نوڤيلا : صقر الصعيد الجزء الثانى (2)
خرجت من المرحاض مُتكية على الحائط بذراعها والآخر أسفل بطنها مُتألمة من جرحها حتى وصلت إلى باب غرفتها فتحته ودلفت …
أنتفض من مكانه حين فتحت الباب مُسرعاً لها يقول بلهفة :-
– مش جولتلك تنادي عليا أساعدك
أخذ يدها فتبسمت له بدلال وقالت بعفوية تمازحه :-
– هتساعدنى أزاى ،، ضهرك موجعكش من الشيل
حاوط خصرها بذراعه الآخر وهو يخطو بها نحو الفراش لكى تجلس وهتف مُتمتمًا :-
– أنا أتوجع منك ياجالان ياريت كل الوجع والتعب زى تعبك مكنتش حست بأى وجع طول حياتى
جلست على الفراش برفق ثم تمسكت بيده قالت بخفوت ولهجة دافئة :-
– يا صقر أنت اللى شايل هموم ومبتبطلش تفكر فى المشاكل وأنا بقلق لما بشوفك بتكلم عوض فى الخفي
أربت على يدها بحنان راسمًا قناع بأبتسامة مزيفة يخفي خلفها تلك المؤامرة التى يخفيها عنها وتشعر هى بها ثم أردف قائلاً :-
– متجلجيش ياجلب صجر مفيش حاجة من الكلام دا خالص
ضحكت بخفة له ثم قالت بثقة :-
– أنا عارفة أنك بتعمل حاجة بس أنا خايفة عليك المفروض قبل ما تعمل حاجة تفكر فيا أنا وابنك وأن مالناش غيرك
– سلامتك من الخوف ياقلبي صدجينى مفيش الكلام دا خالص وأنا معنديش حاجة اهم منكم ولا عاوز غيرك
قالها بحنان وهو يمسح على رأسها بحنان ،، نظرت لعيناه بضعف ثم قالت بترجى :-
– طب أحلف أحلف أن مفيش حاجة
أدار وجهه عنها مُتحاشي النظر لعيناها فقالت بحزن مُستاءة من صمته :-
– شوفت بقي أن في حاجة أهو بتعملها
رمقها بنظره بعد أن مسك يدها بين قبضته ثم هتف مُتمتمًا :-
– حجك لازم أجيبه ياحبيبتى لازم أجيب حجك
أقتربت منه قليلًا ثم قالت :-
– أنا مش عاوزة حقوق أنا هاوزك أنت بس
وضع قبلة على جبينها بحنان ثم نظر لعيناها وقال بحنان :-
– وأنا مش هتنازل عن حجك وأوعدك مش هأذي نفسي …
عانقته بخوف عليه فطوقها بذراعيه ثم أربت علي ظهرها بحنان ،، أغمضت عيناها بأستسلام لخوفها من حديثه فقطعها صوت “مروان” يبكي يخبرها بأستيقاظه ،، أبتعدت عنه بأحراج وأستدارت برفق وأنحنت قليلاً على طفلها تربت على صدره بحنان ليهدأ ويتوقف عن البكاء ولم يصمت بل يزداد بكاء فحملته علي ذراعيها ..
هتف بهدوء وهو يقف ذاهبًا قائلاً :-
– أنا هسخنلك الأكل
– ماشي
قالتها وهى تهز طفلها بحنان ليصمت ،، خرج “صقر” للخارج ثم هتفت بحنان مُحدثة طفلها :-
– خلاص بقي ياحبيب مامى ،، طب أنت جعان
جلست ترضعه فصمت وهو يتشبث بأمه ،، ضحكت عليه باسمة وهو بين ذراعيها تتأمله وهو يغفو فى نومه ثم وضعته على الفراش برفق وحذر حتى لايستيقظ ،، ولج “صقر” إلى الغرفة يحدثها :-
– سخنتلك الشوربة و….
بتر حديثه بأستياء تقول بهمس :-
– هششششش هتصحيه
نظر على طفله وأشار إليها برأسه بنعم وأقترب لها بالطعام ….
••••••••••••••••••••••••••
خرجت “فريدة” من المرحاض بعد أن أخذت حمامها مُرتدية روب الأستحمام وهلعت بفزع حين ظهر أمامها من العدم فنظرت له بخوف ثم ضربته على صدره بأغتياظ وتهتف بجدية قائلة :-
– أنت مش هتعجل أنا هجطع الخلف بسببك
– سلامتك ياقلبي
قالها بحنان وهو يقترب منها بغزل فدفعته بأغتياظ ثم ذهبت من أمامه فكز على أسنانه وذهب خلفها يناديها :-
– فريدة .. فريدة أستنى بس عاوزك فى موضوع
– خير عاوز ايه
قالتها وهى تدخل الغرفة بلهجة قوية غاضبة منه فقال بأنتصار وغزل :-
– عاوزك فى كلمة سر …
دلف خلفها وأغلق باب الغرفة بقدمه فضحكت عليه بعد أن تلاشي غضبها منه وتحول لضحكات ناعمة ….
••••••••••••••••••••••••••
أربتت على كتفه بحنان بينما عينيها مُغمضتين تقاوم النوم وتقول بصوت مبحوح :-
– صقر أصحى عشان متتأخرش على الشغل
فتح عيناه بتعب وجسده مُنهك على صوتها فى أذنيه ،، كاد أن يلتف بجسده لكنه تذكر طفله النائم بجواره فى المنتصف فجلس على الفراش يفرك عينيه بتذمر ثم قام من فراشه ليستعد لذهاب إلى عمله ودلف إلى المرحاض يأخذ حمامه وحين خرج وجدها تكاد تفتح الباب فسألها بفضول :-
– أيه اللى قومك ؟؟
– مروان عمل حمام هغيره
قالتها وهى تحمل طفلها على ذراعها ثم دلفت إلى الدخل وخرج هو إلى المطبخ يجهز الفطار له ولها قبل ذهبه …
– إحنا مش هنعمل سبوع لمروان
قالتها وهى تأكل معه على الفراش بسبب جرحها فأجابها بعفوية :-
– هعمله أحلى سبوع بس تخفي أنتى الأول
تجهز من أجل ذهابه وقبل أن يخرج أستوقفه صوتها وهى تقول :-
– صقر خلى بالك من نفسك وبلاش اللى فى دماغك
– متجلجيش ياحبيبتى خلى بالك أنتى من حالك أنتى ومروان
قالها ثم رحل ،، تنهدت بقلق ثم ألتقطت هاتفها وأجرت أتصال …
••••••••••••••••••••••••••
خرجت من المطبخ تحمل طبق سندوتشات لأطفالها وذهبت نحوهم للسفرة فصاحت بوجههم قائلة :-
– دى المذاكرة والواجب بتلونوا
رفع “يوسف” وجهه لها وقال ببراءة طفولية :-
– يامامي أنا عندى واجب رسم وهم بقلدونى
نظرت نحو “ملك” و “مكة” بأستفهام مُنتظرة جواب منهما فقالت “ملك” بأستعباط مُتحاشية النظر لها :-
– لا يامامى مش بنقلدوا أنا عندى واجب حساب أعد وألون
نظرت إلى الأوراق ثم قالت بأقتضاب :-
– حساب ها .. يعنى مش واجب رسم أمال أيه كراسات الرسم دى ياحلوة منك ليها
نظرا الأثنان إلى أمهما ثم وقفت “مكة” بخبث طفولى أنقضت على طبق السندوتشات وأردفت قائلة :-
– الأكل جه أخيراً
رمقتهم بنظرها وهو ينقضوا على الطعام مُتجاهلين غضبها منهم ،، زفرت بضيق عليهم ثم أبتسمت وونظرت على بطنها المنتفخة وهل سيكون طفلها الآخر مشاكس مثلهم قطع فكرها صوت الهاتف تركتهم وذهبت إلى غرفتها ووجدت “جالان” فتح الخط واضعة الهاتف على أذنها تردف قائلة :-
– الو ..
