نوفيلا ما الحل
******* الفصل الخامس *******
************************** ******
★ دلفت الى مكتب السيد توفيق بعد أن علمت بطلبه لها في مكتبه ما أن وطئت قدماها مبنى القناة ….
حمحمت بهدوء لتنبهه لوجودها فرفع رأسه عن الأوراق التى كان يطالعها و هتف بضيق :
_( انتي فين يا ريهام …. من يوم اخر حلقة في البرنامج وانتي مختفية )
جلست على المقعد المقابل له دون ان تعير لسؤاله أدنى اهتمام ولا حتى انتظار اذنه لها بالجلوس …
زفر بضيق ولوح بكفه صائحاً :
_( انتي ايه حكايتك بالضبط ماتردي عليا …. دا انا تليفوني مابطلش رن بسببك ….. ريهام انا بحذرك ولأخر مرة …. كلام في سياسة مش مسموح سامعة ؟؟؟)
شخرت بسخرية وهتفت ببرود :
_( عارفة عارفة ….. متخافش يا استاذ توفيق الى قولته المرة الى فاتت عن **** و ****** مش هيتكرر )أومأ بتأكيد قائلاً :
_( انا عارف انه مش هيتكرر لانه لو أتكرر أنا الى هتصرف معاكي مش هم ….. فوقي يا ريهام الناس شايطة لوحدها مش ناقصة كلامك الي بيسخنهم اكتر … انا مش عايز مشاكل مع الناس دي )
أومأت بضيق من تقييدها بهذا الشكل وعدم أطلاق حريتها في مناقشة المواضيع السياسية الدارجة بين الناس بهذه الفترة ……
عاد يطالع إوراقه ببرود ظاهري وقال مغيراً مجرى الحديث :
_( ها … ايه اخبار برنامجك التاني بتاع المشاكل ده ؟؟)
صححت له بضيق :
_( اسمه ما الحل يا استاذ توفيق مش بتاع المشاكل …)
همهم بلا مبالاة وأستأنف حديثه :
_( ما علينا من أسمه …. اخباره ايه وهتناقشي ايه النهاردة ؟؟)
رفعت كفيها وأنزلتهما ببرود ورفعت كفها لتلفت نظره الى الأظرفة الورقية الممسكة بها ونطقت بفتورة :
_( معرفش لسه …. عم مسعود لسه مديني الجوبات حالا دلوقت ومش بفتحهم غير على الهوا )
زفر بضيق وهدر بها :
_( يعني ايه متعرفيش مش المفروض تعرفي هتتكلمي في ايه افرض كان فيها مصيبة ؟!!!!)
هبت عن مقعدها وقالت بتعجل :
_( مشاكل الناس هتوصل للناس مش ليا يبقى هم الى هيعرفوها زيي زيهم يا أستاذ توفيق …. عن أذن حضرتك ميعاد طلوعي على الهوا قرب )
جذبت حقيبتها والتفتت مغادرة ببرود ظاهري وبداخلها تشتعل غضباً من هذا الوضع الخانق بالنسبة لها …
***********
★ 3…..2…..1… … على الهوا يا أستاذة …
ساد الصمت كالعادة عقب جملة المخرج المعتادة لتقطعه هي ونبرتها قد بدأت تفقد بعضاً من حماسها المعتاد هادرة :
_( سيداتي وسادتي …. مساء الخير … أهلاً بيكم وحلقة جديدة من برنامجكم « ما الحل » والنهاردة معانا مشكلة جديدة ويا ترى هي ايه ومن مين ؟؟!!!! )
مدت كفها لتلتقط أحد الأظرف الموضوعة أمامها ومزقت طرفها لتخرج الورقة المطوية بداخلها …
« كف ايد لله ؟؟!!!!!! » نطقت هذه الجملة بتعجب حينما وجدتها مدونة على الورقة المطوية من الخارج …..
عقدت حاجبيها بتعجب وتملكها التوتر للحظات بعدم فهم للمعنى المبطن للجملة …
أسرعت بفك الورقة المطوية وبدأت بقرائتها بصوت مرتفع أمام الجميع قائلة :
_( شكوى النهاردة من الآنسة *ل* وبتقول فيها ….
★ أنا عايزة كف ايد لله يمكن يرضى عني …. أنا عايزة صوابع بتتحرك يمكن يقبل يبص في وشي …..انا طلبي مش صعب … انا طلبي بسيط … مش عايزة فلوس ولا عايزة وظيفة … انا بس عايزة كف ايد لأخويا الصغير يمكن يسامحني على ذنب مش بإيدي ولا عملته … )
أطرقت برأسها قليلاً تحاول إستيعاب تلك الكلمات المبهمة فلم تستطع …
رفعت رأسها ونظرت لعدسات التصوير وقالت مصرحة :
_( أنا مش فاهمة الى انتِ عايزة تقوليه يا *ل* بس أكيد تفسيرك موجود في باقي الرسالة ……. هنطلع فاصل ونرجع نفهم *ل* عايزة تقول ايه )
أرتفع الضجيج من حولها بتمتمات مبهمة هذه المرة فالجميع من حولها من العاملين في الأستوديو وغيرهم يتسائلون عن هذا الطلب الغريب وكيف سيعطونها « كف ايد لله»
بينما أطرقت هي برأسها تطالع الأرضية الرخامية بشرود تتفكر في تلك الكلمات … الى حد ما خمنت محتوى الرسالة الا انها لازالت لاتعلم كيف تساعد صاحبة الرسالة وكيف ستمنحها كف يد ؟!!!!
أخرجها من شرودها صوت المخرج ينبهها الى عودة البث مرة أخرى ……
تنهدت بثقل وحمحمت لتجلي صوتها وأستكملت باقي محتوى الرسالة للمشاهدين قائلة :
_( أهلاً بيكم مرة تانية ولسه مكملين مع رسالة الآنسة *ل* وطلبها *كف إيد لله* … والى بتقول فيها ……
★ انا كنت عروسة زي اي عروسة يا أستاذة ريهام …. كان يوم خطوبتي …. كنت صغيرة يادوب ١٧ سنة فرحانة بالفستان والهيصة الى حواليا لحد ما اااا ..
فلااااش
_( *م* أنا خايفة )
زفر بضيق وأغمض عيناه للحظا ليتمالك أعصابه ثم أعاد فتحهم وهمس بصوت حنون:
_( أهدي يا حبيبتي … ايه الى مخوفك بس ما انا جنبك أهو وعيلتنا كمان معانا … دي المرة العشرين الى تقوليلي فيها خايفة أهدي مفيش حاجة )
تلألأ الدمع بعينيها وهمست بصوت راجف متلعثم :
_( مـ مـ مش عارفة …. من ساعة الكابوس الى شوفته بالليل وانا خايفة يا *م* … عارفة اني زهقتك النهاردة بس … بس .. انا قلبي مقبوض وخايفة مش عارفة ليه .. )
مد كفه وربت على كفها بحنو هامساً :
_( أهدي يا حبيبتي متخافيش انا معاكي ) ثم تابع بإستنكار مرح عله يساعدها في التخلص من حالة الخوف هذه …
_( وصاحبتك كمان قاعدة قدام اهي في عربيتنا … تقوليش خايفة احسن أخطفك )
هدرت تلك القابعة في المقعد الأمامي لسيارة العروس بغضب مرح فيبدو أنها فهمت محاولته تلك وقررت مجاراته فيها :
_( محرم … عند حضرتك مانع ؟؟؟)
أرتفع جانب شفته العليا بإستنكار ساخر :
_( على أساس ان مفيش سواق محرم ياااك … وبعدين دي عربية الزفة بتاعتنا ايه حشرك انتى فيها مش فاهم )
أشارت له بطرف عينيها ليلتفت هو تجاه ما تشير إليه فوجد عروسه تطالعهما بعينان لا تريان بينما شفتيها ترتجف وتبتهل بخفوت …
تنهد بثقل ومال صوب رأسها هاتفاً :
_( سد ودانك يا محرم شوية الله يكرمك وخلي عندك شوية من الاحمر عايز أقولها حاجة )
كشرت عن نابيها ونفخت بغضب مصطنع هاتفة :
_( قول يا حج قول كلها خمس دقايق وننزل من العربية والزفة تبدأ وأبقى قابلني لو قدرت تقولها حاجة لحد ما الخطوبة تخلص وتطفح الحمام … صحيح متنساش تسيبولي حته متطفحوش الحمام كله ما انا عارفاكم انتوا الاتنين مفاجيع )
أرخى شفته السفلى ببكاء مصطنع هاتفاً :
_( لا بقى انتِ حد مسلطك عليا الليلادي … حتى الحمام هتاكلي معانا …. وايه هتطفح دي الملافظ سعد يخرببيتك سدي ودانك يا بت)
وضعت كفيها على أذنيها والتفتت للأمام بينما عاد هو برأسه لتلك المرتجفة بجواره واخذ يهمس لها بكلمات مطمئنة ( مطمئنة بس مش حاجة تانية متفهموش غلط دماغكم شمال انا عارفة ?)
أنتهت الزفة وصعد العروسان ليجلسا بالمقاعد المخصصه لهما ليلاحظا توتر الاجواء من حولهما ووجود حركة غريبة بين المدعوين …
أشارت *ل* بكفها الى صديقتها لتقترب منها الاخيرة بتوتر ملحوظ ويظهر على عينيها أثار دموع …. أنحنت لتصل لمستوى رأسها لتستطع سماعها من بين ضوضاء أجواء الحفل …
_( هو في ايه يا **** مال الناس قاعدين كده ليه زي ما يكون في مصيبة مش خطوبة ؟؟!!!)
عقدت صديقتها حاجبيها بمرح مصطنع وهتفت :
_( اصلهم قالوا ان الى عمل الكوشة في الجنب ده حمار لاننا مش شايفين العروسة القمر دي فراحوا على الجنب ده علشان يشوفوكي كويس )
عقدت حاجبيها بشك وتمتمت بتوجس :
_( يا سلاااام امال في ناس وقفوا وبيمشوا ليه ؟!! )
لوحت صديقتها بكفها بضيق مرح وقالت :
_( الناس وراهم أشغااال يا ماما مش باركولك وخلاص هيقعدوا يعملوا ايه تاني ؟! يلا بقى هروح أشوف المعازيم تحت لو محتاجين حاجة … مش عارفة انا متمرمطة في الفرح ده تقوليش جرسوم ) ..
همت بالأبتعاد ليشير لها *م* لتقترب منه بضيق صائحة :
_( وبعدين بقى انت وعروستك هتقرفوني ليه ؟؟)
ضيق عينيه متفحصاً وهمس لها بنبرة خافته حتى لا تصل لعروسه :
_( هتقولي في ايه ولا انزل من الكوشة دلوقت أشوف انا )
تلعثمت بالحديث وارتجف كفيها بإرتباك وهمست قائلة :
_( بعدين يا *م* المهم متخليش *ل* تحس بحاجة وكلها ساعة ولا حاجة وننهي الخطوبة علشان تروحوا
عقد حاجبيه بعدم فهم وقال :
_( ساعة ازاي يعني ؟؟! احنا لسه جايين بالزفة هو في ايه بالضبط ؟!!!)
همهمت بضيق وهتفت :
_( بعدين قولنا … المهم ما تخليهاش تحس بحاجة )
********
★ أنقضت الساعة ليمسك أبا العريس مكبر الصوت ويعلن انهاء الخطبة ليعود كلاً من العروسين الى بيت العروس متعجبين من هذه السرعة …..
دلف كلاً من العروسين وصديقة العروس وبعضاً من الأقارب المقربين الى داخل منزل أبا العروس وما هي الا دقائق حتى أشار أبا العريس لإبنه منادياً إياه للخارج ليفهمه ماحدث ويأخذه ليذهبا معاً الى المشفى العام بينما في الداخل تعالت صرخات العروس حينما علمت بأن أخيها الصغير قد أمسك لعبة نارية من تلك الألعاب التى كانت تضرب أثناء الزفة وأنطلق بيده ليفصل أصابعه عن بعضها البعض مما جعلها تتقطع وتسقط أرضاً ……
*********
وبعد مرور ثلاث سنوات من العلاج والعمليات التجميليه للكف المتقطع والذي لم يأتي بنتيجة تذكر سلم الاب أمره وأمر صغيره الذي أصبح بكف واحد الى خالقة بعد أن يأس من العلاج …
بينما في حجرة الكشف الدوري ….
تشبث الصغير ذو التسع أعوام بساق الطبيب الذي يُجري الكشف الدوري عليه وصاح بصوته الرفيع ودموعه تجري على خديه ……
_( بالله عليك رجعلي ايدي يا عمو انا مش عارف أكل بإيدي الشمال … وصحابي في المدرسة بيقولولي انت خلاص بقيت بإيد واحده متجيش تلعب معانا تاني …. بالله عليك يا عمو رجعلي ايده والنبي والنبي ….)
