نوفيلا ما الحل

********* ★ الفصل الثالث ★ *********
********************
★ مدت كفها بتردد وطرقت الباب طرقات خافته ودلفت حينما تناهى إلى أسماعها صوته آذناً بالدخول …..
سارت بخطوات بطيئة نسبياً حتى توقفت على بُعد خطوتين من مكتبه وأنتظرت إذنه لها بالجلوس ….
جزت على أسنانها بغيظ فيبدو أنه تناسى وجودها أم أنه متعمداً ؟؟!!! حركت رأسها منفضة عنها هذه الافكار التحليلية فهذا ليس وقتاً مناسباً لتحليل أفعال رئيسها فيكفيها ما سينالها منه الآن من توبيخ ….
حمحمت بضيق لتجعله يتنبه لوجودها « وقد كان » حيث رفع رأسه عن شاشة حاسبه الإلى التي كان يدقق النظر فيها بتركيز …… خلع نظارته الطبية ورفع كفي يده مشيراً إليها بالجلوس بصمت مريب ….
توجست خيفة من صمته هذا فقد توقعت منه ثورة عارمة لمخالفتها أوامره ولكن هذا الهدوء !!!! إنه غريب عن طباعه فلطالما كان صوته يصل لكل من يعمل بهذا المبنى على مدار اليوم ….
تقدمت من أحد المقاعد الماثلة أمام مكتبه وجلست ببطئ وعيناها مسلطة عليه بحذر ….
رفع ذراعه اليسرى لتنتفض هي من على مقعدها بقوة ليحمحم هو مجلياً صوته وأشار بكف يده لها مهدأً :
_( أهدي يا آنسة ريهام مالك خايفة كده ليه !!!! )
حركت رأسها يميناً ويساراً نافية ونطقت بنبرة متلعثمة :
_( لـ لـ لـا لا اااااانا مش خايفة … و وو و وانا هـ هـخاف ليه يعني )
أومأ برأسه متصنعاً الفهم وأشار الى المقعد الذي وقفت عنه قائلاً :
_( طاب أقعدي واقفة ليه ؟؟ ) أتبع قوله بتحريك حاسبه الآلى لتكون الشاشة مواجهة لها ورفع سبابته مشيراً لإحدى الأيقونات الظاهرة على الشاشة هاتفاً بسعادة :
_( شوفي …. شوفي نسبة المشاهدة للحلقة قد إيه !!! … لا ومش بس كده دا كل مواقع التواصل الإجتماعي ملهاش سيرة غير البرنامج الجديد بتاعك الى هيتكلم بلسان الغلابة ….)
عقدت حاجبيها بتوجس ونطقت بتلعثم خافت :
_( هـ هـو انت … احم أقصد حضرتك مبسوط ؟!!!!!!!)
أومأ برأسه مؤكداً :
_( الا مبسوط دا انا طاير من الفرحة …. انتى عارفة نسبة المشاهدة دي يعني ايه ؟؟؟ يعني كام حلقة كمان من المشاكل الغبية بتاعتك دي والبرنامج هيكسر الدنيا والناس كلها مش هيكون ليها سيرة غير البرنامج والقناة بتاعتنا ومصداقيتها …. دا احنا كدا هنحقق أرباح خياااااليه )
ما ان أنهي كلماته حتى هبت عن مقعدها بغضب وهدرت :
_( نعم !!!!! مشاكل غبيه !!!! دي مشاكل غبيه !!! دا على أساس ان المشاكل الى حضرتك كنت عايزني أذيعها دي ايه ؟؟ مشاكل وطنيه ولا مسألة حياة وموت ؟؟؟!!!!!! )
لوح بكفه بلا مبالاة ونطق ومازال الحماس الجَشِع يطبع بصماته على نبرته :
_( سيبك من الى كنت عايز أذيعه دلوقت وخلينا في المهم … انتى عارفة لو البرنامج ده بقى مرتين في الأسبوع بدل مرة ممكن يحققلنا أرباح كاااااام … ويا سلام لو نزلنا كام إعلان وقولنا فيهم ان المشاكل الى وصلتنا كتير وأننا حابين نساعد ناس أكتر فـ هنخليه حلقتين في الأسبوع بدل حلقة …. مع كام دمعة تأثر … على كام أعلان تبرع بمساعدات للناس دي …. هـ )
قاطعته بضيق هاتفة :
_( خلاص يا أستاذ توفيق خلاص فهمت أنه هيحقق أرباح خيالية …. مفيش مشكلة حقق الأرباح الى أنت عايزها بس سيبني أذيع مشاكل بجد وياريت متدخلش في الى هنزله …. أظن أن دا أتفاق كويس )
مط شفتيه بلا مبالاة ونطق ببرود :
_( أنا فعلاً يهمني الأرباح لكن دا ميمنعش اني مش عايز مشاكل … فاهماني طبعاً )
أسرعت هادرة بحماس :
_( فاهمة فاهمة متخافش يا أستاذ توفيق مش هتكلم في حاجة تخص السياسة و ااا)
قاطعها ببرود مشيراً الى باب مكتبه :
_( خلاص تمام … تقدري تتفضلي دلوقت علشان أكمل شغلى ….. )
هبت عن مقعدها بضيق ومدت كفها مشددة على حزام حقيبتها وتمتمت من بين أسنانها بغيظ هامس :
_( أنسان مستفز …. يارب لو طلعت على الهوا مباشر تتكعبك والشاشة تفرقع في وشك )

******************

★ بعد مرور ثلاثة أيام ★

★ طرقات خافته على باب مكتبها أثارت أنتباهها لتدفعها لرفع رأسها عن تلك الأوراق المنكبة عليها منذ الصباح …… رفعت صوتها آذنة للطارق بالدخول ليدلف عقب أذنها الساعي الى داخل المكتب الصغير الذي يجمع العديد من موظفي القناة أثناء راحتهم قبل وبعد أنتهاء تصويرهم للبرامج …
أقترب منها الساعي بحماس وناولها بعض الأظرفة الورقية هاتفاً :
_( البريد أهو يا أستاذة ريهام …. في مشاكل كتير بعتتهالك الناس …. انا لحد دلوقت مش مصدق ان توفيق بيه خلى البرنامج حلقتين في الأسبوع بدل حلقة سبحان الله كنا فاكرينه مبيحبش يساعد حد أتاريه عايز يساعد الغلابة وقلبه عليهم واحنا الى ظلمناه )
شخرت بسخرية عقب انتهاء الساعي من كلماته ونطقت بإستهزاء :
_( ايوة صح ظلمناه جدااااا …. أسكت يا عم مسعود وخليني ساكته قال قلبه على الغلابة قال )
عقد الساعي حاجبيه بعدم فهم قائلاً :
_( مش فاهم قصدك يا استاذة ريهام …هو في حاجة حصلت ؟؟.)
لوحت بكفها بلا مبالاة وقالت :
_( متشغلش بالك يا عم مسعود … انا هروح الأستوديو بقى علشان ميعاد طلوعي على الهوا خلاص قرب …. ومتشكرة على البريد يا عم مسعود تسلملي يارب )
أندفعت الى الخارج مهرولة الى أستوديو التصوير لتستطع اللحاق بالموعد بلا تأخير …..

