


ألقى بجسده على الفراش بتعب و انهاك …. لقد مر اليوم بصعوبه … ال
يعرف ما فعله اليوم كان صحيحا ام ال … ألول مره فى حياته يرفع يده
على ابن عمه االصغر الذى يعتبره كاخ صغير له ربما ابن بسبب تصرفاته
الطائشه … لقد كان غاضب بسبب معرفته بما فعل … لقد تصدق المقولة
التى تقول اول الغضب جنون و اخره ندم … هو يندم االن على ضرب ابن
عمه لكن ليس بيده حيله … يستحق لألسف … وضع يده خلف رأسه و هو
يحدق بسقف الغرفه … يشعر بانه يرى عيون تلك الفاتنه … العيون
الفيروزيه الالمعه … التى تجذبه كااللماس الذى يجذب االبصار له …
عيونها تشبه االحجار الكريمة الباهظة … و بشرتها البيضاء … وجنتيها
الورديتين يشبها الكرز االحمر … هى جميلة بحق … و كالمها جميل هادئ
… اااه من ابتسامتها المهلكه بالنسبه لقلبه … جعلت قلبه يدق بعنف وقتها
لكن لم يظهر ذلك … بل يظهر االن و قلبه يدق بعنف لتذكر ابتسامتها …
لحظة لحظة … لما يفكر بها االن ؟… هل فقد عقله بها … الالال هذا جنون
بالتأكيد …
فارس بابتسامه هادئة
” انت اتجننت يا فارس و ال ايييه .. مالك قاعد بتبص على السقف و مبتسم
زى الهبل كده … نام وراك شغل كتير بكره .. ناااام .. ”
ثم القى رأسه بعنف على الوسادة ليغط فى نوم عميق … لكنه ممتلئ
باالحالم الغريبة بالنسبه له … لكنها تحمل رسالة له … احيانا احالمنا تحمل
رسائل لنا … لكننا ال ندركها ابدا … نحتاج الى بعض العالمات لنتأكد من
وضوح الرساله …
كان ينظر الى بعض االوراق بتركيز كبير … و هو يرتدى نظارة طبيه
ذات اطار باللون االسود … يرتدى جلباب الصعيدى الخاص به … فجأة
وضع بجانبه فنجان قهوه تصاعدت رائحته الى انفه تدغدغه .. استنشق
عطر القهوه الرائع بالنسبه له …
همس بابتسامه عاشقه
” ايات هانم بنفسها جايبه القهوة لحد عندى … ”
أيات بابتسامه عاشقه
” أيات هانم بتعمل اى حاجه علشان حبيبها … ”
جذبها من ذراعها ليجلسها على قدميه … و هو يحدق بجمال عيونها
الفيروزيه الالمعه … و ينظر بشغف كبير الى خصالت شعرها السوداء
الطويلة التى تكاد تصل الى خصرها … و رموشها الكثيفه التى ال تتوقف
عن الحركه … نظراتها التى تجعله يذوب بها عشقا … نظرتها العاشقه له
… جعلته يدفن وجهه فى تجويف رقبتها الدافئ … يستنشق رائحه جسدها
التى تشبه رائحه فاكهه الخوخ … زرع قبالت متفرقه على رقبتها البيضاء
..
أيات بابتسامه هادئة
” فارس .. ”
فارس بعدم اهتمام
” همم .. ”
ايات بضحكه قصيرة
” فارس .. ”
ابتعد عنها قليال و هو يحاوط خصرها بتملك و يقربها منه … و يبتسم لها
بخبث و ابتسامه عاشقه
” ها … نعم … طلباتك يا ست ايات .. ”
ايات و هى تحاوط رقبته بابتسامه ناعمه مهلكه له
” حبيبى … كنت عاوزة طلب صغنون قد كده .. ”
فارس بابتسامه سخرية
” اممم … فنجان قهوه لحد عندى .. و بتدلعى عليا … اممم عايزة ايييه يا
ايات .. ”
أيات بابتسامه ناعمه عاشقة
” تؤ تؤ تؤ … اخص عليك يا فارس … انا بعمل كده بس علشان عايزه
حاجه … ال ال زعلت منك يا فارس … ”
فارس بابتسامه هادئة
” تعرفى ان انا بحبك جدا .. ”
ايات بتعجب و ابتسامه هادئة
” لييه الجملة دى دلوقتى يا فارس… اشمعنا يعنى . ”
فارس بحب و هو يداعب أنفها بخاصته
” علشان انا بحبك فى كل وقت يا ايات .. ”
اقتربت منه بحب و عشق و هى تطبع شفتيها على شفتيه … تقبله بنعومه
فوق عشقه … و هو
ً
شديدة … تخبره بأنها تعشقه االالف المرات عشقا
يحرك يده بخفه على ظهرها … يشد على جسدها يقربها منه … سعاده
حقيقة … لم يشعر بها من قبل … هذه التى بين يديه االن هى من فازت بقلبه
… لقد حصلت عليه بال أدنى تعب …
استيقظ بفزع و هو يتنفس بسرعه كبيرة جدا … وضع يده على صدره و هو
يبتسم بتعب ..
فارس بضحك
” ال انت اتجننت جدا يا فارس … بتحلم بيها بعد مقابلة واحده … ناااام يا
ابن المجنونة .. ”
وضع رأسه على الوساده مره اخرى … و هو يغمض عينه ليغط فى نوم
عميق … لكنه سمع صوت اذان صالة الفجر … فابتسم بهدووء … و هو يقف
من فراشه … ليتوجه الى الحمام الملحق بغرفته ليستحم حتى يتوجه الى
مسجد البلده … ليؤدى فريضته .. و يستغفر ربه على احالمه التى ليست
بيده .. لكن يجب عليه االستفسار عن ذلك …

error: