أحببت فريستي
_ 21_
تمايلت بنعومة علي أنغام تلك الموسيقي الهادئة وابتسامة سعيدة تزين ثغرها ، طوقت عنقه وكلاهما يتمايل بخفة لتهمس بحروف تقطر عشقاً دفين :
– أحبك…داني !
ابتسم بحب لتكمل بعتاب رقيق :
– لماذا رفضت ان نحتفل بأحد المطاعم او النوادي الليلية ؟!
طبع قبله رقيقة علي جبينها لتبتسم بخجل ليردف بنبرته المتملكة :
– لا أرغب انا يري احداً حبيبتي وهي ترقص ! حتي لو كنتي برفقتي…فأنتي ملكي وحدي وقريباً ستكونين زوجتي…
ابتسمت بخجل من غيرته لتقول برقة :
– أحياناً أشك انك قضيت حياتك في بريطانيا…فأنت تتصرف كرجل شرقي أصيل …!
ضحك بخفه ليميل ويهمس بأذنها :
– العشق…يا عزيزتي لا يعلم بلاداً انا لم أكن متملكاً بحياتي مهما عرفتُ من نساء فقط أنتِ من أشعر بأنني ارغب بأن أخبئكِ داخل قلبي حتي لا يراكِ أحد !
جذبها ليجلس كلاهما علي الطاولة لتناول العشاء في منزله لتقطع الصمت قائلة بحزن :
– داني…أشعر أني اصبحت فتاة سيئة ! لقد قمت بأخطاءٍ عديدة أليس كذالك ؟
مد يده ليرفع وجهها لتقابله بنظراتها النادمة علي افعالها ليقول بحنان :
– صغيرتي لم تخطأ ! فقط تمردت علي ما حولها تمردت علي جميع القيود التي تأسرها! نحن لسنا ملائكة ليلي…نحن بشر نخطئ ونصلح أخطاءنا دوماً…صمت قليلاً ليقول بندم…أنا أيضاً اخطأت لم افهمك طبيعتك الشرقية التي لا تسمح لأحد بلمسها قبل الزواج وكنت أضغط عليكي كثيراً لترضين بي رغم صغر سنكِ ولا أدري ما حل بي تلك الليلة لأفعل ما فعلته…حتي نشأتي بلندن لا تبرر ما فعلته سامحيني صغيرتي…و لا تقلقي من اليوم لا مزيد من الأخطاء…سأجعلك أسعد امرأة في العالم…سألبي كل طلباتك…سأغدقك بحناني واحتوائي لنوبات جنونك…واذا اخطأتي سأسامحك وأرشدك دوماً الي الطريق الصحيح … !
دمعت عيناها تأثراً بحديثه لتنهض مسرعة وهي تحتضنه بقوة هامسه بامتنان :
– أشكرك داني…أنت افضل ابٍ…وأفضل صديق…وأفضل حبيب في العالم أجمع !
ابعدها بهدوء وهو يقول بصرامة :
– إذا رغبتِ ان تستمر علاقتنا توقفي عن احتضاني ولا سأجعل الزفاف غداً أنا لن احتمل يا صغيرة !
انفجرت ضاحكة وهي تعي مغزي حديثه لتصمت فجأة وهي تطالعه بغموض ، قطب جبينه وشعر انها لا تنوى خيراً لتصدمه بأن اقتربت وطبعت قبلة سريعة علي وجنته وفرت هاربه للأعلى توسعت عيناه لينهض خلفها متوعداً بصرامة زائفة ويكتم ضحكته بصعوبة :
– أيتها الشقية ! ستدفعين ثمن تلك القبلة !
ركض خلفها الي الأعلى وهي تركض وتضحك بمرح حتي دخلت غرفتها وأغلقت الباب وهي تستند خلفة بابتسامة عابثة ، دق الباب ليصيح بصرامة زائفة :
– أفتحي ذلك الباب يا فتاة ! أتظنين ان فعلتك ستمُر مرور الكرام ؟
ضحكت قائلة بشقاوة :
– لن افتح عزيزي وهيا الي غرفتك تأخر الوقت ! ولا تنسَ ان تتجرع كوب من اللبن الساخن…
صاح بغيظ :
– يبدو انني افرطت في تدليلك أيتها المشاغبة !
ابتسمت لتقول برقة لتنال عطفه :
– أحبك !
وكان لكلمتها سحرها الخاص علي قلبه تنهد بعمق ليستند علي الباب مغمضاً عيناه هامساً بصوت متهدج :
– وأنا أيضاً صغيرتي !
******
زفرت بضيق لتنتبه لصوت بدأ المصارعة والتهليلات المرحبة باللاعب شهقت بصدمة وتدفقت الدماء بقوة الي رأسها حين ادرك هوية الاعب الذي سيصارع الثور! هامسة بصدمة :
– يوسف !!!
انتفض قلبها فزعاً وهي تتخيل أن تفقده وأن تري شخصاً ميتاً مرة أخري تدفقت الذكريات الي رأسها عما حدث في ذلك اليوم…
Flash back
دلفت الي منزله بغضب عارم ألن يتركها بشأنها يوماً ما قطبت جبينها حين رات باب المنزل مفتوح دخلت بخطوات رتيبة وهي متوجسة من هذا الصمت والهدوء لتقول بقلق :
– محسن بيه ! محسن ب…
توقفت الكلمات في حلقها حين رأته مسجي علي الأرض وسكين مغروز بجانب قلبه اقتربت ببطء وعيناها تتسع تدريجياً لتسمع همسته الضعيفة :
– ساعديني!
دمعت عيناها لتسقط بجواره وعيناها تري مشهد أخر مشابه حين كانت والدتها علي حافة الموت حين اتصلت به وهي تنوح ببكاء :
– بابا ساعدني ماما تعبانة ومش عارفة اوديها المستشفى !
أعاد همسته وهو يطلب منها مساعدته ليصدع في أذنها صوته القاسي قبل 10 أعوام ليغطي علي صوته الحالي :
– وانا اعملك ايه يعني ؟ الأعمار بيد الله !
فاقت علي حركته البسيطة وهو يتلوى من الألم ويهمس :
– أرجوكي…ساعديني أنا…هموت… !
مدت كفها لتمرره علي صدره الغارق بالدماء وهي تهمس بصوت مختنق وعيناه يكسوها الألم وعيناها تلمعان ببريق مخيف! :
– الأعمار بيد الله !
جحظت عيناه وهو يشهق بعنف ملتقطاً أنفاسه الأخيرة وهي تطالعه بحزن وتمرر كفها علي صدره برفق حتي غطت الدماء كفها لتميل عليه هامسه بحزن كطفلة صغيرة والدموع تسقط علي وجنتيها ببطء :
– متخافش شوية وهترتاح…مش الموت راحة بردو ؟
شهق لمرة أخيرة لتصعد روحه الي بارئها ويتجمد جسده تحت يدها نظرت له وكأن حاله عجيبة تلبستها لتنهض مفزوعة…رمشت وهي تتمتم بذهول :
– محسن ! ينهار اسود ايه الدم ده ؟ أنا…كنت بعمل ايه ؟ وايه الدم ده ؟
تسارعت أنفاسها لتقول مسرعة :
– أنا لازم أمشي لو حد جه ولاقاني كده هلبس مصيبة !
خرجت بهلع لتصعد الي سيارتها وهي تبكي بقوة ولا تدري ماذا حدث بالداخل كيف تجمدت ولم تسارع لإنقاذه نظرت لكفها وهي تضعه علي صدره وهي تتمتم برعب :
– الدم ده وصل لإيدي إزاي ؟ ايه الي بيحصل ؟!
ترجلت لتصعد بخطوات متعثرة الي شقتها وهي علي حافة الانهيار ودقاتها تقرع كالطبول ، دلفت الي المنزل مسرعة برهبه أغلقت الباب لتستند عليه وتتنفس بصوت مسموع وشهقاتها تعلو ودموعها تنهمر بغزاره نزلت ببصرها علي يديها الملطخة بالدماء برعب..! تحركت بصعوبة نحو المرحاض وهي تشعر بقدميها كالهلام..! وتهدد بالسقوط ، غيرت ثيابها الملطخة بالدماء وقفت أمام المرأة تتطلع الي صورتها وهي تتذكر ما حدث نفت برأسها لعلها توقف ذاكراتها غسلت وجهها وهي تتنفس بصعوبة لتهتف في نفسها في محاولة للتماسك :
– خلاص الي حصل حصل انا لازم أهدي !
End flah back.
فاقت علي الصرخات الحماسية حين ابتعد بسرعة قبل أن يسحقه الثور نهض وهو يلتف يميناً ويساراً حاملاً ذلك الرداء الأحمر الذي يجذب غضب الثور ، تحركت مسرعة للخروج ليوقفها أحد الحراس فتصرخ عليه بالإنجليزية :
– ابتعد عن طريقي ! هذه المباراة يجب ان تتوقف ! إفعلوا شيئاً !
رفض وهو يطلب منها العودة الي مقعدها ظلت تصرخ بوجهه وهي تطالب بإيقاف المباراة حتي انتهت بالفعل بفوز الاعب الذي عاني من إصابات طفيفة ، دفعت الحارس بعنف وهي تركض اليه حين خرج اندفعت تحتضنه بقوة وهي تدفن رأسها بعنقه وتبكي بعنف! ضمها اليه وهو يخرج بها حتي وصل الي مكان خاليٍ من الناس ليربت علي خصلاتها هامساً بحنان :
– خلاص يا ميرا اهدي انا كويس والله…
ابتعدت لتلكمه بصدره بعنف وهي تصرخ ببكاء :
– إنت أزاي تعمل كده ؟ تعرض حياتك للخطر علشان مجرد هواية سخيفة بحبها ؟ أنت مجنون !
حاول ضمها لتبعد يده بعنف وهي ترفع وجهها الباكي الذي غزاه اللون الأحمر أشاحت بوجهها بعيداً وهي تبكي ليكمل بلطف :
– حبيبيتي…محصلش حاجة أنا بخير انا بس حبيت أعملك مفاجأة…
جذبته من مقدمة قميصه تحت صدمته لتهمس بشراسه :
– في ستين داهيه المصارعة وفي ستين داهية هواياتي وفي ستين داهية انا شخصياً…بس متعملش كده تاني…همست بجملتها الأخيرة بضعف لتسترسل :
– أنا معنديش استعداد أخسر حد تاني يا يوسف والله العظيم مهقدر استحمل…ارجوك…حافظ علي حياتك علشاني !
غامت عيناه بحزن علي حالتها ليضمها برفق واستجابت هذه المرة ولم تقاومه تنهد بضيق فلم يخطر علي باله كل هذا فقد ظن أنها ستسعد بهذه المخاطرة ليهمس بأسف :
– أنا أسف يا روحي فكرت ان كده هتنبسطي أوعدك مش هخاطر بحياتي تاني…
******
دمعة هاربة فرت من عينيها وهي تطهي الطعام بشرود…تتذكر كم الإهانات التي تلقتها…كم تألمت…كم صرخت…ضحكت بسخرية حين تذكرت حديث أخيها الذي أخبرها عن عرض ذلك الشرطي “إلياس” لا تصدق كيف لشخص مثله أن يفكر بالزواج من حطام امرأة مثلها! فاقت علي دقات متسارعة علي باب منزلها…تركت ما بيدها لتتجه الي الباب الذي ما ان فتحته حتي شهقت بصدمه قائلة :
– ماجد … !!!
ولكن سرعاً ما وضع قدمه قبل أن تغلق الباب ليدفعها ويدلف بابتسامة خبيثة ولكن صدمتها بحق حين رأت اكثر شخص تبغضه يدلف خلف وما كانت سوي زوجة أبيها “فريدة ” بكبريائها المعهود التي جلست علي أحد المقاعد وهي تضع ساق فوق الأخرى قائلة ببرود :
– اتصل بالمأذون شوفه اتأخر ليه خلينا نخلص !
أمسك كلتي يديها لتصرخ بغضب :
– سيب إيدي…وأمشوا اطلعوا بره مأذون ايه ؟!
لم يبالي بها وهو يرد بصوت أجش :
– زمانه علي وصول…
حاولت التملص من قيده بعنف وهي تصرخ بغضب عارم أن يتركها ليدفعها علي الأريكة وهو مازال ممسكاً بها قائلاً بتهديد :
– اسمعي بقي انا هردك يعني هردك فأحسنلك تسمعي الكلام وتنفذيه من غر دوشة بدل ما أخد عيالي وأمشي ومش هتعرفيلهم طريق !
رغم الدموع التي تكونت بعيناها صاحت بصراخ غاضب :
– ملكش عيال عندي ، ورجوع مش هرجعلك بكرهك يا بني أدم مبتفهمش ؟!
في تلك اللحظة دلف المأذون التي أتي مجبراً ليجلس بغضب بائن علي وجهه ويبدأ في إجراءات ردها اليه ظلت تتلوي بعنف وهي تصرخ بتهديد :
– حتي لو رجعتني غصب والله لخلعك وأحبسك يا ماجد !!!
*****
أشاحت بوجهها ببرود وهي تستمع لاعتذاره للمرة التي لا تذكر عددها! ليقول بيأس :
– يا ميرا هتفضلي زعلانة كده كتير كده ؟ انتي مكبرة الموضوع اوي يا بيبي !
لم تجيبه ليزفر بضيق وينهض قائلاً بخبث :
– طب براحتك بقي أنا نازل اسهر لو عوزتي حاجة معاكي رقم house keeping(خدمة الغرف)
سيطرت علي دهشتها بصعوبة لتجيب بلامبالاة زائفة :
– I don’t care (انا لا أهتم)
ضيق عيناها بتوعد ليغادر حانقاً ، نظرت خلفه بضيق وهي تقطم أظافيرها ، لم تستطع السيطرة علي فضولها لتغير ثيابها وتنزل للبحث عنه….
*****
ولجت الي الملهي الليلي بغضب عارم وهي تبحث بعيناها عنه لتصدم به يجلس ويتحدث مع امرأة أجنبية ترتدي ملابس تظهر أكثر مما تخفي! زفرت بغضب لتتجه الي البار وتجلس بضيق وهي تحاول الا يظهر غضبها فليفعل ما يحلو له لماذا تهتم ؟! أقنعت نفسها بذلك وهي تتجرع الكأس أمامها تقلصت ملامحها من تلك المرارة التي استشعرتها بذلك المشروب لكن غيظها حاز علي انتباهها الكامل وهي تختلس النظرات اليه وتتجرع كأس أخر!
ابتسم بخبث وهو يطالعها غير منتبهاً لما تشربه فقد كان يجلس وحيداً لكنه آثر الحديث مع تلك المرأة حتي يغيظها فاق علي صياحها مع عامل البار :
– بقولك هات من البتاع ده تاني ايه مبتفهمش ؟!!
قطب جبينه من مخاطبها للعامل باللهجة المصرية! لينهض متجهاً اليها ليصدم بها تنتشل الكأس من يد العامل وتتجرعه كاملاً! ضربه الإدراك انها ثملة! وانها تجرعت الكثير من الخمر! اقترب لينهضها قائلاً بضيق :
– ميرا قومي معايا نروح…
طالعته بعيون ناعسه لتقول بصياح غير واعي :
– لا مش هرجع معاك يا خاين يا كداب روح للي… للي كنت معاها…
تنهد بعمق ليميل فجأة ويحملها علي كتفه! فيتدلى شعرها علي ظهره ويرحل مغادراً الي الفندق وهي تتمتم بصوت ناعس :
– البتاع ده طعمه حلو أوي…
لم يبالي بها حتي وصل الي غرفتهم ليلقي بها علي فراشهم لتتمتم بضيق وهي تدس وجهها بالوسادة :
– أنا شارب سيجارة بُني…حاسس ان دماغي بتكلني…
رفعه حاجبه في دهشه مقهقهاً بخفة مما تقوله ليضرب كفاً كفاً ويقترب ليخلع حذائها ويلقيه جانباً ويرفع الغطاء ليدثرها به جيداً…ليغير ثيابه ويعود ليستلقي جوارها فيصدم بها ترفع وجهها الناعس وتتمتم بابتسامة غير واعية وهي تمرر كفها علي لحيته القصيرة التي تزين وجهه :
– أنت حلو أوي…وعنيك حلوة… و…
لترتمي علي صدره وتنام بعمق تاركه اياه في صدمته من حديثها! فهي لم تتغزل به يوماً! ابتسم بدهشة وهو يضمها اليه ويقبل جبينها هامساً بغيظ :
– هتفضلي طول عمرك مجنناني بكل ما فيكي…في حد يبقي قمر كده وهو سكران كتك البلا في حلاوتك !
*****
صياح غاضب أجبرهم علي الصمت لتتجه أنظارهم الي الباب لتحل الصدمة علي الجميع فلم يكن سوي والدها “حامد الحديدي ” اقترب ليقول بأمر :
– المأذون ده يمشي حالاً ! لو فاكر ان بنتي ملهاش حد تبقي غلطان!
تنفست الصعداء رغم صدمتها بكون والدها ذو الشخصية السلبية دوماً يتدخل لإنقاذها! ، نهضت “فريدة” قائلة بغضب :
– جري ايه يا حامد ؟! جوزها وبيردها لعصمته مأجرمش يعني !
لم يعيرها أدني اهتمام ليأمر رجاله بلهجة صارمة :
– والبيه تتحفظوا عليه لغاية ما أشوف هعمل فيه إيه…
الي هنا وكفي لن يصمت ليصيح باستنكار :
– يتحفظوا علي مين ؟! مراتي وانا حر فيها ! والي هيقربلي هشقه نصين !
إقترب الرجال منه ليحكموا تكبيله ويأخذوه عنوه مغادرين وهو يسب ويصيح بغضب…التفت لزوجته التي تتابع الموقف بغضب ليقول بلهجة حادة :
– متوقعتش توصلي للدرجادي تجبريها ترجع للحيوان ده !
اشتعلت عيناها لتصرخ به :
– ايوة لازم ترجعله وتغور من هنا بعيد عن ابني انا مش هسمح ان الي حصل زمان يتكرر تاني!
صاح بغضب مماثل :
– مش من حقك تبعديها عن أخوها الي اتحرمت منه السنين دي كلها علشان شوية أوهام في دماغك !
رددت بسخرية أليمة :
– أوهام ! خيانتك ليا وهم ؟! جوازك التاني وهم ؟! عيالك الي خلفتهم من واحدة غيري وهم ؟!
تحدثت بحرقة نابعة من قلبها فزواجه الثاني كان بمثابة طعنة غادرة لكبريائها ومركزها فهي “فريدة هانم” من أغني العائلات في الأسكندرية يتركها زوجها وينظر الي خادمة! وكأنها تنتقم لكبريائها من ابناء الخادمة لأنها رحلت مبكراً قبل أن تثأر منها! ، كاد يصيح بها لكن قاطعه صوت هادر بعنف ولم يكن سوي “سارة” :
– اطلعوا بره !!! مشاكلكم حلوها بعيد عني والي حصل ده مش هيعدي علي خير !
ادخلت صغيريها الي غرفتها بعد ان كانوا يتابعون ما يحدث ببكاء وخوف ، ثم عادت لتقف في مواجهة “فريدة ” لتردف قائلة بعنف :
– افتريتي عليا انا واختي زمان وسكتنا…جوزتينا لأي كلب من الشارع علشان تخلصي مننا وبردو سكتنا ! اما لحد هنا وكفاية مش هتقدري تضريني انا وعيالي بحاجة…
صمتت لتصرخ بحرقة :
– سارة بتاعة زمان ماتت دلوقتي انا واحدة مش فارق معاها حاجة جتتي نحست من الضرب والأذية وعمايلك دي مش هتأذيني ! بس أقسم بالي خلقني وخلقك لو شفت وشك تاني لأكون رايحه فيكي في داهيه !
رغم قوتها ارتعدت أوصالها من نبرتها العنيفة وانقبض قلبها من تلك الحرقة التي تتحدث بها لتتجاهل ضميرها الذي أفاق من غفوته وتتحرك مغادرة ليوقفها بلهجة حادة :
– فريدة…انتي طالق !
سالت دموعها لتمسحها بعنف وتغادر هاربة من كل ما يحدث…
بعد مغادرتها تحولت نظراته من الصرامة والقوة الي الضعف والندم وهو يطالع ابنته التي تغيرت كثيراً عن ما سبق وجهها صار شاحباً مثقلاً بالهموم وعيناها غائرتان تسردان قصصاً من ألم ليقول بتوتر :
– سارة…أنا…
قاطعته بحده والقسوة تندلع بعينيها :
– اطلع بره انت كمان ملكش مكان في بيتي !
صدم من قسوتها ألم تكن هي أحن أبناءه ..صدق من قال ان الأيام تصنع من الإنسان وحشاً وأليس من رحم الشدة تولد القسوة! تنهد بثقل وعيناه تدمعان بانكسار ليغادر مسرعاً وكأن الهروب هو الحل لكل العوائق !…
بينما هي تغلق الباب وتستند عليه تتنفس بألم فجزء بداخلها يطالبها بالغفران والاستكانة بين أحضان والدها التي لطالما تمنتها! وجزء أخر يصرخ بها بالجمود والقسوة فمن اخطأ يجب ان يعاقب وبين هذا وذاك هي محطمة هشة شبح أنثي دمرتها الأيام … !!!
*****
رمشت لتفتح عيناها بصعوبة وتشعر بأن رأسها سينفجر من الألم اعتدلت جالسة لتجده يلج الي الغرفة حاملاً الافطار والقهوة ، عبست ملامحها وأخر ما تتذكره هو حديثه مع تلك الفتاة…لكن ماذا حدث بعدها وكيف وصلت الي الغرفة!؟ جلس بجوارها ليضع الطعام أمامها لتقول بعبوس :
– هو ايه الي حصل امبارح بعد ما خنتني ؟
ضحك بخفوت ليقول بهدوء :
– يا بيبي انا مخنتكيش دي واحدة كان بتسأل علي حاجة مش أكتر …
رمقته بحنق لتتسأل بعبوس :
– وأنا جيت هنا إزاي ؟
حمحم ليردف بحذر :
– أصلك شربتي جامد امبارح ومحستيش بحاجة وانا جبتك هنا و…
قاطعته بشك :
– شربت ايه ؟ لا متقولش !
تماسك ليمنع ابتسامته من الظهور ليومأ له بأسف ، صدم بها تشرع ببكاء عنيف وتخفي وجهها بين كفيها ليجذبها اليه ويحتضنها بقوة قائلاً بلطف :
– اهدي يا ميرا انتي مكنتيش تعرفي انها خمرة أكيد ؟
أومأت له ببكاء وهي تلوم نفسها بقوة فكيف لم تنتبه وتجرعت هذه المحرمات…
، هدأت بعد عدة دقائق تحت وقع كلماته الحانية ليطعمها بيدها ثم يقرر أخذها لنزهه حتي ينسيها ما حدث….
*****
ابتسامتها الهادئة لم تغادر شفتيها وهو يواصل تصويرها من مختلف الزوايا لتقول :
– ما كفاية تصوير بقي يا چو…
ابتسم ابتسامته التي تزيده جاذبية قائلاً بعبث :
– حد يبقي معاه القمر ده وميصورهوش يا قلب چو !
ضحكت بخجل ليتابع كلاهما السير مستمتعين بالأثار والمعالم السياحية ليقول فجأة :
– استني ده…ده مؤيد ! جوز ليلي !
التفتت لتجد شاب يسير في الجهة الأخرى ويتحدث بالهاتف ليذهب كلاهما اليه وعلي حين غرة يقف “يوسف” أمامه ويصافحه بابتسامة فقد أشتاق لشقيقته الصغيرة بشدة ،قطب “مؤيد” جبينه باستغراب لكن سرعاً ما حلت صدمة جلية علي وجهه حين قال “يوسف ” :
– إزيك يا مؤيد ؟ مش فاكرني ؟ أنا يوسف أخو ليلي…مراتك !
*****
زفرت بضيق حين فشلت في إعداد الطعام لتجيب علي الهاتف ليصدع صوته المحبب اليها :
– اشتقت اليكِ…قطتي البرية !
ابتسمت رغماً عنها لذلك اللقب لتقول بخفوت :
– وأنا أيضاً….
اعتدل بكرسيه ليقول بمشاكسة :
– ما بها صغيرتي عابسة ؟
تذكرت فوراً الطعام الذي أفسدته لتجيبه بعبوس كطفلة صغيرة :
– سأخبرك لكن إياك أن تسخر مني !
ضحك بخفوت علي طفوليتها مردفاً بابتسامة :
– حسناً لن أفعل…أخبريني ما الذي يزعجك ؟
نفخت بضيق قائلة بتذمر طفولي :
– لم أستطع إعداد الباستا وانا جائعة بشدة…
جمح ضحكاته بصعوبة ليبتسم بحنو ثم وضع هاتفه جانباً وهو يرفع سماعه الهاتف الخاص بمكتبه قائلاً :
– أريد أفضل باستا بلندن ترسل في خلال دقائق الي العنوان الذي سأعطيكِ إياه…
رفع هاتفه لتقول بضيق :
– ألم يعلمك احداً عزيزي الا تترك الهاتف حين تتحدث مع أحد ؟
أغلق الأوراق أمامه ونهض ليجلس علي الأريكة قائلاً بصوت الهادئ :
– بل صغيرتي التي لم يعلمها أحداً كيف تتحدث مع زوجها المستقبلي !
جلست بالشرفة ووضعت صورته جانبها لتتطلع عليها بابتسامة وهي ترد بعبث :
– ومن أخبرك إني سأوافق علي الزواج بك لربما أرفض…
ابتسامة جانبية زينت ثغرة قائلاً :
– وهل تملكين حق الاختيار ؟ جربي أن ترفضي وأقسم ان أختطفك في التو واللحظة !
ضحكن ملئ فمها لترد من بين ضحكاتها :
– لم أدري إنني أحببت خاطفاً !
صدع رنين الباب لتنهض قائلة باستغراب :
– داني…هل هذا أنت هل جئت حقاً ؟
ليردف بجدية :
– لا صغيرتي سأدع جنوني لوقت أخر الان افتحي الباب ستجدين عامل توصيل الطعام خذي طعامك وإياك والتحدث معه او الابتسام في وجهه !
ابتسمت بفرح كطفلة صغيرة لتهرع الي الباب وتفتحه بحماس شديد لتتجمد ابتسامتها وترتفع ضربات قلبها حتي سقط الهاتف من يدها لتهمس بصدمة وجسدها ينتفض برعب :
– يو…يوسف … !!!
#يتبع…
#أحببتٌ_فريستي
#بسمة_مجدي