من عنبر الحياة (الإعدام سابقا )

التائب قاتل صاحبه الذى رأى النبى صلى الله عليه وسلم

قال أبو عبد الرحمن :
اسمه محمود شاب وسيم أبيض الوجه مهذب الحديث

رقيق الكلام من يراه لا يصدق أنه محكوم عليه
بالإعدام لشدة أدبه وحيائه

جمع الشيطان بينه وبين شاب بصداقة
لكنها لم تكن على بصيرة الإيمان

بل كانت
على طريق الخزى والذل والهوان

كانت صداقة فى سبيل الشيطان

تشاجر يوماً هو و صديقه

فضربه صديقه فجرحه جرحا شديداً

ولما برأ أراد أن ينتقم

لنفسه ويأخذ بثأره فترصد لصديقه فقتله

وكانت هذه نهاية الصداقة

التى لم تكن على تقوى الله عزوجل

لقد كان متعطشاً للعلم يريد
أن يعرف ربه

وكيف السبيل إلى التوبة الصادقة

أسئلة كثيرة كان يلقيها على كل يوم

فلا يمر عليه يوم حتى يتعلم فيه شيئاً جديداً

قال لى: ذات يوم أنا أحب رسول الله _صلى الله عليه وسلم _
حباً شديداً

وأنا أريد أن أقرأ عنه
وأتعلم سيرته
وأعرف اخباره
فكنت أحدثه عن رسول الله _صلى الله عليه وسلم _
وكان إذا سمع سيرته بكى
فأعطيته كتاب “الرحيق المختوم ”
وهو كتاب فى السيرة فقرأه مرة بعد مرة
وكان يتأثر جداً بتلك القراءة
وكانت علامات الفرح الممزوج بالحزن
تبدو فى وجهه

فرح بعثوره على نفسه بعد الضياع وحزن على ما ضاع من العمر
فى سبيل الشهوات والملذات
جاءنى ذات يوم وهو فرح مسروراً

فقال لى :

إنى رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم فى المنام

“فقد كنت أقف
فى الصحراء
وكان يقبل على بوجهه ويتقدم نحوى ويبتسم ”

ففرحت له بتلك الرؤيا
وأراد
أن يتعلم التجويد لتنفيذ امر الله
“ورتل القرآن ترتيلا ”

فعلمته وكان شديد الحرص على أن يتعلم

حتى وصل إلى
درجة طيبة
وذات يوم جاءنى مرة اخرى بفرح أشد
من الأول
ثم قال لى :

لقد الليلة فى المنام أنك تجلس معى على سرير عالٍ

ومعك مصحف
وأنت تعلمنى القرآن
فدخل علينا رجل كث اللحية ابيض الوجه
عظيم الجسم وبجانبيه رجلان
وقع فى قلبى
أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم
فتقدم نحوك فسلم عليك بشدة
ثم سَلَّم على

فدعوت الله ان تصدق رؤياه

وأن يكون حقاً رسول الله صلى الله عليه وسلم

هل حقاً يشقى رجل سلم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقلت له : يا أخى إن كان الأمر كذلك فيجب أن تشكر الله
بحسن الثبات على دينه حتى الممات

لعلك تسلم يوم القيامة من عذاب الله فقال لى:
أريد ان أصوم كفارة القتل

فقلت له صم على بركة الله فصام الشهرين متتابعين

وكان لا يزيده الصيام

إلا قوة فى الدين وزيادة فى الإيمان

والنوم فى عنبر الحياة “الإعدام ”
عزيز لأنهم ينتظرون الموت

فى كل لحظة فمن أيسر العبادات عليهم فى هذا العنبر
هو قيام الليل
بتوفق الله وتيسيره لهم
فإذا أرت أن تنظر إلى محمود فى ساعة من ساعات الليل وجدته
إما قائماً
أو راكعاً
أو قارءاً للقرآن
ولذا فإنه يقول :
أنا لست فى سجن بل أنا فى روضة من رياض الجنة
أسأل الله أن يدخلنا الجنة جميعاً
الدرجات العلى من الجنة
من كتاب عنبر الحياة العدام سابقا

error: