رواية يونس للكاتبة اسراء على
الفصل_الرابع_عشر
يونس
اغضب كما تشاءُ…
واجرحْ أحاسيسي كما تشاءُ
حطّم أواني الزّهرِ والمرايا
هدّدْ بحبِّ امرأةٍ سوايا…
فكلُّ ما تفعلهُ سواءُ…
كلُّ ما تقولهُ سواءُ…
فأنتَ كالأطفالِ يا حبيبي …
نحبّهمْ.. مهما لنا أساؤوا…
كانت الأجواء رائعة والجميع يستمتع..إقتربت أنچلي من أحدهم وأمسكت ذراعه..إلتفت إليها ذاك الرجل الأربعيني وقال
-أين هم ضيوف الحفل!
-ألقت أنچلي بـ نظرها تجاه الدرج وهي تقول بـ إبتسامة:ها هم
وإلتفت مرة أخرى بـ كامل جسده يتطلع إلى تلك الفتاه التي تتهادى في ثوبها ذو اللون الأزرق الداكن..لم يستطع إزاحة عيناه السوداوتين عنها..كانت جميلة بـ طريقة أبهرته..هى بالفعل نوعه المُفضل…
ولم تكن أنچلي بـ أقل منه وهى تتفرس يونس بـ نظراتها وكأنها ستأكله بـ عينيها..جاذبيته الرائعة..هدوءه الرزين..إبتسامته وااااه من إبتسامته التي تُذيب قلوب المُراهقات…
كانت بتول تُمسك كف يده وما أن لاحظت نظرات ذاك الأربعيني والذي يتفرسها بـ سوداوتيه القاتمة..بشرته السوداء..هيئته الكلاسيكية بـ حلته الرمادية..وتلك القُبعة العجيبة التي تُخبئ خُصلاته..زادت في تمسكها بـ قبضته..جعلته يقطب بـ قلق ومال عليها سائلاً
-مالك يا بتول!!
-أشارت بـ رأسها إلى الرجل ومن ثم تشدقت بـ خوف:الراجل اللي شبه بتوع العصابات دا بيبصلي بـ طريقة مش مريحة
نظر إلى مقصدها من طرف عيناه والتي ما لبثت وأن إحتقنت حتى تجمعت شُعيرات حمراء حول حدقتيه..ومن دون وعي منه قبض بـ قوة أكبر على يدها جعلتها تتأوة مُتألمة..لم يلتفت إليها وقال من بين أسنانه
-إياكي ثم إياكي ثم إياكي يا بتول تسيبي إيدي..فاهمة؟!
-إبتعلت ريقها وقالت بـ نظرات زائغة:حـ..حاضر
-أخذ نفسًا عميق وقال بـ غموض:أسف مضطر أعمل كدا
عقدت ما بين حاجبيها..لتجده يلتف بـ يده حول خصرها مرة أخرى كما دلفا خارج الغُرفة..وقربها منه بـ طريقة تُوحي بـ تملكه لها وكأنها موّشمة بـ اسمه..ثم مال يُقبل أسفل صدغها مُطولاً حتى يُثبت لكليهما أنهما مُكبلان بـ عشق وهمي بـ بعضهما..إرتجف بدنها بـ قوة وإزدادت ضربات قلبها أيضًا..ولكنها أثرت الصمت فـ قُرب يونس أهون من نظرات ذلك القذر التي تشي بما يكنه لها…
إبتعد يونس عنها بـ مضض..ولكن في تلك الثوان شعر بـ بعثرة مشاعره وروحه ذهب جموده أدراج الرياح وإحتل مكانه شغف..إختل توازن هدوءه ورزانته فهى بعيدة كل البُعد عن الهدوء والرزانة…هبط بها الدرج ومع كل خطوة يخطوها تجاههم كانت قبضته تحكم عليها أكثر خشية أن يسرقها منه..وقفا أمام أنچلي والتي كانت تثور بـ داخلها براكين..وقبل أن يتحدث أحدهم قال الرجل
-مرحبًا بكم في منزلي المتواضع…
**************************************
هبطت من السيارة ولم تلتفت إليه أو ترد على ندائاته المُتكررة..ليهبط سيف هو الأخر بـ غضب ثم أسرع يُمسكها من مرفقها مُجبرًا إياها على الإلتفات إليه..ومن ثم هتف من بين أسنانه وعيناه تحولت إلى القتامة
