رحـلة إلي عالم الجان

رحــلة إلي عالم الجان ” Part 3″
———————————و كنت غارقة في تفكيري حين شعرت بشيء يمسك بكتفي من الخلف .. و حين نظرت وجدت رجل يشبه الشكل الاّدمي فيبدو أنه في العقد السادس له شعر كثيف و طويل و ذقن كثيفة بشعر مجعد و كان عارياً تمام سوي من بعض أوراق النخيل يستر بها عورته .. !
اقشعر بدني و هو ينظر لي ، فشعرت أن الخوف شلني تماماً .. و حتي إذا قررت الركض و الهرب إلي إين اذهب في عالم لا أعلم به شيء ..
مازال الرجل ينظر لي بشيء من الريبة ثم قال بصوت أجش مخيف ..من أنتي ؟!
لا اّدري من هذا الرجل .. يبدو أنه جني و سيفتضح أمري و سيكون مصيري السجن في ذلك العالم مع اّفنان ، بعيداً عن أمي ..!
، و شعرت بالدوار حين أمسك بيدي فيبدو أنه كان يبحث عن وشم بنات الجن .. فشعرت أن تلك اللحظات مرت عليّ و كأنها الدهر كله ،و بعد انتهاء ذلك الكائن من فحصي قال لي بنظرة استغراب .. أنتي إنسية ؟! ، كنت اعتقد أني البني اّدم الوحيد هنا .. من أنتي و كيف دخلتي إلي هنا .. هل قام أبي بفتح البوابة من جديد ؟!
شهقت بخوف لدرجة أنه وضع يده علي فمي ، و قال لي سيسمعنا الجان الغواص .. اهدئي قليلاً .. سألته هل أنت بني اّدم مثلي ؟! .. إذا كيف عرفت أني لست من الجن!
قال لي أنا بني اّدم مغفل ، فكنت شاب في العقد الثاني و أتخيل أني استطيع أن أملك الأرض و ما عليها .. فقمت بإستغلال ما حباني به الله من هبة و عملت صفقة مع بني الشيطان .. فكنت اعتقد اني لو امتلكت قدرات الجن سأحكم العالم بمن عليه ..و لم أفهم أني كنت مجرد طُعم ساذج .. مجرد أداة لدخول القرين لعالم البشر و عث الفساد فيه ..! أما كيف عرفت أنك من الإنس فهذا سهل .. فحين تقضين أكثر من نصف عمرك في عالم الجن ، ستعرفين أن البشر يملك خواص الطين الذي خُلق منه و هو الكثافة ، أما الجان يمتلكون صفات النار الذين خلقوا منها و هي قلة الكثافة .. فحين أمسكت بيدك عرفت بسهولة أنك اّدمية !!
قلت له و الحزن يتملكني.. أأنت بدر بن الشيخ جاويش رحمة الله عليه ..؟!
شهق بحزن و قال .. أمات أبي ، مات الشيخ جاويش طيب القلب ؟! ثم دخل في نوبة بكاء .. حاولت أن أهدئه خوفاً من أن يسمعنا أحد .. لكنه قاطعني قائلاً ..
” إذا كان أبويا مات زي ما قولتي ، انتي مين و دخلتي إزاي هنا ؟! ”
،قلت له بتردد ” ديه قصة طويلة أووي .. هحكيلك بس توعدني تساعدني !”
و لكن قاطعنا صوت مدوي في السماء ، فنظر بدر بتمعن و قال ..يبدو أن المعركة بين الجان الهوائي و شهب السماء ، ستستمر طويلاً .. و المكان هنا غير أمن ، سأصحبك حيث أعيش و هناك تقصين لي ما قصتك ؟! .. سألته بفضول .. حيث تعيش ؟! و لكن ألست مسجوناً هنا ؟! .. قال لي بحسرة .. ألا يكفي أن أكون موجوداً في عالم غير عالمي و لا أستطيع العودة و الأصعب أن يكون ذلك نتيجة اختياري ..!
اصطحبني بدر إلي مكان بعيد خلف تلك البيوت الغريبة التي دلفت إليها ، و كان بناء ضخم يشبه الأسطبل الخاص بالخيول ..يتكون من ثلاث غرف عملاقة ، يحيط بهم أعمدة ضخمة من الحديد .. تشبه قضبان السجن .. و بجوار الثلاث غرف ممر طويل به سرير من القش .. كان للمكان رائحة بشعة جدا .. نظر لي بدر و كأنه ادرك ما افكر به و قال هذا المكان الاسطبل الخاص بدواب الجان .. ثم اشار إلي السرير المصنوع من القش و قال .. أما هذا فهو سريري الشيء الوحيد الذي أملك في ذلك العالم ..
سألته باستغراب .. و هل للجن دواب ؟! .. رد عليّ بأن هناك الكثير من الاّشياء عن عالمهم نجهلها .. و قال لي بأن تلك الرائحة سببها أن دوابهم تتناول روث دوابنا .. و هو المسئول عن اطعام الدواب بعدما يقوم خادم من الجن بإحضار الروث من عالمنا .. حاولت أن اخفي تقززي و شعوري بالغثيان .. لكنه ادرك ذلك أيضاً و قال لي ” قضيت عمراُ أعمل هنا و لم اعتد ذلك أيضاً ” .. و لكن قطع حديثنا صوت زئير مرعب يخرج من تلك الغرف .. و حين نظرت وجدت في الغرفة الأولي .. طائر ضخم لن أكون أبالغ إذا قلت عنه انه عملاق .. تخرج النيران من فمه ، كنت اشعر انه إذا اطلق لجناحيه العنان سيقتلع جدران الغرفة .. إنه يشبه الطائر الأسطوري الذي يدعي ” الرخ ” في عالمنا ، قال بدر و هو يطعمه ” و من قال لك ِأن تلك اسطورة ، فمعظم الاساطير في عالمنا مصدرها عالم الجان .. فقد يكون بعض الناس زار عالم الجن و البعض الاّخر قد يكون حباه الله رؤي .. و لكنهم لا يملكون سوي تسيمتها أساطير ، حتي لا يتهمهم الناس بالجنون .. حتي انتي إن كتب الله لكِ السلامة و عدتي إلي عالمنا .. و قصصتي ما مررتي به لن تجدي من يصدقك و لن يكون بوسعك سوي أن تسميها قصة خيالية أو اسطورة ..حتي أنا في عالمكم اسطورة ..! ”
قلت له و انا أحاول أن اّواسيه .. ” لكنك لست أسطورة .. انا سأشهد بذلك ”
قال لي اتعرفين من أنا حقاً .. أنا من حق عليه قول الله .. بسم الله الرحمن الرحيم
” وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ”
، لم أجد بعد ما قاله كلمات تواسيه و لكن ذكره لتلك الاّيات جاء في وقته ، فقد جعلني اطمئن له أكثر و بث في نفسي القوة .. و لكنه قاطع تفكيري بإستكمال حديثه عن باقي دواب الجن .. فقد اّشار إلي طائر الرخ و قال انها الدابة المخصصة للجن الترابي لأنه الجن الوحيد الذي لا يستطيع الطيران .. ثم اشار إلي الحجرة الثانية و كان بها كائن نصفه الأمامي اسد و الجزء الاّخير من جسده و ذيله عقرب .. و كان شكله مخيفاً للغاية خاصة حين يرفع ذيل العقرب و يصوب رأسه المدبب ناحيتي .. قال لي بدر لا تخافي فهو لا يهاجم حتي يأمره صاحبه .. فهذه الدابة الموكلة بالحرب يركبها جنود الجان لأنها سريعة و تهاجم بذيلها الأعداء ..أما تلك الدابة و اشار لكلب أسود ضخم له ثلاث رؤوس يزين رقبته طوق به سنون مدببة و تخرج النيران من فمه أيضاُ ..فهي للأعمال اليومية ..
، ثم نظر لي و قال دعِ عنك أمر الدواب الاّن و اّخبريني أنتي ما قصتك ؟!