دفع الطبيب كف الصغير السليم وهدر به :
_( انت ايه مبتفهمش … قولنا ايدك دي خلاص تنساها ايدك باظت خلاص وملهاش علاج افهم بقى جاتكوا القرف …. )
_( انت اتجننت يا دكتور ؟!!!)
هكذا صاح به الطبيب المسئول عن قسم الجراحة :
_( أزاي تقول كدا لطفل لو دا ابنك ترضاهاله ؟؟!!!)
أتبع قوله بالأقتراب من الصغير وأخذ يهدهده ليكف عن البكاء بينما وقفت هي تراقب من خارج الغرفة واضعة كفها على فمها بقهر وبكاء على حال اخيها الصغير ….
★ أنتهى الصغير من كشفه الدوري لتهرول إليه تحتضنه هاتفة :
_( متخافش يا حبيبي هتبقى كويس )
دفع ذراعيها التى تحتضنه بقوة وصاح برفض لها :
_( أبعدي عني .. انتى السبب انا كنت عايز اضربلك الصاروخ زي ما الناس بيعملوا وفرحان بيكي … انتى السبب انتى الى قطعتيلي ايدي )
بااااااك
ومن يومها يا أستاذة ريهام وهو مش بيبصلي حتى … هاتولى كف إيد يمكن يبصلي …. عايزة كف ايد يمكن يسامحني … انا تعبت ومعدتش قادرة اتحمل ….. هاتولي كف ايد يمكن ترجعله حياته ويرجع هو لحياتي ….. هاتولي كف ايد لله )
نطقت آخر كلمات الرسالة بصوت خنقه البكاء … وضعت الرسالة على الطاولة الطوليه وكففت دموعها التى لا تعلم متى بدأت بالهطول ونطقت بحزن جم :
_( ياريت لو عند كف ايد كنت أديتهولك…. ياريت لو أقدر أعوضه بصوابع وايد … بس للأسف طلبك مش عندي … طلبك عند الى خلقك هو الى بأيده الأمر … وهو الى قادر يشفيه )
أنهت حلقة اليوم من « ما الحل » مع طلب من الآنسة *ل* بإرسال تقرير شقيقها الطبي لعرضه على أخصائي يقوم بتشخيص حالة يده ومعرفة ان كان لها علاج أم لا …..
**************************
★ دلفت الى مكتب السيد توفيق بعد أن علمت بطلبه لها في مكتبه ما أن وطئت قدماها مبنى القناة ….
حمحمت بهدوء لتنبهه لوجودها فرفع رأسه عن الأوراق التى كان يطالعها و هتف بضيق :
_( انتي فين يا ريهام …. من يوم اخر حلقة في البرنامج وانتي مختفية )
جلست على المقعد المقابل له دون ان تعير لسؤاله أدنى اهتمام ولا حتى انتظار اذنه لها بالجلوس …
زفر بضيق ولوح بكفه صائحاً :
_( انتي ايه حكايتك بالضبط ماتردي عليا …. دا انا تليفوني مابطلش رن بسببك ….. ريهام انا بحذرك ولأخر مرة …. كلام في سياسة مش مسموح سامعة ؟؟؟)
شخرت بسخرية وهتفت ببرود :
_( عارفة عارفة ….. متخافش يا استاذ توفيق الى قولته المرة الى فاتت عن **** و ****** مش هيتكرر )أومأ بتأكيد قائلاً :
_( انا عارف انه مش هيتكرر لانه لو أتكرر أنا الى هتصرف معاكي مش هم ….. فوقي يا ريهام الناس شايطة لوحدها مش ناقصة كلامك الي بيسخنهم اكتر … انا مش عايز مشاكل مع الناس دي )
أومأت بضيق من تقييدها بهذا الشكل وعدم أطلاق حريتها في مناقشة المواضيع السياسية الدارجة بين الناس بهذه الفترة ……
عاد يطالع إوراقه ببرود ظاهري وقال مغيراً مجرى الحديث :
_( ها … ايه اخبار برنامجك التاني بتاع المشاكل ده ؟؟)
صححت له بضيق :
_( اسمه ما الحل يا استاذ توفيق مش بتاع المشاكل …)
همهم بلا مبالاة وأستأنف حديثه :
_( ما علينا من أسمه …. اخباره ايه وهتناقشي ايه النهاردة ؟؟)
رفعت كفيها وأنزلتهما ببرود ورفعت كفها لتلفت نظره الى الأظرفة الورقية الممسكة بها ونطقت بفتورة :
_( معرفش لسه …. عم مسعود لسه مديني الجوبات حالا دلوقت ومش بفتحهم غير على الهوا )
زفر بضيق وهدر بها :
_( يعني ايه متعرفيش مش المفروض تعرفي هتتكلمي في ايه افرض كان فيها مصيبة ؟!!!!)
