نوڤيلا (( عَشَقَ الثَّعلَبُ))
(( الفَصْلُ السَّادِسُ))
_الفصل الأخير_
صرخ بإهتياج حينما وقعت في البحر، فهو على علم بأنها لا تجيد السباحة، أندفع تلك المرة بقوتهُ نحوهُ، أمسكهُ من تلابيبه ليلكمهُ بقوة، أخذ يلكمهُ حتى فقد الوعي تماماً، حاولوا أن يمنعوه ولكن قوتهُ كانت غريبة بحق، عقب أن فقد وعيه، ركض نحو البحر لينزع قميصهُ الأسود، وثب “مُهاب “إلى البحر، قفز ببراعة ليغوص أسفل المياة، أخذ يغوص وهو يبحث بعينيه عنها بفزع، ثواني وكان وجدها فاقدة الوعي، وصل إليها بعد لحظات، ثم أندفع نحوها ليقبض على خصلة من شعرها الطويل، جذبها إليه في قوة، ثم وضع راحتهُ اليُسرى على أنفها وفمها؛ ليمنعها من أبتلاع المياة، وهو يسبح بكُل قوتهُ للخروج من الممر.
لم تكُن المسافة المتبقية تزيد على مترين، ولكنها بدت لهُ أشبه بألف كيلو متر، وهو يقطعها بأقصى سُرعة مُمكنة حاملاً حبيبتهُ، قبل أن يتجاوز فتحة ممر، دفع جسدهُ إلى أعلى نحو سطح البحر.
كانت الشمس قد غاصت أو كادت في الأفق، عندما أرتفع رأسهما فوق سطح الماء، رفع “مُهاب” يدهُ عن أنف “آثار” وفمها هاتفاً بـها:
_آثار، آثار!!..
لم تستمع إليه قط، فتابع بخوفٍ:
_يالا يا حبيبتي خُدي الهواء النضيف ده.، خُدي نفسك.
تدفق الهواء في آلية إلى رئتيها، و “مُهاب” كان يضغط صدرها بساعديه، ويرخيهما، في محاولة لتنشيط جهازها التنفسي، أنطلقت من صدرهُ زفرة إرتياح، عندما أطلقت شهقة قوية، راح جسدها ينتفض بين ذراعيه، نظر لها ببعض من الخوف، صحيح أنها ألتقطت أنفاسها، ونجت من الموت غرقاً، إلا أنها تزال فاقدة الوعي بين ذراعيه، بدأ يسبح بأقصى سُرعة لكي يخرجوا من البحر، دقائق طويلة وكان وصل وهو مازال يحملها بين ذراعيه، خرج من البحر، ثم نظر إلى وجهها بتمعن ليرى يكسيه الألم، أعتصر قلبهُ بقوة، بسبب ملامحها الباهتة، في ذات الوقت، وجد أثنين من أصدقائهُ وهم الطبيب و”طارق” يترجلون من السيارة، وكأن الله أرسل لهُ النجدة قبل أن يطلب، سار نحوهم ليفتح أحدهم الباب الخلفي فأدخلها برفق، ثم أستقل بجانبها ليجعلها تتمدد في أحضانهُ، لمس جبينها بيد ناعمة وهو يمسح قطرات الندى من على وجهها، نظر لهم بجدية وهو يقول :
_ودونا فُندق ***.
أومأ “طارق” رأسهُ وهو يناولهُ حقيبة بلاستيكية قائلاً بصوتٍ رخيم :
_طب إحنا جبنالك لبس إنت ومراتك.
عقد حواجبه بإستغراب مردداً :
_إنت عرفت منين إللي حصل؟؟..
ردّ الطبيب بجدية :
_أنا كُنت متابع إللي بيحصل من على الطريق البلكونة، وشوفت إللي حصل بالمُنظار، فنزلت جري جبت لبس ليك ولمراتك وفنفس الوقت قابلت طارق بالصُدفة، فقولتلهُ فجه معايا.
أغمض عينيه براحة بعد أن أخذ الحقيبة البلاستيكية قائلاً :
_إنتوا نجدة ليا.
*************
دخل الغُرفة بخطوات شبه راكضة، وضعها برفق على الفراش، قم أتجه نحو الباب ليغلقهُ بالمُفتاح، عاد إليها وهو يخرج ملابسها والمنشفة القُطنية، نزع ملابسها بحذر، ثم بدأ يجفف جسدها بالمنشفة، وبعدها ألبسها الثياب التي أحضرها زميلهُ، بعد ثوانٍ، كان يدثرها جيداً، وجلس بجانبها وهو يمسح على جبينها برفق، وعلى وجهها بإبتسامة صغيرة، أنحنى برأسهُ ليطبع قُبلة صغيرة بهدوء على جبينها، مُنتظراً أن تفيق ليطمئن عليها.
بعد ساعتين فتحت جفنيها بتثاقل، أسرع “مُهاب” نحوها ثم جلس بجانبها وهو يقول بلهفة :
_آثار، إنتي فوقتي؟؟.. حمدلله على السلامة يا حبيبتي.
نظرت لهُ بإبتسامة باهتة قائلةً :
_كُنت خايف عليا فعلاً؟؟!!..
أحتضن وجهها براحة بديهِ قائلاً بعتابٍ :
_إزاي تسألي السؤال ده؟؟.. معقولة لسه مش عارفة إني بحبك أد إيه؟؟.. لو الموت كان خدك مني مكُنتش هستنى دقيقة واحدة.
هتفت بإبتسامة صغيرة :
_إنت وحشتني أوي.
مسح على رأسها برفق قائلاً :
_إنتي أكتر يا قلبي، كُنتي وحشتيني أوي، قلبي وقع النهاردة لما حسيت إني مُمكن أخسرك.
قالت بمزاح :
_إزاي أموت أو يجرالي حاجة وأنا متجوزة الثعلب يا ثعلب.
أنحنى برأسهُ وهو ينظر لشفتيها :
_أنا فعلاً الثعلب، والثعلب المكار آه، لكن إلا مع قلبهُ وكيانهُ وروحهُ وحبيبتهُ.
عقب إنتهاء من كلماتهُ كان يقبل شفتيها وهو يحتضنها بقوة، أستسلمت لهُ وهي تشعر بذلك العشق الذي يسرى في دمائها كما يسرى في دمائهُ، أبتعد ليدفن وجههُ بداخل عنقها، أستنشق عبيرها بقوة وبعشق، غرزت أصابعها بداخل فروة شعرهُ، زاد من ضمهُ لها وهو يقول بهمسٍ :
_إحنا لازم نعمل الفرح في أسرع وقت مُمكن، أنا مش هقدر أتحمل أكتر من كده.
أجابتهُ بهمسٍ أيضاً :
_عندك حق.
تراجع قليلاً ليسند جبينهُ على جبينها وهو مُغمض العينين قائلاً بعشقٍ :
_أنا بعشقك يا آثار.
أجابتهُ بهمسٍ :
أنا أكتر يا ثعلب.
هتف بصدقٍ وعدٍ :
_والثعلب ده عُمرهُ ما هيتخلى عنك، إحنا مع بعض في الحُبَّ والقتال يا عْشق الثعلب.
*************
((أَنَتْهَاءُ الفَصْلُ السَّادِسُ))
((أنتهاء الفصل الأخير))