نوفيلا عشقت حاكم للكاتبة ايمان عبد الحفيظ
الفصل الثالث
كانت تجلس فى غرفة المعلمين .. تضع يدها على خدها … تفكر هل
ستستطيع ان تقنع الناس بانهاء مهزله حكم عائلة الزناتى … صحيح انه
عادل منذ مجئ فارس … لكنها ال تزال تكرهه هذا الشيء …
رتبت زينب على كتفها بحنو
” اييييه مالك يا ايات ؟… قاعده كده و حاطه ايدك على خدك ؟..”
ايات بنبرة هادئة
” بقولك ايييه؟ .. هو ايييه رأيك لو عيلة الزناتى كلهم مشيوا من البلد …مش
هتبقى احسن ..”
زينب بتعجب و دهشه
” كان ممكن قبل ما فارس بيه يجي لكن الشهاده هلل الراجل محدش شاف
منه حاجه وحشه … و بيعامل الكل باحترام …”
ايات بغيظ و عصبيه
” ماشى بس باقى عيلته كلهم جبروت و تكبر و رافعين مناخيرهم فى السما
” ..
زينب بابتسامه ضاحكة
” انتى شوفتى حد منهم غير خالد و امه و ابوه و جدهم .. عمرك ما شفتى
اخت الست فارس و ال والدته دول زى السكر …”
ايات بنبرة سخرية
” ال واضح فعال …علشان كده محدش شاف وشهم من سنتين من يوم ما
نزلوا البلد هنا … ”
زينب بابتسامه هادئة
” يا بنتى بالش تحكمى على الحاجه من بره .. استنى لما تشوفيها من جوه
” ..
ايات بغيظ و هى تدفعها بيدها بخفه
” قومى من جمبى يا ست العاقلة انتى … يال روحى ربى عيالك …”
زينب بضحك شديد
” اهو انتى كده اللى مش بيعجبك تبقى عامله زى الدبش معاه صح .. امشى
انتى مش عندك حصه .. ”
زفرت بضيق و غيظ
” طيب طيب يا اختى رايحه … ”
تركتها و هى تأخذ بعض متعلقاتها التى سوف تستخدمها فى اثناء الشرح …
حملت الدفاتر على ذراعها االيسر … حقيبتها الشخصية بيدها اليمنى …
لتدخل الى فصل الصغار … رأت جميعهم يجلسون ينظرون لها بابتسامه
بريئه تجعلها تبتسم تلقائيا …
وقفت صغيرة من مكانها و هى ترفع كف يدها لألعلى
” يا مس أيات … ”
وجهت له ايات كل تركيزها و هى تهتف بابتسامه
” قولى يا بسملة .. ”
بسملة بنبره حزينه
” يا مس … مقدرتش اعمل الواجب امبارح . ”
ايات بحزم و غضب متصنع
” ليه بقى ؟؟.. ”
بسملة بنبره بكاء
” انا اسفه و هللا يا مس … بس و هللا ماما كانت تعبانه و كان الزم اساعدها
” …
أيات بنظرة حزينه عاتبه
” طب مش انا قولت لما تحصل حاجه زى كده نعمل واجباتنا االول و بعد
كده نساعد ماما و بابا فى شغلنا .. ”
بسملة بحزن شديد
” و هللا يا مس كان نفسى بس بابا زعق فيا و قالى قومى اعملى مكان امك
… لما طنط عنان شافته خدت الواجب عملته بدالى و بعد كده ساعدتنى فى
الشغل .. ”
أيات بتعجب شديد
” مين طنط عنان دى ؟… ”
بسملة ببراءه و هى تجفف دموعها بكم قميصها
” أخت عمو فارس … ”
ايات بابتسامه هادئة
” ماشى يا بسملة … سماح المره دى … لكن اوعى يتكرر تانى .. متعودين
محدش يساعدنا فى الواجب .. نعتمد على نفسنا علشان نطلع كويسين .. ”
اومأت الفتاة برأسها بفرح و هى تقفز النها أفلتت من عقاب شديد تخيلت
انها ستحصل عليه النها خالفت اوامر المعلمه … لكن دائما ما سمعت من
معلمتها ايات ان الصدق منجاه … دائما الصدق هو السبيل الوحيد للنجاه …
و االفالت من العقاب و هذا ما تعلمته مع معلمتها ايات …
التفت ايات الى السبوره لتكتب عليها عنوان درس اليوم و عقلها يعمل بكل
تركيز … اذا كانت عائلة فارس متكبره و لديها صفات الغرور مثل باقى
اعضاء عائلة الزناتى … لما تنازلت أخته لتقوم بواجب لطفلة صغيره بعمر
الثامنة … يبدو انها مخطئه عنهم فعال … لكن ال يكفى لتتنازل عن محاولتها
ألخراجهم من البلده ..
كان يتبادل مع االحاديث التقليدية عن احوال االرض و كميه المحصول
الزراعى المتوقع أن يخرج من االرض … و اذا كانت تحتاج ألى شيء ..
و من خالل هذه االحاديث .. دائما يحاول أن يتبين حالة البشر … هل هو
راضون عنه ام رافضين له … هل تعجبهم طريقته ام ال … هل هو بخير
حال أم ال …
فارس بنبره هادئة
” يعنى انت متأكد يا عم حامد أنك مش محتاج حاجه لألرض دى .. ”
حامد بابتسامه هادئة
” ال يا باشا … كل زى الفل .. متحملش هم انت … ”
فارس بنبره هادئة
” يا عم حامد … متأكد من كل الفالحين مش محتاجين حاجه ؟… ”
حامد بابتسامه هادئة
” ربنا يكرمك يا فارس بيه … و يجعلك سبب فى فرحه الناس .. ”
فارس بابتسامه هادئة
” هللا يكرمك انت يا راجل يا طيب ..عن اذنك ”
حامد بابتسامه امتئان
” اذنك معاك يا امير يا طيب .. ”
سار فارس قليال بهدوء .. شارد الزهن … أفكاره مبعثره جدا … بعد عودته
البارحه من صاله الفجر … لم تغمض عيونه لحظه … عقله يعمل كالماكينه
التى ال تتوقف … بسبب ذلك الحلم الغريب الذى أتاه ليلة البارحه … وقف
مكانه لعده ثوانى يحدق بالمحاصيل الزراعيه المنتشره من حوله … و
صوت الحشرات الليلة يظهر … ما أحب هذا الصوت الى نفسه .. و ما
أحب على قلبه هو رؤية مظهر الغروب … اللون االحمر الذى يقارب على
البرتقالى قليال يغطى االفاق البعيده … صوت الطيور الذى قد تسير خوف
البعض لكنها محببه الى قلبه … أكمل سيره و هناك سؤال واحد فقط بباله
… متى سيترك ابن عمه ؟… لم يمضى اكثر من يوم واحد فقط لكن قلبه
يؤلمه على ذلك …. لكن ليتركه قليال حتى يتعلم اال يفعل ذلك مره أخرى …
فارس بنبره شارده
” و بعدها معاك يا ابن طاهر … اييييه اخرتها ؟.. ”
شعر بحركه خلفه … فعرف انه قد أتى .. اليوم هو عطلته … دائما ما يأتى
لكى يقضى العطله من كل اسبوع معه … الصديق االول و المخلص له من
ايام المدرسه االعدادية
فارش بنبره ضاحكه
” اطلع يا متخلف انت … بطل هبل ابتدائى ده ..”
خرج من وسط بعض االعشاب الخضراء الكثيفه و هو يبتسم بضحك
” نفسى مره اخضك زى الخلق من غير ما تحس بيا … ”
فارس بابتسامه هادئة
” يمكن النك مش بتعرف تتحرك بهدوء زى البشر … ”
الشاب بابتسامه واسعه
” وحشتنى يا ابو الفوارس … ”
فارس و هو يعانقه بقوة
” و انت كمان وحشتنى يا عم بالل … جيت امتى ؟.. ”
بالل بنبره مبتسمه
” جيت من حوالى ساعتين كده … سلمت على امك و واختك المزه و … ”
لم يستطيع أن يكمل حديثه الن فارس قد أمسك به من تالبيت قميصه …و
هو يجذبه بقوه يكاد ان يضربه ..
فهتف بصوت غاضب
” اختى مين ؟… ”
بالل و هو يبتلع ريقه بخوف
” الجثه … الجثه .. ”
فارس بصراخ غاضب
” اييييييه ؟ .. ”
بالل بخوف مصتنع
” يا عم خالص هعملها على روحى … اوعى بقى … اييييه مراتى و
بعاكسها انت مالك ..”
فارس و هو يتركه بغيظ
” مراتك دى هناك فى مصر … هنا هى اختى و لسه يا حبيبتى لما نبقى
نعمل فرح ..”
بالل بغيظ
” و احنا لييه مش هنعمله … ”
فارس بهدوء تام
” ما قولتلك قبل كده … بس نقول تانى … علشان عمى عاوزاها البنه خالد
… و علشان امى مش هتقدر تقعد من غيرها .. ”
بالل بغيظ و هو يجز على اسنانه
” ده عند امه .. عاوز مين يا حبيبى … ال بقى انا هروح اخد مراتى و كلكم
ده ولعوا فى بعض .. ”
فارس بنبره سخرية
” متقدرش يا حبيبى انت .. علشان مراتك مش هتمشى من هنا من غير
فرح ده اوال … ثانيا محدش يعرف هنا انها مراتك .. ثالثا و ده االهم كده
كده عمى هيخبط رأسه فى الحيط و مش هيقدر يعمل حاجه .. ”
بالل بغيظ
” عمك ده انا هولع منه عليا الطالق .. ”
فارس بنظرات ناريه
” عليك ايييه يا حبيبى ؟… ”
بالل بنبره ضاحكة
” عليا النعمه طيب … حلو كده … ”
فارس بتهديد
” اعدل كالمك يا بالل واال … ”
بالل بخوف مصتنع
” ليييه شامم ريحه تهديد … ال بص انا عندى واليا بجرى عليهم .. سيبنى
فى حالى بقى .. ”
فارس بضحك
” يا ابنى بطل هبل بقى .. اكبر و افهم انك متجوز دلوقتى الزم تشيل
مسؤليتك شويه … ”
بالل بغيظ
” ال معلش بقى .. فين الجواز ده … هو انا شفت ريحته حتى .. ده انا
بشوفها مره كل اسبوع .. تحس ان هى فى السجن و باجى ازورها مره كل
اسبوع .. يرضى ربنا ده .. ”
فارس بنبره هادئة
” يال نروح يا بالل … علشان انا تعبت .. ”
بالل بتعجب و استغراب
” مالك يا صاحبى؟… فيك حاجه غريبة ؟… ”
فارس بنبره هادئة
” وال حاجه يا صاحبى .. يال نروح علشان انا تعبت و محتاج انام .. ”
اومأ بالل برأسه وهو يسير بصحبه صديقه الى القصر .. ليرتاح كالهما ..
واحد منهم يرتاح من عناء التفكير .. و االخر يريد أن يطفئ نار شوقه
لزوجته الحبيبة الذى اضطر ان يصافحها بروتينيه نظرا لوجود زوجه
عمها … لكن االن سوف يذهب الى البيت عسى اال يجد اى شخص منهم
موجود ليستغل الفرصه … و يجلس بصحبتها … هى عنان الحبيبه البعيدة
… كم يشتاق لها بشده ….
دخلت بيتها الذى تقطن به بصحبه والدها .. كانت متعبه كالعاده بسبب
عملها فى المدرسه … أكثر ما يؤلمها هو وقوفها الدائم و هى تفسر الدروس
للصغار … لكنها ستظل تفعل ذلك لتساعد والدها العجوز الحنون … الذى
فعل المستحيل ليدخلها كلية التربية … لقد عانى كثيرا والدها لتصل الى هذه
النقطه … لقد تعب كثيرا فى تربيتها وحيدا … الن والدتها قد توفيت فى
والدتها … ابتسمت بهدوء تام و هى تشاهد الطعام الموضوع على الطاولة
… وضعت حقيبتها بهدوء على االريكة .. ثم توجهت الى مطبخ منزلهم …
هتفت بابتسامه هادئة
” حقيقى انا محظوظة .. عم سعد بنفسه بيعملى الغدا .. ”
سعد بابتسامه حنونه
” هو يعنى عم سعد عنده مين غيرك علشان يدلعها … ”
ايات بابتسامه حب
” ربنا ما يحرمنى منك ابدا … و ال يورينى فيك اى حاجه وحشه يا بابا يا
رب … ”
سعد بابتسامه هادئة
” اللهم امين يا قلب ابوكى انتى … يال نأكل بقى .. ”
ايات بنبره جديه
” بقولك ايييه يا بابا … هو انت رأيك فى كالمى امبارح مع ابن الزناتى ده
” ..
سعد بترقب و هو يجلس على مقعد الطاولة
” من حيث اييييه مثال ؟.. ”
ايات بنبره ترقب
” لما قولتله انى مش عايزاهم فى البلد .. و الزم يطلعوا منها و نبطل شغل
التسلط ده .. ”
سعد بابتسامه هادئة
” لما شتمتى و قولتى يا بلطجى صح … ”
ايات بحرج و خجل
” مكنش قصدى بجد … بس فعال انا مش بحب اسلوب السقا فى فيلم
الجزيرة ده .. بتاع انا الحكومة ..”
سعد بضحك شديد
” ضحكتينى يا يويو … ”
ايات بابتسامه هادئة
” طب بذمتك مش معايا حق .. ”
سعد بابتسامه هادئة
” بصى يا ايات … حق ربنا الراجل من يوم ما رجله خطت البلد و هو
شايل الكل فوق رأسه … محدش عمره اشتكى منه و كل لما حد يروح
يشتكى ليه بينفصه على الكل … حتى اهله … و ده اللى حصل معاكى
امبارح.. حد غيره كان ممكن يطردنا من البلد كلها على فرض مثال اننا
بنرمى بالنا عليه .. لكن هو صدقنا احنا .. و جابلك حقك من ابن عمه اللى
زى اخوه … ”
ايات بهدوء تام
” ايووه يا بابا .. على عينى و رأسى الكالم ده … لكن مش باالسلوب ده …
”
سعد بنبره هادئة حازمه
” لو كنتى فاكره ان حقك كان هيجى بطريقه غير دى فى البلد دى تبقى
غلطانه … لو كان البلد فيها حكومة كان عصام الزناتى الحقير كان هيدخل
و هيطلع ابنه زى الشعرة من العجين … و حتى لو معرفش يطلعه كان اقلها
هيدخل السجن بتهمه تحرش يعنى 6 شهور و يدفع غرامه و خالص و
يطلع تانى و محدش كان هيقدر يقف فى وشه لو عملك اى حاجه … احنا
ناس غالبة يا بنتى … و انا كبرت و مش هقعدلك كتير يا بنتى .. ”
ايات بنبره حزينه
” ليه بس بتقول كده يا بابا … انت هتفضل معايا لحد ما تشوف عيالى … ”
سعد بابتسامه هادئة
” يا حبيبتى … انا بقولك الحقيقة … محدش بيقعد فيها .. و انا خايف عليكى
.. فارس الزناتى الزم يفضل فيها النه الوحيد المحترم فى عيله الزناتى هو
و ابوه هللا يرحمهم … محدش هيعرف يمسك البلد دى غيرهم …”
ايات بنبره باكية
” خالص يا بابا .. مش هفتح الموضوع ده تانى .. ”
سعد بنبره ضاحكه
” هو انا بقولك كده علشان تعيطى … انا بس بنبهك يا نورعيونى انتى..”
ايات بنبره مبتسمه
” هتغر كده انا يا عم سعد بتعاكسنى .. ”
قام من مقعده ليعانقها … منحنيا ليقبل رأسها بحنان أبوى … هى صغيرته
التى حملها يوم والدتها و عيونه تلمع بالدموع الحزينه على فقدان والدتها ..
و دموع الفرحه لمجيئها هى الدنيا .. لتؤنس وحدته بعد رحيل زوجته ..
حمد هللا كثيرا على وجودها .. هى نعمه من هللا … ربما لو كان شخص
غيره لتمرد على قدره … لكن هذا ما يميزه انه يرضى بما قسمه هللا له …
لكن هذه الصغيرة التى بين يده .. يخاف عليها من الم الدنيا .. لن تستطيع
مواجهتها وحدها ابدا … يجب أن يحميها بأى طريقه فما تبقى من العمر
ليس بكثير … يشعر باقتراب االجل .. لكن ما هو الحل ؟