هبت عن مقعدها وقالت بتعجل :
_( مشاكل الناس هتوصل للناس مش ليا يبقى هم الى هيعرفوها زيي زيهم يا أستاذ توفيق …. عن أذن حضرتك ميعاد طلوعي على الهوا قرب )
جذبت حقيبتها والتفتت مغادرة ببرود ظاهري وبداخلها تشتعل غضباً من هذا الوضع الخانق بالنسبة لها …
***********
★ 3…..2…..1… … على الهوا يا أستاذة …
ساد الصمت كالعادة عقب جملة المخرج المعتادة لتقطعه هي ونبرتها قد بدأت تفقد بعضاً من حماسها المعتاد هادرة :
_( سيداتي وسادتي …. مساء الخير … أهلاً بيكم وحلقة جديدة من برنامجكم « ما الحل » والنهاردة معانا مشكلة جديدة ويا ترى هي ايه ومن مين ؟؟!!!! )
مدت كفها لتلتقط أحد الأظرف الموضوعة أمامها ومزقت طرفها لتخرج الورقة المطوية بداخلها …
« كف ايد لله ؟؟!!!!!! » نطقت هذه الجملة بتعجب حينما وجدتها مدونة على الورقة المطوية من الخارج …..
عقدت حاجبيها بتعجب وتملكها التوتر للحظات بعدم فهم للمعنى المبطن للجملة …
أسرعت بفك الورقة المطوية وبدأت بقرائتها بصوت مرتفع أمام الجميع قائلة :
_( شكوى النهاردة من الآنسة *ل* وبتقول فيها ….
★ أنا عايزة كف ايد لله يمكن يرضى عني …. أنا عايزة صوابع بتتحرك يمكن يقبل يبص في وشي …..انا طلبي مش صعب … انا طلبي بسيط … مش عايزة فلوس ولا عايزة وظيفة … انا بس عايزة كف ايد لأخويا الصغير يمكن يسامحني على ذنب مش بإيدي ولا عملته … )
أطرقت برأسها قليلاً تحاول إستيعاب تلك الكلمات المبهمة فلم تستطع …
رفعت رأسها ونظرت لعدسات التصوير وقالت مصرحة :
_( أنا مش فاهمة الى انتِ عايزة تقوليه يا *ل* بس أكيد تفسيرك موجود في باقي الرسالة ……. هنطلع فاصل ونرجع نفهم *ل* عايزة تقول ايه )
أرتفع الضجيج من حولها بتمتمات مبهمة هذه المرة فالجميع من حولها من العاملين في الأستوديو وغيرهم يتسائلون عن هذا الطلب الغريب وكيف سيعطونها « كف ايد لله»
بينما أطرقت هي برأسها تطالع الأرضية الرخامية بشرود تتفكر في تلك الكلمات … الى حد ما خمنت محتوى الرسالة الا انها لازالت لاتعلم كيف تساعد صاحبة الرسالة وكيف ستمنحها كف يد ؟!!!!
أخرجها من شرودها صوت المخرج ينبهها الى عودة البث مرة أخرى ……
تنهدت بثقل وحمحمت لتجلي صوتها وأستكملت باقي محتوى الرسالة للمشاهدين قائلة :
_( أهلاً بيكم مرة تانية ولسه مكملين مع رسالة الآنسة *ل* وطلبها *كف إيد لله* … والى بتقول فيها ……
★ انا كنت عروسة زي اي عروسة يا أستاذة ريهام …. كان يوم خطوبتي …. كنت صغيرة يادوب ١٧ سنة فرحانة بالفستان والهيصة الى حواليا لحد ما اااا ..
فلااااش
_( *م* أنا خايفة )
زفر بضيق وأغمض عيناه للحظا ليتمالك أعصابه ثم أعاد فتحهم وهمس بصوت حنون:
_( أهدي يا حبيبتي … ايه الى مخوفك بس ما انا جنبك أهو وعيلتنا كمان معانا … دي المرة العشرين الى تقوليلي فيها خايفة أهدي مفيش حاجة )
تلألأ الدمع بعينيها وهمست بصوت راجف متلعثم :
_( مـ مـ مش عارفة …. من ساعة الكابوس الى شوفته بالليل وانا خايفة يا *م* … عارفة اني زهقتك النهاردة بس … بس .. انا قلبي مقبوض وخايفة مش عارفة ليه .. )
مد كفه وربت على كفها بحنو هامساً :
_( أهدي يا حبيبتي متخافيش انا معاكي ) ثم تابع بإستنكار مرح عله يساعدها في التخلص من حالة الخوف هذه …
_( وصاحبتك كمان قاعدة قدام اهي في عربيتنا … تقوليش خايفة احسن أخطفك )
هدرت تلك القابعة في المقعد الأمامي لسيارة العروس بغضب مرح فيبدو أنها فهمت محاولته تلك وقررت مجاراته فيها :
_( محرم … عند حضرتك مانع ؟؟؟)
أرتفع جانب شفته العليا بإستنكار ساخر :
_( على أساس ان مفيش سواق محرم ياااك … وبعدين دي عربية الزفة بتاعتنا ايه حشرك انتى فيها مش فاهم )
أشارت له بطرف عينيها ليلتفت هو تجاه ما تشير إليه فوجد عروسه تطالعهما بعينان لا تريان بينما شفتيها ترتجف وتبتهل بخفوت …
تنهد بثقل ومال صوب رأسها هاتفاً :
_( سد ودانك يا محرم شوية الله يكرمك وخلي عندك شوية من الاحمر عايز أقولها حاجة )
كشرت عن نابيها ونفخت بغضب مصطنع هاتفة :
_( قول يا حج قول كلها خمس دقايق وننزل من العربية والزفة تبدأ وأبقى قابلني لو قدرت تقولها حاجة لحد ما الخطوبة تخلص وتطفح الحمام … صحيح متنساش تسيبولي حته متطفحوش الحمام كله ما انا عارفاكم انتوا الاتنين مفاجيع )
أرخى شفته السفلى ببكاء مصطنع هاتفاً :
_( لا بقى انتِ حد مسلطك عليا الليلادي … حتى الحمام هتاكلي معانا …. وايه هتطفح دي الملافظ سعد يخرببيتك سدي ودانك يا بت)
وضعت كفيها على أذنيها والتفتت للأمام بينما عاد هو برأسه لتلك المرتجفة بجواره واخذ يهمس لها بكلمات مطمئنة ( مطمئنة بس مش حاجة تانية متفهموش غلط دماغكم شمال انا عارفة ?)
أنتهت الزفة وصعد العروسان ليجلسا بالمقاعد المخصصه لهما ليلاحظا توتر الاجواء من حولهما ووجود حركة غريبة بين المدعوين …
أشارت *ل* بكفها الى صديقتها لتقترب منها الاخيرة بتوتر ملحوظ ويظهر على عينيها أثار دموع …. أنحنت لتصل لمستوى رأسها لتستطع سماعها من بين ضوضاء أجواء الحفل …
_( هو في ايه يا **** مال الناس قاعدين كده ليه زي ما يكون في مصيبة مش خطوبة ؟؟!!!)
عقدت صديقتها حاجبيها بمرح مصطنع وهتفت :
_( اصلهم قالوا ان الى عمل الكوشة في الجنب ده حمار لاننا مش شايفين العروسة القمر دي فراحوا على الجنب ده علشان يشوفوكي كويس )
عقدت حاجبيها بشك وتمتمت بتوجس :
_( يا سلاااام امال في ناس وقفوا وبيمشوا ليه ؟!! )
لوحت صديقتها بكفها بضيق مرح وقالت :
_( الناس وراهم أشغااال يا ماما مش باركولك وخلاص هيقعدوا يعملوا ايه تاني ؟! يلا بقى هروح أشوف المعازيم تحت لو محتاجين حاجة … مش عارفة انا متمرمطة في الفرح ده تقوليش جرسوم ) ..
همت بالأبتعاد ليشير لها *م* لتقترب منه بضيق صائحة :
_( وبعدين بقى انت وعروستك هتقرفوني ليه ؟؟)
ضيق عينيه متفحصاً وهمس لها بنبرة خافته حتى لا تصل لعروسه :
_( هتقولي في ايه ولا انزل من الكوشة دلوقت أشوف انا )
تلعثمت بالحديث وارتجف كفيها بإرتباك وهمست قائلة :
_( بعدين يا *م* المهم متخليش *ل* تحس بحاجة وكلها ساعة ولا حاجة وننهي الخطوبة علشان تروحوا
عقد حاجبيه بعدم فهم وقال :
_( ساعة ازاي يعني ؟؟! احنا لسه جايين بالزفة هو في ايه بالضبط ؟!!!)
همهمت بضيق وهتفت :
_( بعدين قولنا … المهم ما تخليهاش تحس بحاجة )
********
★ أنقضت الساعة ليمسك أبا العريس مكبر الصوت ويعلن انهاء الخطبة ليعود كلاً من العروسين الى بيت العروس متعجبين من هذه السرعة …..
دلف كلاً من العروسين وصديقة العروس وبعضاً من الأقارب المقربين الى داخل منزل أبا العروس وما هي الا دقائق حتى أشار أبا العريس لإبنه منادياً إياه للخارج ليفهمه ماحدث ويأخذه ليذهبا معاً الى المشفى العام بينما في الداخل تعالت صرخات العروس حينما علمت بأن أخيها الصغير قد أمسك لعبة نارية من تلك الألعاب التى كانت تضرب أثناء الزفة وأنطلق بيده ليفصل أصابعه عن بعضها البعض مما جعلها تتقطع وتسقط أرضاً ……
*********
وبعد مرور ثلاث سنوات من العلاج والعمليات التجميليه للكف المتقطع والذي لم يأتي بنتيجة تذكر سلم الاب أمره وأمر صغيره الذي أصبح بكف واحد الى خالقة بعد أن يأس من العلاج …
بينما في حجرة الكشف الدوري ….
تشبث الصغير ذو التسع أعوام بساق الطبيب الذي يُجري الكشف الدوري عليه وصاح بصوته الرفيع ودموعه تجري على خديه ……
_( بالله عليك رجعلي ايدي يا عمو انا مش عارف أكل بإيدي الشمال … وصحابي في المدرسة بيقولولي انت خلاص بقيت بإيد واحده متجيش تلعب معانا تاني …. بالله عليك يا عمو رجعلي ايده والنبي والنبي ….)
دفع الطبيب كف الصغير السليم وهدر به :
_( انت ايه مبتفهمش … قولنا ايدك دي خلاص تنساها ايدك باظت خلاص وملهاش علاج افهم بقى جاتكوا القرف …. )
_( انت اتجننت يا دكتور ؟!!!)
هكذا صاح به الطبيب المسئول عن قسم الجراحة :
_( أزاي تقول كدا لطفل لو دا ابنك ترضاهاله ؟؟!!!)
أتبع قوله بالأقتراب من الصغير وأخذ يهدهده ليكف عن البكاء بينما وقفت هي تراقب من خارج الغرفة واضعة كفها على فمها بقهر وبكاء على حال اخيها الصغير ….
★ أنتهى الصغير من كشفه الدوري لتهرول إليه تحتضنه هاتفة :
_( متخافش يا حبيبي هتبقى كويس )
دفع ذراعيها التى تحتضنه بقوة وصاح برفض لها :
_( أبعدي عني .. انتى السبب انا كنت عايز اضربلك الصاروخ زي ما الناس بيعملوا وفرحان بيكي … انتى السبب انتى الى قطعتيلي ايدي )
بااااااك
ومن يومها يا أستاذة ريهام وهو مش بيبصلي حتى … هاتولى كف إيد يمكن يبصلي …. عايزة كف ايد يمكن يسامحني … انا تعبت ومعدتش قادرة اتحمل ….. هاتولي كف ايد يمكن ترجعله حياته ويرجع هو لحياتي ….. هاتولي كف ايد لله )
نطقت آخر كلمات الرسالة بصوت خنقه البكاء … وضعت الرسالة على الطاولة الطوليه وكففت دموعها التى لا تعلم متى بدأت بالهطول ونطقت بحزن جم :
_( ياريت لو عند كف ايد كنت أديتهولك…. ياريت لو أقدر أعوضه بصوابع وايد … بس للأسف طلبك مش عندي … طلبك عند الى خلقك هو الى بأيده الأمر … وهو الى قادر يشفيه )
أنهت حلقة اليوم من « ما الحل » مع طلب من الآنسة *ل* بإرسال تقرير شقيقها الطبي لعرضه على أخصائي يقوم بتشخيص حالة يده ومعرفة ان كان لها علاج أم لا …..