أحببتُ العاصيِ الفصل الثاني والثلاثون
أحببتُ العاصيِ الفصل الثاني والثلاثون
اسم القصة : أحببتُ العاصيِ
بقلمي : آية ناصر (Aya Nasr)
الحلقة : 32
احتضنت الصغيرة بين ضلوعها وأخذت تنظر لوجهها الحبيب و تذكرت ذلك اليوم حين أخبرتها الطبيب أنها حامل.
– عاصي
قالها بنبرة حزينة على أخته التي يراها أم عينه تنهار باكية بأحضان الصغير .
نظرت إلي مصدر الصوت فكان أخيها يقف على بابا الغرفة ينظر لها بنظرات حانية فمسحت وجنتيها بسرعة حتى لا يري تلك الدموع المتساقطة من عينيها ولكنها لم تستطيع أن تمنع حزن عينيها من الظاهر ولا تلك الشهقات المرتفعة ولكنه هو حسم الأمر بتقدمة إليها و النظر في تلك العينين التي يعشقهم ، عينيها عندما تنظر لهم تشعر أن الله خلقها هكذا لتكون مميزة عن جميع النساء الأرض وللعجب أبنتها مثلها في كل شيء ، تقدم إليها و لم يتكلم بل أنحني إليها و مسك يدها وسحبها إلي الخارج………. جلست أمامه فنظر لها بحزنها ثم تكلم وهو يسلط أنظاره عليها و :
– عاصي
نظرت له ومازال الحزين يخيم علي قسمات وجهها فأكمل :
– ليه الدموع ليه مصره تحسسيني بالعجز .
– لا يا آدم ، أنت مش عاجز ، أنت كل حاجة لنا، بس…. بس أنا يا آدم خايفة من كل حاجه وخايفة من اللي جاي خايفة على بنتِي و حسة أنها ممكن تروح من بين إيديا بعد كل اللي عملته عشان تفضل جنبِي وفي حضني أنا خايفة يا آدم خايفة
اقترب منها بسرعة وعانقها بشدة وهو يرتب علي خصلاتها القصيرة ويقول بعاطفة :
– محدش هيقدر يخدها منك يا عاصي دي بنتك صحيح أنا ماكنتش موافق على الموضوع من الأول بس صدقيني لو آخر نفس فيا محدش هيقدر يخدها منك متخفيش أنا جنبك
واحتمت في أحضانه وهي تتذكر جيداً ذلك القرار الذي حسمت قرارها به علي الرغم من رفض آدم لهذا القرار ولكنه ظل بجانبها إلي تلك اللحظة.
حين استطاعت أخيراً أن تفتح عينها لتتذكر ما مرّ عليها تذكر ذلك الجرح النازف و تلك الأوجاع وكل شيء ومن رجل عشقته بعدد ساعات عمرها كانت مسطحة علي ذلك الفراش فنظرت حولها كان آدم يقف مع الطبية يتكلمون بصوت هامس ومعالم وجهه تدل علي الغضب عندما نظر إليها ابتسم بخفوت وتقدم إليه وبجانبه تلك الطبيبة الشابه التي ابتسمت بحب وقالت بنبرة مرحه :
– ماما صحية أهي ، الحمد لله علي سلامتك
نظرت عاصي لآدم بعدم فهم فنظر لها بحنان وهم يقبل يديها فأكملت الطبيبة :
– الدكتور آدم عرف تفاصيل حالتك لازم تاخدي بالك من نفسك أكتر من كده وتحاولي تبعدي عن أي ضغط نفسي لأن ده غلط علي البيبي
اتسعت عينيها بشدة وهي تنقل عينيها بين أخيها و الطبيبة ووجدت الدموع تهبط من عينيها ولا تعلم سرها هل هي دموع فرحة أم دموع صدمة أم دموع من تلك الآلام الحارقة كلما تذكرت ذلك المنظر و تذكرته هو زوجها المعذب لقلبها و لا تعلم كيف نظرت إلي الطبيبة وقالت :
– ممكن لو سمحتي مش عايزة حد يعرف أن حامل
نظرت الطبيبة بعدم فهم حين نظر آدم لأخته التي نظرت له بترجي فقالت الطبيبة مقاطعه :
– بس زوج حضرتك لازم يعرف لأنه كان مُصير أن يبقي معاك وشكله قلقان جداً و
– من فضلك مش عاوزة حد يعرف ان حامل
– بس