********************
★ 3 …… 2 …… 1 …..على الهوا يا استاذة
سيطر الصمت على الأجواء من حولها قطعته هي بهدرها بثقة يتخللها الحماس :
_( سيداتي وسادتي ….. مساء الخير … أهلاً بيكم مع تاني حلقة من برنامجنا * ما الحل * ….
ومع تاني مشكلة أتبعتت لينا ويا ترى من مين وفيها ايه ؟؟ )
مدت كفها لتلتقط أحد الأظرف الموضوعة أمامها على الطاولة الطولية ومزقت أحد أطرافها …… مدت أصابعها داخل الظرف وأخرجت ورقة مطوية بداخله وفردتها …….
طالعت الورقة للحظات وحمحمت بهدوء لتجلى صوتها وقالت :
_( اممممم مشكلتنا النهاردة مبعوتة من السيد *م* وبيقول فيها ….
★ مساء الخير يا ست الاستاذة …. أنا *م* عارف انتي بتفكري في ايه … ايوة انا هو الى انتى بتفكري فيه … انا عارف انك عايزة تقطعي الورقة دلوقت … وعارف كمان ان كل الناس زيك مش طايقيني وعايزين يعدموني …. انا بس طالب فرصة … فرصة واحدة يا ست هانم عشان تسمعوني …… انتوا مش عارفين حاجة ولا عارفين الى حصل …. كل واحد فيكم بيفسر ويستفسر على مزاجه … وكل واحد يفتي بحكاية شكل … مرة تقولوا اني رميته …. ومرة تانية تقولوا ان الشاب انتحر …. حرام عليكوا كفاية انا بيتي اتخرب … انتوا ليه مش عايزين تسمعوني ليييييه … لبستوني تهمة مليش ذنب فيها وحكمتوا عليا ودمرتولي حياتي … طاب مفكرتوش انا ايه مصلحتى اما ارمي واحد معرفوش من القطر !!!! حرام عليكوا انا كل ما اغمض عيني أشوف دمه بيسيل على أيديه … انا تعبت يا ناس وخلاص مش قادر ارحموني واسمعوني …. يا اما تموتوني وتريحوني )
أنتبهت الى أشارة المخرج لها من خلف الكاميرات لتتنبه انها لم تأخذ فاصل اعلاني حتى الآن …
ألقت الورقة بضيق على الطاولة الطولية التى امامها وهدرت ….
_( عندك حق احنا حكمنا عليك من غير دليل … احنا هنسمعك يا *م* بس بعد الفاصل )
********
عاد الضجيج من حولها مرة اخرى بعد تصريحها بالفاصل …. شعرت بربته خفيفة على كتفها لتلتفت بفزع محاولة تبين يد من هذه …..
رفع كفه مهدأ وقال بنبرة مستنكرة :
_( أهدي في ايه مالك اتفزعتي كده ليه هو انا هاكلك ؟؟!!!)
زفرت بضيق وقالت معتذرة :
_( معلش يا استاذ توفيق مقصدش … انا بس …. )
تنهدت بضيق وأشارت الى الورق المتناثر أمامها على الطاولة وقالت :
_( الراجل ده كان حديث البلد على مدار شهر كامل …. كل الناس كانت بتدينه وانا أولهم ….. مش عارفة هو عايز يقول ايه بس هعمل الى عليا واسمعه … يمكن نكون ظالمينه بجد )
أومأ لها مؤكدا وهتف بحماس زائد :
_( ايوة طبعاً لازم تسمعيه … دا اول مرة يتكلم وبيتكلم على القناة بتاعتنا انتى عارفة دا هيجذب الناس بشكل رهييييب …. عايزك تخلي الحلقة دي نار يا ريهام … عايزك تولعي الدنيا على قد ما تقدري … ) ثم التفت مغادرة ولسان حاله يهدر بداخله بجشع وحماس :
_( واضح انكِ هتكوني وش السعد عليا يا ريهام وهحقق نجاح ناااار وهسبق كل القنوات المتصدرة القائمة في المشاهدة عند الناس )
بينما زفرت هي بضيق عقب مغادرته وهدرت من بين أسنانها بغيظ :
_( انسان أنتهازي ومستفز عبوشكلك نرفزتني اكتر ما انا متنرفزة )
أنتبهت الى إشارة المخرج الذي ينبهها الى اقتراب انتهاء الفاصل الأعلاني و عودة البث المباشر ….

error: