أحزاني العادية لـ عبدالرحمن الأبنودي
أحزاني العادية لـ عبدالرحمن الأبنودي
وفجأة | |
هبطت على الميدان | |
من كل جهات المدن الخرسا | |
الوف شبان | |
زاحفين يسألوا عن موت الفجر | |
استنوا الفجر ورا الفجر | |
ان القتل يكف | |
ان القبضه تخف | |
ولذلك خرجوا يطالبوا | |
بالقبض على القبضه | |
وتقديم الكف | |
الدم | |
قلب الميدان وعدل | |
وكأنه دن نحاس مصهور | |
انا عندى فكرة عن المدن | |
اللى يكرهها النور | |
والقبر اللى يبات مش مسرور | |
وعندى فكرة عن العار | |
وميلاد النار | |
والسجن فى قلبى مش على رسمه سور | |
قلت له لأ يا بيه | |
انا اسف | |
بلدى بربيع وصباح | |
ولسه فى صوتى هديل الينابيع | |
لسه فى قلبى صهيل المصباح | |
لسه العالم حيى رايح جى | |
بيفرق بين الدكنه وبين الضى | |
بلدى مهما تتضيع مش حتضيع | |
ما ضايع الا ميدان وسيع | |
يساع خيول الجميع | |
يقدم المقدام | |
ويفرسن الفارس | |
ويترك الشجاعه للشجيع | |
ولا باعرف ابكى صحابى غير فى الليل | |
انا اللى واخد على القمر | |
ومكلمه اطنان من الشهور | |
وعلى النظر من خلف كوة فى سور | |
واللى قتلنى ما ظهر له دليل | |
وفى ليله التشييع | |
كان القمر غافل ..مجاش | |
والنجم كان حافل | |
لا بطل الرقصه ولا الارتعاش | |
لما بلغنى الخبر | |
اتزحم الباب | |
وجونى الاحباب | |
ده يغسل ..ده يكفن ..ده يعجن كف تراب | |
وانا كنت موصى لا تحملنى الا كتوف اخوان | |
اكلوا على خوان | |
وما بينهمش خيانه ولا خوان | |
والا نعشى ما حينفدش من الباب | |
ما اجمل نومه على كتوف اصحابك | |
تنظر صادقك من كدابك | |
تبحث عن صاحب انبل وش | |
فى الزمن الغش | |
والرؤيه قصادى اتسعت | |
بصيت واحسب نفسى بين خلان | |
تعالوا شوفوا الدنيا من مكانى | |
حاشتنا اغراض الحياه عن النظر | |
بالرغم من نبل الالم والانتظار | |
اتعلمنا حاجات اقلها الحذر | |
ونمنا سنوات مدهشه | |
نحلب ليالى حلمنا المنتظر | |
وامتلات الاسواق بالمواكب | |
تبيع صديد الوهم والمراكب | |
وفارشه بالوطن على الرصيف | |
بالفكر والجياع والكواكب ومذله الرغيف | |
شويه فات سقراط | |
مسلسلينه من القدم للباط | |
ومتهم باليأس والاحباط | |
وبالعدم وبالزنا وباللواط | |
وبكل كافه التهم | |
وهو عابر للجحيم على الصراط | |
ينظر على الشعب التعيس ويبتسم | |
الى الجحيم للفلسفه | |
دنيا لا كانت يوم | |
ولا حتكون فى يوم كويسه | |
دنيا فى هيأة خنفسة | |
دنيا فسه | |
ما اتعس الانسان | |
ما اسعد الحيوان | |
وعبر | |
وصف من الزوانى وراه | |
متلطخين بالبودرة والمعاجين | |
حاصرين غطاوى الروس | |
بطونهم عريانين | |
بيغنوا طوبى لضحكه المساجين | |
وعيال عرايا | |
تفيض بها الطرقات | |
من القرى ومن المقاطعات | |
اطفال فى لون الجوع | |
صوت النفس مسموع | |
اطفال شبه وضلوع | |
اما انا | |
فاتسعت الرؤيا | |
وبصيت للمسا وللحياه المتعسه | |
وللنسايم المنعسه | |
وقلت ورا سقراط | |
دنيا فى هيئه خنفسه | |
ما اتعس الانسان | |
ما اسعد الحيوان | |
قبل مرورى على بعض مكان | |
كنت موصى يمه افوت | |
هجمت من الحارة مجموعه نسوان | |
رجعوا بالصوت | |
قالوا يا عبد الرحمن | |
وقدرت تموت | |
وتفوت اللحم العارى المتهان | |
فى المدن اللى معداش منها ريحه انسان | |
انا مت | |
ومش منظور لى جواب | |
متحصن بكتوف الاصحاب | |
ولذلك فت | |
عند التربه | |
قعد الشيخ اوصانى | |
وادانى كتابى بيمانى | |
قال لى لو جولك ملكان | |
قول انا عبد الله مش عبد الرحمن | |
ودعا لى فى لحظه ما يقوم للعدل ميزان | |
ينوبنى شىء من العفو وبعض الغفران | |
وفى لحظه ما انا متزحلق | |
فى قماشى الابيض | |
من جوف القبر | |
التقدم ضابط واتعرض | |
قبض على الجثه | |
وطلب الاوراق | |
مزع الاكفان | |
عدل الوش | |
ووقف وركلنى | |
وقالى بلؤم شديد | |
حتى فى الموت بتغش | |
شيلوه | |
ولقيت نفسى والعربيه داخله القلعه | |
كانت الدنيا ضجيج والشمس نيران والعه | |
قوم يا انسان | |
انا قلت | |
انا عبد الله مش عبد الرحمن | |
زى ما الشيخ اوصانى | |
قالى عندى اوراق تثبت انك مش مرتاح | |
امرك فاح | |
ولقيت نفسى محاصر تانى وتحت الرجلين | |
قلت لنفسى وبعدين | |
راح تفضل كده لامتى يا غلبان ؟ | |
بتدارى ايه ؟ | |
ايه باقى تانى علشان تبقى عليه ؟ | |
وطنك ؟ | |
متباع | |
سرك ؟ | |
متذاع | |
الدنيا حويطه وانت بتاع | |
ويهين المعنى الضابط | |
ويدوس بالجزمه على الحلم | |
ربنا رازجه بجهل غانيه عن كل العلم | |
ماذا تعنى بالكون يا يساعك يا يسعنى ؟؟ | |
رد يا جربان يا ابن الوسخة ياكلب | |
اظنك حتقولى تانى الشعب | |
وصفعنى وتنى على بطنى بالكعب | |
يا سعادة البيه وانا ايه؟ او ليا فى العمال ايه ؟ | |
ما تضيع الدنيا والعمال دى تغور | |
يا صاحب هذا المبنى الموروث | |
ضل جدودك فى الجدران مغروس | |
انت السلطان وانا المملوك | |
انت السجان وانا المهلوك | |
انت المنصور وانا المسفوك | |
انا الصعلوك وامتى الصعلوك | |
يقدر يتجاسر على السلطان | |
اللى فى ايده بدل البرهان مليون برهان | |
رفع الهد | |
ماهو برضه دول يفهموا فى الكدب | |
اول ما اتلفت جه غارس الجزمه فى قورتى | |
وجيت اقعد بركنى على الاسفلت | |
ولقيت نفسى محاصر تانى وتحت الرجلين | |
قلت لنفسى وبعدين | |
راح تفضل كده لامتى يا غلبان ؟ | |
ما لقتش الراحه فى الموت | |
يمكن تلاقيها ورا القضبان | |
اطلعت على الشبابيك وعلى القضبان | |
على الموقف | |
على السجن وعلى السجان | |
ولقيتنى طول عمرى كنت كده | |
كلب ..محاصر ..متهان ..منبوذ ..جربان | |
وانا يا ابنى الحلم اللى ما لهش اوان | |
معروف عشى فى قلب البستان | |
معروف صوتى فى زمن الاحزان | |
وفى اى زمان | |
واتذكرت سنه ما اتبنت القلعه | |
وكنت انا اول مسجون | |
وكان الضابط ده اول سجان | |
يوم ما ركلنى نفس الركله | |
يوم ما صفعنى نفس الصفعه | |
نفس طريقه الركل | |
وآخر الليل جانى بدم صحابى فى الاكل | |
استأذنت ارتب اقوالى | |
قفل الباب | |
واتفتح الباب | |
وخلاص | |
يا عم الضابط انت كداب | |
واللى باعتك كداب | |
مش بالذل حاشوفكم غير | |
ولا استرجى منكم خير | |
انتم كلاب الحاكم | |
واحنا الطير | |
انتم التوجيه واحنا السيل | |
انتم لصوص القوت | |
واحنا بنبنى بيوت | |
احنا الصوت ساعه ما تحبوا الدنيا سكوت | |
احنا شعبين ..شعبين ..شعبين | |
شوف الاول فين ؟؟ | |
والتانى فين ؟؟ | |
وآدى الخط ما بين الاتنين بيفوت | |
انتم بعتم الارض بفاسها ..بناسها | |
فى ميدان الدنيا فكيتوا لباسها | |
بانت وش وضهر | |
بطن وصدر | |
والريحه سبقت طلعه انفاسها | |
واحنا ولاد الكلب الشعب | |
احنا بتوع الاجمل وطريقه الصعب | |
والضرب ببوز الجزمه وبسن الكعب | |
والموت فى الحرب | |
لكن انتم خلقكم سيد الملك | |
جاهزين للملك | |
ايديكم نعمت من طول ما بتفتل ليالينا الحلك | |
احنا الهلك وانت الترك | |
سواها بحكمته صاحب الملك | |
انا المطحون المسجون | |
اللى تاريخى مركون | |
وانت قلاوون وابن طولون ونابليون | |
الزنزانه دى مبنيه قبل الكون | |
قبل الظلم ما يكسب جولات اللون | |
يا عم الضابط | |
احبسنى | |
سففنى الحنضل واتعسنى | |
رأينا خلف خلاف | |
احبسنى او اطلقنى وادهسنى | |
رأينا خلف خلاف | |
واذا كنت لوحدى دلوقت | |
بكره مع الوقت | |
حتزور الزنزانه دى اجيال | |
واكيد فيه جيل | |
اوصافه غير نفس الاوصاف | |
ان شاف يوعى | |
وان وعى ما يخاف | |
انتم الخونه لو يصدق ظنى | |
خد مفاتيح سجنك واترك لى وطنى | |
وطنى غير وطنك | |
ومشى | |
قلت لنفسى | |
ما خدمك الا من سجنك |