نوفيلا عشقت حاكم للكاتبة ايمان عبد الحفيظ
نوفيلا عشقت حاكم للكاتبة ايمان عبد الحفيظ
الفصل االول
كانت أشعه الشمس تنبعث من النافذه العريضه التى تطل على حديقه
المزروعه بكافة انواع الزهور الملونه الرائعه …كان جلس على مقعد مكتبة
يقوم بإداره أعماله كالمعتاد … العل مرهق جدا بالنسبه له … لقد أصبحت
حياته ممله جدا منذ قدومه هنا … لقد كان استاذ جامعى بالقاهرة … لكن
بسبب جده قد عاد هنا لكى يدير هو اعمال العائلة … عائلة الزناتى التى هى
أرقى و اغنى عائالت الصعيد … النه الحفيد االكبر من بين االحفاد … و
من وجه نظر جده هو االكثر عقال بينهم جميعا … ربما ورثها من والده
رحمه هللا الذى ورثه من جده ايضا … صدقا لقد اشتاق لعمله و لحياته
بالقاهرة … لوال جده لما كان هنا االن … ياللسخريه القدر منه … من استاذ
بالجامعه الى حاكم القرية الذى يعيش بها عائلتة … يدير كل كبيرة وصغيره
بها … سمع صوت ضجيج و صراخ لكن الصوت ضعيف النه كان
بخارج القصر و لكبر مساحه القصر لم يكفى لوصول الصوت بدرجه
واضحه … رفع يده ليحك بها جبهته محاوال ان يزيل بها أثار االالم الصداع
… ربما هذه ضمن مشاكل ابن عمه خالد المتعجرف … الذى ال يفعل أى
شيؤ فى حياته سوى أنه يفترى على بقيه اهالى البلدة الفقراء … يتباهى
عليهم و بشده النه ابن عم الحاكم … أو من االسره التى تمسك القرية بيد
من حديد … كم مره حذره أن يتوقف عن افتعال المشاكل … لكنه ال يتوقف
… يكفى … سمع صوت رنين الهاتف االرضى الخاص بالحراس الذين
يقفون على البوابة الخارجيه للقصر ..
هتف بنبره حازمه
” خير يا عثمان ؟… ايه الدوشه اللى عندك دى ؟.. ”
عثمان بنبره هادئه مرتعشه قليال
” كارثه يا فارس بيه .. اهالى البلد بيهجموا على القصر … عاوزين يموتوا
خالد بيه ؟؟.. ”
نهض فارس من مكانه بفزع و هتف بقلق
” لييييه ؟؟.. عمل ايه ؟.. ”
عثمان بنبرة قلق
” بيقولوا أنه حاول يتعدى على شرف واحده من مدرسين المدرسه االبتدائى
اللى فى البلد … و أبوها حاللف ليقتله دلوقتى … ”
فارس بنبره عصبيه و جديه
” خليهم بره يا عثمان … و انا طالع دلوقتى … ”
عثمان بنبره خوف
” يا فارس بيه .. مش هنقدر عليهم … هيدخلوا … هم كتير قوى .. دى البلد
كلها هنا … ”
فارس بنبره هادئة و غيظ
” حاول يا عثمان … حاول ”
أغلق الهاتف مسرعا … و توجه الى درجه الخاص … فتحه بيد قوية كاد أن
يحطمه … ليسحب منه سالحه الخاص … ربما ابن عمه أخطأ و الخطأ هذه
المره كبير للغايه .. لكنه لن يسمح بقتله .. يجب أن يجد حل حتى ينهى به
هذه المهزله … خرج من غرفه مكتبه … ليجد أهل القصر كلهم متجمعين
… عمه عصام والد خالد … يتوجه ليخرج من الباب ليواجه اهل البلد
الغاضبين و الذى يريدون قتل والده
هتف بنبره جديه
” استنى يا عمى … انا اللى هطلع … انا اللى ماسك البلد دى .. ”
عصام بنبره غاضبة
” انت هتأمرنى يا فارس … انت هتقولى اعمل ايه و معملش ايه يا ابن
طاهر … ”
فارس بنبره هادئة
” العفو يا عمى … بس انا اللى ماسك البلد دى … و الزم اتعود ان احل كل
مشاكلها … سيبنى احل دى … ”
الجد عبد الحميد بنبره هادئة و هو يمسك بعصاه
” سيبه يتصرف يا عصام … روح شوف ابنك اللى نايم لحد دلوقتى … و
ال على باله المشاكل اللى كل يوم يعملها … فارس هو الحاكم فى البلد دى
و من حقه يعمل اللى هو عايزه … ”
عصام بنبره غضب
” حاضر يا أبويا .. ”
ساد الصمت فجأه بالخارج حين خرج هو من الباب الضخم … كان يرتدى
الزى المميز للصعيد … الجلباب االسود اللون … الذى يعطيه هيبه و عظمه
لطالما ورثها ابناء الزناتى … كان طويل القامه … و شعره باللون االسود
… و عيونه باللون االخضر الالمع … و بشرته قمحيه … يعتبر ككتلة من
العضالت … فهو من يطلقون عليهم الحائط البشرى …
هتف بصوت عالى نسبيا
” خير يا اهل البلد .. ”
هتف أحد الرجال بنبره غاضبه
” عاوزين خالد يا فارس بيه.. ”
فارس بنبره هادئة
” ليه يا عم سعد ؟… خير ؟ .. ”
سعد بنبره غضب و عصبيه
” ابن عمك خالد حاول يعتدى على بنتى أيات
فى الرايحه و الجايه .. لكن مش هسكت ابدا على شرفى يا فارس بيه … ”
فارس و هو يخفض بصره باالرض و يجز على اسنانه من الموقف الذى
وضعه به خالد … لو كانت مكان هذه الفتاة اخته عنان لكان أقام باالرض
حريقه .. و قتل من فعل بها هذا … و هذا الرجل الطيب الذى يطالب بح
ابنته لديه كامل الحق بقتل ابن عمه …
فارس بنبره جديه و هدوء تام
” حقك يا عم سعد … انت ليك حق عندنا بعد اللى عمله خالد … لكن اسمح
ليا بإنى اقعد معاك شوية انت و بنتك فى بيتك … الن مش هسمح أنك
تدخل البيت و حضرتك تتهان من فرد فيه … و حقك من خالد انا هجيبه
لبنتك كامل … كأنها حد من عيلتى … و هتشوف … بس اسمح ليا بالقعده
دى .. ”
سعد بنبره غاضبة
” هتتكلم معايا فى ايه يا فارس بيه ؟.. حقى انا هاخده من خالد و بأيدى دى
” …
فارس بنبره حازمه
” حق بنتك انا هرجعه من خالد بنفسى و اال مش هبقى فارس طاهر الزناتى
… بس ادينى فرصه ارجعلك حقك … فرصه لحد النهارده بالليل يا عم سعد
” …
وضع سعد يده أسفل وجهه يحك بها ذقنه … ليعيد بها تفكيره مره أخرى …
ليعطيه فرصه ليعيد حق ابنته له … لم تحدث مره فى البلده … ان خيب
فارس ظن أحد افراد بالبلد … دائما كان فى الطرف المحق المظلوم … من
وقت إن جاء للبلد اختفى منها الظلم و الفساد …
سعد بنبره حزم و تحذير
” لحد النهارده بالليل يا فارس بيه … ”
فارس بنبره هادئه
” تسلم يا عم سعد … صدقنى هجيب حقك لحد باب بيتك … ”
قالها و هو يراقب تحركات الجميع التى تخرج من بوابة قصره … ليختفى
جميع أهل البلده فى غضون دقائق … لم يتبقى سوى حراس القصر يقفون
أمامه …
هتف فارس بنبره غاضبه
” عثمان .. بعد كده ضاعف عدد الحراس … اياك اللى حصل ده يتكرر
تانى .. انى االقيهم يدخلوا لغايه باب القصر .. اياك .. ”
التفت مره أخرى ليعاود الدخول الى القصر … ليجد جميع افراد العائلة
متجمعين … عنان اخته .. ساميه والدته … زوجه عمه نجاح … جده عبد
الحميد … عمه عصام … ابن عمه خالد الذى كان يجلس يرتجف من
الخوف … ركضت الى معانقته أخته الصغرى … الذى تبلغ من العمر
الثامنة عشر … بشرتها بيضاء … شعرها اسود طويل … ورثت نفس لون
عيونه االخضر الالمع … قامتها قصيرة قليال …
عنان بخوف و ارتجاف
” كانوا عاوزين ايييه يا فارس الناس دى ؟…. كانوا عاوزين خالد فى ايييه؟
… كانوا هيموتونا .. ”
فارس بابتسامه هادئة
” محدش يقدر يقرب لعيلتنا و انا هنا يا حبيبتى .. اوعى تخافى و انتى
أخوكى فارس الزناتى … ”
عنان بابتسامه حنان
” ربنا يخليك ليا يا احلى اخ .. ”
ساميه بقلق
” كانوا عاوزين ايييه الناس دى يا فارس ؟.. ”
فارس بهدوء و ابتسامه باهته
” وال حاجه يا ماما … بس عاوز منك تاخدى طنط نجاح .. و عنان و
تطلعوا فوق … و يا ريت تتأكدى ان مفيش حد قاعد يسمعنا … ”
اومأت ساميه رأسها بانصياع تام له … و هى تسحب نجاح من يدها و تأمر
عنان بالصعود الى غرفتها … لحظات قليله مرت ببطء … و خالد ينظر الى
فارس بخوف نسبيا … النه يعرف أن فعلته التى انفضحت قبل قليل لن تمر
مرور الكرام على فارس … فهو ال ينوى خير ابدا …
فارس بنبره هادئة باردة تسير الرجفه
” خالد … انت فعال حاولت تقرب للبنت عم سعد ؟… ”
عصام باحتجاج و غضب
” جرى ايييه يا فارس ؟… انت هتصدق الراجل المجنون ده هو و بنته اللى
هيرموا بالهم على ابنى … ”
فارس بغضب و صوت عالى نسبيا
” رد عليا يا خالد … اللى بيقولوه ده صح ؟…انت فعال حاولت تتعدى على
البنت ؟.. ”
خالد بنبره مرتجفه و مرتعشه
” ال .. ال ابدا و هللا ال … ”
اقترب منه فارس بنظرات مبهمه … فهو يجيد إخفاء نظراته … و يجيد
إخفاء ما بداخل عقله و بما يفكر عن جميع الناس … لكن بمجرد ان اصبح
على بعد عده خطوات منه .. انتظر فقط لعده ثوانى كانت كافيه بالنسبه له
لفضح كذبته .. ضربه برأسه فى رأسه بقوه .. لينجرح اعلى أنفه … ثم
أمسكه من تالبيت قميصه … ليوجه له عده لكمات فى وجهه جعلته ينزف
من كل جزء من وجهه …
فارس بعصبيه و غضب
” كم مره أحذرك من عمايلك دى … كم مره أقولك هيجى يوم و هتزعل
منى … طفح كيلى منك يا أخى … تحاول تتعدى على بنت .. انت فاكر
نفسك مين … ال ده انا اقتلك و ادفنك حى هنا … ”
ثم ضربه مره أخرى ليقع أرضا و هو يتاوه بألم و تعب …. و يسعل بشده
ليخرج الدم من فمه على االرض ..
فارس بنبره حانقه غاضبة و هو يرفعه عن االرض بقسوة
” لوال انك ابن عمى لكان هيبقى ليا معاك حساب تانى خالص … عمره ما
كان هيعجبك ..”
ركض عصام ليجذب ابنه من بين يدى فارس القويتين …
هتف بغضب
” بس سيب الولد يا فارس .. ده مش قدك … ”
فارس بغيظ و عصبيه
” ال هو فالح بس يفرد نفسه على بنت غلبانه …”
عصام بعصبيه وصراخ
” انت مصدق البنت دى هى و ابوها و مكذب ابن عمك اللى من لحمك و
دمك ..”
فارس بنبرة هادئة باردة
” انا مصدق نفسى .. مصدق اللى بشوفوه فى عيون الناس سواء كذب او
صدق .. و ابنك كذاب …و لسه حسابه معايا مش هينتهى بسهوله كده .. ”
ثم التفت الى باب القصر … ليفتحه بقوة على مصرعيه .. و صرخ بعلو
فارس بصوت جهورى
” عثمــــــــــــــــــــــــــــان ؟… ”
عثمان مهروال له بنبره الهثه
” خير يا فارس بيه ؟… أؤمر ؟.. ”
فارس و هو ينظر الى خالد بغيظ
” خد خالد على االوضه بتاعتك … و يتعاقب زى ما بيقول الكتاب علشان
يتعلم ازاى يبقى راجل .. ”
ثم تحرك مره اخرى لداخل القصر ليدلف الى مكتبه .. لكنه قبل ذلك التفت
الى خالد و عمه عصام …
ليهتف بنبره تحذير
” اعمل حسابك ان فاضلك معايا تكه و مش هعاملك كأنك ابن عمى ..
كالمى معاك مش هيعجبك .. ”
ثم دخل مكتبه و أغلق الباب خلفه بعنف … و هو يسمع صراخ عصام
بعثمان الحارس الذى يسحب ولده من بين يديه … لينفذ به عقاب البلدة الذى
حدده فارس الى الذين ال يتأثرون بالنصيحه … وال ينصتون له … لنرى هل
ستحمل خالد نار فارس ام ال ؟ …
جلس هو على مكتبه و هو يخرج احدى االوراق الفارغه .. و بدأ بتقطيعها
بشكل طولى بهدوء تام … دائما ما يقوم بهذه الحركه و هو مصاب بحاله
من التوتر … لقد وقع بين نار الدم و نار الحق و العدل … لكنه لن يخالف
مبدأ حياته الذى سار عليه طوال عمره فى مقابل قرابة الدم التى تربطه مع
خالد و هو ال يستحق الرأفه و الشفقه … هو مخطأ و تلك لألسف لم تكن
المره االولى … شبك كلتا يديه خلف رأسه و هو يستند بظهره على المقعد
الجلدى … ليفكر بعمق فيما سيقوله لتلك الفتاة الذى حاول ابن عمه أن
يسلبها اعز ما تملك … أن يتعدى عليها … لقد فعل ما فعله بخالد النه يتخيل
أن يفعل احدهم هذا باخته لكان أحرقه حيا … لكن ماذا سيقول لهذه العائلة
البسيطة ليجبر خاطرها … ليحاول أن يطبب جرحهم