-روضة!..بلاش الأسلوب دا معايا عشان متزعليش مني
تجاهلت رعبها منه وتحاملت على نفسها قبضته التي كادت تُهشم مرفقها وتشدقت بـ حدة
-إحنا فـ الشارع يا سيف..سيب إيدي وأقف حلو أحسنلك
-إقترب خطوة منها وقال بـ صوتٍ يشبه فحيح الأفاعي:بتهدديني يا روح أمك!!..إتقي شري أنتي أحسنلك
تصاعد خوفها حتى وصل إلى عينيها فـ إستطاع سيف قرائته..ليترك يدها ثم إبتعد خطوة عنها وتشدق بـ صوتٍ هادئ ولكنه حاد
-روضة متجبرنيش أوريكي وش أنا ذات نفسي بكرهه
أشاحت بـ وجهها بعيدًا عنه تحبس قدر الإمكان عبراتها التي تُهددها بـ النزول..ليعود ويقترب تلك الخطوة والتي سبق أن إبتعدها..ثم هتف بـ حنان
-متعيطيش يا روضة..مش قصدي أزعلك..أنتي عارفة أني بتعصب بسرعة..ومبحبش الأسلوب دا
ولكنها لم ترد عليه..زفر هو بـ ضيق ثم أمسك وجهها وأداره إليه ثم أزال عبراتها بـ إبهاميه وقال بـ إبتسامة
-خلاص بقى ميبقاش قلبك أسود أوي كدا..خليه ملون
إبتسمت رُغمًا عنها لتتسع إبتسامته معها وهتف بـ مرح
-أيوة كدا خلي الشمس تنور
-جارته المُزاح:أكتر من كدا هتتحرق
-إقترب وهمس في أٌذنها:لو هتحرق منها أنا مستعد ليها
توترت من قربه وخجلت من كلماته..لتبتعد عنه سريعًا ثم هتفت بـ تلعثم
-آآآ..أنا..هطـ..هطلع عشان..كدا آآآ..غلط
ثم ركضت من أمامه..بينما هو وضع يديه في جيبي بنطاله وظل يُتابعها حتى إختفت عن ناظريه..تنهد بـ حرارة وقال
-إمتى أسمعها منك يا روضة..تعبتيني…
ثم إتجه إلى سيارته وأدار المُحرك ومن ثم إنطلق..وعلى الجانب الأخر كان عدي يُشاهد ما يحدث بينهما من غزل و مزاح..و ذلك التقارب الذي جعله يقبض على المقوّد حتى إبيضت مفاصله..أدار وهو الأخر مُحرك سيارته وإنطلق بها بـ سرعة جنونية حتى أصدرت إطارات السيارة صوت إحتكاك عنيف على الأرض الأسفلتية…
**************************************
ظل يونس يرمقه بـ قوة فتاكة دون أن يرد..والأخر مشغول بـ مُطالعة بتول والتي كادت يُغشى عليها من فرط الخوف..رفع يونس يده الحرة وأدار وجهه إليه ومن ثم تشدق بـ إبتسامة صفراء
-لما لا تنظر لي وأنت تُحدثني!
-إبتسم بـ مكر وقال:لك الحق أن تغار..فـ جمالها فتنة لـ الناظر إليها..ألن تُقدمها إليّ؟!
زاد من ضمه لها وأدار رأسه إليها ثم تشدق وهو يُحدق بها
-ديانا..زوجتي المُستقبيلة
إرتفع كِلا حاجبي الرجل بـ دهشة..بينما أنچلي تدلى فكها إلى أسفل وتشدقت بـ عصبية
-ألم تقل أنها خليلتك!
-إبتسم يونس بـ خبث ثم قال وهو يرمقها بـ نظرات خبيثة كـ إبتسامته:عرضتُ عليها الزواج عندما دلفتي إلى الغُرفة
ثم غمزها بـ عينه اليُسرى..ليحتقن وجهها غيظًا ولكنها لم ترد ثم أشاحت بـ وجهها بعيدًا عنه..مدّ الرجل يده إلى بتول والتي ترددت قبل أن ترفع يدها..ولكن بـ النهاية رفعتها..إلتقط كفها ثم رفعه ألى ثغره وقال بـ إبتسامة
-مُبارك لكما..أُدعى سام أنستي
-إبتسمت بـ إصفرار وقالت:تشرفتُ بـ معرفتك سيدي
-إتسعت إبتسامته وهو يتشدق بـ خبث:دعكِ من الألقاب..نادني سام فقط إتفقنا!!
أماءت بـ رأسها ولم ترد..أشار سام إلى أنچلي أن تتبعه..ليقول قبل أن ينصرف
-أعتذر منكما..يجب أن أهتم بـ الضيوف الأخرون
-تفضل..
قالها يونس من بين أسنانه قبل أن يبتعدا عنهما..تنفست بتول الصعداء..وهى تقول بـ خفوت
-أنا كان قلبي هيقف
-لأ إجمدي للنهاية يا بتول..لما نغيب عن نظرهم هنختفي
-طيب..
قالتها بـ يأس..ويونس أخذ يُراقب الوضع بـ عينان حادة كـ الصقر…
وعلى الجانب الأخر وقفت أنچلي أمام سام والذي تشدق
-أُريد منكِ أن تُبعدي جون قدر الإمكان عنها..أُريدها وحدها قليلاً..يجب أن أستمتع بـ جمالها..
-إبتسمت أنچلي بـ مكر وقالت:كما تأمر سيدي…
صدح صوت هاتف سام فـ أخرجه وما أن حدق بـ هوية المتصل حتى أشار إلى أنچلي أن تبدأ فيما أمرها به..إنصرفت ليضغط هو على زر الإيجاب وقال
-مرحبًا…
*************************************
وضع الهاتف على أُذنه مُنتظر الرد على الجانب الأخر..لحظات وإستمع إلى رد الجانب الأخر..ليقول عز الدين بـ صوتٍ هادئ
-مرحبًا..كيف حالك؟
-بخير سيد عز..ولكن ما سبب هذا الإتصال؟..لا أعتقد أنه عمل
-حك عز طرف أنفه وقال:ليس كذلك..إنه مطلب شخصي…
صمت قليلاً والأخر أيضًا..ليُكمل عز الدين حديثه
-هل تستطيع تنفيذه!!
-رد الأخر بـ هدوء:إن كان بـ وسعي..فـ لمَ لا؟!
-تنفس عز الدين بـ عمق ثم قال:حسنًا..سأبعث لك بـ صورتين أحدما لخطيبتي والأخرى لـ مُخطتفها…
-وماذا بعد!!
-أُريدك أن تُرسل رجالك في جميع بقاع العالم..وتعثر عليهما..أتستطيع!!
-مط الأخر شفيته وقال:لا بأس..ولكن من هو؟..وعلى ماذا إختلفتما ليخطتف خطيبتك؟!
-كور عز الدين قبضتيه وقال بـ غضب:أحدهم كان يجب أن أتأكد أني قتلته ولكن لا بأس..أعثر أنت عليه وأنا سأتكفل بما يبتقى
-حسنًا..أبعث لي بـ صورتيهما وأنا سأقوم بما يجب
-أغمض عز عيناه بـ راحة وقال بـ جدية:أشكرك..سأبعثهما فورًا…
أغلق عز الدين الهاتف وقام بـ بعث صورتي يونس و بتول..وما أن وضع الهاتف في جيب بنطاله حتى رأى إسلام شقيق خطيبته يندفع كـ الصاروخ وهو يهدر بـ عنف
-هى فين يا عز!!..كل دا بسببك..مش لاقيين أختي بـ سببك
إندفع الحرس خلفه وقبل أن يتدخل أحدهم..أشار عز لهم بـ يده..ثم أمرهم بـ صلابة
-محدش يتدخل..خليكوا برة ومحدش يدخل
إمتثل الجميع إلى أوامره ودلفوا إلى الخارج..بينما إتجه هو إلى إسلام المُحتقن..ثم قال بـ جدية
-إهدى يا إسلام عشان نتفاهم
-جأر بـ صوته:نتفاهم دا إيه!..إحنا مش لاقيين أختي ولا أنت ع بالك..قاعد فـ بيتك ومستريح فـ وزارتك
رفع عز الدين سبابته في وجهه بـ تحذير ثم تشدق بـ غضب
-حاسب فـ كلامك..بتول أغلى عندي من الوزارة والكلام الفارغ دا..وأنا مش ساكت يا إسلام..أنا بعمل كل حاجة ممكن تيجي فـ بالك عشان أرجعها…
صمت قليلاً ثم أكمل بـ غضب أكبر
-بتول هترجع يا إسلام..أختك هترجع وأنا بـ إيدي هخلص عليه قدامكوا..هشرب من دمه لو فكر يأذي منها شعرة
لم ترتخي ملامح إسلام ولو إنش ولكنه قال قبل أن يدلف إلى الخارج
-أحسنلك بتول ترجع يا سيادة الوزير وإلا أقسم بالله ما هتشوفها تاني..
ثم أضاف بـ سخرية و وعيد في ذات الوقت
-أصلاً أنت مش هتشوفها تاني..لأن خطوبتكم من دلوقتي إتفسخت
ورحل تاركٌا عز الدين غارقًا في صدمته…
**************************************
وضع الهاتف في جيب بنطاله ثم رفع أنظاره إلى بتول وقد إرتسمت إبتسامة شيطانية على وجهه وهو يقول
-إنها ليلة حظي..أنستي…
كان يونس يقف بـ جانبها ولم يتحرك خطوة واحدة بعيدًا عنها..لم يندمجا في الحفل..بل كانت بتول في حالة يُرثى لها ويونس في حالة تأهب وأستعداد…
تقدمت أنچلي منهما بعدما أخبرت مُنسق الأغاني أن يختار أحد الأغنيات الهادئة لتتراقص معه عليها..وضعت يده على منكبه ثم قالت بـ دلال
-ما رأيك بـ أن نرقص قليلاً!
-نظر لهل يونس شزرًا وقال:لا أريد..وإن كنتُ سأرقص فـ سيكون مع ديانا
-إقتربت أكثر وهمست بـ خبث:المُشتري حضر ويجب أن نتحدث قبل أن نتفق
-رفع حاجبيه بـ برود:يُمكنك التحدث هنا إن شئتي
إمتعضت ملامحها ولكنها أخفتها جيدًا..ومن ثم قالت بـ إبتسامة زائفة
-صدقني..لن يزعجها أحد وسام ليس هنا..هيا يجب أن نتحدث قبل أن يرحل
ولم تدع له فرصة لكي يعترض بل جذبته بـ قوة فـ إضطر أسفًا أن يتركها وطمأنته هى بـ نظراتها…
أمسكت يده وإتجهت به ناحية ساحة الرقص..وتراقصا بـ هدوء..كان يونس جامد الملامح نظراته كلها منصبة التركيز على مُعذبة فؤاده..تأففت أنچلي بـ ضيق فـ هى تُريد أن تحظى بـ إقترابه..أدارت وجهه إليها وهمست بـ إغراء
-تطلع إليّ قليلاً..لا تقلق عليها إلى هذا الحد
-تحدث يونس بـ جفاء:ألم تقولي أننا سنتحدث بشأن العمل!..هيا تحدثي
أغمضت عيناها لكي تتفادى نوبة غضب قادمة..ثم رفعت يدها على صدره وأخذت تتسحب يدها أسفل سترته..ولكنه أمسك يدها وأبعدها عنه بـ قسوة..ثم إقترب من أُذنها وهمس بـ خبث
-لن تجدي ما تبحثي عنه..فـ أنا لستُ بـ أحمق لكي لا أعرف بما تُفكرين
إبتعد لينظر إلى معالمها المشدوهه..فـ إبتسم بـ إنتصار ثم أكمل وقد توقف عن الرقص
-ولن تجديه في غُرفتي..لذلك أخبري رجالك بـ أن يتوقفوا عن البحث…
ثم أبعدها عنه ورحل..أخذ يبحث عنها في أوجه الموجودين ولكنه لم يجدها..هوى قلبه وإرتعدت فرائصه مما قد يحدث لها..ظل يبحث عنها كـ المجنون..ولكن أيضًا لا وجود وكأن الأرض قد إنشقت وإبتلعتها..دلف إلى الحديقة والتي يُخيم عليها الظلام..لا وجود لها صمت ثم الصمت..والظُلمة المُوحشة..رفع رأسه إلى أعلى وصرخ بـ صوتٍ قد بدى عليه الألم
-بتووووول