أحببت فريستي

_ هروب _
_ 29 _

ما ان توقفت السيارة أمام ذلك المنزل الغريب الذي تراه لأول مرة ويقف في منطقة نائية عن البشر ، أسرعت لتفتح باب السيارة وتركض قبل أن يفتك بها لتشعر بذراعيه يلتفان حول خصرها ويرفعها عن الأرض صرخت بهلع وقد تجمدت الدماء بعروقها :

– يوسف…خلينا نتفاهم…ابوس ايدك بلاش تهور !

أجابها بتهكم وهو يدلف بها الي ذلك المنزل وهي تتلوي بعنف بين ذراعيه :
– تهور ! انتِ بذات متتكلميش عن التهور دانتي طلعتي مهبوشة وانا مش واخد بالي !

صرخت بألم حين القي بها ارضاً لكن اختفي صوتها حين رأته يخلع سترته ويرمقها بتوعد لتطلق العنان لقدميها وتهرع لتختبئ بأحد الغرف وتغلق الباب بسرعة ونبضاتها تتعالي كالطبول! ليصيح بها بعصبية من خلف الباب :

– افتحي يا بنت السويفي ! وديني مانا عاتقك ! رايحة تتجوزي وانتي علي زمتي ؟! للدرجادي معادش فيكي عقل ؟!.

انقبض قلبها لتصيح بتوتر غاضب :
– متقولش علي زمتي انت طلقتني ولا نسيت ؟!

ابتسم بتهكم قائلاً :

– لا هو الحلوة متعرفش ان في شهور عدة ؟! وان طلاقك رجعي علشان طلقة اولي ؟! وان انا ممكن اردك ومن غير اذنك كمان ؟ اصدمك ؟ انا عملت كده فعلاً رديت بعد طلاقنا بكام يوم بس علشان عارفك دماغك جزمة مرضتش اقولك الا لما تهدي ونعرف نتفاهم علشان مترجعيش تجيلي بحقوق المراءة وازاي ترجعني غصب عني !

بهتت بصدمة فما كانت ستفعله أقرب للجريمة! فقط الأن انتبهت لفداحة خطأها لتنظر الي فستانها الأبيض بصدمة وهي تضع يدها علي فمها…ترقرقت الدموع بعينيها فهل أعماها الانتقام لتلك الدرجة! وكأنها استيقظت من حلم للتو!

وبالخارج استغرب صمتها ولا يدري كيف شعر انها صدمت بخطائها للتو! ليهتف بهدوء نسبي متجنباً عقابه لفعلتها لوقتِ اخر فهو خير من يعلمها ويعلم الي أين قد تصل حالتها :

– ميرا…اهدي وافتحي الباب ! مش هعملك حاجة بس اخرجي وخلينا نتكلم !

وبالفعل فتحت الباب ليصدم بهيئتها فقد فسدت زينتها قليلاً بسبب تلك الدموع المنسابة علي صفحة وجهها وتلك الأعين المنصدمة فكانت أقرب لطفلة تائهة! ليقترب وعلي حين غرة سحبها لأحضانه لتتشبث به بقوة هامسة بنشيج مصدوم بنبرتها الخافتة :

– انا كنت هعمل ايه ؟! لو مكنتش جيت كان ايه الي هيحصل!

أغمض عيناه بقوة ليستدعي هدوءه فيبدو انها تعود لتلك الحالة التي أتتها مسبقاً ليقول :

– مكانش هيحصل حاجة…المأذون أكيد مكانش هيرضي يكتب الكتاب…وانا كده ولا كده كنت هعرف وهوقف الموضوع !

ابتعدت عنه هامسة ببكاء :

– انا والله مش بحبه ومش عايزاه انا بس…كنت عايزة اضايقك ! بس بس…والله مكنتش هخليه يلمسني وكنت هطلق بعد كام شهر !

سقطت علي ركبتيها لينحني ويجلس جوارها جاذباً رأسها لصدره قائلاً بنبرة هادئة :

– عارف انك كنتي متضايقة مني وحقك بس كان لازم تسمعيني الاول انتي غلطتي وانا كمان غلطت لما مقولتش اني رديتك علي الاقل مكناش وصلنا لهنا !

تعالت شهقاتها وكأنها ستخترق صدره من شدة بكاءها لتهمس بتأنيب لنفسها :
– أنا وحشة صح ؟ وبغلط كتير ؟!

ليجيب بلطف عكس النيران التي تعتمر بصدره :

– لا انتي مش وحشة يا حبيبتي…كلنا بنغلط ومحصلش حاجة انا لحقيتك !

لتهمس بشرود وكأنها ليست واعية وهو يدرك انها ستنسي كل ما قالته حين تفيق! :

– بابا كان معاه حق…قالي اني وحشة وكل الناس هتسبني وهتكرهني…ماما سابتني و كل الناس سابتني حتي انت هتسبني صح ؟!

هربت دمعة من ألمه لحالتها التي تزداد سوءاً ليهمس بألم :

– أنا عمري ما هسيبك…مهما عملتي ! انتي أحلي واطيب واحدة عرفتها…انتي حبيبتي !

لتعود وتهمس بتلك النبرة الشاردة :

– انا بحبك…لا بكرهك علشان انت ضحكت عليا !

صمتت بعدها ليشعر بأنفاسها تنتظم ليدرك انها سقطت في سبات عميق كعادتها هروباً من كل شيء! لينهض ويحملها ويتجه بها نحو أحد الغرفة ويدثرها جيداً ويستلقي جوارها ضاماً جسدها اليه وقد اتخذ قراره ان يجعلها تري طبيباً بشأن حالتها التي تزداد سوء بمرور الأيام شعر بنغز في قلبه لمشاركته ولو بنسبة صغيرة في آلامها وحالتها تلك فهما تدعي من قوة هو يدري ان خلف هذه القوة حطام امرأة حطمتها الأيام وتركتها هشة…ضعيفة…وقوتها ما هي الا قناع لأوجاعها وضعفها وهذا القناع بدأ في التصدع ومن يدري متي سينكسر!

*****
طلت بزرقواتيها لتجد نفسها في ذلك المنزل وتدفقت الاحداث علي رأسها لتتذكر خطفه لها بالأمس لتشتعل عيناها بغضب وكادت تنهض ولكنه قاطعها بدخوله حاملا انواعا من الجبن والعصير وهو يهتف بابتسامته الساحرة :

– صباح الفل يا ميرو كويس انك صحيتي انا لسه كنت جاي اصحيكي علشان نفطر سوا !

نظرت له بغضب فكيف يتعامل كأن شيئاً لم يكن وفجأة اطاحت بكل ما بين يديه علي الارض وتهتف بحده :

– مش عايزه من وشك حاجة..!

اشتعلت عيناه بغضب ليضع يديه خلف رأسها ويجذبها اليه لتضحي قريبه من وجهه وانفاسه الغاضبة تلفح وجهها بقوة لينظر لها بغضب وهي تبادله نظرات الغضب والتحدي التي تخفي ورائهم خوفا كبير وقلب يرتجف من مظهره الغاضب هتف من بين اسنانه :

– ياريت متختبريش صبري وتخليني اوريكي الوش التاني لان صبري قرب ينفذ..! كفاية اني لسه محاسبتكيش علي عملتك السودا !

هتف بجملته الأخيرة وتلقائيا جذبته شفتيها المرتعشتين بشده فلم يفكر كثيرا فانحني واخذها في قبلة عميقة وقلوبهم تخفق بجنون حتي ابتعد اخيراً ليهتف وهو يلتقط انفاسه ويسند جبينه الي جبينها :

– انتي بقيتي الهوا الي بتنفسه حقك تزعلي مني بس انا هفضل وراكي لحد ما تسامحيني وترجعيلي يا مزتي …!

قال كلمته الأخيرة بابتسامة عابثة وهو يغمز لها و لم ينتظر ردها تركها مصدومة تحت تأثير قبلته وكلامه المعسول وغادر الغرفة…

*****
لم تبرح غرفتها حتي المساء حتي لا تلتقي معه فهي تخشي ان تخضع لعشقه الجارف ولكن لا والف لا فهي ميرا السويفي قطع سيل تفكيرها صوت معدتها فهي لم تتناول شئ منذ الصباح قامت علي مضض وقررت النزول لأسفل وتناول شئ خفيف وهو نائم ولن يشعر بها , نزلت الي الاسفل صدمت بنوم “يوسف” علي الاريكة في هذا الجو البارد فاقتربت منه لتسمع همهمات ضعيفة صادره منه لتضع يدها علي جبينه لتبتعد فجأة فهو يشتعل من الحرارة يبدو انه اصيب بحمي عالية لم تفكر كثيراً لتندفع لتحضر ماء بارد وقطعة قماش لتضعها علي جبينه وتلتقط هاتفها لتتصل بالطبيب فوراً………

*****
– انا إدتله حقنه خافضه للحرارة بس لازم يتحط تحت مياه سقعه لمدة 10 دقايق علي الاقل علشان حرارته ترجع طبيعية…

هتف بها الطبيب وهو يدون لها بعض الادوية التي يحتاجها

– متشكرة يا دكتور تعبتك معايا !

-ولا يهمك يا مدام ميرا…

قالها وانصرف لتقف تفكر بحيرة كيف ستضعه تحت ماء بارد فحقاً عضلاته ضخمة وهي لا تضاهي نصف قوته حزمت امرها واتجهت اليه لتهتف بهدوء وهي تضع يده حول رأسها وتسندها الي كتفها :

– يوسف معلش حاول تساعدني بس علشان تاخد دوش !

فتح عيناه قليلا وهو بين النوم واليقظة وبدأ ينهض معها بتعب وضعف , وصلت به أخيراً بعد عذاب ومشقة وحاولت جعله يجلس في المغطس لتفتح المياه الباردة عليه لينتفض بفزع, فتقترب لتهدئته لتفاجئ به يضمها اليه وهو يبدو غير واعي ويهتف بضعف ووهن :

– متسبنيش انا بحبك..!

اتسعت عيناها لما قاله وهي تعي صدق مشاعره خفق قلبها بجنون سيطرت علي مشاعرها وظلت واقفة بين احضانه والمياه تنهمر بشده فوقها , اوقفت المياه بعد عدة دقائق واخرجته بصعوبة بالغة وهو يترنح حتي وصلت الي الغرفة غيرت ثيابه ووجنتيها تكاد تنفجر من شدة الخجل علي الرغم من انه نائم وغير واعي ودثرته جيداً لتستلقي بجانبه بتعب وانهاك وتغط في سبات عميق………..

*****
ولج برفقتها الي المنزل كالعادة فمنذ تلك الليلة قرر الا يحضر الا برفقتها حتي لا يتسنى فرصة للأخيرة أن تكرر فعلتها ليهتف بجدية قبل ان يدلف لغرفة والده :

– ليلي…من فضلك اطمئني علي زهرة واخبريني اذا احتاجت شيئاً وانا سأجلس مع أبي قليلاً…
اومأت له بابتسامة ليتركها ويدلف الي غرفة والده وسرعاً ما ارتسمت ابتسامة مشرقة علي محياها كعادته حين يراه ليقترب ويجثو علي ركبتيه أمامه ويبدأ في اطعامه بلا اضافة كلمة لأنه لن يستطيع التفاهم معه لانعدام اللغة العربية لديه انتشله من شروده وقوف “ليلي” المتوتر أمامه لينهض ويسحبها لخارج الغرفة متسائلاً :

– ما الأمر ؟ هل زهرة بخير ؟!

تنفست بغضب لتعطيه ورقة ، نظر بها فلم يفهم شيئاً ليسألها مقطبا الجبين :
– ماذا يعني هذا ؟

اجابته بعصبية مكتومة :

– زهرة تركت المنزل ! ولم تترك سوي تلك الرسالة التي تعتذر بها عن خيانة ثقتك بها وانه من الأفضل لها الرحيل لأنها خجلة منك ومن فعلتها الخرقاء ! وتقول أيضاً انك محق هي لا تستحق تلك الحياة التي منحتها اياها لذلك ستعود الي المكان الذي يحوي أمثالها ! اريد توضيحاً لما يحدث داني ؟!!

مسح وجهه بضيق ليردف بسرعة وهو يرتدي سترته :

– صغيرتي…اعدكِ ان اوضح لكِ كل شئ فقط اعتني بأبي وانا سألحق بزهرة قبل ان تفعل شيئاً مجنوناً !

ركض مسرعاً الي سيارته وهو يقود بأقصى سرعته ويتلفت يميناً ويساراً لعله يجدها ، ظل يجوب الشوارع لنصف ساعة كاملة حتي لمحها أخيراً متكومة جانباً تحتضن جسدها ويهتز بعنف يبدو انها تبكي! ترجل من سيارته ليتجه نحوها بغضب عارم ليرفعها من ذراعها وبدون كلمة واحدة يسحبها نحو سيارته لتشهق بصدمة حين رأته لتحاول الافلات منه قائلة بتوسل باكِ :

– علشان خاطري يا باشا سيبني انا مليش الا عيشة الشوارع…انت ساعدتني وشوف انا عملت ايه !

لم يعيرها اهتماماً ليدخلها قسراً الي سيارته رغم توسلها وبكاءها الذي تعالت شهقاته ليلتفت لها قائلاً بصرامة :

– من الأفضل ان تصمتي وتتوقفي عن البكاء لا تدعيني أفقد سيطرتي علي غضبي يا فتاة !

رغم انها لم تفهم من حديثه سوي كلمات معدودة لكنها ادركت انها يأمرها بالصمت لتبتلع غصة في حلقها وتبكي في صمت ، وصل بها منطقة نائية أمام جسر نهر النيل او كما نطلق عليه “الكورنيش” هبط كلاهما من السيارة ليقف مطالعاً المياه امامه ويرمقها بغضب من حين لآخر وهي فقط تتطلع ارضاً بخجل من نفسها ليخرج هاتفه من جيبه ويكتب بضع كلمات ويحولها للغة العربية ويرفع الهاتف في وجهها لتقرأ الاتي :

– لماذا فعلتي ذلك ؟

لتجيبه بنبرة باكية متناسية عدم فهمه للغتها :

– والله يا باشا ما قادرة أبص في وشك من ساعتها انا معرفش فكرت اعمل كده ازاي بس والله بحبك ! معرفش ازاي وعارفة انه غلط بس غصب عني !

اعطاها الهاتف لتكتب ما قالته اخفي دهشته ليعود ويكتب :

– لا زهرة…انتِ لم تحبيني مطلقاً انتِ لا تعلمين ما هو الحب يا صغيرة ربما تحبيني كأب لكِ ولكن ليس كحبيب ! انا عشتُ بما يكفي لأميز ما تفكرين به ! انتِ فقط ترغبين بوجودي دوماً وانا اساعدك في مذاكرتك وان ادافع عنكِ امام من يفكر بإزائك !

قطبت جبينها بحيره فهو محق شعرت بالتخبط لتمسح دموعها بظهر يدها وتكتب له :

– اجل انا اريد كل هذا لكن هذا ما يسمونه حب ؟!

ابتسم بحنو ليعاود الكتابة :

– لا بل يسمي احتياج ! احتياج لأب ! لظهر تحتمي خلفه من قسوة الحياة وانا اعدكِ الا أبخل عليكِ بهذا الدور ما دمتُ حياً علي شرط ان تنتبهي لدراستك وتبعدي تلك الأوهام بعقلك ، ستظلين ابنتي ولن اتخلي عنك كوني واثقة بذلك !

رمشت لتزيل غشاوة الدموع وهي تطالعه بنظرة تائهة فهي فقدت تلك المشاعر منذ زمن تمعنت في حديثه لتفكر لدقائق انه محق انها تحتاج لعطفه ومساعدته ليس الا هي فقط أخطأت فهم مشاعرها وخيل لها ان يحبها ويتزوجها تاركاً خطيبته التي يعشقها! لتعض شفتيها قائلة بخجل :

– انا أسفة سيد دانيال ! اعدكُ الا افكر بهذا الشكل مرة أخرى وان انتبه علي دروسي…

ابتسم بحنو فهي طفلة بحق ليهتف بهدوء :

– هيا لنعد الي المنزل يا صغيرة تأخر الوقت !

*****
جلس بمكتبه شارداً في ما حدث حتي استفاق من شروده علي رنين هاتفه اجاب ليصدع الصوت من الطرف الأخر :
– باشا…جبتهولك لحد عندك هستناك تيجي تشوفه نصاية كده !

ابتسم بشر ليردف :

– حبيبي يا عامر باشا مسافة السكة واكون عندك بس متقربلوش انا عايزه سليم !

التقط مفاتيحه واستقام متجه الي وجهته وعيناه زادت حدتهم ، وصل الي المكان المنشود ليدلف الي الغرفة ليجده مقيداً بالكرسي ورأسه منحني لأسفل ليهتف بسخرية :

– ازيك يا ماجد ؟!

رفع رأسه بلهفه ليصيح ببكاء :

– والله يا باشا معملتش حاجة انا مش عارف جابوني هنا ليه وانا كنت خلاص مسافر !

جلس علي الكرسي أمامه ليشعل سيجارته وينفث دخانها بوجهه قائلاً ببرود :

– فاكر سارة طليقتك ؟

يقسم لو كانت يده حره لكان لطم وجهه حسرة ليصيح بيأس :

– نهار اسود عليا وعلي الي جابوني والله يا باشا مجيت جمبها من اخر مرة ولو يوسف بيه اخوها الي باعتك قوله يرحمني شوية انا اتهريت يا باشا والله شوية اخوها وشوية ابوها ورحمة امي ما بصيت عليها من بعيد حتي !

ضحك ساخراً ليقترب من وجهه هامساً من بين اسنانه :

– لا يا روح *** حساب ابوها واخوها غير حسابي انا ! انا هعرفك ازاي تعمل راجل علي واحدة أضعف منك !

نهض ليخلع سترته ويلقيها جانباً ويتجه ليقفل الباب جيداً ويلتفت له وابتسامة شيطانية مخيفة تتشكل علي ثغره وهو يشمر عن ساعديه والأخير يصرخ بهلع وجسده ينتفض برعب :

– لالالا أبوس أيدك يا باشا والله هسافر ومش هتشوفوا وشي تاني وحياة اغلي حاجة عندك يا باشااااا !

*****
فتح جفونه ليبتسم بنعاس حين وجدها مستلقية بجواره وما كاد ينهض حتي استيقظت بضيق لتنهض وتجلس علي الاريكة بضيق من نومها بجانبه ليتسأل بنعاس :

– مهربتيش ليه ؟

اجابته علي مضض بوجهه عابس :

– ملقتش المفتاح !

كتم ضحكته لينهض متجهاً للمرحاض فتوقفه قائلاً بارتباك :

– اوعي تفتكر اني ساعدتك علشان حاجة بس علشان حرام اسيبك تفضل تعبان ومخدتش بالي اني نمت جمبك علفكرة !

لم يستطع منع ابتسامته الجانبية من الظهور ليردف لإغاظتها :

– عارف !

استشاطت غيظاً من بروده لتترك الغرفة برمتها وتتجه لتجلس بغرفة أخرى حتي حل المساء ، تأففت بضيق فهي لم تبرح غرفتها تجنباً للقائه لكن معدتها أبت فهي لم تأكل منذ أمس لتهبط الي أسفل علي مضض لتجده يتابع التلفاز ببرود لتهتف بتذمر طفولي وهي تعقد ساعديها امام صدرها,

– انا جعانة !

ليهتف بنزق :

– بس الخدامة مشيت من بدري

ردت بعبوس :

– مليش دعوه اتصرف..!

اردف بقله حيله :

– مانا مش بعرف أطبخ !

هتفت بابتسامة سخيفة :

– ولا انا !

ضحك لمظهرها الطفولي وهو ينهض من للأريكة ليسحبها خلفه الي المطبخ وهو يهتف من بين ضحكاته :

– خلاص تعالي نفتكس اي حاجة مع بعض !

دلفوا الي المطبخ ليقفوا بضع دقائق بحيره الي ان هتف بحماس :
– تعالي نعمل مكرونة اظن بيقولوا سهله !

أجابته بحماس وقد تناسوا وضعهم للحظات! :

– انا تقريباً فاكره بتتعمل ازاي بس عمري ما عملتها قبل كده !

بعد بضع ثواني ارتدي زي الطهي الذي يسمي ب “مريلة المطبخ ” وبدأ بالطهي بدأ بوضع المكونات ليهتف بها :
– ميرا هاتي الملح من عندك…

أخذت تلتف حولها وهي تبحث ولكن لم تجده فهتفت بعبوس :

– مش لاقياه !

ترك ما بيده ليهتف بتذمر :

– يووو حتي الملح مش عارفه تجبيه…وسعي كده…

اقترب ليبحث خلفها لكنه لم يزيحها جانباً الي ان التقت عيونهم وانتبه كونه يحاصرها التقت عيونهم في أحاديث طويله , نزل ببصره الي شفتيها التي ترتعش بتوتر فلم يدع مجال للتفكير انحني ووضع يده خلف رأسها ولثم شفتيها بقوه وعشق دفين صدمت من فعلته وماهي الي ثواني ان بدأت تبادله قبلته بجنون ابتعد عنها بغتة ليهتف باستغراب :

– اي الريحة دي ؟!

نظرت هي الأخرى له باستغراب لتمط شفتيها لعدم معرفتها وما هي الا ثواني لتتسع عيونهم معاً ليهتفوا في صوت واحد اشبه بالصراخ :

– المكرونة …!

وقد فات الاوان فاحترقت الطبخة لتهتف ميرا بضيق وتذمر :

– شوفت المكرونة اتحرقت بسببك اكل ايه انا دلوقتي ؟!

رفع حاجبه الايمن ليهتف بحده :

– ده علي أساس انه مكانش بمزاجك ؟!

تسللت الحمرة الي وجنتيها سريعا لتهتف بخجل وارتباك :

– م م م انت فجأتني..و…و

ابتسم بسخريه لحالها ليهتف :

– خلاص انتي لسه هتهتهي اهو الأكل باظ !

غامت عيناه بنظره تعلمها جيداً وهو يهتف بخبث :

– بس مفيش مانع نشوف أكل تاني !

اتسعت عيناها لفهم ما يرمي اليه لتهتف بغضب :

– احترم نفسك ومتفكرش علشان سبتك تبوسني اني هرجعلك لا انا لسه مصممه علي الطلاق وانا مش هسمحلك تقرب مني تاني !

قبض علي كفه بغضب لتحولها السريع فيبدو ان الشيب سيغزو رأسه قبل ان ينال عفوها تلك المتمردة , لم يرد إفساد فرحته بتجاوبها معه ليهتف بهدوء نسبي :

– انتي عارفة كويس اني مش هسيبك وقولتلك اني اتغيرت وشيلت فكرة اني أذيكي او اسيبك من زمان وانتي عارفة وحاسة بكده اكيد مكنتش بمثل عليكي كل المدة دي ومش هنكر ان كان في نيتي أأذيكي بس حبيتك ونسيت الفكرة أصلاً !

صمتت بحيرة فهي حقاً لم تري منه شيئاً سيئاً لكن كرامتها عادت تصيح من جديد وتذكرها بما سمعته بذلك التسجيل لتقول بجمود :

– ندمت ولا لأ ميهمنيش الي يهمني انك تطلقني وكل واحد يروح لحاله انا مقدرش اعيش معاك بس الي سمعته !

جز علي أسنانه بغضب ليردف :

– ماشي يا ميرا ! بس مترجعيش تندمي !

قالها ليغادر حانقاً مقرراً ان يحضر طعام جاهز من الخارج او بمعني أوضح يبتعد حتي لا يفتك بها وبرأسها اليابس! وترك الباب مفتوحاً كأخر اختيار لها ان اختارته ستبقي وان اصرت علي الانفصال سترحل! …

*****
اطاح بكل ما طالته يده وهو يصرخ بجنون :

– مش هسيبهالك يا يوسف ! ميرا هتبقي بتاعتي انا وبس انت متستحقهاش !

رفع هاتفه ليجيب ويصدع صوت الطرف الاخر :

– خرج يا باشا صوتهم كان عالي تقريباً اتخانقوا وهو خرج متعصب وركب عربيته وطار !

ابتسم بشر ليغلق الهاتف قائلاً بحقد :
– دي فرصتي يوسف دمه حامي ولو لمستها مش هيقدر يبص في وشها تاني !

خرج مسرعاً ولا ينتوي خيراً فالشيطان قد عبث بعقله وانتهي الأمر!

*****
وقفت لعدة دقائق امام الباب المفتوح وهي تفكر بحيرة لتسيل دموعها وقد اتخذت قرراها اقتربت من الباب واغلقته فهي ستنتظره…ستسامحه لتعترف في نفسها سراً انها بالفعل تعشقه وبجنون! انتشلها من شرودها دقات خافتة علي الباب ، ابتسمت بفرح فقد قرر العودة وعدم تركها وحيدة تنفست بعمق لتستعد لترتمي بين ذراعيه وتخبره بمسامحتها وتعترف ان لا حياة بدونه فتحت الباب لتتلاشي ابتسامتها شيئاً فشيئاً لتهتف باستغراب :

– انت مين ؟!

رفع رأسه ليجيبها مبتسماً بغموض مخيف :

– انا صاحب يوسف…سامر … !!!

#يتبع…
#أحببتُ_فريستي
#بسمة_مجدي
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
طبعاً الفصل طويل جداا اتمني يعجبكم وخلاص دي تعتبر فصول الختام يعني الرواية قربت تخلص ?? هستني رأيكم في الفصل??

error: