جاري سداد الدين

 

الفصل 6

فين الخاتم بتاعك ياماما؟؟؟؟

راحت الأم تطالعه، والغضب يلوح بانعقاد حاجبيها ونظرتها القاسية محاولة إخباره بما لديها..  ولكن كيف والعجز يحجم صوتها الغير مسموع، همهمت فقط بحروف مبعثرة على أطراف شفتيها..!

فنظر لشقيقته ينتظر منها توضيحًا، فهتفت هند:
أنا كمان لاحظت اختفاء الخاتم ودورت عليه في كل مكان ممكن يكون وقع فيه، بس مالقيتش حاجة، فخمنت أنه يكون اتزحلق من ايدها وأحنا بنحميها  مثلا ومحدش شافه! ده تفسيري الوحيد يا أحمد!!

عاد بنظره لوالدته فكذبت عيناها تخمين هند البريئة، التي لا تدري ما يحدث، ولكن هو يعلم أين خاتمها ومن سارقه!!

اندفع مغادرًا، وصوت هند خلفه يصدح بفزع:
_ رايح فين يا أحمد فهمني حصل أيه..  أحمد، أحمد!!

لم يجيب، وقدماه تقوده سريعًا إليها… فريال!
نعم يعلم أنها لم تسرق، ولكن هي من أمنت دخول السارقات بكل يُسر، ليعبثوا بأشياء والدته دون رقيب..  وسيكون العقاب شديد لجميعهم!


محمد:  بابا لبس المدرسة بتاعي أنا وحنان كله مش نضيف.. ماما كانت بتغيرلنا اليونيفورم كل 3 أيام..!
حنان: والشرابات كلها بقيت وحشة..  مش هينفع نروح المدرسة كده، سوسو بتتريق كل يوم عليا، مرة شعري المنكوش، ومره هدومي المكسرة?
محمد:  أمتى ماما راجعة من عند تيتة يا بابا..  وحشتنا اوي.. وكمان هي اللي بتعرف تعملنا كل حاجة

نفذت طاقة احتماله..  لم يعد قادرًا على تلبية طلباتهما التي لا تنتهي! خارت قواه، وأصبح مثلهما تمامًا مهمل غير مهندم وضاعت اناقته التي كانت تحتل الكثير من اهتماماته.. كما تبخر تركيزه الكامل بعمله، وهو الذي كان يتشدق مع اقرانه، أن المشاكل الشخصية، لا مجال لها بالعمل..! تنهد داخله بنفاذ صبر! فأصبح لا حيلة له..في استخدام تلك الآلة الأوتوماتيكية المعقدة التي يجهلها ولم يجربها يومًا..!

أجاب الصغار:  حاضر..  أنهاردة هرجع من شغلي بدري يا ولاد واغسل الهدوم كلها وبعدين هكويها..!
……………..
انقضى يوم عمله وعاد لمنزله ليقوم بغسل ملابسه هو واطفاله..  فوضع الكثير من الثياب دون مراعاة لفصل ألوانهما، فلا يجوز خلط سروال أسود مع قميص ? شديد البياض!!!  لم ينتبه لجهله بتلك النقطة وبدأ تشغيل آلة الغسيل، ولم يدرك أنه قام بالضغط على الذر المخصص لتدفق المياة الساخنة، والتي لا تصلح سوى لملابسهم البيضاء، وتعد جريمة لا تغتفر بحق قطع الملابس الملونة!!!!

وحانت لحظة اكتشاف نتيجة جهله بإدارة آلة غسيل أوتوماتيكية..  فما أن ابصر الملابس حتى ادرك جريمته!  فلم يعد الأبيض بلونه الناصع..  ولم تعد الألون بنفس زهوتها..  بل ازدادت بهتان وربما قبحًا..!

ما العمل أذًا ؟؟؟ لقد أفسد الملابس بشكل يُخجله أنه يريها لصغاره! وربما يحتاج شراء جديدة بدلًا منها..!

قذف القطع أرضًا بغضب وقد فاض كيله من ذاك الحمل الذي اعترف أخيرًا أنه كبير عليه.. وقرر شيئًا ربما هو الحل الأمثل والوحيد الآن!!!


