أحببتُ العاصيِ الفصل 41
أحببتُ العاصيِ الفصل 41
اسم القصة : أحببتُ العاصيِ
بقلمي : آية ناصر (Aya Nasr)
الحلقة :41
نظر آدم الي سعيد غالب بغضب شديد والاخر ينظر له بنظرات باردة خالية من الشعور بينما ضغط ماجد علي يد آدم بشدة لكي يتعقل كما اتفقا واخذ الفلاحين يقدمون بالتعازي والمواساة للحاج علي و سعيد على الخسارة فالخسارة ليست بالمال لا الخسارة في النفوس الابنة والحفيد و زوجة الابن ولكن اين هو في تلك اللحظة اين محله من هذا الحزن الموجع اين هو ذلك الجواد فالمفقودة زوجتهُ و الآخر ابنه ومحله الآن الجلوس أمام ذلك البيت الذي شهد علي أخر انفاس ابنه وتلك التي تسمي زوجته ينظر الي هذا المنزل بلا شعور لا يشعر بالحزن ولو لذرة فهو كان يُخطط لقتلها وهي من اختارت نصيبها وانتها ذلك الأمر هي من سعت لذلك وتطن انها هكذا ستحرق قلبه لا تعلم ان قلبه توقف الشعور باي شيء منذُ زمن ……. نظر الي ذلك البيت البعيد فبداخل عشقة افضل نساء الأرض بنظرة بداخلة عاصي قريبًا جدًا ستكون زوجته وسينجب منها أطفاله ليجمعوا بين روحها ورحه وبإصرار قالها :
– قريبًا…… قريبًا جدًا
……………………………………………
لماذا لا تبكي لماذا لا تصرخ هل فقدت الشعور بمن حولها هل هذا جفاء منها أم هو مجرد تعود علي الحزن والفقدان ولكن هذه المرة الفقدان مضاعف بدرجه من الخذلان والاحتقار و شعور قوي بداخلها يحثها علي الثبات و الانتقام قوي لا تعرف من اين لها بها تجعلها مازالت هنا تنظر إلي هذه وتلك ثم الي تلك الأم التي ربتها منذُ الصغر فاليوم فقد ابنتها التي انجبتها من رحمها و طفلها ابنتها التي تعرضت إلي الظلم من مهانا وانتهاك و تعذيب ثم رحلت وكأنها اكتفت من تلك الحياة عائشة طفلتها المحببة الرضيعة التي قاسمتها اختها رزقها يوماً فكانت امها ترضع اليتيمة أولاً ثم ترضعها هي وللعجب كانت تضحك وتتقبل القليل بل اقل القليل هل ماتت عائشة حقاً هل رحلت تلك الفتاة التي كانت تضحك وتجري وتلعب ، إذاً فلماذا لا تبكي لماذا لا تصرخ ؟ لماذا لا تفعل مثل هند ؟ تفقد وعيها ثم تمنع الطعام و الكلام ، او تحتضن صغيرتها مثل فداء وتبكي داخل احضانه صغيرتها اين هي صغيرتها الآن ووجدت نفسها تكرر تلك العبارة ابحثي عنها لدي جواد….. جواد اتسعت عينيها بشدة وامتزج لونها الأخضر مع تلك الخطوط الحمراء وهي تعزم علي لا بكاء و النفس بالنفس والجرح بالجرح والدم بالدم ولو بعد حين فمن اليوم يجب ان تسعي والمسعي واضح امامها كالشمس هو الانتقام فعهد العاصي في الحب موجع وعند الكرة مميت.
……………………………………….
وقف آدم وبجانبه ماجد ينظرون للفضاء من حولهم و الصمت يعم المكان كل منهم يشعر بشعور مختلف فأحداث اليوم اكثر ألمًا شابة في مقتبل العمر وصغيرها يا الله له ما كل هذا الآلام تكلم آدم بصوت هامس :
– هو اللي وصلها لكد ولازم اجبلها حقها
– حقها في رقبتنا كلنا يا آدم… بس الأول لازم نعرف همنعمل ايه عشان نوصل للبنت وعز قبل ما يتجنن يؤذيهم
تكلم ماجد بهدوء شديد ، بينما رفع آدم يديه بعضب ثم هتف بصوت مرتفع :
– هقتله لازم اقتله اللي زي ده حرام يعيش
– قتله مش هيفيد في حاجه الوقت لازم…. نفكر في حل عشان نوصلهم الاول وبعد كده قتله يبقي سهل و موته مش هيشفعله عندي
كان ماجد يتكلم بنبرة باردة وهو يضع يده في جيبة وينظر الي السماء بينما تكلم آدم بنبرة يغلب عليها الحزن الشديد :
– نوصلهم…. تفتكر نقدر وأصلا هما لسه عيشين ده مجنون ترقع منه كل حاجه واي حاجه
تنفس ماجد بغضب وهو يهتف بآدم بشدة :
– أيه بتتكلم بيأس كده ليه عاوز نستني لما نعرف بموتهم و لا نستنى لما يعمل اللي في دماغه ويوصل لأختك ويقتلك فوق من الصدمة اللي انت فيها دي مفيش وقت لازم نتحرك
نظر آدم الي ماجد واتسعت عينه ثم هتف :
– مش هيقدر يلمس شعرة واحد منها ، انت اللي منعتني ان اقتله انهارده
تأفف ماجد بصوت مسموع ثم قال بصوت مرتفع :
– روح.. روح اقتله من غير ما نعرف طريق البنت وعز الدين وسعتها ابوه هيقتلهم من غير رحمه وانت مسيرك ايه غير الاعدام انت فكرني ان انا مش عاوز اقتله مش عاوز اخد حق الكل تبقي غلطان بس للأسف حالا احنا اللي روحنا في أيده لازم نفكر ونعرف هنعمل ايه احنا حالا لوحدنا مش هينفع ندخل حد ولا حتي الشرطة لان مفيش دليل وعمرهم ما يخدوا بجواب عائشة فوق يا آدم عشان نشوف هنعمل ايه .
نظر له آدم بخفوت ثم رفع يديه ومسح صفحة وجهه بغضب حين استمعوا الي صوت عمرو الواقف خلفهم وهو يقول بإصرار وعزم قوي :
– وأنا معكم لحد ما نضمر الانسان ده و اشوفه ميت قدامي سعتها بس هرتاح لما اشوفه ميت زي عائشة
نظر لهم آدم وهو يعقد العزم ان يكون معهم من الآن ليأخذوا حقهم من ذلك المجنون ويقسم بداخله علي القضاء عليه نهائياً
……………. ……………………………….
اخذ يلتفت من حوله هنا وهناك ثم دلف الي تلك الغرفة بسرعة ثم اتجها الي ذلك الشخص المسطح علي الأرض بأعياء وكلما اقترب منه استمع الي تحشرج انفاسه وكأنه يحارب ليعيش اسرع اليه و جلس امامه ثم قال بصوت منخفض :
– قوم بسرعة ….. يله قوم يا عم انت
فتح عينه بتعب و اخذ بعض لحظات ليستطيع ان يعرف من الذي يتكلم بجانبه فكان احد الرجال الذي شاهدهم من قبل نظر له الرجل ثم قال بارتباك وهو ينظر له ثم ينقل نظرة الي باب الغرفة بارتباك و قال :
– قوم وبسرعة عشان تأكل قبل ما حد يجي
ثم اخرج من جيبه شطيرة واعطاها لعز الدين الدي نظر اليه مستفهماً ولكن عاد الرجل يقول بسرعة :
– يا عم انت لسه بتبصلي هتاخد تأكل ولا اروح من مكان ما جيت انا عارف ان بجيب المشاكل لنفسي
استند عز الدين علي يديه بوهن واعتدل قليلًا وهو ينظر للرجل فكان شاب صغير يعتقد انه بعمر اخيه ماجد ملامحة هادئة جداً ولكن تعجب عز الدين منه وقال بتعب وهو يحاول ان يخرج صوته :
– طيب ممكن اعرف ليه
نظر اليه الشاب ببلهه ثم قال بسرعة :
– انت لسه هتسال مفيش وقت…. اعتبره صواب ثم قال اوعي تكون فاكر الاكل في حاجه ممكن اكل قدامك
نظر عز الدين له ثم قال وهو يأخذ الشطيرة من يديه ويأكلها بنهم شديد ثم قال :
– ولا فيها العمر واحد والرب واحد ثم صمت لبره قبل ان يقول .. كتر خيرك بس ممكن تطمئني عن البنت الصغيرة هو ده فعلا اللي ممكن تسعدني بيه هي بخير
نظر اليه الشاب بخفوت وقال بنبرة مطمئنة :
– ما تخفش هي بخير الباشا بيهتم بيها بنفسه
– يعني هي كويسه ومين هو الباشا ده .. وليه خطفوها
– ايوه اطمئن … بص انا مليش دعوة ومينفعش اقولك انت ولا شوفتني ولا عرفتني وانا لو ربنا قدرني هجبلك اكل ومياه
قالها الشاب وهو يسرع للخروج في حين تكلم عز وقال له :
– شكرًا… بس لم انت طيب كده ليه تشتغل مع الناس دول
استدار اليه الشاب وقال بنبرة حزينة جداً :
– الحاجة و لوي الذراع والخوف علي اهل بيتك ممكن يخلوك تعمل اكتر من كدة
ثم خرج سريعًا من الغرفة وهو ينظر حوله بينما نظر عز الدين الي المكان من حوله ثم استقام قليلا واخذ يجهز نفسه لجوله جديدة من العنف ولكنه شعر الآن ببعض القوي التي يستطيع بها ان يدافع عن نفسه وعن طفلته.
…………………………………………………
دلفت فداء الي غرفة هند نظرت اليها بحزن كبير ثم اتجهت اليه وجلست بجانبها وقالت بنبرة حانية :
– سالم …. بيسأل عليك
لم تنظر لها هند ولم ترد عليها وظلت كما هي علي حالها تنظر امامه وتتنفس فقط تنفسها هو الدليل الوحيد علي بقائها تكلمت فداء مرة اخري وهي ترتب علي شعرها :
– انا عارفه احساسك انا كمان اخواتي و أمي ماتوا بس صدقيني الحزن والعياط مش هيرجع اللي راح ، لآن دي حكمة ربنا هند أنتِ لازم تبقي اقوي من كدة عشان الخالة حنان وعشان عاصي
نظرت لها مرة آخري فوجدتها كما هي والغريب في الأمر انها لم تبكي ولم تصرخ ظلت الصمت هو السائد، وقفت فداء و نظرت لها مرة أخري ثم خرجت من الغرفة بينما ظلت هي علي حالتها
…………………………………………
كان آدم يجلس مع ماجد وعمرو ينتظرون شخصاً هام سيقوم بمساعدتهم للوصول إلي عز الدين و الطفلة نظر آدم إلي زوجتهُ التي تتقدم إليه وهي تنظر له و هتفت :
– علي حالتها يا آدم أنا خايفه عليها الصدمة صعبه عليها
كان ماجد يتابع كل ما تقوله فداء بقلب منفطر حزين ومشتاق إلي حبيبته ومعذبته يريد الآن لو يستطيع ان يصعد إليه ليجس بجوارها و يعانقه بشدة ويخفف من جراحها يعلم جيداً مدي حبها لعائشة فهي بمثابة توأمها و لكن لأسف لا يستطيع ان يقوم باي شيء من اجلها في تلك اللحظة لانه مكبل بقيود وهي من فعلت ومنعته من حقه فيها
تنهد آدم بحزن عميق ثم قال :
– الصدمة صعبه … بس هند كانت عوزه تهرب من كل حاجه حوليها ولقت الطريقة أنا مش عارف هلقيها منين بس ثم نظر إليها وقال مستفهماً وعاصي فين مش شيفها
نظرت له فداء باضطراب ثم قالت بتردد :
– عاصي طلعت بتقول لازم تشغل نفسها في الشغل
– نعم بتقولي إيه يا فداء عاصي طلعت من البيت من غير ما تقولي ازاي وأنت كنت فين مقولتيش ليا ليه
كانت يتكلم بصوت غاضب مرتفع فنظرت له بخوف واضطراب فهي المرة الأولي التي يتكلم معها بتلك الطريقة بينما هتف عمرو :
– اهدي يا آدم كدة احسن لها تشغل نفسها
– وافرض حصلها حاجه خطفها او او اتعرض ليها أنا لازم اروح لها
نهض آدم يسرع إلي الخارج بينما قال عمرو لماجد :
– استني انت يا ماجد عشان الضيف واستقبله هو اصلا ميعرفش الا انت علي ملحق آدم قبل ما يعمل نصيبه
– ماشي روح بسرعه ولو في حاجه اتصل بيه
– ماشي
اسرع عمرو بالخروج خلف آدم بينما نظر ماجد إلي فداء الخائفة وقال :
– متخفيش اكيد هي بخير … هزت راسها بموافقة فاكمل ماجد… هو عز الدين الصغير وسالم فين
نظرت فداء له وقالت بنبرة هادئة :
– مع.. سلمي فوق بتأكلهم
– طيب ممكن اطلع اشوفهم
نظرت فداء له بترقب ثم اشارة له بالصعود فتقدم بسرعة واسرع بالصعود الي الطابق العلوي
…………………………………………………
كنت تسير داخل ببطء علي آخر حدود أرضها الحدود التي تفص بينها وبين أرض مصطفي مهران هي تعلم أنه قريب فلقد سمعت من أحدي العاملات أنها شاهدته وهي يمتطي حصانه صباحاً وكان شاردا ويظنون انه كان شارد الذهن بزوجته الراحلة وابنه … ابتسمت بسخرية فالجميع يراه الملاك البريء كما كنت تراه…. تسير وتنتظر لحظت اللقاء تريد أن تنظر لعينه لتعرف كيف كان يخدعها بنظراته وتريد ان تشاهد هل هو حقاً حزين علي زوجته تلك التي تركت له الدنيا وما عليها وان لم يكن عليها فهل هو حزين علي هذا الرضيع الذي ولأسف كان هو ابوه انتظرت وانتظرت وها هي تستمع الي صوت اقدام الفرس تأتي من بعيد ثم ابطئت ثم واخيراً استمعت إلي صوته ينادي باسمها بصوت هادئ حزين :
– عاصي
كتمت ذلك الشعور الذي يراودها ان تستدير و تصفعه بقوة ثم تصرخ باعلي صوت لها وتطلب منه ان يرد اليها روحها ولكن تذكرت عهده وهي تستدير وتنظر له تقدم باتجاهها وظل ينظر إليه فنظرت له وقالت بحزن نابع من داخلها :
– جواد البقاء لله
نظر اليها ثم تنهد بحزن مصطنع وهو ينظر الي الأرض الواسعة
ويقول بخفوت :
– الدوام لله وحدة
– أنت كويس
نظر له ولمعت عينه لمعه غريبة عن هذا الموقف ثم اخفض راسه بتعمد ليقول :
– كويس أزاي و ابني ومراتي ماتوا هبقي كويس ازاي وانا مش هشفهم تأني ياريت كنت معهم قدرهم انهم يبقوا في المكان ده ويروحوا في الرجلين
نظرت عاصي له بعدم فهم تحاول أن تكتشف ماذا يقصد فسألته بحيرة وعدم فهم :
– مش فهمه قصدك يا جواد ازاي يروحوا في الرجلين انت شاكك في حاجه
نظر لها وقال بخبث :
– مراتي وابني انا شاكك انهم اتقتلوا يا عاصي واللي خطف بنتكم وولع في المزرعة قبل كده هو اللي عملها واكيد هو اللي عاوز المزرعة تتباع بكل ما فيها وعاوز الناس تخاف تدخل الأرض دي بس لو ثبت ده صدقيني انا هنتقم لهم اشد انتقام
تريد الآن ان تضحك ساخرة هل هو يستكمل الخطط بدون توقف او تفكير في الراحلين حقاً ما احقره ولكنه قالت بقسوة :
– لو ثبت اللي بتقوله ده كلنا هناخد حقا دي عائشة اختنا يا جواد بس احنا منتظرين تقرير الطب الشرعي عشان يقول ايه سبب الحريق
ترغب بالبكاء الآن كلما تخيلت عائشة وهي تقوم بإشعال النار بنفسها وبذلك الطفل لا تصدق وتشعر انها بكابوس وتريد ان تستيقظ منه ولكن ألجمها ذلك الصوت فصوت آدم من بعيد يهتف باسمها وهو يتقدم بفرسة وخلفه كان عمرو فوقفت مكانها لا تعلم ماذا يحدث عندما قفز آدم من علي ظهر الفرس ووقف بجانبها وخافه عمرو و بالجهة الأخرى جواد وهي في المنتصف و اشتعل المكان بشرارات متطايرة من الغضب وهي الان لا تعلم ماذا تفعل…………. و في ذلك الوقت دلفت إلي المزرعة سيارة سوداء ليشاهد من فيها ذلك المشهد من بعيد …… ؟!