أبتعد آدم عن أخته وهو ينظر إلي الطبية ثم اتجه إلي أخر الغرفة فنظرت الطبية لها ثم ابتعدت هي الأخرى تلحق به وبعد لحظات خرج آدم ولحقت به الطبية، وأخيراً لها الحرية المطلقة فيما ستفعل وجدت نفسه تكتم تلك الأنفاس الحارفة بتلك الوسادة ثم تصرخ صرخات مكتوبة موجوعة صرخات مدوية تريد أن تشفي تلك الجراح تريد أن يمحي كل شيء من تلك الذاكرة تريد… تريد…. تريده هو تريد أن تبشره بطفلة الأول تريد أن تكتم أنفاسها داخل أحضانه تريده هي الآن بحاجه إليه وصوته الآن يصل لها
يريدها يريد أن يراها لا بالله هي لا تريد أن تري تلك
النظرات التي تضعفها وتجعلها ضعيفة هاشة هي لا تريد شيء الآن سوى أن تغيب عن تلك العالم وتصحب معها طفلها …… تلك الأيام تتذكرها جيدا تتذكر نظراته ذلك اليوم الذي جاء بأمر من جدة كان يوم حافل بالأحداث بدائيةً من مشاجرة عز الدين وآدم الذي طلب منه أن يطلقها بدلاً من اللجوء للقضاء والمحاكم و النهاية ذلك الشجار بينهم و تلك الحقيقة حقيقة مصطفي مهران التي، ما زالت لم تصدقها بعد فحين هتف عز الدين بوجهه آدم :
– مش هطلقها يا آدم عاصي مرآتي هي عافية
– احسبها زي ما تحسبها بس هتطلقها و انهاردة يا عز
– مش هطلقها واللي عندك اعمله
– يبقي أنت اللي جبته لنفسك
و شجار عنيف حين انقض آدم علي عز الدين يلكمه بغضب و يدافع الآخر عن نفسه بعدت لكمات متتالية و يحاول ماجد والعم علي والجد أبعادهم فهتف آدم وهو ينظر إلي الجد :
– أنت المسؤول قدامي تخليه يطلقها بدل ما قسما بالله أقتله وافتكر ان أحنا لازم تأخذ بتارنا منك دم أبويا و جدي عندكم وأتأخر اوي
شهقت هند واتسعت عينها بعدم تصديق و كذلك نظر ماجد لجدة الذي يقف أمام آدم ولم يتفوه بكلمة واحدة و ذلك الأخر الذي يقف فقط ينظر إلي زوجته التي تأكد الآن أنه يعشقها ولكن تلك باتت عازمة علي الفراق و السكون كان من الجميع حين أصدرت عصا الجد صوتها المعتاد و قال بصوت أجهش :
– لو في تار يا ولدي يبقي أنا أوِلي بيه ، أنما تلميحك ده يدل أنك رأسك أتعبا كلام والله هو الشاهد أن الدم ده دمي وليا مش عليا أما بخصوص غلط حفيدي في حق حفيدتي وأغلي حفيدة علي قلبيِ يعني وجعها وجعي فخلاص اللي عاوزه عاصي هو اللي هيكون عز الدين هيطلق عاصي …
اتسعت عين عز الدين بتلك النظرات نظرات الغضب والرفض نظرات التحدي و السخط نظرات التمرد فقال آدم بسخرية لاذعة :
الطلاق مفروغ منه بس بنسبه للكلام اللي سمعته ليه دليلك يا حاج مصطفي أنه كدب وافتري
– آدم
نطق بها ماجد بغضب حين لاحظ تلك النبرة التي يتحدث بها آدم فأشار له الجد الصمت وقال :
– كلامي دليل يا ولدي و لو أنت مش مصدق جدك اللي رباك تبقي دي مشكلتك بس لسه مجاش اليوم اللي مصطفي مهران يجيب دليل علي صدقة يا ابن منصور
عز الدين ، نظر إلي جده بهمام ، أرمي اليمين طلق عاصي يا عز
– مش هطلق دي مرآتي
– وده أمري ولو عرضت ملكش ديه عندي ليوم الدين هتبقي غريب وملكش مره عندي
– لا مــ
– طلقني
وصيغة الملكية لصاحبه الصوت ونظرات الثبات في عينيها و الغضب كل الغضب لها واليها و الجد يهتف بكل قوة :
– هي كلمة طلق العاصي
– طلقني
ونظرات عينيها المشتعلة والصمود أجبره علي قول :
– هطلقك بس صدقيني عمرك ما هتبقي لغيري
نظرت له بغضب والدمع خان العهد و بدأ يتساقط علي وجنتها وهتفت بثقة :
– عهد عليا لمحي أي ذكري ليك عهد عليا لافتكر كل اللي حصل عشان أقتل أي حنين ليك جوايا عهد عليا لامحيك من قلبي
ولكن الصاعقة واتساع الأعين المحيطة بهم من فعلته ابن آل مهران أقترب أمام الجميع وأبتلع باقي كلماتها بشفتيه بقبلة كانت الأعمق والأقوى وهي تحارب تريد الفرار من أمامهم وأمامها كان أخيها الغاضب الذي كاد يقتله
حين أبتعد عنها وقال بثقة
– أنا بينك وبين أنفاسك
و تركها و رحل وهو يلوح للجميع بيده ويقول بنبرة باردة يجاهد لتكون هكذا :
– ورقتك هتوصلك يا اغلي ما عندي
( يا منبع أحزاني كفي بالله يا مشتت كلماتي كفي بالله يا مُلحد في هواء قلبِ كفي بالله هل كتب علي أن أتعذب في عشقق و أن أقتل بجرح وإليك أسعي وإليك أهرب وبك ادفن فكفي بالله )
احتبست أنفاسها داخل أحضان أخيها الذي جاء بها إلي تلك البلدة وسعي أن يكون بجانبها في كل شيء وأي شيء و آخرهم كان أن يكون الأب لابنتها وتحمل أسمه هو و بالطبع تلك الصدفة هي من سعادتهم علي هذا ولادتها هي بنفس يوم ولادة فداء في ذلك المشفي الذي يعمل بها أخيها فكتبت سالم آدم غنيم و عاصي آدم غنيم أخوه أشقاء وأسمها أخيها العاصي هي الأخرى علي الرغم من اعتراضها الشديد ولكن أسر آدم علي الاسم فأطلقت عليها هي عهد لتتذكر كلما نظرت إليها و ساقها الحنين إلي الدماء المختلطة بدمها في جسد أبنتها تتذكر جيدا عهد العاصي نظرت إلي أخيها بنظرات خوف وقلق فرتب علي ظهرها بحب و قال :
– عاصي آدم غنيم منسوبه ليا بنتِ ، محدش يقدر يمسها يا عاصي لازم نرجع عشان ولادنا يتربوا علي الأرض اللي أتربينا عليها لازم نرجع عشان حقنا وأرضنا
– بس….
– أنتِ أقوي من أنك تهربي أنتِ قوية أوي يا عاصي
– آدم خليك جنبِي
القرار بالعودة كان شبيه بالمستحيل …. ولكن الآن ستعود إلي أرض المطر أرض الغناء أرض المحبة العودة إلي أرض الأوجاع العودة حنين الوطن
…………………………………
نظر إلي صديقة الذي ينظر له بنظرات متفحصة قبل أن يهتف و :
– كويس أنك أخدت القرار ده يا عز الدين دي أكتر حاجه صح هتعملها في حياتك أنك ترجع تحاول من جديد يمكن تصلح اللي عملته
– أنا راجع عشان أبقي جنب ماجد في موضوع الشركة بس وكله شهر وهتلقيني هنا تأني ما تفكرش في حاجه تانيه
ابتسم عمرو ابتسامة جانبيه وقال :
– علي الاقل هترحم نفسك من السفر هنا وهنا عشان تلمحها من بعيد، وتابع كلماته بغمزة من عينيه وهتف أه هتبقي قدامك
– عمرو
هتف عز الدين محذراً له فاشتدت ضحكة الأخر وقال :
– بس ليه مسافرتش مع أخوك وخلاص هيفرق ايه حالا من بعد أسبوعين
– أنا حر يا أخي وبعدين مش يجوز تغير رأيك وتيجي معايا
ضاعت ضحكة سريعًا و رسم علي صفحة وجهه الحزن الشديد وقال بنبرة حزينة :
– لا يا عم أنا جيت بلدكم مرة طلعت منها بحزن و جرح عمر ما عرف لقلبِ طريق ، أروح تاني برجليا هناك صعب
– يا عم عمرو أنسي بقي دا انت كنت لسه في مرحلة الإعجاب وبعدين يمكن المرة دي تطلع بعيل
قاله مازحًا بنبرة مرحة فضحك عمرو بشدة وهو يقول :
بلدكم دي سرها باتع ما تستبعدش أي حاجه ربنا يستر
غمز له عز الدين بعينه و قال :
– أفهم من كده انك معايا في الطلعة دي
– طبعًا، ابتسم عز الدين بشدة فأكمل عمرو ، ما أنا مش هقدر أقعد هنا ومجيش أتفرج علي الأكشن والدراما اللي هيحصل هناك من آدم وعاصي لما يعرفوا انك رديتها بعد ساعه من الطلاق أنت عارف أخوك بيحب يشوف كل حاجه حصري انقض عليه عز الدين ولكن لم يستطع الامسك به فجري الأخر من أمامه وهو يضحك بشدة
…………………………….
نظر ماجد إلي محامية بملامح متهجكه غاضبة ثم هتف قائل بصوت حاسم :
– أنا قولتلك كلمة المزرعة مش هتبقي لابن سعيد غالب
– يا ماجد بيه عارض، سعر كويس ما ينفعش نرفض عرضه معني كده أن المزرعة هتتباع لصالح البنك في المزاد
نظر له بنظرات قاسية ثم هتف :
– تتباع مكان ما تتباع لازم أعمل آي حاجه عشان أنقذ الشركة دي بس لو حكمة تروح الشركة في داهيه ولا أن عدوي يا خد المزرعة مني
صمت المحامي بعدما أنهي ماجد الحديث بقراره الحازم وجمع أوراقه وهو يقول لماجد :
– كده البنك ها يحدد معاد لبيع وممكن يكون في أقرب وقت حضر نفسك يا باشا
ثم خرج بعد ذلك و ترك ماجد يفكر فتلك الظروف التي يمر بها في تلك اللحظة المزرعة ستباع فهو لا يعرف كيف يديرها و الشركة بوضع خطر ويجب عليه أن يتعامل و القرار الآن بين يديه أما المزرعة أو الشركة تنهد بإرهاق وهو يعلم جيدا أن المزرعة مكان خاص بالجميع ولكن ماذا يفعل إنقاذ ما يمكن إنقاذه فهو يتحمل وهو المسؤولية كامله وعليه فعل الصواب
…………………………………………….
كانت تسير وهي تحمل الصغير تنظر هنا وهناك بنظرات خاليه من التعابير كالمسجونة مسجونه داخل تلك الأرض تتسأل لماذا سارت حياتها هكذا ماذا فعلت لتكون نهايتها هنا بجانب ذلك الرجل الذي يشعرها أنها لا شيء مسلوبة بلا هويه حتي هويتها كأنثى سلبها منها ليراها أمام عينه امرأة أخري يراها عاصي …..
اي وجيعه تلك شيء ما بداخلها يلوم عاصي علي كل شيء يضع علي عاتقها كل ما تمر به لآن هي السبب بتعلق جواد بها إلي تلك الدرجة وشيء أخر ينهرها عاصي ماذا فعلت لتتحمل أفعال غيرها تتحمل جنون هذا الجواد بها تتحمل غدر الأيام لها عاصي كانت بمثابة أختها الكبرى دائما بجانبها واثقه بشده أن عند عودتها ستكون دعم لها. والحمد لله ستعود قريباً كما أخبرتها أمها ولكن عند تلك الخاطرة أتسعت عينيها عاصي وجواد يا الله كيف سيتقبل جواد الأمر وهل سيسعي للوصول لعاصي و يقلب كفتي الميزان لينالها ام عليها ان تحذر العاصي من خطر آت ولا مفر منه سواء بالاحتراس كانت تسير وهي تفكر وتفكر في امور شتي ولكنها توقفت في مكانها عندما نظرت إلي من يسير أمامها وهو يتلفت حوله ثم دلف إلي تلك الغرفة المهجورة توقفت مختبئة تتابع ما يجري بالداخل و سمعت………