أتاها صوت “جالان” عبر الهاتف وهى تقول بهدوء :-
– أزيك ياقمر ؟؟
– بخير ياحبيبتى وأنتى عاملة أيه دلوقتى ؟؟ وأخبار مروان أيه ؟؟
قالتها وهى تجلس على الفراش ،، فأجابتها بأستياء قائلة :-
– كويسين الحمد لله ،، أخبار ولادك أيه
أردفت بهدوء وهى تنتبه لصوتها المُستاء قائلة :-
– الحمد لله زى القرود ،، مالك صوتك بيقول فى حاجة مضايقكى
تنهدت بأقتضاب وقالت بهدوء :-
– لا مفيش حاجة سلامتك
– هو أنا مش عارفكى ولا جديدة عليا دا أنا اللى مربيكي فى ايه ؟؟ صقر مزعلك ؟؟
قالت بحنان ،، زفرت بتذمر على حديثها وأجابتها بأستياء :-
– صقر مغلبنى مش مزعلنى .. خايفة عليه أوى من اللى بيفكر فيه يا قمر
أردفت بحنان تخبرها مدى عناد زوجها قائلة :-
– جوزك راجل صعيدي ياجالان وأنتى أكتر واحدة عارفة أنه مش هيسمح لحد يأذيكى أنت وأبنه واللى يعمل كدة لازم يقتله
زفرت بضيق شديد وقالت بأغتياظ سافر :-
– أنتى بتقلقينى ولا بتطمنينى
– مش بقلقلك بس دى الحقيقة ومتقلقيش على جوزك هو مش هيأذي نفسه لأنه عارف أنكم محتاجينه سيبها على الله
قالتها بلطف بينما تنظر على باب غرفتها و “يوسف” يدخل لها وقال :-
– مامي أنا جعان وملك ومكة أكله الأكل كله
– طب روحى شوفي ولادك وهكلمك تانى
قالتها “جالان” بهدوء ثم أغلقت الخط ونظرت لطفلها الصغير بحزن من أفعال والده ….
••••••••••••••••••••••••••
فى عيادة دكتورة أمراض نساء دلفت “فريدة” إلى الداخل وجلست أمام الطبيبة فسألتها بهدوء :-
– مشكلتك أيه
– أنا متجوزة ومحصلش حمل
قالتها بتردد ،، فسألتها مرة آخري بفضول :-
– أنتى متجوزة بقالك قد ايه ؟؟
نظرت لها بأستياء وحزن كبير على وجهها وقالت بأرتباك :-
– شهرين
– وجاية تكشفي عشان تأخر الحمل ،، ياحبيبتى أنتى متكشفيش عشان تأخر الحمل غير أقل حاجة تكونى متجوزة من سنة ،، شهرين دول طبيعي
قالتها الطبيبة مُبتسمة لها ،، أردفت بأصرار شديدة قائلة :-
– معلش أكشفي عليا عشان أطمن
أومأت لها بنعم ووقفت قائلة :-
– حاضر أتفضلى معايا
بعد أن فصحتها خرجت من الغرفة إلى مكتبها وجلست على المقعد خلف مكتبها ،، خرجت “فريدة” خلفها وهى تنهدم من مظهرها وسألت بفضول :-
– خير يا دكتورة طمنينى ؟؟
أبتسمت لها وقالت بلطف :-
– أطمنى ياحبيبتى أنتى بخير وسليمة وأن شاء الله الزيارة الجاية نبشرك بشرة خير
– يسمع منك ربنا ،، عن أذنك
قالتها وخرجت سعيدة بعد أن أطمنئت على حالها وتمنت أن يرزقها الله بطفل يسعد قلبها وقلب حبيبها ويكسر هذا القلق الذي تعيش به …
••••••••••••••••••••••••••
جلسوا جميعاً فى الصالون والأطفال يركضوا هنا وهناك بالفشار والشموع وأغاني السبوع تمليء الشقة ،، خرجت من غرفتها مُرتدية عباية أستقبال بيضاء اللون مطرز باللون الذهبي من حول العنق حتى الصدر كأنه عقد ذهبي لأحدي ملكات الفراعنة وتلف حجابها الأبيض وتحمل طفلها بين ذراعيه ..
وقع نظره عليها مُنبرها بجمالها وكأنه يراها لمرته الأولى فكل مرة يراها يشعر بأنها الأولى كأن يتأملها وهى تضحك مُبتسمة وسط النساء والأطفال ،، قطع تأمله صوت “نبيل” وهو يقول :-
– يرتب فى عزك ياصقر
أدار رأسه له بتذمر وقال بأقتضاب بينما يكز على أسنانه :-
– الله يخليك عقبال عوضك
أبتسم له وقال بتمنى :-
– يارب يسمعك منك ربنا
وقف الجميع ينظروا عليها وهى تخطي من فوق طفلها السبع مرات مُبتسمة بسعادة كان يشعر بغيرة شديد منهم وهم ينظروا على زوجته كما يغار عليها من الجميع نساء ورجال ،، يغار من النساء تراها فيحقدون عليها أو يحسدونها ويغار من الرجال يروها فيعشقها أحد أو يغرم بها كما هو عشقها من نظرة واحدة فيريد أخفاءها بين ذراعيه داخل صدره وحده …
••••••••••••••••••••••••••
دلف من باب الشقة مساءًا فوجدها تضع الطعام على السفرة مُرتدية قميص نوم قصير وعليه روب طويل وتغلقه برباطه الخاص وشعرها مُسدول على ظهرها وكتفها الأيسر ،، أقترب باسمًا لها ويقول :-
– مساء الخير ،، دا أيه الدلع دا كله
رفعت نظرها له مُبتسمة أبتسامة تزيل تعب اليوم كله وتنير حياته وهمهمت بحنان ونبرة ناعمة :-
– مساء النور ياحبيبي ،، حمد الله بالسلامة
– اه ياقلبي الصغير كيف لك بعشق هذه الفريدة وأنت صغير على عشقها الفريد
قالها يتغزل بها بينما يديه تحاوط خصرها فضحكت بسعادة تغمرها ونكزته فى صدره بخجل وقالت :-
– أيه البال الرايج دا .. خش غير خلجاتك وتعال جبل ما الأكل يبرد
وضع قبلة على جبينها وقال بغزل :-
– طب ما يبرد نبقي نسخنه ودتانى عادى ما أحسن ما القمر دا يبرد فى الجو البرد دا وهو لابس خفيف
– يا بكش مبأخدتش منك غير حديد وبس ،، خش بجي
قالتها وهى تتذمر عليه بدلال ودهشت حين حملها على ذراعيه بسرعة البرق وهو يحدثها بغزل :-
– خلي الحديد بقي ونأخد أفعال ،، أيه ياخواتى السكر دا
قهقهت ضاحكة بين ذراعيه وقالت بلطف ونبرة ناعمة تثير كيانه ورغبته بها :-
– وبعدين وياك بجى ،، أنت متعرفش حاجة فى الحياة غير جلة الادب بس
وضع قبلة على وجنتها اليسري فأحمرت وجنتيها وتوردا فضحك عليها بينما يتجه نحو الغرفة ويقول :-
– أموت أنا فى حبة التوت دى …
قهقهت ضاحكة عليه فأسكتها بقبلة ناعمة …..
••••••••••••••••••••••••••
ظل يبكى ويبكى وكلما كبر يوم يزيد بكاءه ،، وضعته على الفراش بحنان باكيًا وخرجت إلى المطبخ تسخن له الينسون ليهدأ من بكاءه وألم بطنه وبعد دقائق معدودة وضعته فى الببرونه وخرجت ذاهبة إلى الغرفة وبمجرد دخولها للغرفة سقطت الببرونه من يدها أرضاً وأتسعت عيناها على مصراعيها من الصدمة فلم تجد طفلها مكانه ركضت إلى الفراش مُسرعة تبحث عن طفلها الصغير ولم تجده حقاً فركت عيناها غير مُصدقة هذا تعتقد بأن الخطأ بعيناها هى لكنه حقًا ليس موجود بحثت أسفل الفراش يكاد يكون سقط ولكنه بالفعل ليس موجود فقد أختفي طفلها ذات شهر واحد من عمره …….
يتــــــبــع …..