فجلسنا علي صخرة أمام اسطبل الدواب و قصصت له ما حدث منذ البداية .. لم يبدو عليه الاندهاش .. فيبدو أن عمراً تقضيه بعالم الجن من شأنه أن يجعل كل شيء لديك بغير ذا شغف او اندهاش .. فبدا عليه انه يفكر قليلا ثم قال .. أنا هساعدك يا بنتي و اتمني ان بمساعدتي ليكي ربنا يغفرلي .. ثم قال ” جُمار كانت محبوسة في عالم الجان .. معني كده أن اختك محبوسة مكانها في سجن لاشين .. و ده سجن القرين في العالم هنا .. بس انتي كده بتدوري غلط .. اختك مش هنا ..! ”
، انتفضت من مجلسي قائلة .. إزاي مش هنا ، مش هنا عالم الجان و انت قلت ان سجن لاشين ده في عالم الجان ؟! .. نظر لي نظرة شفقة و هو يربط علي كتفي ثم قال .. الأرض هنا سبع أراضي زي السما ما هي سبع سموات .. احنا في الأرض الأولي مكان سكن الجاثوم و جنان الصور و الدمي و الجن الأطباء و الجن الهوائي ، أما الجن المُسلم فهو بيعيش فوق الأرض علي الجبل إللي هناك .. قاطعته قائلة ..نعم رأيتهم و انا ادلف إلي العالم هنا .. فقال لي يبدو أن رحلاتنا متشابهة فهذا الجبل كان اول ما راّيته حين قدمت إلي هنا ، و لكن اتمني لكي حظ أكبر من حظي و ألا ينتهي بكِ المطاف مثلي !
فكنت خائفة جداً من كلامه ، و أفكر فيما سأقابله في رحلتي .. و لكن ما جعلني أطمئن قليلا ان بدر يعرف العالم هُنا جيداً .. قطع بدر تفكيري حين قال .. الرحلة ممكن تبقي طويلة هنحتاج أكل ..!
قلت له بتردد .. أكل ؟! الحاجة الوحيدة إللي مفكرتش فيها .. انا معملتش حسابي اني ممكن اتأخر هنا كل ده .. ضحك بدر ثم قال لا تقلقي .. لو لم أجد طريقة هنا لأكل بها .. لقضيت عمري اتناول العظام فهو طعامهم .. فسألته هل هو طعامهم الوحيد ؟! .. فقال لي ان الجن غير المسلم يأكل من طعام بني اّدم الذي لم يذكر عليه اسم الله ..
، ثم قال لي اتبعيني .. فاصطحبني إلي مكان علي اطراف القرية في الجهة المقابلة للجبل .. فوجدت نفسي في مكان اّدمي يشبه الملهي الليلي الاجنبي .. دلف بدر و دلفت معه و قال لي بدر لا تخافي انه حقاً مكان اّدمي من عالمكم .. فالأماكن التي مثل تلك لا تخلو من أن تكون منافذ لدخول الشياطين .. و حين دلفت وجدت لكل منضدة شيطان موكل عليها .. فقال لي هيا بسرعة قبل أن يلحظك أحد .. فقام بفتح الثلاجة و اّخذ بعض الطعام و غادرنا المبني سريعاً .. ثم قال اذكري اسم الله عليه حتي لا يشاركنا به أي شيطان ..! فسألته لما لا يمكنني العودة من ذلك المكان لعالمي .. فضحك ضحكة اخجلتني .. ثم قال انتي مستجدة هنا تلك المنافذ للشياطين فقط دائما ابوابها إلي عالم الجان فقط .. أما أنتي فسبيلك الوحيد من حيث دخلتي ..!
و بعد انتهائنا من الطعام ، اصطحبني بدر إلي مكان مهجور بجانب ذلك الملهي الليلي .. لأول مرة اشعر بذلك الخوف حين رأيت الأرض انتهت من تحت قدمي .. فكأني وصلت لأطراف الأرض .. رأيت بدر يحمل مصباحاً و ينزل علي سلم بني طويل و قال لي احترسي واتبعيني .. كان السُلم طويل كأنه لا ينتهي .. فوجدت نفسي في أرض اّخري غير التي نعرفها .. كانت قشرتها أخف من تلك التي نعرفها .. لدرجة أني كنت اشعر انها ستنكسر بي و سأقع في هاوية الكون .. اّخبرني بدر أن الأرض الثانية يسكنها ” المردة ” .. و المارد هو نوع من انواع الجن يتميزون بالحجم الكبير.. و لهم شغل التخيلات .. فرأيت بعضهم يسعون وراء مُصلي ليشككوه في وضوءه و واحد اّخر يأتي لمصلي ليجعله يتذكر مكان شيء ضائع منه في الصلاة .. و البعض الاّخر موكلون بالوسوسة .. لكنهم ليسوا أقوي فئات الجن ، فبمجرد الاستعاذة بالله ينصرف ..! ثم قال بدر أن المارد يتخذ أكثر من شكل و هيئة وروي لي قصة امرأة من عالمنا تجسد لها مارد ..فقال ..
هى أمرآة رأته من شرفة منزلها فكانت تنتظر زوجها وقد تأخر فى عمله فى أحدى الليالى . فتصفه وتقول وجدته كالعبائة السوداء او الدخان الكثيف السواد المتكثف يتشكل كيفما يشاء حتى انه اخذ يطول ويتمدد بجانب احد اعمدة الانارة حتى اصبح طوله تماماً ثم اخذ يلتف حوله كالثعبان ويغمره حتى اختفى عامود الانارة ولم يظهر الا المارد متمددا بسواد دامس لاترى خلفه ثم اخذ ينكمش ويتبدد ويرحل بعيدا كأنه سراب او وهم .
عبرنا الأرض الثانية بسرعة و سلام ، و لكن بدر كان خائفاً فقال لي إن الأصعب لم يأتي بعد .. استمرينا بالنزول للارض الثالثة .. و كانت قشرتها مماثلة للأرض الثانية .. شعرت بالفزع حين رأيت الأرض تملؤها الكلاب السوداء و الحيات .. فقال لي بدر اعبري بهدوء فتلك ليست حيات و انما جنان و الجنان جمع جان .. وقد اعطاهم الله قدرة على التشكل بأشكال مختلفة، منها التشكل في صورة إنسان كما في صحيح البخاري عند ما جاء الشيطان لأبي هريرة في صورة رجل فقير وأخذ يحثو من طعام الصدقة، ومنها التشكل في صورة حيوان كالكلب الأسود كما ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الكلب الأسود شيطان فقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الكلب الأسود شيطان والجن تتصور بصورته كثيراً وكذلك صورة القط الأسود، لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره ..
عبرنا إلي الارض الرابعة و كانت القشرة أكثر سخونة .. مثل حرارة الرمال الساخنة في الصيف و كان المكان في تلك الأرض في حالة فوضي .. فكل ما رأيته بعض الأقزام يغطيهم الشعر بشكل كبير .. فقال لي بدر تلك الأرض يسكنها الجن العفاريت فقزم صغير من العفاريت قادر علي قتل مارد كبير .. و هم موكلون بنقل الاّشياء من أماكنها .. فالبعض منهم يقومون بتغيير اماكن الاّشياء لمضايقة الناس و تشتيتهم ..
فقال لي و هو يهمس أحد تلك العفاريت عرض علي سيدنا سليمان أن يأتيه بعرش بلقيس .. وقبل أن ينتهي سلم الأرض الرابعة وجدت مثل بردية معلقة مذكور فيها تلك الاّية ..
( ( قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين
أصبحنا الاّن في الأرض الخامسة .. فقال بدر نحن الاّن حيث يسكن الجن الترابي .. فكانت الأرض عبارة عن شقوق .. فسألته أنا لا اّري أية مخلوقات هنا ..قال لي امعني النظر بين الشقوق .. فوجدت ذرات تراب تعيد تكوين نفسها .. فقال بدر أن ذلك أكثر نوع يحضره السحرة .. فوجدت بعض الرجال يشبهون الشيوخ .. قال لي بدر دعك منهم فهم سحرة يدعون إليهم الشر و هم لا يعلمون .. فكانت كل جدران الحائط مطبوع عليها .. احذر فالسحر دائما ينقلب علي الساحر .. قلت لبدر كيف لا يقرأ السحرة تلك الكلمات ؟! .. قال لي بدر لا يقرأها سوي مؤمن ، مثل الكثير من الاّشياء في عالم البشر واضح و لكن الكثير يغفل عنه ..!
ثم قلت له و انا اصرخ و اشير إلي مكان في تلك الأرض .. ذلك المكان الذي يدعي 413 ، هو ما باعت لنا جُمار فيه اللعبة الملعونة التي تدعي
” Back for you” …
فقال بدر لا تتعجبي .. فذلك المكان هو المسئول عن معظم أعمال السحر في عالمنا .. دعِ عنكِ فنحن الاّن سنبدأ رحلتنا الحقيقية .. فنحن علي بعد خطوات من سجن لاشين .. فالأرض السادسة .. هي أرض القرين .. شعرت بالرعشة تدب في جسدي .. و لكن بدر قال لي ” كل ما ستحتاجيه في تلك الأرض هو إيمانك بالله ” .. و ألا تخافي من شيء سواه ..! .. أما الأرض السابعة و الاّخيرة فلن يكون لنا عمل بها فهي جوف الأرض مسكن أبليس و العياذ بالله ، فهو كبير الشياطين و لم أنزل إلي تلك الأرض من قبل .. سنبحث عن اختك ونرحل مباشرة .. و بمجرد نزولنا للأرض السادسة كانت القشرة عادية جداً مثل القشرة الأرضية ، و لكن تلك المرة لم نكمل طريقنا إلي الأرض التالية و لكن دلفنا فكان المكان اشبه بمشفي نفسي مهجور .. و كان هناك المئات من الحجرات الممتلئة بالمرايا من كل مرايا يظهر انعكاس لبني اّدم و لكن بشكل مخيف بعينين متوهجتين بالأحمر مثل جمار .. رأيت بعضهم يوحي لصاحبه ليزيد في قلبه حب الشهوات .. و البعض يبث في قلبهم الغرور و العناد .. و كنت أجري انا و بدر كالمجانين في الممرات حتي لا يلمحنا قرين منهم .. و كانت الأنوار تخفت و تعود .. و لكننا لم نتوقف .. فالوقت في هذا الزمن ضدنا .. قام بدر بجذبي عند نهاية الممر ، نحو غرفة مظلمة شكلها كئيب جدا مكتوب عليها سجين لاشين 413 ..و كان باب الحجرة موصداً عكس الأبواب الاّخري ..و لكن بدر قال ” افتح باسم الله العزيز .. يُفتح كل حصن لأبليس ” .. امتلأ المكان بالدخان ثم وجدنا الباب و كأنه تبخر .. و حين دلفت كانت رائحة العفن تملأ الحجرة .. و في نهاية الحجرة وجدت اّفنان .. يا إلهي لقد اصبحت شاحبة كالشبح تماماُ .. لم اصدق ان تلك اّفنان .. كانت ضئيلة للغاية فيبدو و كأنها خسررت نصف وزنها .. أما وجهها فيغطي السواد ملامحه .. و كانت أمامها مراّة ضخمة و طبق به عظام .. رميت بجسدي بجانبها علي الأرض و احتضنتها بشده ، فكانت في حالة ذهول كأنها في كابوس .. فقلت لها لا تخافي ساّخذك من هنا و نرحل .. فكنت احملها انا و بدر حين شعرت ان جو الغرفة اصبح بارداً فجأة .. ثم سمعنا صوتاُ يأتي من خلفنا أجش مخيف .. يقول ” مرحباً بسجين لاشين الجديد ” ، نظرت فوجدت شخصاً يقف خلفي يشبهني تماماُ كأني انظر في مراّة و لكنه كان ينظر لي أكبر نظرة مخيفة رأيتها في حياتي .. كما ان انعكاسي كانت عيناه بيضاء تماماً .. قام بالهجوم علينا فشعرت ان قوة هائلة تطيح بنا .. حاولت أن اتوازن و لكن بدون جدوي .. فكان ذلك الإنعكاس ينظر لي و كأني ألد اعدائه يدور حولي و يضحك بجنون و عيناه البيضاء تماماً كان بها أكبر نظرة شر رأيتها بحياتي .. أما بدر و اّفنان فأصابتهم نوبة أغماء ..بدأت اتذكر ما قاله بدر و أن سلاحي الوحيد هنا هو ايماني ، فبدأت اتوازن و أنا أردد ..بسم الله الرحمن الرحيم .. “قال يا ليت بيني و بينك بعد المشرقين فبئس القرين ” ..بسم الله الرحمن الرحيم .. “قال قرينه ربنا ما أطغيته و لكن كان في ضلال بعيد” .. بدأ جو الغرفة يهدأ وشعرت أن الوضع بدأ يصبح طبيعي .. حتي بدر و اّفنان استعادوا وعيهم فجأة ، حمل بدر معي أفنان .. وخرجنا من الغرفة .. و لكن و نحن نصعد علي السلم رأيت خيالاً يأتي من الطابق الاّخير ..وقبل أن أحذر بدر رأيته يخرج من الطابق الاّخير ..كان عبارة عن جسم معتم كبير من السود له رأس صغير علي هيئة جمجمة ..و كان له صوت ضخم شعرت به سيخرم طبلة أذني .. كان يصرخ بنا و يطلب أن نتراجع و إلا سنغضبه .. ثم كان يصرخ في بدر و يقول عنه خائن .. قال لي بدر احملي اختك و اهربي من هنا .. و لا تنسي ما قلته لكي ” وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ” .. حاولت أن اسند اّفنان و ركضت كما لم أركض من قبل و انا أغادر رأيت ذلك الظل الأسود المخيف يبتلع بدر .. فلم يعد ظاهراً .. و نجحت في الوصول إلي الأرض الأولي ثم صعدت بأفنان الجبل و كانت البوابة مازالت مفتوحة عبرنا منها و كنت اشعر بنفس الثقل و كأني اغطس إلي بركة مياه و انا اعبر ..و بمجرد عبوري كتبت علي ورقة ” عابر يفتح باب الجن ” ثم وضعتها أمام المراّة ، فعادت المراّة كما كانت ..!
لم اشعر بشيء بعد ذلك سوي و السيدة البدوية تحاول ان تُعيدني للوعي ، و عندما نظرت ووجدت اّفنان بجانبي عادت لي الحياة .. و لكن وضعها كان أصعب مني بمراحل ..و لكن ما مزق قلبي حقاُ هو اني نظرت فوجدت بدر مُلقي بجانبي و قد فارق الحياة .. فاجتمع اهل القرية و حملوا بدر بعد ان تعرفوا عليه .. منهم من قال أن الله غفر له لذلك عاد ليدفن بجانب أبيه .. و منهم من قال انه كان مهاجراُ و عاد ..
، حملت اّفنان انا و السيدة البدوية إلي الشاليه ، ثم هاتفت أمي ان تأتي مع جُمار .. و لم أخبرها بشيء فهي مازالت تعتقد ان من معها هي اّفنان ..بمجرد ان دلفت أمي إلينا فور وصولها و راّت أفنان كان عقلها سيتوقف .. أما جُمار فبمجرد وقوفها أمام اّفنان فصرخت صرخة مدوية ثم راّيناها تتلاشي كانها تتبخر و تعود للمراّة أمام أعيننا جميعاً .. فجلست أمي تبكي بجانب اّفنان طويلاً و تردد ” أنا إللي عملت فيكي كده ” .. فقد أدركت اّخيراُ أن ما فعلته بنا كان خاطئاُ .. ففي الأيام التي تلت تلك عدنا إلي القاهرة و قدمت أمي استقالتها من المشفي بعد أن راّت ان اهم بناء تديره هو منزلنا .. أما اّفنان فقد ادخلتها أمي إلي مشفي نفسي خاص .. و قد بدأت في التعافي مما راّته .. واصبحت تذاكر دروسها في المشفي و تحرص علي التقرب إلي الله أكثر .. أما أنا فعدت إلي عملي في الجريدة .. و مما قابلته تعلمت أن اقوي اسلحة الإنسان إيمانه ، فلا يعيقه بشر أو جان حتي .. بالإضافة إلي ذلك بدأت في كتابة كتابي الجديد ” رحلة إلي عالم الجن ” .. و حين سألني الناشر عن نوع الكتاب أحقيقي أم فانتازيا .. تذكرت بدر حين قال لي لن يصدقنا أحد .. و انا أرد علي الناشر و اقول ” فانتازيا “

تمت بحمد الله و الصلاة و السلام علي سيدنا و نبينا محمد و علي اّل و صحبه اجمعين

error: