الحقبة الزمنية للحروب العالمية
فترة العشرينات والكساد
فترة ما بين الحروب ، العشرينات الصاخبة ، الكساد الكبير: الفترة ما بين الحروب هي الفترة ما بين نهاية الحرب العالمية الأولى وبداية الحرب العالمية الثانية . هذه الفترة كانت مليئة بالاضطرابات في أنحاء عدة من العالم ، ككفاح أوروبا للتعافي من الدمار الذي حل بعد الحرب العالمية الأولى . في أمريكا الشمالية وخاصة في النصف الأول من هذه الفترة ، شهد الناس ازدهار ملحوظ في العشرينات الصاخبة .بدأت الاضطرابات الاجتماعية والمجتمعية والمعروفة بصخب العشرينات من أمريكا الشمالية وانتشرت إلى أوروبا أعقاب الحرب العالمية الأولى . العشرينات الصاخبة والتي يطلق عليها غالبا ( عصر الجاز ) شهدت نشاطا اجتماعيا وفنيا وثقافيا . عادت الحياة الطبيعية للسياسة وازدهرت موسيقى الجاز ، وإعادة تعريف المرأة ، وأزدهر آرت ديكو اتسمت روح العشرينات الهادرة بإحساس عُدّ استمرار لفكر الحداثة ، وانقطاع عن التقاليد . وبدا كل شي ممكنا مع التقنية الحديثة. نشرت التقنية الحديثة وخاصة السيارات ، الأفلام والراديو ” الحداثة ” إلى عدد أكبر من السكان . وتميزت العشرينات كذلك بالعديد من الاختراعات والاكتشافات ، النمو الضخم في الصناعة وزيادة في الاستهلاك والتطلعات وتغير ملحوظ في نمط الحياة .
قضت أوروبا السنوات في إعادة البناء والتصالح مع التكلفة البشرية الهائلة للصراع . تزايد تداخل الاقتصاد الأمريكي مع الاقتصاد في أوروبا . جمهورية فايمر بألمانيا شهدت حلقات من الاضطراب السياسي والاقتصادي ، والتي بلغت ذروتها مع التضخم الألماني في عام 1923 وفشل معاهدة بير هول في نفس السنة . عندما لم تتمكن ألمانيا من تحمل نفقات الحرب ، فإن وول ستريت استثمرت بكثافة في الديون الأوروبية وذلك لتحافظ على استمرارية الاقتصاد الأوروبي كمستهلك ضخم لما تنتجه أمريكا . في منتصف العقد ازدهرت التنمية الاقتصادية في أوروبا وظهرت العشرينات الصاخبة في ألمانياو بريطانيا و فرنسيا ، وعرف النصف الثاني من العقد بالعشرينات الذهبية . وأطلق عليها في كل من فرنسا وفرانكفون كندا بـالسنوات المجنونة. تغير هذا الرخاء العالمي مع بداية الكساد الكبير في عام 1929 . وأكد انهيار وول ستريت عام 1929 انتهاء الحقبة السابقة ، ومجيء الكساد الكبير . وكان هذا الكساد عالميا حيث بدأ في أماكن عدة في1929 م .
وانتهى في أوقات مختلفة في الثلاثينات وأوائل الأربعينات في دول عدة. كان هذا الكساد الاقتصادي الأضخم والأهم في القرن العشرين واستخدم في القرن الواحد وعشرين كمثال لكيفية انخفاض الاقتصاد في العالم. أثر هذا الكساد بشكل مدمر ومختلف في كل دولة سواء أكانت فقيرة أم غنية . وانخفضت التجارة العالمية بمقدار النصف أو الثلثين ومثله كذلك في دخل الفرد وعائدات الضرائب إضافة للأسعار والفوائد . كل المدن حول العالم تأثرت بشكل قاسي وبخاصة تلك الدول المعتمدة على الصناعات الثقيلة . تأثر البناء في عدة دول ، وتأثرت كذلك المناطق الزراعية والريفية حيث أن أسعار المحاصيل انخفضت بحوالي 60 % تراجع الطلب مع انخفاض الوظائف ، وعانت المناطق المعتمدة على صناعات القطاع الأولي أكثر من غيرها . وانتهى الكساد الكبير في أزمان مختلفة في بلدان مختلفة مع امتداد تأثيره حتى الحقبة المقبلة. كساد أمريكا الكبير انتهى في عام 1941 بانضمام أمريكا للحرب العالمية الثانية. خصصت بلدان عديدة برامج إغاثة ودخل أغلبها في ثورة سياسية ، مما دفعها إما لليمين أو لليسار . في بعض مناطق العالم انضم المواطنون اليائسون لما يعرف بالوطنية الديماغوجية وأشهرهم هو أدولف هتلر – ممهداً الطريق لحقبة أخرى من الحرب . أدى التشنج الناجم من الكساد العالمي إلى ظهور النازية . في أسيا تعاظمت قوتي اليابان والصين .
الإتحاد والأزمات
تميزت(فترة ما بين الحربين العالميتين) في تغيّر جذري في النظام الدولي، فبعيدًا عن موازيين القوى التي تحكمت في فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى في أوروبا، فإن فكرة المؤسسة الرئيسية الواحدة ظهرت لجلب السلام بين الأمم بعد ما خلفته الحرب العالمية الأولى من دمار، ولهذا فإن المؤسسة تهدف لإبقاء الأمن والسلام العالميين، وتشجع النمو الاقتصادي بين الدول الأعضاء. وهذا الإتحاد بين الدول ضعف بعد خلاف ألمانيا النازية وإمبراطورية اليابان، والإتحاد السوفيتي، وإيطاليا موسوليني، وبعدم اشتراك الولايات المتحدة الأمريكية، مما جعل الكثير يتساءل عن فعالية وتأثير هذا الإتحاد وشرعيته.
سلسلة من الأزمات الدولية أضعفت الإتحاد وقلصت من حدود سلطته، أولى الأزمات كان احتلال منطقة منشوريا من قبل اليابان، والأزمة الحبشية عام 1935م-1936م حيث غزت إيطاليا الحبشة، وهي إحدى الدول الأفريقية الحرة في ذلك الوقت. والإتحاد حاول فرض عقوبات اقتصادية على إيطاليا ولكن دون أي جدوى ، وأوضحت هذه الحادثة ضعف فرنسا وبريطانيا التي ترددت في عزل إيطاليا، وخسارتها كحليف.
واكتفت دول محدودة من دول إتحاد غرب أوروبا بعزل إيطاليا مما جعل موسوليني يفكر بالتحالف مع ألمانيا هتلر بأي طريقة. وقد لاحظ هتلر بعد الحرب الحبشية مدى ضعف هذا الإتحاد وتشجع على إعادة عسكرة راينلاند في تجاهل كامل لاتفاقية فرساي .
وكانت هذه أولى سلسلة الأعمال الاستفزازية التي انتهت باحتلال بولندا في سبتمبر 1939م وبداية الحرب العالمية الثانية. وقلة من الصينيين كانت لديهم أوهام وشكوك حول تصميم اليابان على احتلال الأراضي الصينية فاليابانيون متعطشون للمواد الأولية بسبب تزايد عدد سكانها المستمر،
وقد بدأت اليابان فعليًا بالاستيلاء على منطقة مانشوريا في سبتمبر عام 1932م، واستخدم اليابانيون الإمبراطور الصيني السابق بوئي كدمية بأيديهم، وولوّه على منطقة منشوريا سنة 1932م.
وخلال الحرب الصينية-اليابانية عام 1937م-1945م تأثرت الصين كثيرًا بخسارتها لمنطقة منشوريا لإمكانياتها الهائلة في التنمية الصناعية والحربية، فكانت ضربة قاسية لاقتصاد الوطنيين وهو الحزب الحاكم للصين وقتها . أما منظمة عصبة الأمم والتي تأسست مع نهاية الحرب العالمية الأولى، كانت غير قادرة على الوقوف في وجه اليابانيين، وبعد عام 1940م،
تكررت النزاعات بين حزبي الوطنيين والشيوعيين في المناطق التي لم تحتلها اليابان. وقد وسع الشيوعيون تأثيرهم في الصين في الوقت الذي تسنح لهم الفرصة بذلك من خلال المنظمات الجماهيرية، والإصلاحات الإدارية، وتحسين مستوى الضرائب للفلاحين الذين يمتلكون الأراضي، بينما اكتفى حزب الوطنيين بمحاولة إبطال انتشار التأثير الشيوعي.
الحلف الثلاثي
تسببت الحرب الصينية-اليابانية بازدياد التوترات بين إمبراطورية اليابان والولايات المتحدة الأمريكية، والأحداث مثل : حادثة باناي، ومذبحة نانجنغ، تسببت بتحول الرأي العام الأمريكي ضد اليابانيين. وباحتلال اليابان لمستعمرة فرنسا (الهند-الصينية) عام 1940م-1941م، وبسبب الحرب المستمرة في الصين فرضت الولايات المتحدة الأمريكية حظرًا على اليابان للمواد الإستراتيجية مثل النفط والخردة، واللتان احتاجت لهما اليابان بشكل حيوي مع قوة الحرب. واليابان كان لديهم خياران إما التراجع عن الصين وفقدها أو الاستمرار في فكرة الاستيلاء عليها مع توفير مصادر جديدة للمواد الأولية عبر المستعمرات الغنية في جنوب شرق آسيا الواقعة تحت سيطرة الأوروبيين، وبالأخص ماليزيا البريطانية وشرق الهند الهولندية (التي تسمى باندونيسيا في العصر الحديث). وأخيرًا في عام 1940م، وقعت إمبراطورية اليابان التحالف الثلاثي مع ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية.