المسخ قصة قصيرة
.. المسخ ..
لقيت الطفل واقف و بيبصلي و الاكثر رعباً في الموضوع إنه كان بيبتسم ، مع إن مفيش شفايف اصلا يبتسم بيها الا انه كان بيبتسم .. منظر مرعب جدا ، مفيش كلمات كفاية تقدر تجسده ..
ساعتها مقدرتش اصرخ ، صوتي مش عاوز يطلع اصلا .. عارف لما بتكون بتحلم بكابوس وحش جدا بس لا عارف تصرخ عشان حد يجي يصحيك و لا رجليك حتي عايزة تسمع كلامك و تهرب بيك بعيد ولا حتي عارف تصحي نفسك ..
نفس الاحساس بالظبط بس الفرق إن ده مش كابوس ..
دي حقيقة ألعن من كل الكوابيس اللي شفتها قبل كده ..
فضلت مكاني علي السرير و كأن جسمي كله متخشب ..
حتي عنيا نفسي اغمضها بس برضه مش عارف ..
نبضات قلبي زادت بصورة كبيرة ..حسيت إني هيجيلي سكتة قلبية ..
و المسخ عمال يقرب عليا بخطوات بطيئة ، دي كانت الحاجة الوحيدة اللي اخدها من الاطفال ، خطواته خطوات طفل لسه بيتعلم المشي و قعد يقرب و يقرب عليا لحد ما اغمي عليا من كتر الخوف ..
صحيت من النوم و اول ما افتكرت اللي حصل جسمي كله قعد يترعش و قعد اعيط بطريقة هستيرية ، كأن ردود الافعال بتاعتي اللي كانت المفروض تحصل في ساعتها بتحصل كلها دلوقتي ..
بعد ما هديت قمت ادور في الشقة علي الشئ ده بس ملقيتهوش ، فعلا مكنتش عارف كنت بحلم ولا ده حصل فعلا ..
جالي هاتف في دماغي إني انزل اروح المستشفي ..
قمت نزلت فعلا و اول ما دخلت من بابها الرعشة رجعت مسكت جسمي كله تاني ..
روحت ادور علي اهل المسخ ده ، الناس اللي كانت جاية معاه .. دول المفروض كنت اول ناس اتكلم معاهم عشان افهم في ايه ..
للاسف لم اجدهم ، كانوا مشيوا بعد ما عملولنا فضيحة طبعا ، بس مرضيوش يعملوا محضر ، و ده اللي زود شكي فيهم اكتر ..
جبت بياناتهم من الاستقبال بس لقيتهم من بعيد اوي من الصعيد ، فكرت شوية بس الفضول و الرعب اللي جوايا خلوني اكمل ..
سافرت و روحتلهم فعلا ، كانوا ساكنين في قرية و طلعوا معروفين فيها .. اول ما سئلت علي اسم الراجل الناس وصلتني علي طول بس كانوا مقلقين مني شوية ، مبقتش عارف بيقلقوا من الاغراب عامة و لا في حاجة ورا الناس دي ..
وصلت البيت كان بيت كبير ، اقرب منه لفيلا بس علي الطراز القديم تقدر تقول مبنية من زمن ، شكله بيت عائلة ..
اول ما الباب اتفتح ، طلعلي راجل كبير في السن افتكرته ( كان معاهم في المستشفي )
و الراجل اتخض اول ما شافني و قالي
( انا كنت لسه هاجيلك المستشفي )
بعد كده دخلني علي جوه و بدأ يحكي :
انا ( منصور عباد ) كبير عائلة عباد اكبر عائلة في البلد ..
او كنا اكبر عائلة و اغني عائلة في وجه قبلي كله ..
كان عندنا ارض كتير جدا و هي دي شغلانتا الاساسية
و رأس مالنا برضه ، كنا اكثر الناس في المحافظة رجالا و ارضا ، و كان بينضرب بينا المثل في الكثرة و القوة ..
و إحنا كنا دايما بنتباهي بكده .. عز و عزوة ..
عائلة ( بدوي ) كانوا تاني اغني عائلة ، و دايما كان في بيننا تناطح و مشاكل و في مرة حصلت فضيحة في البلد ، و ده سبب اللي احنا فيه ده دلوقتي ، ابني الكبير كان علي علاقة بواحدة من عائلة بدوي و خلف منها و جوزها عرف و قتلها
و قتل الواد ، بس مطالش ابني ..
حصلت مجازر في الوقت ده هناك بين العائلتين ..
راح ضحيتها رجالة كتير من عندهم و من عندنا برضه بس احنا كانت رجالتنا اكتر ، لحد ما عائلة بدوي كانت تقريبا قربت تخلص ، خدوا خطوة ذكية و انسحبوا و اللي اتفضل فيهم اتجمع في بيت العائلة بتاعهم و قفلوا عليهم ..
الناس فكرت انهم بكده انكسروا و سلموا خلاص ..
هيفضلوا حابسين نفسهم لحد ما يموتوا او تحصل معجزة تخليهم قادرين يقفوا تاني و ياخدوا حقهم ..
عدت فترة مش كبيرة حوالي شهرين و فجأة بدأت العائلة عندنا يموتوا واحد ورا التاني من غير سبب ، بيمرضوا يومين بالضبط و اليوم التالت بيكون مات و مفيش دكتور في مصر كلها قدر يعرف ايه اللي بيجرالهم ..
بعنا ارض كتير اوي من عندنا مصاريف علي الدكاترة اللي بتيجي من كل حتة ، مفضلش غيرنا احنا الثلاثة رجالة بحريمنا . انا و مراتي و عيالي الاتنين و ستتاتهم ..
الغريب إن المرض ده او اللعنة اللي حلت علينا دي جت عندنا ووقفت ، متخيل انا دفنت كام واحد من عيالي رجالة و ستات ..
واحد من عيالي مبيخلفش و التاني اللي هو سبب كل اللي احنا فيه ده ، كان عنده عيلين و ماتوا .
خلصنا كلنا في ظرف سنتين ، لحد ما جالي كبير عائلة بدوي و عرفني ايه اللي حصل ، و طلع زي ما كنت متوقع ..
كان معمولنا عمل و عمل شديد قوي هو السبب و الراجل دفع فيه كل حاجة عنده ..
اقدر اقولك انه باع ارضه كلها و باع ستات بيته كمان للدجال اللي عمل فينا كده …
هو اللي قالي كده بنفسه و كان فرحان قوي و هو بيحكيلي
و ان كل حاجة في الدنيا دي تهون قصاد اللحظة اللي هو قاعد فيها قدامي و انا بالحالة دي ..
و في اخر قعدته معايا قالي علي حاجة هي سبب توريطك معانا ، ان مرات ابني مش هتحمل تاني ولا هتشوف ضفر عيل الا لو علقت حجاب كده و سابهولي و مشي ..
موافقتش في الاول طبعا و رميت الحجاب في وشه ، بس هو سابه و مخدوش و قعدنا سنة كاملة ، و البنت كل ما تحمل تسقط ..
سلمت في الاخر ، اصل الوحدة و حشة يا ابني ..
تخيل يبقي حواليك جيش من عيالك و عيال عيالك كمان
و فجاة كله يروح و لو فضلنا علي حالنا كده ، إسمنا هيبقي اتمسح باستيكة ، كأننا مجناش الدنيا من اصله ..
انا كنت بفكر في الصالح بس معرفتش ان ده اللي هيحصل ..
*** كل ده و انا عمال اسمعه و مش مصدق اللي بيتقال ..
*** و بعدين سالني السؤال اللي كان بيدور في دماغي :
( عاوز تعرف بقي انا كنت هاجيلك ليه ؟؟ )
*** هزيت دماغي بالموافقة ، فقالي :
( الطفل هو اللي عاوزك )