نوفيلا صاحبة القلادة

الفصل الثاني
ألقاها بالمياة الباردة دون أن يبدي أي سبب بقتلها هكذا فأنها لا تستطيع السباحة نظرت له من أسفل المياة حاولت أن تصرخ مستنجدة به ولكنه لم ينقذها وذهب عندها تذكرت عندما كانت صغيرة بعمر السابعة مازحها جاك وتحداها بأن تسبح ألي منتصف البحر أوقفه أخيه الأكبر قائلاً :
– جاك توقف عن ذلك المزاح السيئ.
فعندها قال له جاك :
– أسف أخي.
ولكنها أنتظرتهم حينما أولوا لها ظهورهم حتي قفزت بالمياة وهي تحاول أن تثبت لأخواتها كم هي شجاعة ولا تخف من السباحة ، الموقف يتكرر تنزل بالمياة تفقد قدرتها علي التنفس روحها تنسحب منها ببطء تدلف بظلام دامس ليس له مفرٍ عندها تحول كل شيء ألي اللون الأسود ولكن في وسط ذلك الظلام هناك ثمة نوراً رأت شخص قفز بالمياة قبل أن تغمض عينيها وهو يقترب منها أمسكها من خصرها لينقذها من ذلك الظلام فدفع بجسده ليرتفع بها ألي سطح المياة من ثم وضعها علي الشاطئ ضغط علي صدرها بقوة ليخرج المياة الزائدة العالقة بصدرها أغلق أنفها ونفخ بفمها حتي سعلت ففتحت مقلتيها ببطء لم تكن رؤيتها له واضحة فأغلقت عينيها وهي تراه يبتعد عنها .
لا تتذكر وجهه ولا تعلم كيف أتي لعندها كل ما تذكرته بعدها أنها أستيقظت بصباح اليوم التالي وجدتها نائمة شعرت كما لو كانت تحلم بكل هذا ولكن من أكد لها بأن ذلك حقيقياً تواجد أخواتها بجانبها أبتسم جاك بفرحة قائلاً :
– ها قد أستفاقت.
أعتدلت بجلستها فأمسكت رأسها من ذلك الصداع الذي يجتاح رأسها فعندها سئلها جون :
– هل أنتِ بخير هل تشعرين بالدوار أو الغثيان ؟
ولكنها أجابته قائلة :
– أين ذهب ذلك الشاب؟
نظروا لبعضهم البعض قبل أن يجيبها جاك قائلاً :
-عن أي شاب تتحدثين ؟
أما أخيها جون فأردف قائلاً :
-أنكِ ما ذلتي تخترفين ؟
أجابته قائلة :
– ذلك الشاب الذي أنقذني من الغرق بعدما ألقاني الرجل ذو الوجه المخبئ في المياة
أريد أن أشكره بعدما انقذني .
صمتوا فعلمت أنهم لم يعثروا عليه فلم تسرف بالحديث عما حدث فألتقطت أنفاسها وهي تسئلهم :
– أين كنتُ ؟
أجابها جون :
– كنتِ علي الضفة المقابلة للنهر فاقدة الوعي .
أكمل وهو يبتسم لها :
-ولكن حمدلله علي سلامتك أريدك أن تذهبي مع أبانا إلي مركز الشرطة لتبلغين عما حدث .
أومأت بإيجاب فتابع بنبرة أمره :
-لا تذهبين للمدرسة اليوم فقط خدي قسطٍ من الراحة .
تنهدت قبل أن يتركوها ويغادرون غرفتها
من ثم البيت بأكمله فقد ذهب جون الي عمله بمشفي بريستيان وجاك ذهب ألي جامعة ييل أما عن أبيهم فلم يأتي منذ البارحة من عمله بالمركز الشرطة لم يكن هناك أحد غيرها بالمنزل نامت قليلاً من ثم جلست تذاكر دروسها فعندها تذكرت أمر القلادة أحضرتها من خزانتها وجلست علي مكتبها تنظر بها فدققت النظر عليها وجدت عليها بعض الكلمات الصغيرة فلم تستطيع قرائتها وكأنها طلاسم تركت القلادة وذهبت لغرفة أخيها جاك لعلها تجد عدسته المكبرة لتستطيع قراءة تلك الكلمات وبالفعل وجدتها ودلفت غرفتها مرة أخري جلست علي كرسي مكتبها وأمسكت القلادة لكنها الكلمات تبدو غريبة حقاً لم تكون باللغة الإنجليزية كانت علي هيئة رموز لاتينية
غلبها فضولها لتعرف ما معناها لعلها تكشف سر تمسك تلك الفتاة بها وقتلها من أجل تلك القلادة
نزلت من غرفتها لتدلف غرفة المكتب بحثت طويلاً عن كتاب يتحدث باللغة لاتينية ويترجمها للأنجليزية بين كتب أخواتها الذين عشقوا قراءة الكتب التي تتحدث عن كافة العلوم والمجالات وبالفعل وجدت هذا الكتاب من حُسن الحظ، بحثت عن ترجمة هذه الرموز فوجدتها في فهرس بصفحة معلومة فتقدمت بعدة صفحات تبحث عنها ولكنها مفقودة بالفعل كما كأن هناك أحد قد مَزقها تحدثت ألي نفسها قائلة :
-ما هذا أنه شئ غريب حقاً لما هذه الصفحة مُمَزقة
شعرت بالقلق للحظات ولكنها حاولت أن تقنع نفسها بأنها مجرد صدفة وعليها أن تبحث عن غيرها ضغطت علي القلادة بدون قصد وهي تحاول أن تكمل معرفتها بتلك الرموز فتحت القلادة فإذا هي تجد ورقة قديمة لونها بني مائل للأصفر كانت مطوية فأخرجتها منها و فتحتها .
أتسعت حدقة عينيها وهي تنظر للصورة فهي أغرب من تلك الرموز فأن نظرت أنت بها لوجدت رسم لثلاثة أشخاص من الذكور و فتاه شابة ومعهم إمرأة عجوزة ، أمامها بلوره تبدو أنها تشع ضوءاً واقفون يمسكون بأيدي بعضهم البعض ،حوالهم أشجار كثيفة كما لو كانت غابة أسفلهم نجمة داوود ولكن هناك جزء مفقود من تلك الورقة ممزقة.
لم تعرف ماذا حدث ولكنها شعرت بأنها بذلك المكان تراهم أمامها كانوا يرتدون ملابس غريبة حقاً بما ينتموا الي عصر الملوك وتلك الفتاة الشابة التي ترتدي فستانٍ أخضر اللون عاري الصدر شعرها منسدلاً تداعبه الرياح فهي فتاة جميلة حقاً أما عن تلك العجوز لم تتوقف عن قول كلمات تشبه الطلاسم أو أنها تقول تعويذة ما جعلتها ترتجف ليس من صقيع الطقس ولكن كلماتها حركت بداخلها الدماء كما لو كانت تغلي بأوردتها رفعوا الجميع رؤسهم للسماء التي تملئها الغيوم فهي بالتأكيد ستمطر لعلها تفعل فتحوا أعيونهم فإذا هي تتحول للون الأحمر نظروا جميعهم ألي تلك العجوز التي أبتسمت بخبث فأكملت ما تقول.
أرتجفت بريا للحظة وهي تنظر لتلك الورقة فألقتها علي المكتب وهي تبتلع ريقها وتحدث نفسها قائلة :
– ماذا حدث لي أكان حلمٍ أنني بالفعل أرتجف من ذلك الطقس البارد ألتقطت أنفاسها وأكملت قائلة :
– بريا دعكِ من تلك الخرافات هذه ليست ألا ورقة قديمة رسمها أحدهما ولا يهمك معرفة من بها.
أخذتها ووضعتها بتلك القلادة مرة أخري قبل أن تغلق غرفة المكتب وتعود لغرفتها وضعت القلادة بدرج الكومود ثم ألقت بجسدها علي الفراش فتذكرت ذلك الأشخاص وكيف تحول أعيونهم ألي اللون الأحمر فأرتجفت وكأنها تراهم لأول مرة حتي طرق باب الغرفة فأنتفضت ذعراً وقالت :
– من؟
أتي صوت مألوف لها أنه أخيها جاك يستأذن بالدخول فألتقطت أنفاسها وأذنت له فدلف وجدها تلتقط أنفاسها بصعوبة تلهث كما لو كانت تركض لأميال أقترب منها بلهفة قائلاً :
– أنتِ بخير؟
أمسكت به وقالت وهي تحاول أن تسيطر علي اعصابها قائلة :
– أجل.
قال لها :
– بالتأكيد تشعرين بالراحة لعدم ذهابكِ للمدرسة .
تضايقت لما حدث لها في ذلك اليوم فأجابته قائلة :
– لا أنني حزينة فلم أري أصدقائي.
تابع قائلاً :
– لقد أتوا من أجلك.
نظرت إلي الباب فوجدت أمامها أصدقائها ماريان و نيها وجيمي .
كانت ماريان اقربهم ألي قلبها أما عن نيها فهي فتاة طيبة القلب جميلة للغاية عيونها زرقاء اللون شعرها أشقر مائل للبرتقالي طويلة نوعاً ما جسدها نحيل.
وإن تحدثنا عن جيمي فهو شاب طويل القامة أسمر الوجه فهو من أصول أفريقية عينيه شديدة السود ، شعره أسود كالليل، يرتدي نظارات طبية .
فرحة بريا بهم وقالت :
-يا لها من مفاجأة رائعة.
وقف جاك وقال لهم :
-إدرسوا قليلا حتي أعد لكم الغداء .
عندها أردف جيمي قائلاً :
-سأذهب الأن.
قالت له بريا :
– اجلس معنا قليلاً ندرس ونتناول معاً الغداء
رفض جيمي قائلاً :
– أتيت أطمئن عليكِ لأنك تغيبتي اليوم وكنت أريد أن أدعوكِ لحفل زفاف شقيقتي كرستينا اتمني ألا تنسي ذلك
أبتسمت له وهنئته بذلك وأخبرته أنها ستحضر بكل تأكيد .
تركهم جيمي وغادر فجلسوا الفتايات معاً يحكون لها ماذا حدث بالصف فقالت لهم :
– هل تعرفون كتاب عن اللغة لاتينية .
قالت نيها :
-أمي تمتلك واحداً ولكن لماذا تريدينه ؟
أجابتها قائلة بتلعثم :
-أ أريده لأنني بدئت بتحضير مشروع تخرج المدرسه الثانوية وأريد أختمه ببعض الكلمات لاتينية .
وعدتها نيها بأنها ستحضره لها بأقرب وقت كان ، أتي جاك لعندها ليخبرهم انه قد حان وقت الغداء فنزلوا جميعاً ليجلسون علي طاولة الطعام ، عاد جون من عمله فقال لأصدقاء بريا :
– مرحباً يا فتايات كيف حَالكُن ؟
أبتسموا له قبل أن يجيبوا :
– بخير
جلس بجانب بريا وهو يسئلها قائلاً :
– كيف حال قطتي الصغيرة؟
قالت :
– بأفضل حال
شرعوا بتناول الغداء معاً
فسئلت بريا جون قائلة :
– لما لم يأتي أبي؟
رد عليها جون قائلاً :
-تحدثت معه و قال لي أنه سيبيت بالعمل .
تنهدت قبل ان تقول :
– حسناً أتمني أن يكون كل شئ علي ما يرام .
جذب أنتباه نيها خواتم الذين يرتدونها أخوات بريا فسئلتهم :
– من أين حصلتم علي تلك الخواتم
اردفت بريا قائلة :
-أنك قوية الملحظة يا نيها أنهم يرتدونها منذ زمن بعيد
أجابها جون قائلاً :
– أنها من شخص عزيز علينا ولكنه مات الأن .
أخفضت من نبرة صوتها وهي تقول :
– آسفة .
تابع وهو يقول :
– لا بأس .
بعد تناول الغداء رحلوا اصدقائها وجلست هي بغرفتها تنظر بالكتب المتواجدة أمامها لعلها تذاكر شئ ولكن عقلها منشغلا ً بتلك القلادة نسيت أن ترجع عدسة جاك المكبرة فذهبت لغرفته لإسترجاعها فلم يكون بغرفته فقالت لنفسها :
– بالتأكيد بغرفة المكتب.
دلفت غرفة المكتب وقالت :
– جاك أنا أريد ..
ولكنه لم يَكُن بها أيضا! فعندها فكرت ان تضعها له علي الكتاب الذي يقرأ به .
تقدمت ناحية الكتاب ووضعت العدسة فلاحظت الورقة المفقودة من كتاب اللغة اللاتينية أنها بكتاب جاك أخذتها سريعاً قبل ان يأتي أخيها ليراها وبدون قصد أوقعت باقية كتبه وهي تهرول لتخرج من تلك الغرفة
وأنا اخذها اوقعت الكتاب علي الأرض أرجعت الكتب من حيث أتت فلاحظت الورقة المفقودة من ورقة القلادة لفتت نظرها من لونها الفاقع أتسعت حدقة عينيها وهي تراها بكتاب أخيها فأمسكتها بيديها فشعرت به خلفها أشتد غضبه وقال لها :
– ماذا تفعلين هنا لماذا تعبثين بكتبي ؟
خبأت الورقتين بقبضة يديها فشعرت بالخوف من صياحه بها وانه قد يكشف سرها انها قد أخذت الورقتين فتلعثمت قائلة :
– أنني أتيت لأعطيك عدستك كنت أحتاجها فستعرتها و .
صاح بها بصوت جهوري أستحث عينيها بأمتلئ الدموع :
– لا تدخلين غرفة المكتب عندما أكون بالمنزل هل تفهميني ذلك .
أتي أليهم جون وهو يحاول ان يهدئ اخاه قائلاً :
– ماذا حدث ؟
قالت له معتذرة :
– آسفة .
بكت بشدة وهي تنظر بقبضة يديها ألي الورق المطوي بيديها لما يحتفظ بهم جاك وكيف يغضب عليها هكذا دون أن يبدي مبرراً لذلك طرق باب الغرفة فألقت ما بيديها بدرج الكومود وأغلقته سريعاً قائلة :
– تفضل .
دلف جون لعندها قائلاً :
– قطتي الصغيرة مازالت غاضبة ؟
صمتت ولم تتحدث معه فأردف قائلاً :
– عزيزتي عندما تكونين تحتاجين شئ من المكتب أخبريني أولاً سأحضره من أجلك.
نظرت له بعينيها الدامعة قالت :
– لماذا لا تمسحون لي أن أدلف مكتبكم علي أي حال لن أفعل مرة ثانية.
وضع يديه علي شعرها وهو يخبرها بالأ تغضب ويمكنها أن تستعير منه ما تشاء أبتسمت له فمسح دموعها قائلاً :
– حسنا يا قطتي سأتركك للدراسة فبذلي قصارى جهدك لتصبحي طبيبة مثلي .
نظرت له بإيتنكار وهي تقول ل له :
– لن أكون طبيبة مثلك .
ضحك فضحكت هي الأخري فسئلها :
-وقالي ماذا كنتي تريدين من جاك ؟
تلجلجت قليلاً قبل أن تخبره :
– اريده أن يشرح لي درس الرياضيات أنه صعب كثيراً ولم أفهمه .
طرق جاك باب غرفتها فقال لها :
-سمعتك أنك تريدين أن أشرح لكي درس الرياضيات أين هو؟
أبتسمت له أنه سيشرح لها دروسها ولم يشك بأنها أخذت الورقتين ، غادر جون الغرفة ليتركه ليدرس لأخته الصغري جلس جاك كثيراً معها وهو يشرح لها الرياضيات فتركها قائلاً :
– حلي هذه المسائل حتي أحضر إليكِ العشاء .
حاولت أن تجيب عليها ولكنها كانت بغاية الصعوبة فنعست علي الكتاب ،فأتي جاك مرة أخري لعندها وقد أحضر أطباق الطعام وجدها نائمة علي مكتبها فقال لها :
– أيتها الحمقاء أنك تدعين النوم حتي لا تجيبي علي تلك التمارين .
أقترب منها وجدها بالفعل نائمة تنهد قائلاً :
– حسناً نستكمل بالغد .
حملها علي ذراعيه وأنامها علي الفراش وأدفئها جيداً ذلك الحلم يتكرر معها تلك الغابة وسيدة العجوز التي تردد كلمات لم تفهمها أرتعد جسدها حينما تحول عيونهم للون الأحمر فأذا هي تضع يديها علي صدرها لتخرج تلك القلادة أجل أنها هي التي تمتلكها بريا الأن أبتسم الجميع بخبث وهم ينظرون عليها وكأنها هدفهم الأول ولكنها بلحظة أختفت من يدي تلك العجوز لتجدها بريا بيديها هي نظر أليها الجميع وعيونهم تتحول لقطع من الجمر الملتهب فتقدموا ناحيتها قائلين :
– أعطيها ألينا نحن نحتاجها.
استيقظت فزعة من ذلك الكابوس السيئ وضعت يديها علي صدرها تحاول أن تقلل من دقات قلبها المتسارعة نظرت بجانبها تبحث عن كوباً من الماء لعله يجعلها تهدئ قليلاً من نوبة فزعها نظرت للساعة المعلقة علي الحائط المقابل لها فأذا هي تشير الى الثانية والنصف بعد منتصف الليل أعتدل بجلستها وأزاحت الغطاء عنها وقفت وأتجهت ناحية باب الغرفة نزلت بهدوء لتذهب ألي المطبخ تحضر كوباً من الماء وبالفعل احضرت معها كوب ماء أخذت تحتسي منه القليل في طريقها لعودتها لغرفتها سمعت صوت أخواتها يتحدثون في موضوع ما أقتربت بفضول لتسمع ماذا يقولون وليتها لم تستمع فإن ما قالوا كآن هناك صاعقة نزلت عليها فهوت كوب المياة من يديها فتحطم عندما أحتضن الأرض ليصبح شظايا زجاج فشهقت بفزع جعل أخواتها ينتبهون لتلك الضوضاء ففتح جون باب المكتب وجد أختهم تسترق السمع وعيونها تملئها الدموع .
تري ماذا قالوا؟؟

error: