أقوى من الحب

قصة قصيرة

أقوى من الحب
بقلمي /أمل المنشاوي

****************

كعادتي كل صباح ..أحمل حقيبتي لا ادري أمتلأت ببقايا أمل ام طيف حلم باهت الألوان لم تتضح معالمه

أقف حيثما اعتدت الوقوف في محطة القطار ممسكا هاتفي بيدي اليمنى اطالعه بغير اكتراث وفي اليد اليسرى تتعلق احلامي داخل حقيبة

بين الحين والآخر اختلس النظر الى الواقفين حولى …. اطالع احوالهم مما يرتسم على وجوههم من علامات حزن أو سعادة

على بعد خطوات منى ابصرت عجوزا قارب السبعين عاما وبجواره زوجته المسنة ايضا …رأيته يشد عليها خمارها وإزارها ويتأكد أن لا شيء باديا منها

ابتسمت متعجبا من فعله فما الذى فى تلك المسنة كي يغري العيون فتتلصص عليها

ولكنى تذكرت غيرة الرجال فعذرته

وتذكرتها أيضا … فى ذلك اليوم الذى تواعدنا فيه ان نلتقى فى مكاننا المعهود

كان الطقس باردا ولم تكن الرياح هادئة …. أبصرتها من بعيد قادمة عكس اتجاه الرياح ….و التى بدورها أزاحت ثيابها للخلف فأظهرت مفاتنها …

كانت جميلة القد تشبه فى جمالها الحوريات

تلفت حولي لأرى هل من عيون غير عيوني تتأملها …شعرت ان كل العيون تكاد تأكلها …قمت مسرعا اليها لعلي أواريها عن عيون العابثين

تمنيت أن أفقأ كل عين نظرت نحوها … لعنت الرياح وفعلها وتمنيت لو كانت رجلا فأقتله

جلسنا ..تأملتها طويلا مما اربكها … قلت . .كم أنت جميلة …احمر وجهها و اختلجت أجفانها

لم ترد …واكتفيت بصمتها الخجول المحبب الى قلبي
انتبهت على صافرة القطار معلنة قدومه …اتحرك بطريقة ميكانيكية …لا تخطئ خطواتي الاماكن …فالتكرار قد طبعها في ذاكرتي فما عدت احتاج لعيوني لأشق بهما طريقى
فى نفس المكان ..بجوار النافذة اجلس …يستند ذراعي الايسر على حافة النافذة .. وحقيبتي ملتصقة بقدمي اليسرى … لا زلت اطالع هاتفى … اتقلب بين الاخبار من خلال صفحتي على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك … بينما عقلى وقلبى هناك … عند تلك التلة التى شهدت مولد حبنا .. ارقبها تلهو وتلعب .. احتضنها بعيوني كما تحتضن الام وليدها .. يتراقص قلبي على نغمات صوتها العذب وضحكاتها المتتالية كصغيرة داعب النسيم وجهها .. فدغدغ وجناتها فانطلقت ضاحكة
وبين الحين والاخر تختلس النظر اليّ فتطمئن لوجودى ثم تكمل لهوها مع الفراشات ……..
……………
_ كان يوما غير عادي …فلم اعتد منذ ان التحقت بالعمل فى هذه المصلحة الحكومية ان اكلف بأعمال خارج البلدة التي اعيش فيها … لم اعتد السفر وركوب القطارات … كانت هذه هى المرة الاولى التي كلفت فيها بعمل بعيد
تطلب ذلك مني ان استقل القطار المتجه الى المدينة ومنها الى المدينة الاخرى التي انتدبت اليها
لم يكن الامر هينا بالنسبة لى ولكنها كانت مغامرة تستحق التجربة
انتظرت مع الناظرين فى مكان تجمعت فيه النساء …
جلست حائرة البصر تتنقل عيونى بين الوجوه اراقب حركة الاطفال وتضجر النساء وعلامات الملل التي ترتسم على وجوه الرجال خاصة العمال منهم
وقف على رصيف المحطة الوان شتى من البشر …..شباب فى مقتبل العمر وفتيات مقبلات على الحياة بوجه بشوش
رأيت قلوبا تعلق بعضها ببعض رغم ابتعاد المسافة بينهم فوشت العيون بما تخفيه الصدور
تذكرته … هناك عند التلة …وقد بدا على وجهه العبوس …وانطلقت من عينية نظرة حادة شقت طريقها الى قلبي فشطرته نصفين … نصف تعلق به رغم قساوته … ونصف ابتعد عنه رغم يقينه بما حواه قلبه من هوى اراد وأده ولكنه لم يستطع
“ماذا جنيت ” صرخت في وجهه وهو يتهمني بالتلاعب بمشاعره … لم اجد منه جوابا .. لم ار فى كلامه الا اعتزازا بكرامته المهدرة زعما …لم افهم كيف جرحت كرامته ولم يوضح هو … لكن كبرياؤه كان اقوى من الحب الذى ملأ كياني وكيانه
افترقنا … وأصبحت التلة مصدر ازعاج لقلبينا بعدما كانت ملاذا نأتنس بها اذا ضاق بنا الزمان وضن علينا بلقاء ….
#يتبع

error: