رحـلة إلي عالم الجان

رحـلة إلي عالم الجان ” Part 2 “

انهت تلك السيدة حديثها ثم نظرت لي نظرة ذات مغزي و قامت بإخراج بعض البرديات من أحد ادراج قطعة الأثاث التي تحمل التلفاز ، فكانت برديات قديمة للغاية لدرجة أنها كانت تمسكها بحرص خوفاُ من أن تتحل بين يديها ، و قالت لي ” النبوءة ” النبوءة إللي قالها الشيخ جاويش ان البوابة هتتفتح علي إيد حد من دم القرين البشري إللي هيتحبس في عالم الجن، و انتي يا مُني الحد ده ..!
، نظرت لها و انا في غاية القلق و الدهشة ، وهي تناولني البرديات قالت لي ..”قبل ما بوابة المراية تتقفل .. و بعد دخول ابن الشيخ جاويش .. لما ابتدا الموضوع ينتشر بين أهل البلد .. قرروا يوقفوا حارس علي المراية و كان الحارس ده أبويا .. و البرديات ديه خدها أبويا بعد قفل البوابة عشان يخفيها عن أي حد مؤذي يحاول يفتح البوابة و يستعملها لأغراض الشر ..فالبرديات ديه تعتبر ورث عيلتنا .. و انا مش بسلم البرديات ديه غير لو باحث موثوق طلبها .. و دايماُ بعد ما بيفشلوا يفتحوا البوابة بيرجعوها تاني ، لأنهم بيفتكروا دايماً ان موضوع بوابة الجن اسطورة ملهاش اساس من الصحة .. ”
، و كان عقلي عاجزاً هل يصدق تلك القصة كاّخر أمل له ، أم نحن بزمن انتهت فيه المعجزات فعبث أن نصدق تلك الأساطير ..و لكني قررت أن اركض وراء احساسي فما بدأ في مطروح ، أشعر أنه سينتهي بها ..!
اخذت منها تلك البرديات ، و كنت امسكها بحرص شديد .. فشعرت انها قد تتحول لكومة من التراب إذا احكمت قبضتي .. حيث كانت تلك البرديات مائل لونها للإصفرار فبرديه منهم كانت تحمل صورة للمراّة فوقها رسم للشمس و أمامها دخان كثيف ، و بعض البرديات يحملن الحروف المصرية القديمة .. و بردية اّخري تحمل صورة لكائن غريب يغطس في شيء مثل النهر ، و في نفس البردية صورة لنفس الكائن و هو يسلم المراّة للكاهن و يغطس ذلك الكائن بداخل المراّة مرة اّخري ، اعتقد ان ذلك الجن الغواص و الرسم يوضح اعطائه المراّة للكاهن ثم عودته لعالمه .. لكني لاحظت شيئاُ غريباً في البردية الأولي التي تظهر فيها الشمس فوق المراّة ، فكانت البردية تحمل نفس الجملة المنقوشة علي زجاج المراّة والتي تقول عنها السيدة البدوية أن الشيخ جاويش أغلق بها البوابة .. فيبدو أن الشيخ جاويش استطاع أن يحل رموز تلك البردية و من هنا فإن تلك البردية سبيلي لفتح البوابة مرة اّخري .. !، قلت للسيدة البدوية و أنا امسك بالبردية الأولي ” هي ديه إللي فيها حل اللغز ، أنا هستأذنك اخد البردية ديه و هنزل اشتري من البلد كتاب بيترجم الحروف المصرية القديمة و يدوبك ألحق اروح الشاليه قبل الليل ” ، عرضت عليّ تلك السيدة أن ابقي معها و قالت أن زوجها متوفي و ابنها الوحيد يدرس في محافظة اّخري و لا يأتي غير في العطل ، فكرت قليلاً ثم وافقت فشعرت أننا بحاجة لأن ندعم بعض في تلك الظروف العصيبة .. نزلت بعد ذلك و اشتريت عدة كتب عن علم المصريات تحوي ترجمة الحروف القديمة ، ثم عدت إلي منزل تلك السيدة فقادتني عبر السلم الخارجي إلي الغرفة في الطابق العلوي و كانت غرفة بسيطة و جميلة تحتوي علي سرير بالمنتصف من الخشب البني الداكن و تسريحة بمراّة أمامه و متصل بالغرفة شرفة تطل علي حديقة المنزل الصحراوية و علي امتداد اّري بيوت القرية و علي الحائط العديد من المنسوجات بالألون الزاهية .. جلست علي الحصير بالأرض ثم اخرجت ورقة بيضاء و بدأت بترجمة تلك الرموز و صور الحيوانات .. و لكن قاطعني دخول السيدة البدوية إلي الغرفة تحمل بعض الخبر الذي يُدعي الرقاق و الجبن القريش و البابور و الشاي .. فجلست بجانبي علي الأرض و قامت بتحضير الشاي بينما نتناول الطعام .. وبينما اقوم أنا بإكمال الترجمة لتلك الرموز القديمة ..
و كانت الرموز عبارة عن بعض صور البوم و الثعابين و الأقدام بالإضافة إلي رموز اّخري غريبة و بعد انتهائي من الترجمة كانت ترجمة الجملة التي علي صورة المراّة في البردية ، و التي كانت منقوشة علي المراّة في الحقيقة هي ” رباع حتفي باب نجلا ”
كلمات ليس لها أي معني ، و لا اّدري إن كانت في الحضارة القديمة تعني شيئاً .. لم استطع الإنتظار حتي الصباح .. ركضت و ركضت تلك السيدة خلفي حتي وصلنا إلي المراّة و قمت بترديد تلك الجملة .. و لكن لا شيء يحدث !
فعدنا للمنزل و كنت محبطة للغاية ، و هي تنظر لي بشيء من الشفقة تحاول ان تخفيه خلف كلمات التشجيع ..و بمجرد دخولي الغرفة قمت بمراجعة كل البرديات و لاحظت رسم الشمس فوق المراّة .. فقلت لها يبدو أننا اخطأنا التوقيت .. فقالت لي بيأس ” يمكن ، بس عاوزة اقولك كل إللي حاولوا قبل كده ، مقدروش يفتحوا البوابة ” .. قلت لها ” كل إللي حاولوا قبل كده مكنش حد من عيلتهم جوا .. أنا لازم انجح .. ! ”
و في الصباح بعد شروق الشمس ذهبنا مجدداً إلي المراّة و قد بدأ السياح بالقدوم من كل صوب لها .. فأسرعت أنا و السيدة البدوية للمراّة ووقفت أمامها مباشرة و قمت بترديد العبارة و لكن لا جدوي .. لم يحدث أي شيء ..
عدت للمنزل و أنا في غاية الإحباط ، و لكني رفضت أن أصدق ان تلك البوابة اسطورة فهي الاّن سبيلي الوحيد .. فعدت لمراجعة البردية .. فاكتشفت أن الشمس فوق المراّة تماما ، و تلك الوضعية لا تحدث إلا قبيل الغروب بساعة .. و لاحظت الدخان الكثيف في الصورة ، فسألت السيدة البدوية هل يوجد مصدر للدخان قريب من المراّة فقالت أن الينابيع الساخنة أمام المراّة تزداد حرارتها كل يوم 15 من الشهر العربي .. و يخرج منها بخار كثيف و يزداد الأقبال عليها في ذلك اليوم خصيصاُ لما لها من فوائد استشفائية .. بدا عليّ الفرح فسألتني السيدة عما حدث ؟! ، فاخبرتها اني فهمت التوقيت الصحيح من البردية .. فاليوم المناسب لفتح البوابة هو اليوم الخامس عشر من الشهر العربي قبل الغروب بساعة .. و مر الأسبوع و انا استعد لذلك اليوم ، فقد اقترب الموعد ..فقمت بإرسال المقال لرئيس التحرير عبر البريد و هاتفت الجريدة لطلب أسبوع أجازة .. أما أمي فلم تعترض علي مد سفري اسبوع اّخر ..
