أحببتُ العاصيِ الفصل السادس
أحببتُ العاصيِ الفصل السادس
ما بال تلك الأيام تشتت خطاوينا نتعثر و نقع ونقوم نبكي لننسي وننسي لنعيش وهكذا هي لنا وإلينا والجميع مشتت ويريد الوصول للمنتهي بالقليل من الخسائر
كانت تجلس علي فراشها وهي تتكور علي نفسها والدموع الحارقه تهطل من وجنتها و لا تستطيع أنْ الهتاف فالصوت مختنق بداخلها لقد أخبرتها أمها عن العريس الذي يريد أنْ يتزوجها فرح قلبها كثيراً في بدأ الأمر لقد آتي ذلك الفارس الذي سيأخذها من هذا العالم لكي يدخلها عالمة هو لقد آتي الذي سيرها مخلوق كامل بدون نقصان ستعيش وتبني بيتاً مع فارسها ككل فتاة ستنجب أطفال يتكلمون ويبكون ويصرخون ستتحقق أحلامها ولكن أحلامها الوردية تساقطة أمام عينيها فالفارس تحول لكاهل يشتريها بأمواله لأنه صورة ناقصة لفتاة معيوبة يبعوها بأبخس الاثمان ليتخلصوا منها ويربحوا من ورائها المال ، بكت أمها وهي تخبرها والفتاة أمامها تكاد تموت من الحزن والقهر لقد تقدم لها سعيد غالب الرجل الذي يجبرها بما يضاعف عمرها مرتين سعيد غالب أبو جواد الذي كان معه في أعومها الدراسية يا الله لما هذا الشقاء وزوج أمها الذي يوافق علي تلك الزيجة بكت وبكت قامت وقفت أمام مرآتها تنظر إلي نفسها شعرها الناعم الطويل وعينيها الواسعة يعجبها مظرها نظرت ودققت النظر ثم حاولت أنْ تتكلم حاولت أنْ تصرخ تخرج صوتها ولكن محاولتها كانت فاشلة أنهارت علي الأرض باكية لا حول لها ولا قوة وشيطانها يوسوس لها :
– أنت فتاة ناقص هذا هو ما أرسلة لكي القدر فوافقٍي وأخرجي من كنف مختار إلي الأبد
وهتاف اخر بنبرة حانية يهتف لها:
– لما يا فداء فالأمر ليس بيدك ولا بيد أحد الأمر من عند الله فلا تحزني وربك الذي خلقك قادر أنْ يريح قلبك فلا تخافي و لا تحزني فالله معكٍ ،ولا تهربي من كنف مختار الظالم إلي كنف رجل آخر ربما طاغية. ، نظرت إلي السماء الظاهر و عينها تبكيان و لسانها يردد ياااارب
……………………..
قصر فخم جداً تهاب منظره علي مساحتةٌ شاسعةٌ كان يجلس مصطفي مهران و آدم بجانبةٌ و العم علي علي الطرف الآخر و بجانبةٌ ماجد الذي أمرةٌ جدةٌ أنْ يذهب معهم في حين منع الجد عاصي وهند من التوجهٌ معهم لحين الإتفاق علي كل شيءٍ كان آدم ملامحةٌ السعيدةٌ المسرورة تنبعث من وجه ، فين حين غضب مصطفي من ذلك الرجل الذي لم يستقبلهم ولم ينزل حتي الآن لكي يرحب بهم ولكن كلما نظر إلي آدم تحمل علي نفسه من آجله هو فقط خطواط واثقة تتقدم وكيف لا وحامد الشافعي هو من يخطوها نظر لهم وحياهم بئيماء من رأسه ثم جلس بتكبر وغرور وهو يرحب بهم وبعد بره نظر آدم إلي الرجل وبدأ يعرفة علي العائلة كان يتكلم بحب وثقه و
– أعرفك يا حامد بيه ده يبقي الحاج مصطفي مهران و هو في مقام جدي هو اللي ربانه أنا وأخواتي بعد أبويا وجدي وده الحاج علي بعتبرة أبويا و ده ماجد حفيد الحاج مصطفي نظر حامد إلي آدم بسخرية ثم قال :
– أهلاً وسهلاً البيت نور يا حاج مصطفي
نظر مصطفي له و :
– منور بأهله و ناسه يا حامد بيه
كانت الأوضع تسير بشكل هادئ كا العادة وبدأ الكلام في أول الأمر عن العمل وما شابة حتي بدأ الحاج مصطفي بالكلام والدخول في موضوع طلب بنت حامد الشافعي فتنحنح مصطفي قائلاً :
– إحنا جين النهاردة نطلب بنتك يا حامد بيه لحفيدي الدكتور آدم، نظر حامد الشافعي إلي مصطفي مهران ثم تكلم بنبرة جامدة :
– بس اللي أعرفة يا حاج مصطفي أن آدم مش حفيدك ومش معني أنْ حضرتك ربتهم بعد أهلهم يبقوا أحفادك اللي أعرفة أنْ أخوات الدكتور بيشتغوا في المزرعة عن حضرتك والصراحة يا حاج مصطفي مش معني كده إنك تقول عليهم أحفادك !!
علامات الصدمة باتت معلقة بملامح الجميع و كأن أحدهم ضرب آدم عددت أقلام علي وجه نظر مصطفي إلي الرجل بغضب و :
– آدم قبل أي حاجة دكتور جراح كبير في مجالة و بعد ده كله آدم حفيدي مش مجرد شغال عندي يا حامد بيه
تكلم حامد ببرود ممزوج بغلاظة :
– الدكتور آدم فعلاً شخص ممتاز علي النوع الشخصي ، بس أنا لازم أعرف أنا هناسب مين وبنتي هتعيش مع مين، ثم قال بنبرة ذات مغزي ، ما أنا مش هبقي عايش علي ظهر الدنيا وبنتي شغالة عن حد
نظر مصطفي مهران إلي الرجل بغضب هو يتعمد السخرية من آدم و نسبة فقال بصوت حاد:
– لو علي النسب يا حامد بيه أنت هتناسب منصور سالم غنيم شريكِي و الكل عارف كدة وعارف مين هو سالم غنيم و هتناسب مصطفي مهران وبنتك هتبقي فوق راسنا كلنا عمرها ما تتبهدل احنا بناتنا ملوك عندنا
صُدم الرجل في أول الأمر ثم تحدث سريعاً :
– بس بنتي مش وخدة علي عيشة الفلاحين و لا المزارع بنتي لازم يكون ليها فيلا في المدينة لوحدها
نظر مصطفي لآدم ثم قال بنبرة ذات مخذي :
– ده بقي آدم هو اللي يحددة لأن آدم هو اللي هيعيش
نظر الجميع إلي آدم الذي كان يتابع بصمت وحين سمح له التكلم بات تائهاً مصدوماً ما هذا لماذا يتكلم هذا الرجل هكذا وإذا كان يستقل به من الآن فماذا بعد هو رجل لا يقبل هذا لا يقبلة حتي وإذا كان قلبة هو الثمن ولكن ما حاجة للقلب في مكان قد دُهسَت فيه الكرامة فتكلم بنبرة جامدة :
– لأسف يا حامد بيه أنا بيتي وعيشتي ومكاني هو مزرعتي وشدد علي ياء الملكية ثم نظر إلي جدة بفخر، وأنا و أخواتي بنشتغل في المزرعة لآن مش حاجه تعيبنا ومرآتي هتبقي شكلنا وهتشتغل معنا لآن الحياة تعاون ومشاركة حتي لو كانت مرآتي بنت حامد الشافعي
نظر ماجد لآدم و إبتسم علي ذلك الشاب الذي أخذ حقه ورد الصاع صاعين و كما نظر مصطفي إلي الرجل بفخر و غرور و أنتها الأمر هكذا بقتل مشاعر القلب و وانتصار قلب حفظ كرامته و عاد الكل أدراجة ، ونداء من الأنسانية أنظروا بداخل الشخص قبل أن تحكموا عليه
……………………..
أنهت عاصي حوارها الخاص مع فرسها مطر فصارت باتجاه قصرها تمسك بيدها أحد أغصان الأشجار تسير و تجور الغصن خلفها ثم تذكرت أمراً هاماً عليها أنْ تقوم بعددت اتصالات حتي تأمن تلك الطلبية أخرجت هاتفها من جيبها وهاتفة بعض التجار ومن يقدر أنْ يرفض لها طلباً فهي تكاد تكون المتحكمه في السوق بأكملةٌ أمنت نصف الطلبية وباقي نصف العدد ولم يبقي في يدها حل يجب أنْ تهاتف جواد سعيد غالب فهو من سيتمكن من تأمين الباقي هي تتعمد أنْ تبتعد عن سعيد غالب فهي لا تحب ذلك الرجل ولكن الآن هي بحاجه لمساعدة رفيق دراستها جواد فهو من سيساعدها قامت عاصي بمهاتفته، في الوقت ذاته كان جواد يجلس يتابع بعض الأعمال علي جهاز الكومبيوتر المحمول ( لاب توب) حين أضاء هاتفة ورسم علي الشاشة إسمها تفاجأ بشدة ثم أسرع بالرد :
– ألو ، أهلاً عاصي
ردت عاصي بنبرة عاديه ف :
– أهلاً جواد، سمعت أنك رجعت البلد
– أيون أنبارح
– حمد لله علي السلامة
– الله يسلمك يا عاصي
ترددت قبل أن تتحدث معه في الأمر فشعر هو بترددها وبعد بره تكلمت هي بخفوت :
– جواد كنت عوزه كمّية من العجول البتلوا ، عشان المصنع وأنا لأسف مش متوفر عندي ممكن تساعدني
– إنتظر قليلاً ثم تكلم : أكيد يا عاصي الكمّية اللي أنت ٍعوزها موجودة تقدري تبعتي يأخذوها بكره
تنفست بصوت مسموع ثم شكرته بسرعة و أسرعت بغلق الخط وها هي قد أمنت الطلبية وبقي أنْ تطمئن قلبها علي أخيها ظلت تجول بداخل المزرعة وتتفقد بعض الأشياء لكي تشغل نفسه حتي يعود أخيها، وعلي الجانب الأخر كان جواد يقف أمام نافذة عرفته و يتمتمم ببعض الكلمات
ولا نستمع منها إلا القليل… متي يا عاصي متي!!؟
……………. …..
جلساً بغرفة نومه شارداً كلياً يفكر المدة التى أعطاها لهُ جده تقترب لابد أنْ يعود أرض الوطن ولكن لمن يعود لأمه لأبيه لأخوته الجميع هُناك بأوديه مُتفرقه ومع ذلك كله يريدون أنْ يعود هو إعتاد علي عمله هُنا إعتاد علي نمط حياته هُنا هو يشعر أنه أعتاد علي أغلاط أصبحت لهُ ملاذةٌ ولكن عمله هُنا أصدقائةٌ هُنا وذكريات وأهل هُنا لما أنت مُشتت هكذا يا عز هُنا غربة وهُناك ذكريات وأوجاع ذكريات بعضها يضحكة والأخر يسكرةٌ حزنّ ولكن هو تمرد عن أحزانة منذ زمن بعيد وأقسم أنْ لا يكون في قلبة مجال لهذا المعتوه الذي يسمي الحب مرة آخري أقسم علي أنْ يكون قلبة متحرراً بعيداً عن المسميات و أنْ يكون طيار يرحل ويرحل ويسافر ويبعد ولايستقر بمكان وكل هذا من أجل حبه الأول فالحب الأول أما أنْ يعلوا بصاحبه إلي السموات السبع أو يهبط به إلي أعماق الأرض ولقد هوي به، تذكر فتاة جميلةٌ كانت تقف خلف شجرة تضحك وهو يبحث عنها هنا وهناك وعندما وجدها كانت بين أحضان اخر تذكر ذلك الخوف عليها من كل شئ تذكر قلبه الذي تحطم من أقرب الأقربين ومن بعدها ترك كل شيءٍ باحثاً عن حرية لقلبة من وهم يدعي الحب والآن هو سيعود إليهم ولكنه لا يجزم أنه سيبقي هناك طويلاً فهو صقر شارد أعتاد أنْ لا يظل علي أرض واحدة طويلاً فهو طليق
………………….
قص الجد مصطفي بإختصار ما دار في منزل حامد الشافعي وكأنه يقص عقوبة القدر لهُ منذّ فهو منذّ زمن تمرد هو علي زوجة ابنه وكثير من الناس فوجد الآن من يتمرد عليه بصورة أخرة شبيه لذالك، نظرت عاصي إلي أختها التي نظرت لها بنظرات ضائعة أنها تلقي اللوّم علي عاتقها بينما نظرات عاصي باتجاة الطابق العلوي حيث غرفة أخيها الذي أنسحب إليها منذ أنْ وصل فتركت الجميع يتحدثون وصعدت إليه بخطوات متسرعة وحين أرادت الدخول إلي غرفتة كان العائق الوحيد هنا أنْ آدم إختلي بنفسه وأوصد الباب خلفه أضطربت مشاعرها جداً خائفه عليه أخيها سندها لا تدري لما الآن شعرت أنها المتسببه في هذا كله كان يجب عليها حين أكتشفت معدن تلك الفتاة أنْ تقف أمامهُ تمنعهُ من الانجراف وراء مشاعر هوجاء كهذه ولكن ما بها تقول هذا الكلام وهي التي لا تقدر علي محوا تلك المشاعرالتي أدت إلي سقوطها تحت أقدام مجهول يتاهل قلبها نظرت إلي الباب وطرقتهُ مره أثنان ثلاثه ولا تستمع صوته فهتفت به تكرر علي مسامعهٌ العهد عهدنا يا أخي الذي تعدنا به منذّ زمن القلوب تنزف و الجروح ملتهبه والأيدي تُداوي تعاهدنا أنْ نصبح لبعضنا الترياق الذي يشفي فكفي أحزان وأسرع لأحضاني هتفت عاصي بطريقة حانيه:
– آدم أنا عاصي
وكأنه كان ينتظرها ينتظر تلك النبرة فهرول إليها مثل طفل يسرع لأحضان أمه فتح بابه وألقي نفسه داخل أحضانه وجعه ليس من حبيبة ولا من شعور بالرفض وجع الإنسان الحر يكون مقتصر تحت كلمة ( الكرامةٌ) وجعهٌ بكرامتةٌ التي يشعور الآن أنها تهشمت إلي فتات نظرت لهُ بنظرات حانية و الدموع ملأت عينها فأصبح لونهم قاتم مُموج بإحمرار فأشار لها رافضاً تلك الدموع رافضاً أنْ تتوجع رافضاً دموع غاليتهُ و أخيراً أجبره لسانه علي الكلام
– كان بيبيع و يشتري ويساوم يا عاصي بيتكلم بغرور وكإنه ملك الكون مهموش أنْ أنا مين لاء همه كله هدفع كام و ليه إحنا هنا في المزرعة وعيشين عادي ليه مش متصنعين حياة زائفة مهمش حتى أنْ بحب بنته وشريها لاء الأهم أنه يفرض شروطة بس أنا اللي رفضت يا عاصي جدك مصطفي قالها ليا قبل كده ( الإنسان كرامة يا آدم ممكن قلبه ينكسر ممكن يحصلة أي حاجه كله بيتعالج إلا الكرامة لو ضاعة يبقي الشخص بقي مسخ متصنع أنسانية راحت منه) وأنا حفظة علي كرمتي يا عاصي حتى لو هتوجع بس كله يهون
نظرت لهُ و لا تتحمل سخونة الدموع الحبيسة بين جفونها فهطلت علي وجنتها و قالت بصوت متحشرج باكي :
– آدم هما اللي خسروا مش أنت وده نصيب يا آدم
نظر إليها بتفحص قبل أنْ يقول بنبرة حزينة :
– نصيب!! نفسي نبطل نعمل النصيب شماعة نعلق عليها أخطئنا، دي غلط منٍ أنا يا عاصي أنْ أتغضيت عنّ حجات كتير مكنش لازم أتغاضى عنّها كان لأزم أعرف أنْ لما سمحت ليها مره تتعالي عليا أنها هتتكرر بس من أهلها
– آدم ده خير ليك، يعني تحمد ربنا علي كل حال
– أكتست نبرةٌ بيأس قبل أنْ يقول : أنا حبيتها
– وبنبرة عقلانية أعتادت عليها : ولو هي بتحبك هتحارب معك وهتبقي ليك ولو سبتك لوحدك يا آدم ، وكأنها تخاطب نفسها، يبقي متستهلش تفكر فيها
……………………..
بخار الماء يتصاعد ويتركز علي المرآه بصورة ضبابية و صورتها التي تتجسد أمامها تغيب عن نظرها تدريجياً و تعاود محو الضباب بيدها وتتكون صورة أخري من الضباب وهكذا تتوالي والصورة تتحول إلي فتاة يائسة من مظهرها وجهها الشاحب يدل علي حالتها و كأنها تحفظ صورتها قبل أنْ تأخذ قرار مفارقتها الحياة برغبتها هي ستتركة فهي كدمية التي يضعونها في الموضع المختار لها ولكن ليس برغبتها لا رغبتهم هي التي تتحكم بها وحين قربت الشفره المعدنية لكي تقطع شريانها لكي يتوقف ذلك النابض ليذكرها بكل ما في هذا العالم ولكن صيحات الخادمة أخرجتها من عالمها اليائس
– والصوت مهلهل مفرح : ست سلمي ست سلمي عز بيه رجع…….!!!