تُصدر الأم فاطمة همهمة وتحاول قول شيء لأبنتها هند ولكن عاجزة عن التفوه بحرف، فلم تجد سوى منحها ابتسامة راضية مشجعة، وكأنها تواسيها.. هي حقًا قعيدة وتعجز عن النطق، ولكن قلبها وعقلها مازالو  گ ردار يشعر بصغاره..!

أما هند فترجمت جيدًا إشارات الأم ولكن راوغتها وهتفت بمرح مصطنع:  إيه ياطمطم إنتي زهقتي مني عشان قاعدة معاكي كام يوم؟! أنا مصدقت ارتاح من زن عصام ومسؤلية عياله شوية، ويومين وهرجع ماتقلقيش عصام سمحلي بكدة يعني مافيش حاجة تقلق ياجميل.. ويلا بقى ياست الكل عشان اغديكي وتاخدي علاجك!

شق الأجواء رنين الباب المتواصل، فهبت تتبين الطارق سريعًا وما أن فعلت حتى اندفع صغارها محمد وحنان يعانقانها بلهفة هاتفين:
_وحشتينا يا ماما..كده سبتينا كل ده لوحدنا..!
فبادلتهم عناق شديد الدفء والفرحة واللهفة، فكم اشتاقت وتمنت رؤيتهما..  ولم تنتبه بعد لعصام الواقف يطالعها بشوق، رغم أنه أتى من شدة حنقه وغضبه عليها وطوال الطريق يتخيل كيف سيلقي على مسامعها كلامه اللاذع! ولكن ما أن طالعها وابصر  هزلان جسدها ونحوله، والسواد الذي استدار حول عيناها وشحوب وجهها.. حتى أشفق عليها ونغزه قلبه لأجلها.. هي أيضًا تعاني البعد مثله..  هو أكيد مما يحمله قلبها له، ولصغارهما بالطبع..!

تنحنح لتلتفت له، وما أن فعلت حتى تلقت حزن مقلتيه القاتمة، فمنحته نظرة يمتزج بها العتاب والحزن، سطرتهم عيناها المنطفيء توجهها..!

قاطع اتصال عيناهما القصير هتاف الصغير: تعالي يا نونة نروح نسلم على تيتة ونطمن عليها..!

ذهبوا تاركين لهما المجال للحديث، الذي بادر به عصام: ممكن نتكلم شوية؟؟؟

أشارت له بالدخول دون النظر إليه أو التفوه بشيء!
وقادته گ الضيف لحجرة أستقبال الأغراب، ولأنه مدرك تفاصيل المنزل وأين تقع الغرف، باغتها بجذبها عنوة لإحدى الغرف الجانبية واقحمها للداخل مغلقًا الباب خلفه صادمًا إياها بالجدار! باسطًا كفيه حولها گ حصار..! وهي مجرد معتقلة بين ذراعيه!

فصعقت من تصرفه وجرآته وخافت من تهوره گلقائهما الأخير!  فدفعته بعيدًا هاتفة بغضب تأجج بعيناها:  أنت شكلك اتجننت وفقدت عقلك ياعصام..  لا المكان مناسب ولا حتى الظروف بقيت تسمح بأي حاجة بيني وبينك، حتى وقفتنا دي بقيت سرقة مش من حقك ولا هسمح بيها، ولو مش هتقول اللي جاي عشانه بإحترام وأدب..  يبقى اتفضل من غير مطرود!
دارت عيناه بمعالم جسدها وجهها بشوق لم يخفيه مطلقًا هاتفا برفق:  ليه وزنك نزل كده، انتي مش بتاكلي؟

اتسعت عيناها مذهولة!  هل يسأل عن سوء حالتها وگأنه ليس بطرف فيها..  أيجهل الأسباب حقًا؟!.. إستفزها سؤاله فهتفت بتهكم شديد:
لا ابدا ولا حاجة .. أنا بس جوزي عاملني بمنتهى الإهانة واتمنعت ازور أمي المريضة.! وفي الأخر اتهددت بالطلاق لو نزلت.. حاجات عبيطة ماتستحقش الزعل .. مش كده ياعصام؟؟؟؟

أجاب بغضب عصف بهدوءه السابق:
ما كانش لازم تنزلي وتكسري كلامي ياهند..  لو كنت رجعت ولقيتك كنا هنتفادى وقوع يمين الطلاق اللي ما اقصدتش أقوله!  من إمتى وأنتي بتعانديني وتتحديني كده؟! للدرجة دي مابقيتش مهم عندك أنا وولادك؟؟ قدرتي تسيبينا لوحدنا ياهند!!  قدرتي؟!!!

سالت دموعها الصامتة بغزارة وهو يعاتبها، متجاهلًا ما تعانيه.. فمازال موت شقيقتها الذي لم يمضي عليه العام، يأكل روحها ألمًا.. ويتجدد بأقسى صوره كلما رأت والدتها بحالتها العاجزة، أين دعمه الذي انتظرته.. كم تمنت أن يعطيها القوة بمؤازرته لها..!
يريدها ببساطة أن تتقمص سعادة لا تملكها وترسم  ابتسامة بخطوط كاذبة لم تتقنها بعد!

أمتدت أصابعه تطارد سيل دموعها لتزيحها عن بشرتها الملساء بحنان، ثم أحاط وجهها براحتيه هاتفا:

_ أنا بعترف إني ماشاركتش في حزنك زي ما اتمنيتي، لأني مابتحملش أعيش في بؤس، كنت دايما عايزك تبعدي كل مشاعرك السلبية عن حياتنا وتستقبليني بإبتسامة زي ما قلتي، أهتمي بأهلك ماشي، بس حسسيني بحبك ولهفتك عليا.. ! وبإهتمامك لأنه شيء أساسي عند أي راجل وطبيعة فيه.. ليه تخليني أسأل نفسي إنتي بتحبيني ولا لأ؟؟ ليه تضطريني احطك في اختبار بيني وبين نزولك من غير إذني..  لو كنتِ اختارتيني ياهند!  كنت أنا اللي هوصلك بنفسي..  بس انتي خذلتيني وبعتيني، ما اهتمتيش حتى بولادك اللي سبتيهم!
لو أنا أناني في نظرك ..فأنتي كمان أنانية في حبك لأهلك وفضلتيهم لأخر لحظة عليا.. وخذلتي الطفل اللي جوايا اللي راهن أنك مش هتقدري تبعدي عنه!
وإن كنت أخر مرة عاملتك بعنف، فده كان مجرد تعبير عن حاجة تعباني، الراجل غير الست في كل حاجة، أنتي ممكن تبكي بسهولة وتفرغي اللي جواكي بشوية. دموع، لكن أنا هختلف..  ليه مابقتيش تفهميني؟!

لم يزيدها عتابه سوى حزن وبكاء شديد جعل رأسها ينحني أمامه، فتلقاها على كتفه، وضمها إليه وربت على ظهرها برفق متمتمًا:
_ أنا هسيبك ياهند لحد ما ترتاحي والثورة اللي جواكي تهدى.. ثم رفع وجهها بأنامله هاتفًا بحب :

_ وبخصوص الطلاق، فأنا رديتك تاني بعد ما اتكلمت مع شيخ وقلتله إني ماكانش في نيتي أطلقك!
ثم استطرد وحدقتاه تلتمع بعزم: وخليكي عارفة  لحد ما أموت واندفن بقبري .. هتفضلي على ذمتي ياهند!!

استعاذت من ذكره للموت وأحتضنته بلهفة وسعادة لأنه لم يتخلى عنها وأعادها لعصمته مرة أخرى، وأخيرًا يمنحها الدعم الذي كانت تتمناه وتريده!
…………………………… .

حين يقترب منك شبح الفقد لشخص كنت تظن وجوده أمرًا مسلم به.. ينتابك الخوف، فتتمسك بطرف ثوبه گطفل يخشى فراق أمه..! هند غالية ولن يفارقها حتى تنقطع أنفاسه عن هذا العالم..  ربما لن تنتهي حماقاته معها.. ولكن يعد نفسه أن يحاول تحسين ذاته وتهذيبها.. هكذا أخبرها قبل أن يغادرها بقبلة عميقة محبة بين عينيها..!


بثورة متأججة داخله عبر محيط بناية فريال
مع أول خطوة له في محيطها، آتاه صوت إحدى العقربتين( رجاء) تصرخ بفزع:

_ ألحقووووني يا ناااااااس، حماتي نفسها ضيق وبتقول كأن سكينة بتقطع قلبها وبتكح دم .. حد ينجدني بسرعة يا عاااااالم!
…………………… ..

بعد حوالي ساعتين!
والجميع منتظر بردهة طويلة تنتهي بغرفة الفحص التي بها فريال!
خالد بقلق:  أنا مش فاهم حصل أيه في سواد الليل، ده انا فايت عليها أمبارح وكانت زي الفل يا عبد لله ومافيهاش الهوا..!
أجاب شقيقه وعيناه مصوبة لباب الغرفة: ولا أنا فاهم حاجة..  فجأة كده تتعب بالشكل ده يا خالد..  ربنا يستر ويسلمها من كل شر..!
أما أحمد! فملتزم الصمت منذ حضوره للمشفى مع شقيقته التي كانت بحالة أرجفت قلبه عليها، ونسى تماما ما أتى إليه، لم يتذكر غضب أو عتاب..  فقط يريد سلامتها..!
لم يخبر هند بعد..  فضل أن يتبين وضع فريال أولًا!

انفرج باب غرفة الطبيب، فعاجله عبد لله:

_ خير يادكتور طمني الله لا يسيئك أمي مالها..!

أجاب الطبيب المعالج بهدوء أعتادوا بتلك المواقف:

الوالدة للأسف عندها إنسداد في شرايين القلب، وده يستدعي حلول فورية لأنقاذها.!وفي كذا خيار قدامنا

خالد بوجهٍ شاحب: أيه هو ارجوك .. اعمل الصح لحالتها مش عايز أمي تروح مننا يادكتور؟

الطبيب معدلًا عويناته: بأذن الله مش هنتأخر..  مبدئيا هي محتاجة دعامة للقلب وبعدها نتابعها ولو الوضع تأزم أكتر، يبقى هنلجأ لحل جراحي.. بس خلينا مانسبقش الخطوات.! وحالًا هنعملها بعض فحوصات ضرورية..  وربنا ييسر إن شاء الله

غارد الطبيب، وتبادل الشقيقان النظرات الوجلة والخوف ينضح منهما. وهتف الأصغر: هنعمل أيه يا عبد لله؟!
أجابه بصوت ملتاع:  هنقول يارب ياخالد، مافيش احسن منه نلجأ له .. بإذن الله أمي هتكون بخير، هنعملها دعامة زي ما الدكتور قال..  وأي حاجة تحتاجها بس ترجع لصحتها وعافيتها..!


عبر الهاتف!!
_ أنت بتقول أيه ياأحمد.  فريال في المستشفى وهتعمل دعامات للقلب! ولسه فاكر تقولي دلوقت؟! يومين اختي في المشفى وانا معنديش خبر؟!!

_ أهدي ياهند.. أنا ماحبتش اقلقك، وأنا وولادها حواليها، هتيجي تعملي أيه زيادة..  كفاية اللي فيكي

هتفت ببكاء:  ولو يا أحمد، مهما كانت مشاكلي، دي أختي وفي محنة، ومستحيل أسيبها لوحدها..!
أرجوك ابعتلي يمنى تقعد مع ماما والولاد، عشان أقدر اجي!
أجابها:  من غير ما تطلبي..  يمنى دقايق وهتكون عندك فعلا..  وموقع المستشفى هبعتهولك، خدي تاكس وتعالي..  مستنيكي!

أغلقت الهاتف ودموعها تنساب بغزارة دون سيطرة، وراحت تستغفر دون إنقطاع..  فالأمور حولها تتأزم
والفواجع والنكبات تحاصرها..!
توضأت لتصلي وتناجي ربها بخشوع مرددة دعاء النبي ” صل الله عليه وسلم” حين دعى ربه!

{اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين وأنت ربي اللهم إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي غير أن عافيتك هي أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن ينزل بي سخطك أو يحل علي غضبك لك العتبى حتى ترضى} .


بعد فترة أستدعت حالة فريال تدخل جراحي لتبديل شرايين القلب..! لم تكن الأمور المادية متاحة بشكل كبير، فاضطر خالد بيع سيارته التي كان يستثمرها بتوصيل” أوبر” كما باع عبد لله مصوغات زوجته رجاء وأيضًا زوجة أخيه عايدة..  كما ساهم أحمد بمبلغ كان يدخره، ورغم رفض أبناء شقيقته إلا أنه أصر، فهي شقيقته قبل أن تكون والدتهما..! وتم توفير تكلفة العملية، وخضعت لها بعد أن أوصت الجميع بالكثير، كما طلبت مسامحة شقيقيها أحمد، ووالدتها..!

وتمت الجراحة بنجاح..  ومكثت أسبوع أخر للمتابعة  بشكل وافي ثم عادت لمنزلها لتمر بمرحلة أخرى ليست هينة.. فكان لابد لها من ملازمة الفراش عدة أشهر مرتدية حزام خاص يضم القفص الصدري بإحكام  حتى يلتحم القفص المشقوق بفعل الجراحة مرة أخري! ولن تتحرك إلا بحرص شديد حتى لا تتآذي عظامها وتعود لطبيعتها مع الوقت!
……………………
في منزل فريال!

هند: حمد لله على سلامتك يا ست الكل. نورتي بيتك تاني ياحبيبتي!
أحمد وهو يقبل رأس شقيقته الكبري: دي نورت الدنيا كلها مش بس بيتها ياهند..!

خيط دموع صامت يسيل على خديها، تأثر بحنان أحمد وهند اللذان غمراها بعاطفة واهتمام لم تكن تتخيله يومًا.. محنة مرضها كشفت لها الكثير، وأعادت داخلها الحسابات.. كم نحن ضعفاء أمام المرض وكم نحتاج الدعم والمؤازرة من أحبائنا.  أهكذا شعرت والدتها القعيدة التي اهملتها وكانت تبعث لها زوجات ابنائها بدلًا منها؟؟ هل حقا أحسنوا رعايتها؟ أم اخفقوا وأسائوا إليها؟ لما لم تشك لحظة أنها تعاني، وتحتاج برها وحنانها.. هي الأن بحالتها تلك..  لا تحتاج شيء بقدر حنان ورعاية من حولها..!

عبد لله مجففًا دموعها بأصابعه:
جرى أيه ياست الكل..  أيه لازمة البكى ما انتي خارجة زي الفل أهو وقمر 14..!
خالد وهو يحيط كتفيها برفق: شكلها عايزة تدلل علينا زيادة.. ثم قبل كفها هاتفًا: وهي تدلل براحتها..!

فريال بصوت خافت:  ربنا مايحرمني منك أنت واخوك، ولا منك يا احمد أنت وهند.. سامحوني بهدلتكم معايا ومخليتش حيلتكم حاجة بعد تكاليف العملية!! ياريتني كنت م………… .

كمم عبد لله كفها هاتفًا بحزم:  أيه اللي بتقوليه ده بس تكاليف أيه دي، فداكي كنوز الدنيا، الفلوس هتيجي غيرها هنشتغل وهنفضل مستورين بدعواتك انتي وبس .. ماتحمليش هم حاجة طول ما احنا على وش الدنيا.. انتي جايبة رجالة!!

ألتمعت عين أحمد بإعجاب مما قاله عبد الله ورغم أنه مازال محتفظًا بغضبه تجاه سوء تهذيبه معه بصدام سابق بينهما، إلا أن الوضع يختلف الآن، فلا مجال للخصام وشقيقته بتلك الحالة.. فربت على كتفه هاتفًا:
جدع ياعبد الله..  ربنا يبارك فيك. أنت وأخوك!!!

بوغت أحمد فعل عبد الله الذي التقط كفه ولثمها:

سامحني ياخالي، عارف إنك زعلان مني وإني قليت ادبي معاك وإني……… ..
أحمد مقاطعًا بمزاح:  إيه ياعم انت مصمم تقلبها دراما ليه.. وبعدين هو أنا ياواد سكتلك، ما انا ظبطك في ساعتها.. لكف متين.!

عبد الله بندم حقيقي..خاصتًا بعد وقفة أحمد معهما كتفًا بكتف في تلك المحنة:

_ولو يرضيك اضربني تاني بس سامحني يا خالي.. سامحني لأني عمري ما هنسى وقفتك معايا أنا واخويا..!
أحتضنه أحمد بقوة : ياعبيط دي أختي قبل ما انتَ تيجي للدنيا..  وعمري ماهقصر معاها مهما حصل!

أبتسمت فريال لتلك المصالحة..  وتمنت أن تحظى هي الأخرى بفرصة لطلب السماح وإبداء الندم!!!!

error: