نوڤيلا عشق الثعلب بقلمى أميرة مدحت
نوڤيلا “عَشَقَ الثَّعلَبُ”
(( الفَصْلُ الثَّالِثُ))
كانت الساعة العاشرة والنصف من مساء اليوم الخميس حينما وصلت “آثار” مع “مُهاب” إلى البناية التي تقطن فيها السفيرة المصرية “ثناء هيثم”، دخلوا المصعد معاً، ثُم ضغط “مُهاب” على زرّ الطابق بقوة وهو يضغط على شفتيه السُفلى بقوة أشدّ، نظرت لهُ “آثار” لتراهُ في تلك الحالة، فقالت برقة :
_إيه يا مُهاب، متقلقش عليا، أنا هبقى كويسة إن شاء الله، صدقني.
هي تشعُر بالخوف من البداية من تلك المُهمة، ولكن أظهرت لهُ العكس تماماً، هي تُريدُ أم تبعث لهُ الطمأنينة، ولكن علمت أنها فشلت في ذلك حينما قال بخشونة وضجر :
_إزاي يعني مقلقش ؟؟؟.. أنا مرعوب عليكي، المُهمة صعبة جداً، وأنا هاسيبك، وأروح لمُهمة أصعب.
نظرت لهُ وقد لمعت عيناها قائلةً :
_ دي مش أوَّل مُهمة نطلعها مع بعض، ما تقلقش يا مُهاب، ربنا هيُنصرُنا لأننا إحنا الحق، بس قول يا رب، قول دايماً يا رب.
نظر للأعلى بعد أن أغمض عينيه بألمٍ :
_يارب.
وصل المصعد الى الطابق المنشود، فتحركوا نحو منزلها، قرع “مُهاب” الباب بهدوء، لينفتح الباب بهدوء أيضاً، نظر لها “مُهاب” بجدية وقال بخشونة :
_السفيرة ثناء موجودة؟؟..
أومأت الخادمة رأسها قائلةً :
_أيوة يا فندم، وهي مُنتظرة حضرتكُم في غُرفة الضيوف.
تنحت الخدامة للجانب، ليدخلوا بثقة تامة، أرشدت لهم مكان الغُرفة، فسارا معاً حتّى وصلوا، هبت السفيرة واقفة من مكانها، نظرت إليهم لتقول بإبتسامة صغيرة :
_أهلاً أهلاً.
صافحها “مُهاب” بعملية وكذلك “آثار”، فتابعت بذات الإبتسامة :
_ سيادة وزير الخارجية كلمني فهمني كُل حاجة، وفهمني إنهُ عادي أنزل الكنيسة عشان تقدروا تقبضوا على أي حد منهم.
نظرت لها “آثار” قائلة بتفهُم :
_أيوة هو قلنا إنهُ قالك طبعاً حضرتك عارفة مُهمتي معاكي إيه؟..
هزت رأسها بجدية :
_أكيد طبعاً.
هتف “مُهاب” بصوتٍ رخيم :
_طب أنا هستأذن عشان أروح أشوف إللي هعملهُ.
أومأت رأسها لتصيح مُنادية على الخادمة، نظر “مُهاب” على معشوقتهُ، فإبتسمت إبتسامة صغيرة، تشعُر أن قلبها سيقف من شدة الحُزن أتت الخادمة بهرولة لتأمرها السفيرة :
_وصلي مُهاب باشا.
هزت الخادمة رأسها فتحرك الأخير سريعاً وهو يشعُر بأن قلبهُ يعتصرهُ، نظرت لها السفيرة لتقول بإبتسامة :
_ إتفضلي عشان أوريكي أوضتك، وماتقلقيش.. زي ما أنا أتفقت مع الوزير أن البنت إللي بتشتغل هنا هتمشي كمان شوية. عشان نبقى في أمان.
تنهدت “آثار” وهي تقول:
_ تمام، وربنا يُستُر من إللي جاي.
بع مرور يومين، كان هناك مجموعة أشخاص جالسين قرب البحر، وقف أحدهم وتحرك ليري البحر في الأسفل، ضيق عينيه بريبة حينما وجد شخص فاقداً الوعي، غارقاً بين أمواج البحر، صرخ بالأخرين، فهب أثنين منهم بعد أن قرروا أن ينجدوه، فبسُرعة البرق نزع الأثنين قمصانهم ثم قفزا ليسقطا في البحر، أستطاع أحدهم بجذبهُ إليه، وبدأوا يبحثون بابصارهم عن مكان يذهبوا إليه، أما الذين ظلوا واقفين فقرروا أ يهبطوا من الجبل، بعد دقائق، كانوا الشخص المجهول على الأرض وهم يحاولون ضبط أنفاسهم الاهثة، أتوا الأشخاص الذين ظلوا واقفين في الجبل، أقترب كبيرهم نحو ذلك الشخص المجهول الهوية، بدأ يضغط على صدرهُ بيديه بقوة لكي يخرج المياة التي أبتلعها، بعد دقائق أُخرى فاق ذلك الشخص، نظر حولهُ بريبة وهو يشعُر بذلك الألم الحارق بجانب جبينهُ، ضيق كبيرهم حاجبيه وهو يسألهُ بغلظة :
_إنت كويس؟؟..
لم يرُدّ عليهِ بل ظل ينظُر حولهُ بريبة وبعدم فهم، لحظاتٍ وكان يقول :
_هو إيه إللي حصل؟؟..
ردّ أحدهم وهو يتفحصهُ بتوجس :
_إنت كُنت بتغرق، بس إحنا لحقناك.
عاد يسألهُ من جديد :
_هو إنت مين؟؟..
نظره لهم بعدم فهم وبألم وهو يضع يديه على رأسهُ، ليقول بألم وهو يهز رأسهُ بعدم إستيعاب :
_أ.. أنا، آآ.. أنا مش فاكر حاجة، مش فاكر إيه إللي حصلي، مش فاكر حاجة!!.. مش فاكر حتى إسمي؟؟!!…
نظروا بصدمة وهم يتهامسون رفع كبيرهم حاجبيه بصدمة، حاول الإستيعاب ولكن فشل في ذلك، هب واقفاً وهو يقول بأمر لهم :
_هاتوا معانا، مش هينفع نسيبهُ لوحدهُ، ونشوفلهُ دكتور، لو فقد الذاكرة زي ما أنا شايف يبقى هتصرف ومش هسيبهُ أبداً لأنهُ هيبقى واحد مننا، لو بيستعبط، هيشوف الجحيم بحق ربنا.
نظر لهُ الشخص بألم، أخفض رأسهُ وهو يحاول أن يخفي إبتسامتهُ الماكرة وملامحهُ التي أحتاجها الخُبث، شعر “مُهاب” باقترابهم منهُ، فأغمض جفنيه مُدعياً وهنهُ وتعبهُ لكي لا يكتشف أمرهُ.
بعد مرور أكثر من ساعة، خرج الطبيب من الغُرفة، أتوجه الزعيم نحوهُ وهو يرمقهُ بحدة، سألهُ بجدية قائلاً :
_ها يا دكتور، هو عندهُ إيه؟؟..
نظر لهُ بأسفٍ :
_للأسف عندهُ فقدان الذاكرة، وآآ..
صمت ليقول الأخير بقلق طفيف ولكن بنبرة حادة:
_وإيه؟!!.. ما تتكلم؟؟..
نظر لهُ الطبيب بتوتر :
_وكمان فقدان ذاكرتهُ مش مُجرد مؤقت، ده أبدي!!..
نظر لهُ بذهول :
_يعني إيه؟؟..
أجابهُ وهو يحرك كفيه :
_يعني ذاكرتهُ مش هترجعلهُ تاني للأسف.
ظل الذهول على تعابير وجههُ، ظل صامتاً يُفكر كيف يستغل ذلك الموقف لصالحهُ، بعد فترة من الصمت المُخيف، هتف للطبيب بوجهٍ واجم :
_تقدر تتفضل يا دكتور.
أومأ الطبيب رأسهُ ثُم سار متوجهاً صوب باب المنزل الصَّغير ليخرُج من المكان بأكملهُ، عقب خروجهُ مباشراً، هتف الطبيب بإبتسامة إنتصار وهو ينزع نظارتهُ الطبية :
_تمام، أول خطوة نجحنا فيها، ربنا معاك يا مُهاب.
دخل الغُرفة التي يرقد فيها ذلك الرجل المجهول بالنسبة إليه، سألهُ بجدية :
_طبعاً إنت عرفت أن إنت فقدت الذاكرة وللأبد!؟؟..
أومأ “مُهاب” رأسهُ بأسفٍ قائلاً :
_للأسف.
أقترب منهُ الزعيم أكثر وهو سألهُ :
_هتعمل إيه دلوقتي؟؟..
ردّ عليه بأسى:
_مش عارف.
نظر لهُ لفترة طويلة قبل أن يقول بغموض :
_إنت ممكن تشتغل معانا.
نظر لهُ بعدم فهم قائلاً :
_مش فاهم.
أجابهُ بجدية:
_إنت كجسم قوي ممكن تشتغل معانا، إنت هتختار حاجة من الأتنين، يا تموت، يا تقتل أو تساعدنا في القتل.
حدق به بصدمة وهو يقول :
_هااا ؟؟..
نظر لهُ بشر دفين :
_قولت إيه؟؟..
توتر وهو يقول :
_ماشي أنا هختار الإختيار التاني، بس مقتلش لكن أساعد.
نظر لهُ بسُخرية :
_معقول توافق بسُرعة كده؟؟..
نظر لهُ بضجر :
_أنا عاوز أعيش.
نظر لهُ الأخير وهو يقول :
_الأيام هتورينا.
ثُم سار صوب الخارج وهو يفكر في أمرهُ، أما “مُهاب” فنظر لهُ وهو ينصرف بمكر ليقول بإنتصار :
_أول وتاني خطوة نجحوا، أما نشوف أنا هعمل إيه فيكوا إيه يا ولاد****.
“أَنَتْهَاءُ الفَصْلُ الثَّالِثُ”