رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد

الفصل الثالث :

” شيطـان أخرس.. ولكن خيوطه كالفهرس.. يعرض نفسه امامك ويتركك تغرق وسط الغرس ” !!!! 
شعور خانق.. او لربمـا اختناق عميق يتطاير ملوحًا بلقب “الخيانة” جعلها تنفضه عنها بقوة قدر ما استطاعت لتصرخ فيه بصوت حاولت جعله منخفض رغم تدرجات العصبية النافرة به :
-أنت مجنون.. مريض !! أنت استحالة تكون اخوه، أنا مرات اخوك يا حيوان
أنهت كلمتها بصفعة مدويـة.. صفعة كان لابد منها الان لتختطفه من عالم لم يُخلقا كلاهما له… !
امسك بوجهها بين يداه يزمجر فيها بصوت مبحوح :
-انتِ حبيبتي انا.. المفروض تكوني مراتي انا !!
فصرخت فيه :
-اخررررس
بينما هو كان يحدق بها صامتًا، وعندما بدأ يستعيـد وعيه همس وهو يبتعد عنها متمتمًا بعجز :
-انا اسف.. سامحيني يا نور، أنا آآ
ولكنها قاطعته وهي تشير له جازة على أسنانها بحدة :
-بس.. دي مش غلطتك لوحدك أنا اللي غلطت لما اعتقدت انك اخويا فعلا وكنت بتعامل معاك بتلقائية
لا يدري أي وحش خلقته بحروفها العشوائية فتحكم بسطوة مشاعره الفياضة وعندها هدر فيها بوحشية :
-أنا اللي ليا الحق على فكرة.. أنا حسيت بمشاعري دي قبل ما تتجوزيه مش بعد.. انا مش و*خ للدرجة !!
ابتسامة لعينة سمجة رُسمت على ثغرها يتبعها همسها المُهين :
-لأ مهو واضح
ودون أن تعطيه فرصة اخرى للرد كانت تغادر تلك الغرفة التي اطبقت على أنفاسها حد الاختناق فلم تعد تشعر بقلبها تسير دقاته في خط الحياة.. بل وكأنه يحفو على جمرات ملتهبة !!!!

……………………..……

ساعتان تقريبًا وهو يحبس نفسه في تلك الغرفـة.. يصرخ بجنون بعدما قتل ذلك الشعور بالنشوة تجاهها فلم يعد يشعر سوى بجمرات الذنب التي استقرت بحلقه فتجعله يأن كل ثانية !!
وفجأة سمـع صراخ “نور” من الخارج بفزع تصيح :
-حساااااام
ركض مسرعا للخارج ليجدها تمسك بالهاتف وتصيح منهـارة.. ابتلعتها دائرة من الجنون وهي تردد بلا توقف :
-حسام لا لا يارب متعاقبنيش بالطريقة دي!!
سألها جسار متوجسًا بسرعة :
-ماله حسام ؟
أتت والدته ايضا فغمغمت نور بحروف متقطعة :
-واحـ واحـد آآ كلمني من تليفونه بيقول انه من المستشفى وانه عمل حادثة !!
شهقت كسكين قسمت أرواحًا مثلجة لأنصاف مشتتة نازفة…
خلال نصف ساعة كانوا جميعهم وصلوا المستشفى تحديدًا امام غرفة العناية المركـزة التي خرج منها الطبيب لتوه يمسح جبينه المتعرق..
فسألته والدتهم :
-طمني يابني الله يباركلك ابني كويس ؟!
تنهـد الطبيب بقـوة.. وبأسف حاوط حروفه من كل جهة قال :
-للأسف وضعه سيئ جدا وفي اصابات في اماكن خطيرة
ثم نظر لـجسار يسأله متمعنًا النظر فيه :
-أنت جسار ؟
اومأ جسار متعجبًا :
-ايوة انا
اشار له الطبيب نحو الممرضة مرددًا بنبرة مشفقة :
-المريض مش مبطل يجيب سيرتك عايز يشوفك الممرضة هتديلك الحاجات اللي مفروض تلبسها وادخله بس رجاءا ماتطولش
وبالفعل دلف خلال دقائق قلبه ينبض بعنف.. لا يصدق أي صدمة تلك زجت نفسها بحياته هكذا !!
وجد اخيه بحالة يرثى لها.. اشار له بأصبعه أن يقترب… فقال بصوت مبحوح يكاد يسمع ؛
-أنـ كحكحكح… أنا مش محتاج.. مش محتاج اوصيك على امك، لـ لـكن نـو… نور يا جسار..
نبض القلب بعنف رغم إرادتـه.. يعلن أن صياح سوط العقل لم يفلح في تسرب دقاته بعد !!!!
ليكمل حسام بوهن :
-اتجوزها… هات منها الابن اللي كان نفسي اشوفه.. خـ خليها تسامحني انـ اني مكنتش زي ما هي كانت بتتمنى إني اكون.. قـ قولها اني نسـ نسيت دور العاشق وركزت على الزوج بس… انـ وصيتي ليك يا جسار اتجوزها.. أآآ…
ثم بدأ يسعل مرة اخرى بشدة.. بينما جسار.. اين هو جسار الان اساسا ؟!!!
جسار اختطفته حفرة الصدمة تعبئه فيصبح مسلوب.. مهوم.. مخطوف وشريد يحاول الاستغاثة بذاك العقل الهارب.. !!!
امسك اخيه الذي بدا وكأنه يلتقط أنفاسه الاخيرة وهو يخبره بصدق :
-أنا مـ مش هأمن على شرفي غير لأخويا، أنت اللي هتحافظ على عرض اخوك.. و… وتعوضها !! ولما تتجوزهـا… هـ هتفهمني !!!!
نظر للاعلى بصمت.. لا يجاهد ذلك القدر بعد الان.. رص ما استطاع من خطى مـحت ثكنات الماضي….
لتنقطع انفاسه هكذا وفجأة راحلًا عن تلك الدنيا التي يعتقدها البعض خالدة.. !!!
عندها صرخ جسار والاف الخناجر تُشرح حنجرته من قوة صرخته :
-حسااااااااااام
اتى الطبيب والممرضات على صراخه فبدأ يفحصه الطبيب ليمط شفتاه بأسف نافيًا برأسه…
خرج جسار يجر ازدال الخيبة.. الالم العميق.. التوهـان وسط متاهات تقطع انفاسك ولا تصل لنهايتها !!
وجد كلا من والدته ونور يركضون نحوه ويبدو انهم كانا في غرفة اخرى…
لتسأله نور بلهفة متوترة ؛
-حسام قالك أية يا جسار ؟ هو كويس ؟!!!
ظل صامتًا للحظـة… وكأنه يجاهد ليستقبل الرد المناسب من العقل.. فاستطرد :
-قالي اتجوزها عشان تعوضها !
ركضت والدته نحو الغرفة تصرخ بذهول بينما ترنجت نور حتى اوشكت على السقوط على الارضية فاقدة الوعي، ليلتقطها جسار بلهفة فتصبح بين احضانه يربت على خصلاتها التي ظهرت برقة هامسا بشرود غريب :
-هاتجوزك يا نوري.. أنتِ بتاعتي من ساعة ما اتولدتي.. هنفذ وصيته ووصية قلبي !!!!!


كانت “ترنيم” تجلس في غرفتها وحيدة كالعادة تناجي الظلام أن يتأهب للحياة فيهيئها معه… !!
الى أن دلفت صديقتها الجديدة “الخادمة” لتبتسم ترنيم بلهفة مرددة :
-أنتِ قولتيلي هتحكيلي السر عن صقر واستنيتك كتير احكي بقا
تنهـدت بعمق ثم بدأت تسرد عليها بهدوء :
-كان بيحب واحدة اوي اوي وتقريبا محدش كان ميعرفش أن صقر بيه بيحب الهانم.. بس معرفش اية اللي حصل خلاه يسيبها فجأة ويتجوز نيرمين هانم بنت صاحب باباه… من ساعة ما اتجوزها وهو اتغير… واتغير اكتر خصوصا لما الهانم الله يرحمها ماتت في حادثة وهو مبقاش ابدا صقر بيه اللي نعرفه.. بقا قاسي وبارد وبيتعامل في اي حاجة بـ لامبالاة حتى انه لما عرف ان نيرمين هانم يصعب انها تكمل اي حمل حسيته فرح.. او يمكن انا متهيألي
بدت ترنيم شاردة وبعمق بين اسطر قصة ذلك العاشق التالف ببُعد ذرات الهواء عن خلايا روحه !!!
فهمست دون وعي :
-ياااه يعني فـ الاخر طلع بيحب زي البني ادمين اهو
ابتسمت الخادمة “فرحة” بأشفاق مكملة :
-ده بيعرف يحب اوي كمان.. عشان كدة لما اتكسر اتكسر اوي
تنفست ترنيم بهدوء فلمحته يتجه نحو غرفته ويبدو أنه اتى لتوه من العمل…. فنهضت دون تردد خلفه..
دلفت الى الغرفة خلفه بخطى سريعـة لتجـده يخلع الچاكيت ويفكك ازرار قميصه العلوية دون أن يعيرها اهتمام وكأنها هواء شفاف لا يستطع حتى العبور لشق رئتيه !!
فقالت بجرأة لا تعرف من اين اكتسحتها فأفرزت الشراسة داخلها :
-بتعاملنا كلنا ببرود ولامبالاة وقسوة.. كل ده عشان حبيبتك اللي ماتت ؟! ده الحي ابقى من الميت حتى !
استـدار لها فجأة وكأنها رسمت التعويذة المناسبة لتحكم خيوط انتباهه حولها.. والان ستحرز نتائجها!!!
ظل يقترب منها ببطئ إلى أن حشرها عند الأريكة التي استندت عليها حتى كادت تسقط فتسألها بأعين حادة تناسب اسمه تمامًا “صقر” :
-أنتِ مين قالك الكلام ده ؟
ابتلعت ريقها بتوتر وخلاياها تدور حول محور الشجاعة الهاربة ولكن دون جدوى… !!!
اغمضت عيناها وهي تردف مسرعة :
-ملكش دعوة.. انا عرفت بطريقتي
أحمـرت عيناه بانفعـال حقيقي فـود لو يختنقها في التو !!
من هي لتذكر سيرة معشوقته الراحلة ؟
هي دخيلة بين نيران الجحيم التي ستكويها حتمًا… !!
اصبح على بُعد خطوة من وجهها، توقعت انه سيصفعها.. حتما سيفعلها الان !!!
امسكها من ذراعيها بقوة يصرخ فيها :
-ماتنسيش نفسك وتتدخلي فـ اللي ملكيش فيه.. أنتِ هنا عشان تخلفي العيل بس
صمتت دقيقة وكادت تنطق بخوف.. ولكن ذُهلت عندما وجدته يمد إصبعه ليتحسس شفتاها التي ترتعش هامسًا بشرود :
-شفايفك بتترعش.. لما بتتوتري ؟!
لا تدري أكان سؤالا ام معلومة جديدة.. ولكنها اماءت مسرعة وكأنها تحاول الهروب من حقول غضبه… !!!
لا يدري لمَ ظل يهمس بشرود وكأنه يستعيد موقف ما مع معشوقته الراحلة :
-حاولي تتحكمي في رعشة شفايفك ادامي عشان أنا اجدر اتحكم في نفسي ادامك.. !
احمـرت وجنتاها خجلًا.. ولكن شيئ ما اقوى من الخجل رن داخلها بجبروت !!
لم يشعر بنفسه سوى وهو يقترب منها ببطئ شديد ليُقبلها..
شفتاه لم تكن باردة كليلة زواجهم بل كانت ملتهبة متطلبة… مشتاقة !!!
يداه تحاوط خصرها وهي متيبسة في الارض لا تستطع الاقتراب او حتى الابتعاد !؟
وفجأة فُتـح الباب على مصرعيه لتدلف زوجته وهي تصيح مصدومة :
-صقر !!! البت دي بتعمل أية فـ اوضتك !
كادت ترنيم تدفعه والحرج يتآكلها، ولكنه امسك كفها يضغط عليه بهدوء..
لينظر لزوجته مغمغمًا ببرود ؛
-زي ما إنتِ شايفه، مرتي وجت تشوفني عادي يعني !!؟
كـزت على أسنانها بحقد حقيقي ثم أمرتها بعنف قاسي :
-امشي اطلعي بره يابت أنتِ
جذبتها من يدها بالقوة ثم صفعتها بنفس القوة والعنف اللذان احاطهما الغل وهي تزمجر ؛
-حقيرة حشرة نسيتي حدودك !
نظر صقر لها بأعين حمراء من كثرة الغضب.. غضب اعمى سيتفجر من عيناه للتو !!!
وقبل أن ينطق كانت ترنيم تمسك برأسها صارخة :
-آآآه.. دماغي !
ثم كادت تسقط ارضا لولا ذراعا صقر التي لحقت بها يحيط خصرها بلهفة مناديًا بأسمها بتلقائية :
-ترنيييم…. حبيبتي !
حملها مسرعا متجاهلًا زوجته واندهاشها ليطلب لها الطبيب…
لم يكن يقصدها هي بـ “حبيبتي ” ابدًا لم يكن يقصدها.. كان يقصد روح معشوقته التي تخيلها للحظة تتلبسها من كثرة التشابه بينهما !!!
بينما زوجته تهمس بغل :
-وديني ماهسيبكوا تتهنوا يا صقر.. !


كان “ليث” يقف بالشرفة يدخن بشراهه وعيناه معلقة على الاسفل بشرود.. دلفت والدته بعد دقيقة وهي تهتف بضيق :
-ليث.. ماتكلم فجر خليها ترجع يابني
التفت لها مسرعا يسألها مشدوهًا :
-ترجع منين ؟
فركت والدته يدها بتردد ثم همست له :
-اصلها قامت من صباحية ربنا سابت البيت وقالت هتعيش مع ابوها ومرات ابوها
لم يتحكم في غيرته العمياء التي نطقت مغطية الدماء التي تفور داخله :
-وبالنسبة لابن مرات ابوها هتقعد معاه في بيت واحد عادي ؟!!! لية هي اتجننت
نظرت له والدته بصمت.. ثم بعد دقائق أردفت بنبرة ذات مغزى :
-ما أنت كمان مش اخوها وعايش معاها فـ بيت واحد.. الفرق أنك اخوها ومستحيل تبقى غير كدة لكن الشاب ده منعرفوش
ولو للفوران صوت لكان اصدر ضجة عالية للغاية…
كلمات والدته تسقط على صدره كأخشاب ثقيلة الحمل فلا تجعله يطفو على عشق تلك المعشوقة…. !!
وصلته رسالتهـا.. وهو اوصل تلك الرسالة لذلك القلب عله يرضخ للعقل قليلا !!!!
غادرت والدته.. وقبل ان يغادر الغرفة هو الاخر لمح فجر تدلف الى باب المنزل باكية وذلك الذي يُدعى “عمرو” يسير معها يحاوط كتفيها بذراعاه وكأنه… يحتضنها !!!!!
سقط العقل من الحسبان عند تلك النقطة فركض كالثور الهائج على السلم…
الا فجـر…..
فجر لا يمسها سواه بهذه الطريقة.. لا يمسها سواه اصلا !!
فجر ملكية خاصة لا يقبل مشاركتها مع أي لعين يفكر في غير ذلك..
بمجرد أن رآها على السلم سحبها من يدها متجاهلا اعتراض عمرو ليدلفا ويغلق الباب بوجه عمرو معلنا رفضه لدخوله…
فشهقت فجر بأحراج :
-ليث انت بتعمل اية عمرو بره !!!
لم يرد عليها فجرها خلفه كـحقيبة خفيفة ولكنها ثمينة للغاية…
وما إن اغلق الباب عليهما ظلت هي تعود للخلف فسألها هو بشراسة :
-أية وداكِ عند ابوكِ لوحدك واية اللي جابك مع كلب البحر ده ؟!
ابتلعت ريقها بتوتر رهيب.. ثم بدت كطفلة تحاول تهدأة الاسد من تناولها وهي تشير بيدها بحركات عشوائية :
-ليث.. ليث اهدى الله يهديك… والله انا رحت ازور بابا و… وصدمني انه عايز يجوزني لابن مراته غصب فمشيت من عنده وملقتش في وشي غير كلب البحر يوصلني… آآ قصدي عمرو
صرخة ناعمة منها يليها وقوعها على الأريكـة وهو كان أكثر من مرحب بسقوطه المتعمد فوقها…
كان وجهه امام وجهها مباشرةً.. يجز على اسنانه بغيظ وهو يهمس :
-كل الناس مسموح لها تقرب منك عادي الا انا تتنفضي لو قربت لك بالغلط حتى !!؟
هـزت رأسها نافية بتوتر.. ثم مدت يدها تحاول ابعاده عنها… فقالت مصدومة بنبرة طفولية :
-هو أنت علطول نصك الفوقاني حران وفاتحله الزرار ؟!
ابتسامة مشاكسة كادت تشق ثغـره.. دائما تنجح وببساطة في أنتشاله من بين براثن غضبه….
فاستغل الموقف لصالحه وهو يميل عليها اكثر هامسا وشفتاه تلامس اذنيها عن عمد :
-وأنتِ مركزة مع زراير القميص مفتوحه ولا مقفوله لية ؟! لاتكونش عجباكِ عضلات صدري ولا حاجة !!
احمرت وجنتاها بفزع بعد نجاحه في زرع الاحراج بين ثناياها… فحاولت النطق بتوتر :
-آآ انـ … انا
اقتربت بابتسامة هادئة يود مشاكستها بقبلة بريئة على وجنتها الحمراء على سبيل المزاح لا اكثر ولكنها امالت رأسها بسرعة بخجل فوقعت شفتاه على رقبتها البيضاء….
آآهٍ من تلك البشرة الناعمة التي سلبته عقله.. كم هو شاكرا لخجلها ذاك الان !!
استغل الفرصة فلثم رقبتها بقبلة رقيقة جعلت فراشات غريبة تزغزع اعماقها… لتسمعه يكمل بصوت اجش وهو على وشك الابتعاد :
-أنا بحاول اطنش في كل حاجة الا ان واحد تاني يحضنك كدة !! اية البجاحه دي… !
نهضت هي الاخرى لتمسك كفه بتلقائية وبنبرة وادعة همست له :
-ليث والنبي انت لازم تساعدني.. انا مستحيل اتجوز خالد ده واحد فاشل وصايـع وامه اصلا طمعانة فـ فلوس ماما اللي سابتهوملي فعايزة تجوزني ابنها المعفن ده…
ابتسم بطريقة غامضة ليقول لها :
-هحلها
ضيقت ما بين حاجبيها بتعجب متساءلة وهي تنهض لتدور في الغرفة بشرود :
-ازاي ؟!
شهقت مصدومة عندما وجدته خلفها فجأة يحشرها عند الحائط هامسًا بصوت ملتهب حار اشتاق لمجرد الفكرة :
-هاتجوزك….


بعد مرور ثلاث اسابيـع تقريبا……

كان جسار جالسًا في غرفة الملاكمة كعادته منذ وفاة شقيقه.. لا يخرج منها ابدًا.. يشعر بالذنب يحاوطه من كل مكان.. كضابط عقابه الموت وهو متهم برئ !!!
نبتت حليته قليلًا فبدا شكله جذابًا اكثر.. اقترب منه صقر الذي ظل يأتي كل فترة منذ وفاة ابن عمه “حسام” ليطمأن عليهم… يربت على كتفه وهو يقول له بجدية :
-مش ناوي تخرچ من القوقعه دي بقا ؟!
لم يرد عليه بل ولم يهتز له جفن… يا الله ما اقسـاه عقابك !!!
نجح الشيطان في مهمة اغواءه وسقط هو في بئر ضاع سلمه… ربما للأبد !!
تنهد صقر مكملا بخشونة :
-أنت لازم تنفذ وصية اخوك يا جسار وتعرف السر وتتكلم مع نور
عندها نظر له جسار هامسا بصوت واهن :
-تفتكر ؟
اومأ صقر مشجعًا اياه :
-ايوة طبعا يلا جوم وانا هجوم امشي لاحسن مراتاتي هيشكن فيا كدة
ابتسم جسار بحبور وبالفعل نهض ليسلما على بعضهما ويغادر صقر…..

طرق جسار باب غرفة نور التي لم تأذن لشخص بالدلوف كعادته ففتح الباب ليدلف ببطئ..
همس بصوت مكتوم :
-ممكن ادخل يا نور ؟
فجأة انتبهت له فنهضت صارخة فيه بهيسترية :
-أنت عايز مني اية !! ابعد عني انا مش طايقه اشوفك ابدا
حاول امساك ذراعيها محاولاً تهدأتها :
-اهدي يا نور.. اهدي يا حبيبتي أنا….
ولكنها قاطعته وهي تضحك بسخرية هيستيرية وبشكل جنوني حاولت فك أزرار بلوزتها وهي تحدق به صارخة بقسوة مجنونة :
-مش هو ده اللي أنت عايزه !!! تعالى خد اللي أنت عايزه يلا مفيش حد يمنعك مستني اية قرب انا قدامك اهو !!!
ظل يهز رأسه غير مصدقا…
الى أي حالة اوصلها بيداه ؟!
اتظنه يريدها كـرغبة بجسد انثى !!!!
نعم هو ليس المتحكم في شوقه ورغبته المجنونة بها… ولكن تلك الرغبة لم تأتي الا عن عشق مـتيم بها !!
جذبها فجأة من ذراعها لتصطدم بصدره يضمها له بقوة وكلاهما يحتاح لذلك الحضن.. فانهارت داخل احضانه باكية بعنف وهي تردد بلا توقف :
-ده عقاب ربنا ليا.. مات من غير ما اودعه حتى
استمر بكاءها لدقائق عديدة.. الى أن ابتعدت فجأة وهي تقول بجمود :
-أنت عايز تتجوزني عشان ابن اخوك !!؟
لم يرد… لم يقوى على الرد اصلا !!
هربت الحروف من بين شفتاه تاركة اياه في ذلك المأزق اللعين…
لتصدمه بما جمده مكانه وهي تكمل قائلة :
-……..


في منزل صقـر…..

كانت “ترنيم” قد إنتهت من تنظيف المطبخ كما أمرتها نيرمين.. عفوا
كما امرتها كلما غادر صقر المنزل !!!!
وبالطبـع تموت الحروف فوق حافة لسانها قبل ان تخبره هي فتصمت متجرعة تلك الكاسة المليئة بالاسى…
كانت تزفر بأرهاق وهي ترى نيرمين قادمة اليها.. ولكن قبل ان تأمرها وجدت حماتها تظهر امامها وهي تلومها بحدة :
-لا ده أنتِ كدة اڤورتي اوي يا نيرمين.. سيبي البنت في حالها شوية
هـزت رأسها نافية بعند :
-لأ.. وديني ما هسيبها الا ما تقول حقي برقبتي!!
امسكتها حماتها من ذراعها بقوة وهي تزمجر بغضب :
-احترمي كلمتي على الاقل ولا إنتِ آآ
قاطعتها دفعة نيرمين التلقائية لذراعهـا في محاولة لابعادها عنها…
ولكن بنفس التلقائية كادت والدة صقر نظرا لجسدها النحيل أن تسقط لولا يد ترنيم التي حاولت الامساك بها ولكن فشلت فسقطت المرأة العجوز متدحرجة على السلم كله صارخة الى أن قطع صراخها بسكون مخيف….
يليها صراخ صقر المذهول باسم والدته :
-اميييييييي
الذي لم يظهر الا عند ترنيم وهي تمسك يد والدته فبدت له الصورة ان ترنيم…. قصدت أذية والدته !!!؟
……………….

تم كل شيئ سريعا نُقلت والدة صقر الى اكبر مستشفى بالاسعاف بينما ترنيم تيقنت أن صقر لن يرحمها باعتقاده الخاطئ.. !!!!!
ونيرمين تزيد جروحها اشواكًا فتمثل أنها تبكي خوفا على حماتها متهمة ترنيم بكل بجاحة…. !!
مرت ساعات وترنيم جالسة بغرفتها…
الى أن انفتح الباب فجأةً ليدلف صقر الذي بدا مظهره غير مرتب بالمرة مُخيف…
عادت للخلف بخطى مرتجفة وهي تراه يتقدم نحوها ببطئ متابعًا بشراسة :
-امي اتشلت شلل مؤقت بسببك يا بنت ال****
مؤكد انه اطمأن على والدته في المستشفى فأتى ليجعلها تنزف الان كما والدته تمامًا.. !!!
همست ترنيم هكذا لنفسها خاصةً وهو يبدأ بفتح ازرار قميصه مرددًا بقسوة خبيثة :
-أنا مش جولتلك ماتخرجيش من اوضتك وبرضه خرجتي… انا بجى هخليكِ ماتعرفيش توري لهم وشك تاني ولا تكوني في حالة تسمح انك تشوفي حد اصلا.. !!!!
ارتجفت اوصالها فزعًا وظلت تهز رأسها نافية وهي ترجوه بضعف :
-لا ارجوك يا صقر بلاش كدة.. لا لا
تفكك تماسكها الواهي لتبدأ بالصراخ الفزع، فتمسكت بطرف الملاءة بقوة وهي تراه قد نزع عنه ملابسه ليجذبها له بقوة متجاهلاً رجفتها الفزعة و………

error: