المسخ قصة قصيرة
الجزء الرابع و الأخير .. المسخ ..
( الطفل هو اللي عاوزك )
اول ما جاب سيرته الرعشة مسكت جسمي تاني و بعدين الجملة دي كفيلة في حد ذاتها انها تزلزل كياني كله ..
الطفل عاوزني طب ازاي ؟ و الاهم عاوزني ليه ..
انا اللي عايزه يبعد عني و عايزه يبعد عن تفكيري ..
انا الكام ساعة اللي فاتت دي عدوا عليا كأنهم سنين ، عايز مني ايه ؟؟!! كفاية ان رؤيته لوحدها في المستشفي كفيلة تجيبلي كوابيس لمدة سنين جاية ..
الراجل فضل يبصلي شوية و انا ساكت و عمال افكر في الكلمة اللي قالهالي ، و بعدين قالي :
( بص يا ابني ، انا عارف انت ملكش دعوة بأي حاجة بس انت رجليك جت معانا كده ، زي ما انا رجلي جت و رجل كل قرايبي اللي ماتوا بسبب غلطة ابني ، انا مش بدافع عنه علي فكرة و لا بدافع عن نفسي بس ساعات في حاجات صعبة بتتفرض علينا حتي لو ملناش ذنب فيها بس لازم نخوضها ..
انت ملكش ذنب انا عارف ، و انا ذنبي ان ده ابني ولازم ادافع عنه و احميه بحياتي ..عموماً انا مش عارف هو عاوزك ليه ، بس هو قالي ان انت اللي في ايدك حل لكل المشاكل ، مشكلتك و مشكلتنا كمان )
– ( هو انت شفته فين اصلا ولا كلمته ازاي ؟ )
( لما خدنا مرات ابني امبارح ورجعنا بعد ما هو كان اختفي من المستشفي ، لقيناه موجود في البيت هنا ..
معرفش ازاي ، بس ده مش طفل يا ابني ده شيطان ..
انا لما ابني قالي علي شكله ، انا عرفت ان احنا اتضحك علينا ، ابن بدوي ضحك عليا و عاوز يموتنا كلنا بس عاوز يذلنا الاول ..
فهمت و احنا في المستشفي ، هو ليه عمل كده ..
كان عايزنا نخلف عيل نكرهه و نقتله زي ما ابنه قتل حفيده.. بيردهالنا بس بطريقة اقذر بكتير ..
احنا في المستشفي كنا عاوزين الواد عشان نموته ، مكنش ينفع نعمل كده قدامكوا طبعا ، بس كنا هنموته لاني عرفت ان مش هيجي من وراه غير الخراب ..
الشياطين مبتجيبش غير الاذي و الخراب و اللي احنا هنعمله ده احنا مضطرين ليه ، انت شكلك انسان طيب و ابن حلال .. متزعلش مني يا ابني و سامحني )
– ( هو موجود هنا دلوقتي ؟؟!! ) قلتها هامساً
( مش عارف !! بس هو امبارح بعد ما اتكلم معانا ، اختفي فجاة .. ف مش عارف هو شايفنا وسامعنا ولا لا )
– ( طب انا عندي سؤال !! )
( اتفضل يا ابني اسأل )
– ( طول فترة الحمل مكنش في اي اعراض ان اللي في بطنها ده مش انسان ؟؟ )
( لا ده من اول يوم لبست الحجاب و هي متبدل حالها
و التسع شهور بتوع الحمل احنا شفنا الويل و الله يا ابني ، بتعيط و تصرخ طوال الوقت و بتعمل حاجات غريبة و تسيب البيت في نص الليل و تخرج ، ده غير الحاجات اللي هي عمالة تتكلم معاها طول الوقت و احنا مش شايفينها و … )
( اطلع بره ) جاء ذلك بصوت حاد جدا اشبه بالصفير المزعج..
التفت ورايا لقيت المسخ و الراجل قام و سابني و انا بتوسل اليه بنظرتي انه ميسبنيش ، بس مش انا لوحدي اللي كنت مرعوب منه هو كمان كان بنفس درجة خوفي و يمكن اكتر ..
استمر المسخ في المشي و انا دورت وشي بعيد عنه و بصيت قدامي في الارض ، شكله صعب جدا علي العين انها تستحمله و صوته لما اتكلم كان اكثر رعباً من شكله ..
لقيت عيني بتتسحب ناحيته غصب عني ، و لقيته بيبتسم ..
زادت القشعريرة في جسمي كله ، مبقتش عارف ايه اللي خلاني ابص ناحيته اصلا ، هل هو بيتحكم في حواسي ؟
ولا انا اللي كنت عاوز ابصله ..
( منصور قالك علي المطلوب منك .. ) قالها بصوت اكثر حدة ..
هزيت رأسي و انا عايز اسال انا ايه المطلوب مني اصلا ، بس خايف اسأله .. كل اللي منصور قاله ان الكائن ده قال ان حل المشاكل في ايدي ..
دخل منصور و في ايده حاجة زي السلسلة ، هي سلسلة من معدن اصفر تقريبا ذهب و بتنتهي بقطعة دائرية كبيرة عليها كلمات غريبة و رسومات اغرب ..
حطها حوالين رقبتي ، كان وزنها تقيل جدا معرفش ازاي .. بس تقريبا المنطق و العلم في حاجات كتير بيقفوا علي جنب و مش بيلاقوا تفسيرات يقدموها ..
اول ما لبست السلسلة حسيت برهبة كبيرة اوي منها ، حسيت كأنها بتسحب روحي و هو ده اللي كان بيحصل فعلا ..
بدأ المسخ يتكلم بلغة غريبة مش مفهومة و جسمه كان بيتهز بطريقة اغرب ، كأنه بيلف حوالين نفسه بسرعة كبيرة جدا ..
بدأت احس بوخز في كل اطرافي ، في ايديا و في رجلي
و مش عارف اتنفس ، انا بموت !!
بدات اصرخ و المرة دي صوتي طلع ، اصرخ اكتر و انا باصص علي الكائن قدامي و بدأ يصرخ هو كمان ..
بدأ صوتي يهدا و مقاومتي بدات تضعف و روحي بتتسحب مني ببطئ ، اخر حاجة فاكرها هي جسد المسخ ده و هو بيقع علي الارض ..
بقيت حاسس ان روحي محبوسة جوه بئر عميق و الاصوات بعيدة اوي و بعد كده سمعت صوت خبطة جامدة و فوقت في المستشفي ..
اول ما فتحت عيني حسيت اني كنت بغرق ، الرؤية ضبابية خالص .. سامع صوت ناس بتجري و بتزعق ..
حاولت اتكلم بس معرفتش ، غمضت عيني و نمت ..
حلمت بمنصور لما كنا قاعدين في البيت عنده و حلمت اني طلعت مسدس و ضربته طلقة في بطنه ..
صحيت مفزوع لقيت منصور قاعد علي كرسي جنبي
و انا علي السرير .. انا في المستشفي ..
حاولت اقوم من مكاني بس مقدرتش حاسس بالم كبير في بطني ، حركت ايدي مكان الالم مستحملتش و صرخت ..
كان منصور قام و وقف جنبي بيحاول يهدي فيا و نده علي حد من برة يشوفني و بدأ يحكي :
( المسخ لما جالي قالي انه عشان يبعد عني و عن ولادي
لازم يدخل جسم حد تاني و اختارك انت و ده اللي حصل
لما لبست السلسلة ..
انا مرضتش اقولك خفت ترفض ، و انا تعبت من الكابوس ده و كنت عاوز اخلص منه ..
عرضت عليه ياخد حد من ولادي بس هو مرضاش ..
كان عايزك انت معرفش ليه ..
ولما اتنقل ليك ضربتك بالنار عشان اموتك و اموته معاك
صدقني مكنش قدامي حل تاني ، لو كان في جسم حد من ولادي كنت برضه هعمل كده ..
انت ليك حق طبعا تزعل و تقول عليا كلام كتير ..
التعويض اللي انت عايزه يا ابني انا هدفعهولك و حقك عليا ، بس انا قلتلك اني مضطر )
مرديتش عليه و سامعه و انا باصص بعيد عنه..
( بس انت حصلتلك معجزة الدكاترة كانوا قالوا انك مت
و بعد كده قالوا انك صحيت تاني )
عدي اربعة شهور بدأت اتعافي إلي حد ما ، و الحياة كانت ماشية بصورة طبيعية جدا ، بس الغريب اني بدات افتقد المسخ .. لم احلم به ولا مرة ، افتقد العينين و الصرير بتاع صوته .. حاجة غريبة فعلا ، بس الاغرب اني حاسس انه لسه موجود جوايا ..
انتهت الحكايه .