و حان اليوم الذي انتظره ، فتوجهت أنا و السيدة البدوية إلي المراّة قبل الغروب بأكثر من ساعة و نصف .. وحين مالت الشمس للغروب و اصبحت فوق المراّة مباشرة ، و ازداد غليان الينابيع فعبأ الدخان الكثيف المكان .. وقفت مباشرة أمام المراّة و قلت
” رباع حتفي باب نجلا ” و لكن أيضاُ لم يحدث شيء .. فحاولت أن اتحرك قرب المراّة بدون أن يراني أحد و اتجاوز الشريط الأصفر الذي وضعته وزارة الاّثار .. ثم وضعت يدي علي المراّة اّملة ان اعبر من تلك البوابة ، و لكني اصطدمت بزجاج المراّة ..!
جلست علي الأرض بالقرب من المراّة و ظللت أبكي فلم يعد لدي أي أمل ، و سأعود غداً للمنزل و سأضطر للعيش باقي حياتي بدون اّفنان ..بينما تنعم جُمار الملعونة بحياتها !
، و بينما أنا أبكي نظرت للمراّة ، لكني لاحظت اختفاء انعكاسي و انعكاس من حولي .. فنظرت للمراّة برعب فرأيت انعكاس اّفنان لأول مرة لم تكن تستنجد بي أو تبكي ..و لكنها كانت تشير إلي جرح قديم علي حاجبها الأيسر و لكن مكان الجرح في الإنعكاس كان علي الحاجب الأيمن ـ اندهشت قليلاً ثم ضحكت علي سخافتي فمن الطبيعي أن المراّة تعكس الصورة و الكلام ..! ثم شهقت بفزع .. إذا كان الشيخ جاويش كان يمسك الورقة أمام المراّة ، فانغلقت البوابة و انطبع الكلام علي المراّة ، فالبتأكيد أن الكلام انطبع بصورته المعكوسة .. فالجملة ليست “رباع حتفي باب نجلا” .. الجملة هي ” عابر يفتح باب الجن ” !
بمجرد أن انهيت الجملة وجدت طاقة هائلة تجذبني من المراّة ، و شعرت كأني انزل في بركة ماء كبيرة ، و جسدي كثيف بسبب وزن الماء .. و بمجرد دخولي وجدت نفسي في عالم اّخر و كنت خائفة حقاُ .. نظرت خلفي فوجدت بوابة كبيرة تحتوي علي المراّة وكانت المراّة تظهر منها دوامة ، فيبدو أن المراّة في ذلك العالم تأخذ شكل البوابة حقاً و لها طاقة كبيرة لجذب أي شئ لعالم اّخر ..! و يبدو أيضاُ ان ذلك العالم أكبر من مفهومنا السطحي للاّشياء و أن هناك حقائق كثيرة مازلنا نجهلها ..!
نظرت للعالم الذي أنا فيه فوجدت نفسي اقف علي قمة جبل و أمامي أكثر من غار ، و كانت السماء نفس السماء و الأرض من بعيد تبدو كأرضنا ..و لكن لا وجود للبشر هنا !
فنظرت إلي مدخل الغار الأول ، فوجدت قطعة من جلود الحيوانات معلقة – فيبدو انهم يستخدموها كالأوراق هنا – منقوش عليها تلك الـاّية ” و انا منا الصالحون و منا دون ذلك كنا طرائق قددا ” .. فشعرت بالراحة عند قراءة ايات القراّن ، فشعرت ان من يسكن ذلك الجبل من الجن المسلم ، فتخفيت وراء بعض الأحجار خوفاً من أن يراني أحد .. و لكني كنت علي مقربة منهم و ما فهمته هو أن الغار الأول يسكنه الجن القمري..و أغلبه مسلمون.. و عندما حاولت النظر للغار الأول صعقني ما رأيت فبمجرد النظر بداخله تشعر أنك غادرت كوكب الأرض و تقدمت خطوة للداخل فوجدت نفسي أنظر للأرض من الفضاء الخارجي فأنا علي أحد الكواكب و يبدو اني علي سطح القمر .. تعوذت بالله و غادرت ذلك الغار قبل أن يراني أحد و ، أما شياطين ذلك النوع ففهمت أنهم يتجسدون في شكل القطط السوداء ..
أما الغار الثاني فيسكنه الجن الضوئي ، و هذا النوع من الجن ينحدر من النوع الذي كان في عهد الرسول صلي الله عليه و سلم .. و معظمهم من الجن المسلم أيضاً ، ومن بعض مناقشاتهم .. فهمت انهم يشبهون الإنسان في الحكمة و القوة ..
قطع استماعي لمناقشاتهم صوت يشبه عواء الكلب و لكن يصحبه صراخ مرعب جمد الدم بعروقي .. و صوت حركة غريبة ، جعلتني أركض في اتجاه اسفل الجبل ، حتي غادرته ..
فوجدت نفسي في مكان يشبه القرية الصحراوية في مطروح تماماً يحيط بها النخيل من كل حدب و صوب و في منتصف القرية بحيرة مياه جميلة ، و لكن القرية خاوية من كل جنس اّدم ..و بجانب البحيرة وجدت بعض البيوت المألوفة .. فدخلت احدهم فوجدت غرفة نوم تشبه الغرف الاّدمية ، فكلما دلفت لغرفة في المنزل وجدتها غرفة نوم و لكن باّشكال مختلفة و بجانب السرير في احدي الغرف في ركن الغرفة المظلم رأيت شيئا يشبه الشكل الاّدمي و لكنه مظلم بدون ملامح .. فخرجت مسرعة من المنزل .. يبدو أن ذلك منزل ” الجاثوم” وهو دائما ما يقف خلف الإنسان وينتظر حتى ميعاد نومه وما يلبث الإنسان أن يبدأ نومه حتى يجلس فوقه ويحاول خنقه .. لم أكن اّدري أين اذهب هل عليّ أن أدلف إلي كل البيوت حتي أجد اّفنان ..و لكن يبدو أني ليس أمامي حل اّخر ..!
دلفت إلي منزل اّخر فوجدت نفسي في بهو يشبه البيوت الحديثة و لكن تكثر فيه الدمي .. فكان المنزل شكله طبيعي و لكن فجأة وجدت جميع الدمي تتحرك بشكل بطيء .. فركضت إلي الحجرة المجاورة و كانت غرفة جلوس كلاسيكية .. فحاولت الاختباء لكني وجدت بعض التماثيل تتحرك و العيون ببعض الصور علي الحائط تتحرك كالأعين البشرية .. فغادرت المنزل خائفة دون فهم أي شيء ..فكنت اّشعر اني بفيلم رعب كأفلام الرعب التي كانت تجبرني اّفنان علي مشاهدتها .. و لكن حتي ذلك الفيلم هي من اقحمتني فيه!
، جلست بجانب البحيرة ،و لم أكن اّدري ماذا أفعل ..و لكني لمحت شيئاُ يغطس داخل البحيرة .. لم استطع ان ألمح تفاصيله و انا مختبئة .. و لكنهم كانوا يخرجون بعض الاّشياء كالتحف القديمة و بعض الاّثار من قاع البحيرة .. فعلي ما يبدو انهم الجن الغواص ..! .. و ذلك النوع ذكر في القراّن .. قال تعالي “و الشياطين كل بناء وغواص ” .. فوجدت منهم مجموعة يستخرجون من الماء عقار عجيب .. و ما فهمته هو أن الجن المائي المسئول عن الطب في عالم الجان .. فطب الجن كله يستخرج من الماء !
في تلك الاّثناء ،شعرت بحركة غريبة في السماء فوقي .. فوجدت بعض الشهب تلاحق شيئاً كبير يغطي السماء و له اجنحة .. فكانت مثل المعركة ..و لم افهم ما يحدث و لكني حين تذكرت قول الله تعالي ..
وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا (الجن:8- 9 )
، فادركت ان ذلك قد يكون الجن الهوائي الطائر يحاول أن يتسرق السمع ..او التجسس علي بعض اخبار السماء فكان الشهاب يلاحقه لذلك ..!
،لكني يأست أن أجد اّفنان في تلك المنطقة .. فكنت اتحرك بلا هدف لا اّدري أين أنا و لا اعرف معالم ذلك العالم ..و كنت غارقة في تفكيري حين شعرت بشيء يمسك بكتفي من الخلف .. و حين نظرت وجدت .. يتبع !

error: